“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
أعتق قرار المجلس الدستوري الاخير الذي أدى لا قراره التصويتي الى سريان مفعول التعديلات على قانون الانتخابات في ما يخص اقتراع المغتربين ما اتاح لهم التصويت لـ128 نائبا عوضا عن 6، أعتق التيار الوطني الحر من عهوده تجاه تحالفه في اتفاق ما مخايل (العام 2006) مع “حزب الله”. وانفلت عقال المغردين العونيين، ولم يخف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل استياءه، وتوّج خطاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس هذا التباين الذي ارتقى الى مستوى الخلاف وشبه القطيعة بين قياديي التيار باستثناء اتصالات قائمة بين النائب باسيل ومسؤول وحدة التنسيق والارتباط في “حزب الله” وفيق صفا. وبحسب الاجواء السائدة والتي حصل عليها موقع “مصدر دبلوماسي” فأن “الاجواء ايجابية شخصيا” بين باسيل وصفا (لم يلتقيا بحسب ما أشيع)، لكنها سيئة مع “حزب الله”!
وبعد خطاب عون بالأمس الذي أثار فيه عناوين تثير حفيظة “حزب الله” وغالبا ما يعتمدها مناوئوه مثل اثارته لعناوين: تعطيل عمل الحكومة، واللامركزية الادارية والمالية الموسعة، والاستراتيجية الدفاعية، غامزا من قناة الحزب حين سأل:” ما هو المبرر لتوتير العلاقات مع دول الخليج والتدخل في شؤون لا تعنينا؟ . فقد تبنى عون بالامس علانية وبشكل لا لبس فيه أدبيات خصوم حزب الله، إلا أن قرارا اتخذ على مستوى القيادات في “حزب الله” بعدم الرد على الحملات الاعلامية وتظهير الحرص على ابقاء العلاقة مع التيار الوطني الحر بأفضل احوالها. وترفض اوساط وثيقة الصلة بمناخ “حزب الله” الدخول في “تقييم” لخطاب الرئيس عون. على ععكس ذلك يبرز “التفهم” لما ورد فيه ولانزعاجه لما آلت اليه الامور والحرص على العلاقة الجيدة مع “التيار الوطني الحر” وان تكون بافضل مستوياتها. وعن خطاب امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في 3 كانون الثاني المقبل بمناسبة ذكرى اغتيال قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني فإنه بحسب الاوساط سيكون ومخصصا لموضوعات المقاومة ودور سليماني ومع عدم نفي امكانية ان يرد السيد نصر الله “على بعض الافتراءات التي طاولت حزب الله اخيرا وتقييم للوضع السياسي الحالي”.
بعيدا من المناخ شبه الرسمي الذي تظهره هذه الاوساط القريبة من “حزب الله”، لا يمكن نفي علاقة التوتّر القائمة بين الطرفين والتي أججها لا قرار المجلس الدستوري، وتخفي هذه المشكلة الطارئة خلافات اشد عمقا بين الطرفين. فالخلاف الذي بدأ يتظهر علانية وعبر السوشال ميديا وخصوصا من جانب التيار الوطني الحر ليس “مناورة اعلامية” كما يحلل البعض بل هو تظهير “لخلافات صغيرة” بحسب الاوساط القريبة من حزب الله لكنها “جوهرية وتتعلق ببناء الدولة” بحسب مناخات التيار الوطني الحر.
ترفض الاوساط القريبة من حزب الله التوغل في تفاصيل الخلافات، إلا أن الرائج في الدوائر السياسية المطلعة أن اصل التباين يعود الى الخلاف المستحكم بين فريق التيار الوطني الحر وعلى رأسه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وبين رئيس المجلس النيابي نبيه برّي. يروي احد العارفين بخفايا الامور رافضا الكشف عن هويته بأن “عون أقسم بألا ينهي عهده قبل ان يضع برّي في السجن، وأن بري من جهته أقسم بألا يدع عون يحكم، فيما يحاول التيار الوطني الحر جرّ “حزب الله” الى المعركة الطاحنة بين الطرفين بينما الاخير واقع بين حليفين رافضا اتخاذ موقف مع واحد ضد الآخر وهنا مأخذ التيار الوطني الحر عليه الذي يعتبر بأنه يحمي بري في ملفات اسياسية منها عرقلة بري للتدقيق الجنائي ولخطة التعافي المالي ولقضايا الفساد”. ويشير هذا المصدر الى أن “حزب الله” كان “شكل لجنة مخصصة لمكافحة الفساد لكنه لم يتمكن من الوصول الى نتائج ملموسة في القضاء”. من جهة ثانية، تشير اوساط اكثر تحررا في تعبيرها عن مناخ “حزب الله” في رد غير مباشر على كلام رئيس الجمهورية الذي اتهم حزب الله بشكل مبطّن بتعطيل الحكومة الى أن “عدم المشاركة في اجتماعات الحكومة هو حق دستوري وقانوني”. وتسأل الاوساط:” ماذا تفيد المشاركة في الحكومة فهل سترد الودائع للناس؟ هل سيتحسن سعر صرف الليرة؟ وهل ستغذي الكهرباء منازل اللبنانيين ليل نهار؟ وهل ستحل الازمات الصحية والاجتماعية والاقتصادية؟ وبالتالي ليس عدم المشاركة في اجتماعات الحكومة هو سبب الازمة، بل ثلاثة عقود من الحكم اوصلت البلد الى ما وصل اليه”. وتذهب الاوساط ابعد في ردها على خطاب عون سائلة:” هل إن تعطيل البلد لعامين ولنصف العام ورفض انتخاب رئيس إلا عون هو عمل مسؤول ومقبول وقانوني وجزء من اللعبة السياسية؟ ألم يضر ذلك بمصالح لبنان؟ “. ولدى السؤال عن سبب عدم دعم “حزب الله” لموقف “التيار الوطني الحر” في المجلس الدستوري في ما يخص انتخابات المغتربين تقول الاوساط المذكورة:” كانت تمنيات “حزب الله” أن يتم القبول بالطعن الذي قدمه التيار الوطني الحر وأن يتم اعتماد صيغة اخرى لتعديل قانون الانتخاب بما يتناسب مع مصالح حليفه المسيحي، وقد صوّت نواب “حزب الله” الى جانب نواب “التيار الوطني الحر” في البرلمان. وتناول “الحزب” هذا الموضوع مع الرئيس نبيه بري لكن لم يكن بالامكان فعل المزيد في مجلس النواب. أما بخصوص المجلس الدستوري وقراره، فمن المعروف بأن العضوين الشيعيين هما من حصة الرئيس نبيه بري الذي جاهر قائلا أنه ترك لهما خيار التصويت القانوني رافضا التدخل في عمل المجلس الدستوري. وقد ابلغ “حزب الله” باسيل بهذه التفاصيل ولم يقتنع”. وتعلّق الاوساط قائلة بأن “كل ما يتظهر من كلام لباسيل ولرئيس الجمهورية لا يعدو كونه “فشة خلق” لأن كوادر “التيار الوطني الحر” التي اجتمعت اخيرا توافقت على انه لا يمكن للتيار الوطني الحر ان يخوض الانتخابات بلا حليف قوي، ولم يتبق له من حلفاء سوى “حزب الله” المتواجد في أكثر من منطقة حيوية من بعبدا الى جبيل فالبقاع”. وتشير الاوساط الى أنه ” بالرغم من الحملات المسيئة لحزب الله فهو لن ينجر لردود متهورة وسيتحالف مع “التيار الوطني الحر” في الانتخابات النيابية المقبلة بغية دعم التيار على تحقيق فوز اكبر عدد من النواب في البرلمان المقبل”!.
يذكر بأن اجتماعات نقاشية واسعة انعقدت في الآونة الخيرة بغية “عصرنة” اتفاق مار مخايل بين قيادات اعلامية ونقابية مختلفة من “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” الذي طالب بإعادة بتطوير التفاهم وخصوصا بعد المستجدات التي حصلت اثر انتفاضة 17 تشرين الاول في العام 2019. ولم تتوصل هذه الاجتماعات بعد الى نتائج ملموسة مع حرص لدى الطرفين على التشبث باتفاق مار مخايل الى درجة أن مقربين من “حزب الله” يجهرون بأن “الحزب يطمح لأن ينتقل الى الاجيال القادمة في التيار الوطني الحر”.ر