“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
تحول لبنان مجددا الى ساحة مواجهة ساخنة بين ايران والسعودية على خلفية تعطّل حوارات بغداد بسبب الازمة اليمنية. وها هي الرياض، تغلق سفارتها في لبنان بعد استدعاء سفيرها، في رد قاس على تلكؤ لبنان عن تلبية مطالبها التي تبدأ باستقالة وزير الاعلام جورج قرداحي او اقالته وصولا الى تشذيب نفوذ “حزب الله”. وبسبب الازمة الاخيرة مع السعودية وعدد من دول الخليج، يتعرض لبنان لأقسى قطيعة خليجية له لم يشهدها منذ استقلاله في العام 1943، وهي قطيعة قاتلة بالنسبة اليه سياسيا واقتصاديا وهي تسرّع في عملية سقوط آخر ما تبقى من درع حماية خليجية وعربية له. لم تتأخر فرنسا على عادتها في الدخول على خط الازمة اللبنانية- السعودية، لكنها تواجه عنادا سعوديا ينطلق من وجهة الرياض بأن “لبنان يخضع كليا لسلطة “حزب الله”، وبأنه “تحول الى مقاطعة ايرانية” بحسب تعبير السعوديين.
اخيرا التقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على هامش اجتماعات مؤتمر غلاسكو في اسكتلندا في اجتماع كان محددا بشكل مسبق قبل وقوع الازمة مع السعودية، وكان هدفه اساسا متابعة الاجتماع الثنائي الذي عقداه في باريس عقب تشكيل حكومة ميقاتي في نهاية أيلول الفائت.
وبحسب مصدر دبلوماسي فرنسي تحدث الى موقع “مصدر دبلوماسي” فإن الرئيس ميقاتي طلب أثناء اللقاء في غلاسكو دعم فرنسا لتسهيل الحوار مع بلدان الخليج على خلفية الازمة التي نشأت عقب تصريحات وزير الاعلام جورج قرداحي، وقبل الرئيس ماكرون “بأن يقوم بما يمكنه القيام به، عبر ارسال رسائل الى دول الخليج وخصوصا الى المملكة العربية السعودية وشرح وجهة النظر الفرنسية من الازمة الراهنة، والدعوة الى حل المشاكل الناشئة عبر الحوار والتعاون”. وبحسب المصدر الدبلوماسي الفرنسي “فإن الأهم اليوم يكمن في التطلع الى مصالح الشعب اللبناني سواء من اللاعبين المحليين أو من الدول الاقليمية المؤثرة، لأنه ثمة وضع طارئ وحرج يحتم التفاهم والتعاون من اجل تحقيق احتياجات الشعب اللبناني الملحّة”. لكن المصدر الدبلوماسي الفرنسي اوضح بأنه “لا يمكن ضمان النتائج او ردود الفعل لدى اللاعبين الاقليميين وخصوصا السعودية، إلا أن دورنا كفرنسيين هو تشجيع الاطراف الاقليميين على وضع المصالح الخاصة جانباـ وعدم استخدام الحوادث المستجدة في خدمة هذه المصالح، والتفكير بمصلحة الشعب اللبناني لأن ثمة ملفات طارئة ومهمة منها توفير الطاقة الكهربائية، والاصلاحات بغض النظر عن الوقائع الاقليمية المستجدة”. وعن سبب عدم صدور بيان مشترك بعد لقاء غلاسكو قال المصدر المذكور:” لان الرئيس ماكرون كان حضر اجتماع دول مجموعة العشرين ومؤتمر المناخ، ولديه اولويات أكبر وخصوصا حول المناخ وكوكب الارض وهذا لا يعني أنه لا يعمل على الملف اللبناني بشكل جدي وسيتظهر الامر بشكل واضح في الأيام المقبلة من اجل حلّ هذه الازمة”. يضيف:” إن الاتصالات الفرنسية جارية بكثافة مع الاطراف الداخليين ومع اللاعبين الاقليمين من باريس الى بيروت”. وهل تقف فرنسا ضد استقالة حكومة ميقاتي؟ يقول المصدر الدبلوماسي الفرنسي:” ليس لفرنسا موقف في هذا الشأن لأننا لسنا من يقرر، نحن نؤيد وندعم وجود حكومة تتخذ التدابير التي تصب في مصلحة الشعب اللبناني”. ويتساءل:” هل ستصبّ استقالة الحكومة في مصلحة الشعب اللبناني أم ضدّها؟”.
ولفت ردا على سؤال موقعنا الى انه” يوجد حوار دائم حول لبنان على المستوى المحلي عبر سفارتي فرنسا والولايات المتحدة الاميركية في لبنان وبين باريس وواشنطن، هذا الحوار لم يتوقف، قد تكون الرؤى مختلفة في بعض النقاط، لكن الحوار مستمر والتنسيق جيد منذ تسلم ادارة الرئيس جو بايدن لزمام الامور”.
وعن الاتصال بين الرئيس ماكرون وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان قبل قرابة الشهر وتطرقه الى الملف اللبناني قال المصدر المذكور:” إن الملف اللبناني كان جزءا من ضمن ملفات أخرى لكنه لم يكن الوحيد، وطالما طالبت فرنسا بتحييد لبنان، ونحن كفرنسيين نقدم تحليلاتنا وقراءتنا ونحث السعوديين على التطلع الى مآل الوضع اللبناني وان يكون للسعودية دورها الايجابي، لكن في النهاية السعوديون هم من يتخدون قراراتهم”.