“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
أعلن الرئيس الكازاخي قاسم جومارت-توقاييف في خطاب امس امام البرلمان استقرار الوضع نهائيا في أكثر من مدينة كازاخية ابرزها العاصمة نور سلطان ومدن ألماتي وأكتوبي وشيمكنت وأكمولا وكيزيلوردا وبافلودار وشمال كازاخستان وتركستان إثر احتجاجات عنيفة عمّت البلاد بين 5 و9 كانون الثاني الجاري، أدت الى طلب توقاييف بشكل رسمي من الدول الاعضاء في “منظمة معاهدة الامن الجماعي” وهي روسيا وأرمينيا وطاجيكستان وقيرغيزستان وبيلاروسيا تقديم المساعدة اللازمة في تنفيذ “عملية مكافحة الارهاب” بحسب وصف الرئيس توقاييف الذي كان اعلن حالة الطوارئ في البلاد.
وفي بيروت يقول رئيس بعثة جمهورية كازاخستان في لبنان يرجان كاليكينوف لموقع “مصدر دبلوماسي” بأن “حالة بسط الاستقرار بدأت فعليا إثر محاولة انقلابية تسللت عبر تظاهرات بدأت في الثاني من كانون الثاني الجاري بسبب زيادة إحدى الشركات الخاصة لأسعار التجزئة للغاز المسيل في منطقة مانيجيستاو في غرب كازاخستان. وسرعان ما لبّت الحكومة مطالب المتظاهرين بتخفيض الاسعار الى المستوى السابق وحل عدد من المسائل الاجتماعية، وفرضت حظرا على زيادة اسعار السلع الغذائية الأساسية والوقود ومواد التشحيم وخدمات المرافق، لكن بعد ذلك حصلت احتجاجات عنيفة من قبل مجموعات ارهابية منظمة عمّت ألماتا و14 مدينة كازاخية، وحصلت اعمال عنف أدت الى وقوع آلاف الجرحى والقتلى والتحقيقات الجنائية جارية لمعرفة هوية الانقلابيين والادوات التي استخدموها ومنهم مجموعات ارهابية متطرفة جاءت من خارج الحدود قامت بأعمال عنف مبرمجة طاولت نقاطا استراتيجية ومقار حكومية ومراكز الشرطة وحتى المستشفيات”.
وفي جلسة مع عدد من الباحثين والاكاديميين اعترض السفير كاليكينوف على بعض التوصيفات التي استخدمها بعض الاعلام اللبناني ووسائل اعلام غربية مثل “الثورة الملونة” والتي تحاكي الثورات المنظمة في اوكرانيا وبيلاروسيا ويشير:” أنا كدبلوماسي وكموظف حكومي من واجبي الاشارة الى حقيقة الامور. فقد حصل تلاعب بالاسعار من قبل احدى الشركات في ما يخص الغاز المسيل الذي شكل الوقود الرئيسي للسيارات وهو يخضع لبورصة الاسعار العالمية كما هو معروف، إلا أن الحكومة سرعان ما تدخلت للجم الارتفاع إلا ان التظاهرات لم تتوقف، وفي 5 كانون الثاني الجاري دعا الرئيس توقاييف الى الحوار وضبط النفس واعلن الاصغاء الى مطالب المتظاهرين جميعها، لكن الهجوم الكبير لعناصر ارهابية منظمة كان كبيرا على المنشآت الحيوية والبلديات والمقار الحكومية والمستشفيات وأحرق المقر الرئاسي في الماتا مثلا وبعض هذه العناصر الارهابية جاء من دول في آسيا الوسطى والشرق الاوسط لكن لا يمكنني تحديد دولة معينة في انتظار انتهاء التحقيقات الجارية، وعلى اثرها سيتم ابلاغ المجتمع الدولي بحقيقة ما جرى وبالمحصلة تم القاء القبض لغاية اليوم على قرابة الـ10 آلاف شخص شاركوا في العملية الانقلابية”.
ويشير كاليكينوف الى أن “الامور استقرت اليوم في غالبية المناطق، وشبكة الانترنت تعمل بشكل طبيعي لكنها تتقطع لساعة او اثنتين في بعض المناطق، وأمس عقد المجلس النيابي اجتماعه عبر الفيديو كونفرانس برئاسة فخامة الرئيس ويمكن القول بأن الدولة وقواتها تسيطر على الوضع”.
تشير المصادر الحكومية الرسمية في كازاتخستان الى أن الحوادث التي شهدتها مدينة الماتي والتي تمثلت في الاعتداء على المنشآت الادارية والعسكرية والاستيلاء على مطار المدينة واحتجاز طائرات ركاب وشحن اجنبية إنما تدل على المستوى العالي من الاعداد والتنسيق لممارسات من يقوم بهذه الاعمال العدائية حيث تشير التحليلات الحكومية الى أن كازاخستان قد اصطدمت بتدخل مسلح من قبل مجموعات ارهابية تلقت تدريبا خارج البلاد. وقد تولى الرئيس قاسم جومارت توقاييف منصب رئيس مجلس الامن بجمهورية كازاخستان متوجها الى الدول الاعضاء بـ”منظمة معاهدة الامن الجماعي” بطلب تقديم المساعدة العسكرية للقيام بعملية لمكافحة الارهاب. في هذا السياق يقول السفير كاليكينوف بأنه توجد اتفاقيات بين “البلدان الخمسة لمنظمة معاهدة الامن الجماعي ووفقا لمادتها الرابعة يمكن في حال وقوع مسائل خارجية خطرة أن تتم مخاطبة الدول الاعضاء في هذه المنظمة وان تدخل قوات منها الى الدولة المستهدفة والمتضررة”. ويشدد السفير كاليكينوف:” ان هذه القوات لم تشارك في العمليات القتالية، وهي تنتشر في الأماكن الاستراتيجية كالميناء والمطار ومقار حكومية، بل إن القوات المسلحة الكازاخية هي التي تقوم بعمليات مكافحة الارهابيين وسيبدأ انسحاب هذه القوات في الايام العشرة المقبلة بشكل كامل”. في الايام المقبلة سوف يجتمع مجلس الامن القومي برئاسة توقاييف. ويشير السفير كاليكينوف :” إن الرئيس توقاييف قد اعلن أن كازاخستان دخلت في مرحلة جديدة لافتا في اشا رة مهمة الى أن جمهورية كازاخستان تتمسك بالالتزام بالتعهدات الدولية في مجال حقوق الانسان ومواصلة نهج الاصلاح في إطار نظرية “الدولة المصغية” التي يتبناها شخصيا”.
يضيف السفير كاليكينوف:” تجري وزارة الخارجية في كازاخستان اتصالات دائمة بالشركاء الدوليين بشأن كافة القضايا الراهنة للتعاون الثنائي والمتعدد الاطراف، وكذلك تتعهد حماية البعثات الدبلوماسية والمستثمرين الاجانب والشركات الاجنبية وكازاخستان بلد منفتح على الجميع وترحب بكل من يرغب بزيارتها”. وردا على سؤال موقع “مصدر دبلوماسي” حول امكانية تأثر اجتماعات آستانة بهذه الحوادث، وقد جرت دورتها الاخيرة في 21 كانون الاول الفائت في دورتها الـ17 وهي تتناول الملف السوري بدعوة من ايران وروسيا وتركيا، قال السفير كاليكينوف:”تقدم كازاخستان منصة لاستضافة هذه الاجتماعات وهي ستستمر بالوتيرة ذاتها كل 4 اشهر، وكازاخستان لن تـتأخر في مواصلة استضافتها للحوارات الدبلوماسية ولن يؤثر بها أي شيء”. يذكر ان لبنان لم يحضر الاجتماع الاخير في آستانة (هي اليوم تحمل تسمية نور سلطان بعد تغيير اسمها) نظرا الى عدم توافر التمويل اللازم لمشاركة وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية في هذه الاجتماعات في سابقة دبلوماسية لا تبشر بالخير. كما يذكر بأن كازاخستان مشاركة في قوات “اليونيفيل” في جنوب لبنان إلا أن عديدها انخفض من 120 الى 8 بسبب تخفيض القوات الهندية لعديدها والبعثة الكازاخية أتت الى جنوب لبنان من ضمن البعثة الهندية وقد حصل ذلك بالاتفاق بين الكتيبتين.