مقالات مختارة
مارلين خليفة
موقع “أساس”
أمضى وزير الخارجية والمغتربين الأسبق ناصيف حتّي 6 أشهر في منصبه في حكومة الرئيس حسان دياب، التي سرعان ما تحوّلت إلى تصريف الأعمال بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020. لكنّ الدبلوماسي، الذي عمل طوال 35 عاماً في أرفع منابر الدبلوماسية العربية والأوروبية من تونس إلى القاهرة، ففرنسا، فإيطاليا، فالفاتيكان، لم يفلح في إقناع التركيبة السياسية اللبنانية بصياغة سياسة خارجية لبنانية وسطيّة ترتكز على الحياد الإيجابيّ الناشط، وبلورة ركائز واضحة لهذه السياسة لا تحوِّل لبنان إلى “حجر شطرنج” وسط الصراعات الإقليمية القائمة.
ناصيف حتّي، تلميذ غسّان تويني في الأمم المتحدة حيث تدرّب دبلوماسيّاً شابّاً، وتلميذ الأمين العامّ لجامعة الدول العربية اللامع الدكتور عصمت عبد المجيد، لوهلةٍ، صدّق أنّ رياح الإصلاحات في لبنان ستجري بحسب ما تشتهيه سفن الدول الغربية والعربية. إلا أنّ التركيبة اللبنانية نجحت في تقطيع أوصال الأشرعة فلم يبلور خططه الطموحة للسياسة الخارجية اللبنانية والمرتكزة على العمل على تعزيز مفهوم عدم التدخّل في شؤون الآخرين، وعدم التحدّث “فوق رأس” سلطات دول أخرى باسم مواقف سياسية وأيديولوجيّة أو غيرها، والاحترام الفعليّ، وتعزيز القواعد السياسية لتسوية الخلافات بين الدول والعمل بموجبها. طرح أفكاره ببراءة الحكيم العارف أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان اللبناني، فلاقى دعماً كلاميّاً من الكتل النيابية الحزبية، ثمّ اكتشف أنّها جميعها تقف ضدّ فلسفته للبنان الناشط والإطفائيّ والوسيط.
عُيِّن ناصيف حتّي في تموز 2020، وفي آذار 2020 كان قد حسم أمره بالاستقالة، بسبب تراكمات الأخطاء في السياسة الخارجية. هو يرفض تحميل سلفه جبران باسيل مسؤوليّة استقالته كما تناهى إلى مسامع الإعلاميين، معتبراً أنّ التراكمات والأخطاء في السياسة الخارجية هي التي حسمت قراراً أرجأه إلى آب بسبب استحقاقات أساسيّة كان عليه مواكبتها، ومنها التجديد لقوّات حفظ السلام في جنوب لبنان.
وبعدما غرّد رئيس الحكومة السابق حسان دياب تلك التغريدة الشهيرة متّهماً وزير خارجيّة فرنسا جان-إيف لودريان بأنّه لا يفقه شيئاً عن إنجازات حكومته، شعر حتّي بالكثير من الأسى على كيفيّة التعامل مع دولة صديقة للبنان هي فرنسا.
وبعد قرابة عام ونيّف، ها إنّ أسلوب التخاطب السطحيّ وغير المسؤول “فوق رأس” الدول الخليجية، وفي مقدّمها المملكة العربية السعودية، يجعل لبنان يدفع أثماناً في السياسة والاقتصاد بسبب غضب الدول الخليجية عليه جرّاء تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي عن اليمن، التي اتّهم فيها السعودية والإمارات بأنّهما يقومان باعتداء في حرب عبثيّة، مناقضاً الموقف الرسمي اللبناني الذي تعتمده وزارة الخارجية اللبنانية، أي دعم التحالف العربي في اليمن وحكومة عبد ربّه منصور هادي.
إنّ التخاطب اللبناني مع الدول على طريقة “الهواة” يدفع بلبنان نحو المزيد من الصدام والمواجهات، ويُبعده عن التفاهمات الإقليمية القائمة. يقول حتّي تعقيباً على قضيّة قرداحي:
“ثمّة لغة معيّنة في العمل الدبلوماسي يجب الحفاظ عليها أيّاً كان رأيك أو خلافك مع الطرف الآخر. يوجد كتاب في الدبلوماسيّة يدعو إلى اعتماد خطاب يبني الجسور، لكن لا يعني ذلك أنّه يجب أن يكون المسؤول انبطاحيّاً، كما قد يتصوّر البعض، لكن هناك لغة تخاطب دبلوماسيّ يجب أن نحافظ عليها”.
- كيف يمكن إصلاح العلاقة مع دول الخليج؟
– يحتاج ذلك إلى خطاب مصارحة. علّمنا الدكتور عصمت عبد المجيد عبارة طالما ردّدها: “المصارحة قبل المصالحة”.
- صارحت دول الخليج لبنان بأنّ المشكلة تكمن في سلوك “حزب الله”؟
– لا يمكن لطرف أن يلغي طرفاً آخر في لبنان، لكن إذا أردنا ألا يدفع لبنان ثمناً كبيراً وينهار فلا يمكننا أن نكون مختطَفين.
- بين الخطاب الدبلوماسيّ وموازين القوى فارق شاسع، فالقوّة هي التي تحكم، أليس كذلك؟
– يجب إقامة تفاهم الحدّ الأدنى، وألا يكون الميزان “طابشاً” لمصلحة جهة محدّدة. على الخطاب السياسي الدبلوماسي أن يكون متوازناً في المنطقة. يصبّ ذلك في مصلحة لبنان، وإلّا فلن تقوم قائمة لبلدنا، وسنبقى ورقة للمساومات وسط المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة الأميركية المتّصلة بالاتفاق النووي، ووسط مسار آخر خجول إيراني سعودي، رمزيّته أنّه بدأ في العراق. طبعاً، لا ينفي ذلك وجود مفاوضات على الأرض، وهناك عودة عربية بسرعات مختلفة إلى سوريا. هذه المسارات التغييرية توجب ألا نكون ورقةً فحسب. يريدنا البعض ورقةً، ولذا يجب أن يكون لدينا تفاهم الحدّ الأدنى لمنع لبنان أن يكون ورقة، كما يريد البعض، لأنّ لبنان سيخسر في نهاية المطاف.
دبلوماسيّ وسياسيّ وأكاديميّ
وُلِد ناصيف حتّي في 22 كانون الأول من العام 1952 في منطقة التل في طرابلس. والده هو الطبيب يوسف حتّي من بلدة بصرما، صاحب مستشفى حتّي في طرابلس، ووالدته أديل سعادة من أميون. يوم كانت طرابلس “العاصمة الجاذبة”، درس حتّي وحيد العائلة في المدرسة المسيحية، ثمّ مدرسة “الفرير”، ثمّ لاحقاً مدرسة الإخوة المريميّين. اختار الفرع العلمي لأنّ المرسوم له عائليّاً، وهو الصبيّ الوحيد، أن يكون طبيباً، لكنّ السياسة جذبته فتسبّب للعائلة بصدمتين: الأولى انتقاله من البكالوريا الفرنسية إلى الجامعة الأميركية مباشرة عوض أن يلتحق بجامعة القديس يوسف بحسب التقاليد، والصدمة الثانية اختياره دراسة العلوم السياسية التي نال فيها الإجازة والماجستير في الجامعة الأميركية في بيروت، ثمّ نال الدكتوراه في كاليفورنيا.
في تلك الحقبة، أحبّ الانفتاح على الثقافة الأميركية، ولا سيّما مع تقدّم النظريات الغربية في العلاقات الدولية. تأثّر بجيمس روزونو، وهو أبو نظرية السياسة الخارجية المقارنة، وكان سبب التحاقه بجامعة في جنوب كاليفورنيا حيث كان يدرّس روزونو، فتخصّص حتّي في السياسة الخارجية المقارنة ونال الدكتوراه في العام 1980 وقد تأثّر أيضاً بغسان تويني الذي يعتبره والده الروحيّ، وتدرّب معه في الأمم المتحدة، وهو مَن دفعه إلى اختيار موضوع أطروحته. في العام 1980، بعد عامين على صدور القرار 425 عن مجلس الأمن الدولي الذي أقرّ للمرّة الأولى إرسال قوات طوارئ دولية (اليونيفيل) إلى جنوب لبنان بنسختها الأولى قبل تعزيزها في العام 2006، كتب حتّي عن قوات حفظ السلام في دراسة تناولت حالة اليونيفيل.
التحق بالجامعة العربية، بحسب الكوتا اللبنانية، في آذار من العام 1980، بمكتب الأمين العامّ الشاذلي القليبي في تونس، وعمل معه لفترة، ثمّ ذهب في بعثة إلى كندا بين عاميْ 1985 و1990. وفي العام 1991، عادت جامعة الدول العربية إلى مصر، وعاد هو إلى القاهرة بعدما دعاه الدكتور عصمت عبد المجيد إلى أن يلتحق مستشاراً دبلوماسيّاً بمكتبه في شهر أيار من عام 1991، وذلك بعدما قرأ له مقالاً وردت فيه هذه العبارة: “على مصر أن تدرك أنّ الزعامة ليست حقّاً تاريخيّاً، وليست حقيقة تاريخية، بل تُكتسب اكتساباً” . وكان الأكاديميّ حتّي قد أصدر كتاب “النظرية في العلاقات الدولية”، إلى جانب إصدارات أخرى.
ساعده موقعه وقربه من الدكتور عصمت عبد المجيد في الاطّلاع على الكثير من الأمور. في آخر تشرين الأول الماضي كانت الذكرى الثلاثون لانطلاق مؤتمر مدريد للسلام. وعلى الرغم من عدم مشاركة جامعة الدول العربية، فقد كان عصمت عبد المجيد أوّل شخص استكشف المفاوضات فباتت له خبرة فيها، إذ عمل سابقاً سفيراً في الأمم المتحدة، فكان يتمتّع بخبرة واسعة، إلى جانب خبرته في القانون الدولي والدبلوماسية، فكانت كلّ الوفود العربية (السورية، اللبنانية، الفلسطينية، والأردنية)، التي تستعدّ للذهاب، على اتصال معه لكي يضعها في صورة قضايا التفاوض مع العدوّ. كانت تلك الجلسات البعيدة من الأضواء مهمّة جدّاً. ويروي حتّي أنّ عبد المجيد كان يطلب دوماً من هذه الوفود أن تؤكّد أمام المرجعيّات على الترابط بين مختلف المسارات العربية في المفاوضات، وأن يكون الخطاب ذكيّاً. “هذه الرؤية المصرية كانت في فترة التسعينيّات مدرسة لي، وقد سمح لي عصمت عبد المجيد أن أدرّس مادّتين في الجامعة الأميركية في القاهرة إلى جانب عملي الدبلوماسي، وسمح لي أن أبقى على تواصل وتفاعل مع العمل الدبلوماسي، إلى جانب التدريس في الجامعة الأميركية”، يقول حتّي لموقع “أساس”.
عُيِّن في مرحلة لاحقة رئيساً لبعثة الجامعة العربية في فرنسا، والمندوب الدائم لدى “اليونيسكو” ولدى المنظمة الدولية للفرنكوفونية، في مطلع العام 2000، وبقي في هذا المنصب إلى عام 2013. ثمّ عُيِّن مستشاراً للأمين العام للجامعة العربية آنذاك نبيل العربي، ثمّ رئيس بعثة الجامعة العربية لدى إيطاليا والفاتيكان، ومندوباً دائماً لدى منظمات الأمم المتحدة في إيطاليا بين عاميْ 2014 و2015.
كان وزير الخارجية والمغتربين السابق الدكتور ناصيف حتّي في فرنسا خلال الفترة التي سبقت اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري في 14 شباط 2005 والذي كانت تربطه به صداقة متينة.
يروي لـ”أساس” أنّ “الفرنسيين كانوا حذّروا الرئيس الحريري مراراً من إمكانية اغتياله، وهم شعروا بصدمة هائلة جرّاء اغتياله، واعتبروه خسارة كبيرة”. يضيف: “كانت مرحلة حزينة”. كان حتّي يلتقي بالرئيس الحريري مراراً: “كان يمازحني قائلاً إنّ تحليلاتك دائماً متشائمة”، وأردّ عليه: “تحليلاتي يا دولة الرئيس مختلفة عن تمنّياتي، لكنّ قراءاتي للأوضاع تشاؤميّة”. يصف حتّي الحريري بأنّه “كان رجلاً ثاقب النظر، وشديد الموضوعيّة، ولديه صفة قيّمة هي القدرة على الاستماع والتفاعل. عندما كنت أزوره كنت أستمتع، سواء اختلفنا أو اتّفقنا، وخصوصاً أنّني كنت دوماً الطرف المتشائم وكان هو المتفائل”. يقول بأسى: “كان استشهاده صدمة لي على المستويات كافّة. عاطفيّاً لأنّني أحبّه جدّاً ولأنّه رجل دولة من الطراز الأول، وكان استشهاده خسارة كبرى للبنان”.
بعد انتهاء مهمّاته في باريس في العام 2013، عاد إلى مصر ليكون مستشاراً للأمين العامّ لجامعة الدول العربية آنذاك نبيل العربي لمدّة سنة واحدة، ثمّ تمّ التجديد له سنويّاً طوال 7 سنوات مع عمرو موسى. بعدها انتقل إلى روما، حيث عُيِّن سفيراً وممثّلاً لجامعة الدول العربية لدى السلطات في إيطاليا ولدى حاضرة الفاتيكان، وبقي هناك عاميْن.
“تجربة إيطاليا رائعة، وكذلك تجربة الفاتيكان. فالفاتيكان هو بنك من المعلومات، خصوصا عن المنطقة العربية، ومن الحوار ومن القدرة والعمق والغنى في الاتصال الدبلوماسي. أقول دائماً إنّه يجب على لبنان أن يراهن بشكل خاص على دور للكرسي الرسولي”، يقول.
عُيِّن مديراً للمعهد العالي للدراسات والعلوم السياسية والإدارية في جامعة الروح القدس في الكسليك بين عاميْ 2016 و2019، وهو لا يزال أستاذاً غير متفرّغ في العلاقات الدولية وشؤون الشرق الأوسط.
في عصارة خبرته الدبلوماسية يرى أنّه “لا يمكن أن يكون لبنان في محور بسبب الانشطار في داخله، وبسبب الانشطار في المنطقة ولعبة الجغرافيا السياسية. في الواقع اللبناني لا مجال إلا لأن نبلور سياسة خارجية مستقلّة ناشطة تكون توافقية وقادرة على أن تؤسّس لأن يكون لبنان جسر تواصل في المنطقة”.
ويحذّر من أنّه “إذا لم يحدث تعديل في السياسة الخارجية، ونحن ننتمي إلى العائلة العربية، وإذا لم ننسج علاقات سليمة قائمة على الصداقة والتعاون والاحترام المتبادل، على أن تكون للبنان أفضل العلاقات مع الجارتين الأساسيّتين تركيا وإيران، فلن نصل إلى استقرار”.
هل من انسحاب أميركيّ من المنطقة؟
يوجد تراجع أميركي من دون أن يعني انسحاباً كاملاً،. هناك انسحاب من ذلك الدور الذي كان قائماً، سواء في أفغانستان أو في العراق أو في بلدان أخرى، من دون أن يعني ذلك أنّ الولايات المتحدة الأميركية تركت المنطقة لأنّها لا تزال تصرّح إلى اليوم بأنّها ستُبقي على نقاط في قاعدة التّنف ومنطقة البوكمال، وهي بالنسبة إليها نقاط استراتيجيّة. إنّ الأولويّة الأميركية، اليوم بشكل خاص، هي في المحيطين الهندي والهادئ، ولا يعني ذلك انسحاباً كاملاً بل تغييراً.-
– ماذا عن الوضع في سوريا؟
بالنسبة إلى سوريا، وكما كان يقول الصحافي البريطاني الراحل باتريك سيل، الذي كتب كتابه الشهير “الصراع حول سوريا”، فإنّها في الشرق الأوسط تشبه ألمانيا في أوروبا، فدمشق هي قلب الميزان، ومَن يسيطر على سوريا يمسك المنطقة. هناك شطرنج سوريّ تدور فيه صراعات مختلفة. لا يمكن تصوّر إيران وروسيا في المنحى ذاته، فالخلافات واسعة بينهما. يوجد اليوم صراع على ما أسمّيه “الجبنة السورية”، تواكبه عودة عربية أكثر من ضروريّة، لأنّ إخواننا العرب اقتنعوا بأنّ سياسة الحَرَد والبقاء جانباً لا تؤثّر، والانخراط المشروط هو المفيد.
– هل ستخرج أميركا من سوريا؟
أنا لا أعتقد بأنّ الولايات المتحدة الأميركية ستترك المنطقة كلّيّاً. توجد اليوم تفاهمات أميركية روسية واضحة في جنوب غرب سوريا، وتفاهمات كبرى روسية إسرائيلية، وهي جدّ واضحة. يتمّ العمل في سوريا اليوم بالقطعة. يجب على لبنان أن يكون يقظاً، وأن يهتمّ بمصالحه. يهمّ لبنان أن تتمتّع سوريا باستقرار فعليّ، وأن يبقى ضمن سياق عربي من أجل تطوير هذه العلاقات في اللحظة المناسبة.
– يُقال إنّه بعد انسحاب أميركا، ولو غير الكامل، سينفتح مجال لبزوغ قوى إقليميّة ستدير الوضع في المنطقة، فمَن هي؟
ليس من قوة إقليمية وحيدة تستطيع أن تدير الوضع في المنطقة. إنّ في المنطقة دوراً إيرانياً وتركياً ناشطاً، لكن أريد التذكير بأدوار السعودية ومصر والإمارات. لا يمكن أن ننسى أنّه في نهاية العقد الأول من القرن الـ21، حدث فراغ في النظام العربي بسبب انسحاب دور قيادي مشترك قام في لحظة من اللحظات على تفاهم ثلاثي مصري سوري سعودي. تفكّك هذا الحلف لعدّة أسباب وسط هجمة أيديولوجيّات دينية، فانفتح الباب ومُهِّد الطريق أمام قوّتين إقليميّتين غير عربيّتين للعب هذا الدور. إنّ الشرط الأساسي لعودة دور عربي فاعل، ولإقامة نظام إقليمي مستقرّ، هو تأسيس تفاهم عربي عربي يستطيع أن يتحاور مع الآخرين من موقع متوازن وليس من موقع متفرّق.
– يحكي بعض السياسيّين عن تدويل لبنان، وحتّى عن وضعه تحت الفصل السابع، هل هذا الطرح واقعيّ؟
لا يمكن الذهاب إلى الفصل السابع بهذه السهولة، ويكفي أن ترفضه دولة واحدة في مجلس الأمن ليسقط. لكنّ علاقاتنا كلّها مدوّلة، أي هي خارج الحدود. كلّ شخص لديه علاقات في الخارج يدوّل أزمة لبنان. يوجد في لبنان ما يُسمّى بـ”الحَوَل السياسي”.
– ما هي الحلول الممكنة؟
في الاقتصاد اللبناني أزمة بنيويّة علينا معالجتها. نشرت الإسكوا بحثاً يفيد بأنّ 74 في المئة من اللبنانيين يقعون تحت خطّ الفقر. إذا أخذنا الفقر المتعدّد الأبعاد تصل النسبة إلى 84 في المئة. لذا لا يكفي عقد تفاهم خارجي على الوضع في لبنان، أو اتفاق “طائف” خارجي، أو اتفاق “دوحة” خارجي، فسيبقى عندنا في هذه الحال خلل داخلي. لا يساعد الوضع الدولي كثيراً لأنّ الجائحة تسبّبت بأزمة اقتصادية لدى الجميع. الشرط الأساسي يكمن في التغيير في التركيبة السياسية والاقتصادية اللبنانية. الانتخابات النيابية قد تعطي إشارة، لكن لا ينتظرنّ أحد أن تأتي بانقلاب. لا يمكننا أن نستمرّ في سياسة المراهم، إذ علينا أن نتّجه نحو اقتصاد منتج عبر التصنيع الزراعي والتكنولوجيا وإقامة شبكة حماية اجتماعية. فالدولة اللبنانية أكثر دولة محايدة في العالم حتى إنّها لا تتدخّل في شؤون شعبها، وهذه مشكلة.