مقالات مختارة
موقع “أساس”
مارلين خليفة
يخطئ من يعتبر بأن نائب صيدا الدكتور اسامة سعد هو نتاج وراثة سياسية لوالده الشهيد المناضل معروف سعد، احد اركان ثورات التحرير في فلسطين حيث واجه الاحتلال الانكليزي والتمدّد الصهيوني وصولا الى لبنان وسوريا إبان الانتداب الفرنسي. كذلك ليس اسامة وريثا لشقيقه مصطفى الذي فقد نظره ذات يوم من العام1985 عقب محاولة اغتيال اسرائيلية بعد زرع عبوة قرب منزله في صيدا. بل يمكن القول بأن مصطفى وأسامة سعد الصبيّان الوحيدان لمعروف سعد بين 5 شقيقات قد دفعا ثمنا باهظا لمسار والدهما الذي اختار مقاومة الاحتلالات جميعها ففقد حياته باكرا وفجع نجله مصطفى بفقد طفلته ناتاشا التي قضت جرّاء الانفجار، فيما تعذّر على اسامة ممارسة مهنة الطّب التي درسها في مصر لاضطراره لمواكبه شقيقه المصاب طيلة حياته.
إذن فإن اسامة سعد هو نتاج معاناة عائلية وسياسية ووطنية عميقة، لذلك يقتحم العمل السياسي كوالده بروحية “إبن الشعب” محافظا على البساطة في التعامل وعلى هالته التي يشكلها الصيادون وبائعو العربات والسائقون واللاجئون والفئات الشعبية في صيدا، متشبثا بخطّ والده، وهو يعتبر وريثا لتاريخ ثوري وانعكاسا حيا لنضال وطني صاخب ينبض بمشاعر لبنانية وعربية وقومية وصيداوية صافية.
اي حوار مع الدكتور اسامة يحتّم مراجعة أربعين عاما من نضال والده معروف الذي قضى شهيدا برصاص غادر ذات تظاهرة لصيادي الاسماك في العام 1975 شكلت بحسب نجله اولى محاولات اشعال الحرب الاهلية. اتهم وقتها الجيش اللبناني باغتيال معروف صاحب الادوار الوطنية والسياسية والثورية وصديق جمال عبد الناصر ومؤسس التنظيم الشعبي الناصري. شكّل اغتياله شرارة لاندلاع تحركات وتظاهرات في انحاء لبنان بعضها يدافع عن الجيش وبعضها الاخر يتهمه.
وفي نهاية المطاف تكفّلت بوسطة عين الرمانة باشعال أتون الحرب الاهلية لأعوام.
رأى اوسامة الذي ولد في صيدا في 6 حزيران من العام 1954 الموت يخطف والده بعد كفاح بطولي بين فلسطين ولبنان، وكان معروف سعد الشاب قد اسهم في اكثر من حركة تحرر ليصل اخيرا الى اعلى سلم التضحية حين سقط مضرجا بدمائه برصاصة قاتلة.
وكان اسامة قد فقد والدته شفيقة البزري وهو لا يزال في الثالثة من العمر. بعد وفاة الوالدة تكفلت جدته لوالدته آمنة والخالات بتربية الاولاد السبعة: منى، مصطفى، جميلة، اسامة، وفاء وشهناز ورلى، يعيش منهم حاليا منى واسامة ووفاء وشهناز. وضع معروف سعد اولاده في مدرسة داخلية في عشقوت ثم في المقاصد في صيدا، وكانت العائلة تمضي فترة الصيف احيانا بين جزّين وبكاسين. كان الوالد منشغلا في السياسة والنضال.
كان معروف سعد ابنا للحركة الشعبية في صيدا والجنوب، وظاهرة جمعت بين النضال الوطني اللبناني والنضال القومي الفلسطيني ومارس الكفاح المسلح والسياسة اكثر من 40 عاما.
في العام1936 كان معروف سعد في حيفا يعلّم في مدرستها، هنالك تعرّف الى مجموعة من الثوار الفلسطينيين منهم الشيخ حسن سلامة وعبد الرحيم الحاج محمد وسواهم من الثوار الذين واجهوا الاحتلال الانكليزي والهجرات الصهيونية في فلسطين.في العام 1948 ابان الحرب، تطوع معروف سعد مع مجموعات من المناطق اللبنانية كافة للقتال في شمال فلسطين ولما عاد الى صيدا كانت له حيثية في مجتمع قبلته فلسطين، حاولت المنظومة احتواءه عبر تعيينه في سلك الدرك من قبل رياض الصلح، لكنه ما لبث ان استقال وترشح للانتخابات النيابية في العام 1957 ليشكل رأس حربة في ثورة العام 1958 الدامية ضد رئيس الجمهورية كميل شمعون الذي اختار ان يكون لبنان في حلف بغداد.
أسس معروف سعد في العام 1958 المقاومة الشعبية، وكانت تحمل هوية وطنية وعربية في الوقت ذاته، ورفعت شعارا ضد الحاق لبنان بسياسة الاحلاف، وحافظت هذه المقاومة الشعبية بقيادته على التنوع الديني الموجود في صيدا ولم تحصل اية حوادث لها طابع طائفي، بل كان ثمة حرص شديد ألا تنزلق الامور في صيدا ومحيطها الى صدامات طائفية.
تعرف معروف سعد الى الخط القومي الناصري باكرا، وتعرّف الى الزعيم جمال عبد الناصر في اول لقاء زمن الوحدة المصرية السورية تحت مسمى الجمهورية العربية المتحدة وذلك ابان الاحتفالات بالوحدة بين البلدين، حيث شكلت وفود لبنانية وقصدت دمشق والتقت بعبد الناصر تأييدا للوحدة. بعدها زار معروف مصر والتقى بعبد الناصر في القاهرة.
نشأ اسامة سعد في هذا المناخ القومي العربي المنفتح وذي الرؤية العصرية. يقول:
“لم نعش البتة في جوّ منغلق بل في مناخ من الانفتاح على البيئات اللبناني كلها والشرائح والطبقات الاجتماعية كلها. نشأنا في بيئة وطنية عربية تقدمية وعصرية متمسكة بالتنوع والتعددية”.
اوقف دراسته لعامين بعد استشهاد والده في العام 1975 وكان في الـ21 من العمر. كان على مشارف التخصص في طبّ الاطفال في القاهرة، عاد الى لبنان، وشعر بالكثير من الحزن والمرارة. يقول: “إن اغتيال معروف سعد كان محاولة اولى لتفجير الوضع في لبنان، نظرا لكونه شخصيّة وطنية تحمل تاريخا من النضال الوطني والقومي وخصوصا في فلسطين ضد الاستعمار الفرنسي”. ويذكّر اسامة سعد بأن والده كان محكوما عليه بالاعدام من السلطات الفرنسية والبريطانية، وعند نيل لبنان استقلاله في العام 1943 كان معروف سعد لا يزال مسجونا لانه انضوى ضمن الحركة الوطنية ضد الاحتلال الفرنسي. لم يشأ مصطفى الابن الاكبر لمعروف ان تطوى راية والده باستشهاده، فترك دراسة الهندسة الزراعية في موسكو ليعود الى صيدا ليتابع معارك والده ، لكن محاولة الاغتيال كانت له بالمرصاد.
في 21 كانون الثاني من العام 1985 زرع الاسرائيليون عبوة تحت منزله في صيدا، فأصيب اصابة بليغة في جسده وعينيه وانتقل اسامة من مصر الى باريس فالولايات المتحدة الاميركية ليتابع الوضع الصحي الدقيق لشقيقه الذي فقد نظره في المحصلة، واستشهدت طفلته ناتاشا وكذلك جاره محمد طالب واصيبت زوجته وجيرانه وخاله وجيرانهم من آل عسيران واقارب وبنات خاله اللواتي اصيبتا بالوجه لكن لم تفقدا البصر.
بقي مصطفى فاقدا للوعي لأكثر من شهر، لكنه شفي وعاد لممارسة السياسة منتهجا خطا وطنيا كوالده. بدوره كان اسامة سعد عضوا في رابطة الطلاب العرب ونائب رئيس رابطة طلاب لبنان بالقاهرة، وعضو في تنظيم الطليعة العربية ويشمل الكثير من الجنسيات العربية. وهو تزوج من السيدة ايمان الطويل وهي مصرية الجنسية ولديه معروف ومنار ومحمّد.
هكذا، اقتحمت رصاصات الغدر والعبوات حياة اسامة سعد باكرا، فارغمته على ترك تخصصه في طب الاطفال في مصر والعودة ليواكب شقيقه مصطفى الذي فقد نظره لكنه لم يفقد ارادة العمل في الشأن الوطني.
لغاية وفاة مصطفى (الذي كان نائبا منذ العام 1992، وفي العام 2002 انتخب اوسامة نائبا بالتزكية ليستمر في دورات 2005، ثم فقد مقعده في العام 2009 ليعاد انتخابه في العام 2018.
في حديثه يبدو اسامة سعد متأثرا بتاريخ والده الذي حارب الصهاينة والانكليز لانقاذ فلسطين من التهويد، وناضل في الحركة الوطنية اللبنانية وضمن حركات السلم والتحرير المختلفة، وهو على غرار والده لديه حساسية من
المسؤولين الذين يستغلون مناصبهم من اجل مصالحهم.
كما لديه حساسية تجاه من يقل له انه متحالف مع المقاومة اذ يعتبر ان بيته هو الاولى للحديث في هذا المجال لأنه سبّاق في العمل المقاوم.
تصدى النجل الاصغر لمعروف سعد للعمل السياسي بنزعة ضد الظلم والمنظومة فتلاقى مع ثورة 17 تشرين الاول 2019. في هذا السياق لا بدّ من استحضار حوادث العام 1936 حين اندلعت الثورة في جنوب لبنان ضد الوجود الفرنسي والظلم الاجتماعي في صيدا، فأخذ معروف سعد على عاتقه حراسة الطريق الممتد من صيدا الى الناقورة وخرج مع مجموعة منظمة من الشباب يحرق ويكسر الشاحنات التي تأخذ الجيش البريطاني الى فلسطين، وينصب جسرا اخر لتمرير المساعدات للمجاهدين الفلسطينيين.
بعد 86 عاما يقول نجله اسامة سعد:” نحن التقينا مع 17 تشرين على عناوين الحقوق الاساسية للبنانيين التي طالما طالبنا بها منذ اعوام، كان معروف سعد يطالب بالغاء الطائفية من النظام اللبناني منذ ستينيات القرن الماضي وبالعدالة الاجتماعية ونحن اكملنا بنهجه وكنا جزءا من الحركة الوطنية اللبنانية التي كانت تطالب ببرنامج الاصلاح الديموقراطي في لبنان”.
يرفض بحزم الصاق الفشل بانتفاضة 17 تشرين او وصفها بأنها “شغل سفارات اجنبية” ، يشير:” إن اتهام انتفاضة 17 تشرين بأنها صنيعة السفارات والدول هي محاولة من المنظومة السياسية لتبرئة نفسها والقول أنها تعرضت لمؤامرة خارجية”. يستفيض:”وكأن هؤلاء المرتكبين والمجرمين بحق شعبهم على مدى اعوام طويلة لا علاقة لهم بما يحدث بل جاءت مؤامرة من الخارج وخربت البلد، وكأن البلد كان في أحسن حالاته”. يبرر اسامة سعد للمنتفضين تراخيهم وسط الانهيار المتعمق بأن “للناس طاقة، فحين يحاصر الناس بلقمة عيشهم ودوائهم ومدخراتهم ودوائهم وحليب اطفالهم لا بد من ان يتعبوا وان تشل حركتهم لأنه لم يعد لديهم خيار فماذا يفعلون؟!”.
*يبدو بأن هذه الطبقة او المنظومة قد انتصرت على الانتفاضة؟
– مؤقتا، لكن برأيي أن الوعي الذي نشأ بعد 17 تشرين لا يزال موجودا.
* هل سبب لك تلاقيك مع 17 تشرين احراجا مع اصدقائك مثل “حزب الله” والرئيس نبيه بري وآل الحريري؟
-لا، بالنسبة إلي لا يوجد اي احراج، ثم بالتأكيد بعد 17 تشرين، لا يوجد أي تلاقي سياسي مع هذه الاطراف كلها.
* حتى مع حزب الله؟
-كلّن
*ورئيس المجلس النيابي نبيه برّي الذي شكّل رافعة في الانتخابات الاخيرة للائحتك؟
-كلّن
*ماذا عن بهية الحريري وتيار المستقبل؟
-كلّن
*التيار الوطني الحرّ؟
-كلّن
*لكن، أخيرا زارك وفد من التيار الوطني الحر ربما ليبحث عن نسج تحالف انتخابي معك في الانتخابات المقبلة…
-وإن جاؤوا، لا ارفض طلب موعد مني اهلا وسهلا واخبرهم مواقفي.
*الن تتحالف مع التيار الوطني الحر في الانتخابات المقبلة؟
-بالتأكيد أنني لن أتحالف معهم.
* قطعت علاقاتك بالجميع؟
-لا، لكن لا يوجد تلاق سياسي، أنا مختلف معهم حول السياسات الداخلية والسائدة في البلد وهم مسؤولون عنها. أنا أحمّلهم مسؤولية الخراب الذي حلّ في البلد فكيف أتلاقى معهم بخيارات سياسية؟
* تلتقي مع “حزب الله” بموضوع المقاومة.
-نحن في المقاومة قبل “حزب الله”، لا يحكينا احد في هذا الشأن لأن هذا الخيار مرتبط بأن المقاومة هي حق للشعوب في مواجهة أي احتلال أو أي عدوان. وبالتالي لا يقول لنا أحد بأن المقاومة هي حق حصري لأحد. ليست المقاومة حقا حصريا لأحد.
نعم حصل خلاف مع الحزب في السياسات الداخلية وهو جزء ممن يتحمّلون مسؤولية ما جرى ويجري على اللبنانيين من مآس.
* يوجد تواصل مع المسؤولين في “حزب الله”؟
-ليس من قطيعة، بالعكس فنحن نقول لهم هذا الكلام.
يعتبر نائب صيدا الدكتور اسامة سعد من دعاة التغيير الشامل ولا يحب ان تجرّه المصالح الانتخابية في تحالفات بالاكراه، لديه كتلة ناخبة مهمة من الاصوات التفضيلية التي تفوق الـ9500 صوت. وهو تحالف في آخر انتخابات في العام 2018 مع ابراهيم عازار في لائحة واحدة، لينفصل بعدها عازار وينضم الى كتلة التنمية والتحرير علما بأن اللائحة استفادت من اصوات “حزب الله” و”حركة أمل”، إلا أن اسامة سعد آثر الحفاظ على خطّه المستقل. لا يزال سعد يدرس تحالفاته في انتخابات أيار العتيدة. وعمّا اذا كان من المحتمل ان يتحالف مع اعضاء من المجتمع المدني بعد نسفه الجسور مع جميع الاحزاب التي يحمّلها “مسؤولية خراب البلد”، يقول : “لست أدري، ممكن أن أترشح وممكن لا”. يقدّم اسامة سعد قراءة تحليلية خطرة في حال تعذّر اجراء الانتخابات النيابية المقبلة: “لا يوجد أي سبب لتأجيل الانتخابات النيابية، لأن التأجيل هو دعوة صريحة للفوضى ولحمّامات دم في البلد. من يريد الذهاب في هذا الاتجاه فليتحمّل المسؤولية. سواء جرت الانتخابات أم لا فإن قوى السلطة تتحمّل مسؤولية هذه الاوضاع المأسوية التي يعيشها اللبنانيون وكل المخاطر الامنية التي قد تنتج عنها. هم يتحملون مسؤولية أي نقطة دم تسقط لأنهم هم من يدفعون البلد في اتجاه كل هذه التوترات التي يعاني منها الناس.
*هذا يعني بأنك تتوقع أن تحصل اختلالات امنية؟
-إيه طبعا. مع سلطة مماثلة غير مسؤولة، يشكلون حكومة تجتمع 3 مرات ثم تصبح عاجزة عن الاجتماع وبعد مرور 3 اشهر لا يمكنها ان تجتمع او ان تتفق على سياسة خارجية. ما هذه السلطة؟ سلطة شو هيدي؟!
كان والده النائب الشهيد معروف سعد يعتبر بأن استقلال لبنان كان ناقصا ولا بد من تعميق بعده العربي، مثله الدكتور اسامة، يعتبر بأن مكان لبنان الطبيعي هو في محيطه العربي. نسأله عن علاقاته الاقليمية ولم ليست لديه مرجعية اقليمية. يتعجّب ويجيب:”
-ليست لدي علاقات من هذا النوع، ولماذا تكون لدي علاقات اقليمية شو خصني بهالقصّة؟ إنها مسؤولية السلطة السياسية وهي التي تقيم علاقات مع الدول وليس الاحزاب. قد تحصل زيارات سفراء كمجاملات دبلوماسية لا اكثر ولا أقل. ومن المعيب أن يقول اي طرف سياسي أن مرجعيته هذه الدولة او تلك. يجب ان تحافظ القوى السياسية في البلد على استقلاليتها الوطنية وقرارها الحر.
*كيف تنظر الى الازمة مع دول الخليج؟
-من المعروف ما هي اسبابها ولعل اهمها هو انعدام وجود توافق وطني حول سياسة وطنية موحدة للبلد. مع الأسف مع أنها أسهل شيء، أية سياسة خارجية للبلد عليها ان تراعي حقائق عدّة، أولاها الاستناد الى التاريخ والجغرافيا أي موقع البلد والهوية ومصالح شعبه. هذه هي العناصر الرئيسية التي يجب ان تستند اليها اية سياسة خارجية، فأين يتم تطبيقها؟
*يعني أين يجب أن يكون لبنان في محور إيران أم في المحور العربي؟
-بالتأكيد ليس في محور إيران، أكيد لا! نحن جزء من جامعة الدول العربية، بصرف النظر عن الواقع العربي المتشتّت، يوجد واقع عربي غير سليم، ويوجد استقواء على الواقع العربي من الاقوياء الاقليميين والدوليين، أي تجدين تدخلا ايرانيا وتركيا، والعدو الاسرائيلي صار شريكا بالقرار العربي كذلك الاميركي والروسي، فأين المشروع العربي؟ أين الأمن القومي العربي؟ أين الرؤيا العربية لنهضة الشعوب العربية من واقعها المأسوي الى واقع جديد؟ هل يتعلق الأمر فقط بمآسي الشعب اللبناني؟ فماذا عن شعوب سوريا والعراق واليمن ومصر وكل هذه الشعوب التي تعاني من كل اشكال الهيمنة والسيطرة والتدخلات وفاقدة للمشروع النهضوي المشترك ولأمنها القومي المشترك؟ لأنه في النهاية نحن نعيش في جغرافيا واحدة تتأثر بكل عوامل التدخلات التي تحصل على المنطقة. ليس من مصلحة لبنان ان يكون في محاور إنما بمكانه الطبيعي أي هويته العربية الطبيعية.
يرفض اسامة سعد الحديث عن “مرجعيات سنية” أو عن “ازمة في الزعامة السنية”، هو يرفض بالأصل مقاربة أي موضوع من زاوية طائفية. برأيه أن
“الأزمة موجودة في البلد برمّته وليس لدى الزعامة السنية فحسب”. ويتساءل:” هل الباقون ممتازين وعظماء يعني؟! الباقون أيضا دمّروا البلد ومؤسساته، الازمة تحمل طابعا وطنيا وموجودة لدى الجميع وهي ليست ازمة سنية ولا شيعية ولا درزية ولا مسيحية…بل ازمة وطنية. حين يعاني الشعب اللبناني هذه المعاناة كلها، هل يمكننا الحديث عن سني وشعي ودرزي ومسيحي؟ عيب الحكي في هذه الامور”.
النائب اسامة سعد عضو في لجنة الاشغال والطاقة والمياه، وكذلك في لجنة فرعية تدرس مشروع قانون اللامركزية الادارية. وبعد طرح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيسالتيار الوطني الحر جبران باسيل لموضوع اللامركزية الادارية والمالية الموسّعة يشير اسامة سعد بأنه ليس ” من نصّ في اتفاق الطائف يتعلق باللامركزية المالية”. يشرح:” إن اللامركزية الادارية هي لتسهيل امور الناس ولكي تسهم في جانب منها في عملية التنمية. توجد أكثر من مشكلة تواجه مشروع اللامركزية الادارية، هي الحالة الطائفية الموجودة في البلد والتي من الممكن أن تأخذ اللامركزية الى مطارح كالفيديرالية الطائفية. الأمر الثاني هو أن الدولة المركزية ضعيفة، واللامركزية حتى تنجح ولتكون فعّالة تحتاج الى دولة مركزية قوية وإلا تفشل. حتى اللامركزية تفشل إذا لم تكن توجد دولة مركزية قويّة”.
*من اين نشأت فكرة اللامركزية المالية؟
-مع الأسف، هي وردت في المشروع الذي يدرس حاليا وليس في اتفاق الطائف. هذا المشروع قدّمه مجموعة من النواب وهو حكى عن صندوق سيادي وعن استقلالية مالية لمجالس الاقضية، بحيث انه يحق لمجلس القضاء ان يقيم اتفاقا حول استثمارات لمشاريع مع دول ومع شركات عابرة اي غير وطنية. يوجد خلل في هذا الموضوع. لا اذكر من قدّمه من النواب وهو قيد الدراسة في لجنة فرعية شكلتها اللجان المشتركة.
انا مع فكرة دراسة هذا الموضوع، لكن أتحدث عما يجب ان يكون. يجب ان تكون دولة مركزية قوية، وألا تكون الحالة الطائفية الموجودة في البلد هي المهيمنة. بالاضافة الى ان الموضوع المالي دقيق وحسّاس، ولا يجوز أن تذهب الامور في اتجاه تقديم نموذج وكأننا نقيم نوعا من الفيديرالية”.
يقيم اسامة سعد علاقات وطيدة مع المخيمين الفلسطينيين في صيدا: عين الحلوة والميّة وميّة.
“إن علاقتنا بالمخيمات قديمة تعود الى تاريخ مجيء اللاجئين الفلسطينيين الى لبنان. تداخل العديد من الإخوة الفلسطينيين بنسيج المدينة الاجتماعي، ويوجد تزاوج متبادل بين اللبنانيين والفلسطينيين ومصالح مختلطة تجارية ومؤسسات وسواها، للإخوة الفلسطينيين دور أساسي في حياة المدينة السياسية والاقتصادية”. يؤيد اسامة سعد بشكل لا لبس فيه قرار وزير العمل مصطفى بيرم منح الفلسطينيين حق العمل في اعمال كانت محجوبة عنهم (الطب، الصيدلة، الصحافة الخ…) يقول: “لا يشكل هذا الامر انصافا فقط لناس يعيشون في لبنان غصبا عنهم نتيجة تهجيرهم من قبل العدو الصهيوني واحتلال أرضهم وابعادهم الى لبنان دول عريبة اخرى ودول العالم. هم موجودون في لبنان نتيجة العدوان عليهم وليس بخيار منهم. يجب اخذ هذا الامر بالاعتبار. كذلك يجب التنبه الى أن هذا شعب يتمتع بحقوق انسانية ووطنية، هو لا يريد الجنسية اللبنانية ولا يسعى اليها بل هدفه العودة الى بلاده. أنا مع اعطائهم حقوق العمل ليس بغية انصافهم فحسب، بل لأنه من المعيب ان يظهر لبنان بمظهر الدولة التي تمارس التمييز العنصري”.