معدّل
“مصدر دبلوماسي”
قطعت المملكة العربية السعودية علاقاتها السياسية مع لبنان، وذلك في إجراء تصعيدي غير مسبوق في تاريخ البلدين على خلفية عدد من القضايا الخلافية آخرها تصريحات لوزير الاعلام اللبناني جورج قرداحي حول اليمن اعتبرتها المملكة العربية السعودية مسيئة لها. وقد استدعت السعودية سفيرها وليد البخاري خلال 48 ساعة وقامت بالطلب من السفير اللبناني فوزي كبارة مغادرة الاراضي السعودية ما يعني باللغة الدبلوماسية طرده. ولم يتم التأكد لغاية الآن الى كان القرار قطعا تاما للعلاقات أو تخفيضا للتمثيل الدبلوماسي لكن هذا الاجراء تصعيدي بامتياز، وهو لم يذهب تدرّجا كطلب السفير للتشاور على سبيل المثال كما حصل بين فرنسا وأميركا على خلفية ازمة الغواصات لكنه “قرار سيادي” بحسب اوساط دبلوماسية ويمثل قطعا تاما للعلاقات وخصوصا مع طلب مغادرة السفير اللبناني.
وقالت أوساط سعودية واسعة الاطلاع لموقع “مصدر دبلوماسي” بأن المملكة العربية السعودية لم تعمد لغاية اليوم الى قطع نهائي للعلاقات الدبلوماسية مع لبنان وما حصل للآن هو تخفيض للتمثيل الدبلوماسي فحسب، لأن قطع العلاقات بحسب الاعراف الدبلوماسية يعني مغادرة جميع الدبلوماسيين في البلدين وقفل السفارات.
وقالت الأوساط بأن “المملكة العربية السعودية ودول الخليج التي تطرق اليها وزير الاعلام جورج قرداحي تطلب امرا وحيدا وهو: إقالة قرداحي واعتذاره علنا”.. وأضافت:” كذلك مطلوب من الحكومة اللبنانية ارسال وفد رسمي عالي المستوى للدول التي استهدفها قرداحي لشرح ملابسات الموضوع والاعتذار لتلك الدول ولقياداتها وشعبها”.
ولفتت الاوساط الدبلوماسية السعودية الى أنه “حان الوقت لكي يتوقف بعض اللبنانيين عن الحاق الضرر ببلدهم لأن الخليج هو مصدر خير ورزق للبنان ونأمل ألا يصل الوضع الى قطع العلاقات الدبلوماسية”.
وكذلك طلبت البحرين من السفير اللبناني ميلاج نمّور مغادرة اراضيها.
موقف ميقاتي
من جهته، وفي أول تعليق لبناني رسمي أبدى رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي أسفه لقرار المملكة العربية السعودية المعلن بعد ظهر اليوم وللاجراءات التي اتخذتها.
وقال:”لطالما عبّرنا عن رفضنا اي اساءة توجًه الى المملكة العربية السعودية ودعونا الى تصحيح ما شاب العلاقات بين البلدين الشقيقين من شوائب خلال الفترة الماضية، وشددنا في البيان الوزاري على ان من اولويات حكومتنا العمل على استعادة العلاقات والروابط التاريخية بين لبنان واشقائه العرب.
كما عبرنا وشددنا قبل يومين على ان موقف وزير الاعلام جورج قرداحي الذي اعلنه قبل توليه مهامه الوزارية لا يمثل رأي الحكومة، واكدنا حرصنا على العلاقات اللبنانية- الخليجية، وتمنينا ان تستعيد العلاقات اللبنانية – السعودية خصوصا واللبنانية- العربية عموما متانتها.
إننا نأسف ، بالغ الاسف لقرار المملكة ونتمنى ان تعيد قيادة المملكة،بحكمتها، النظر فيه، ونحن من جهتنا سنواصل العمل بكل جهد ومثابرة لاصلاح الشوائب المشكو منها ومعالجة ما يجب معالجته.
وقال: اننا نتوجه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ومن ولي عهده الامير محمد بن سلمان بخالص ايات التقدير والاحترام ونعرب لهم عن رفضنا الشديد والقاطع الى كل ما يسيء للعلاقات الاخوية العميقة مع المملكة العربية السعودية والتي وقفت الى جانب الشعب اللبناني دائما في مواجهة تحدياته الكبيرة على مدى عقود طويلة، وإننا نؤكد تمسكنا بكل الروابط الاخوية المتينة وعلى سعينا الدؤوب من اجل الحفاظ على افضل العلاقات الاخوية مع المملكة العربية السعودية والاخوة في مجلس التعاون الخليجي.
كما نناشد الاخوة القادة العرب العمل والمساعدة على تجاوز هذه الازمة من اجل الحفاظ على التماسك العربي في هذه الظروف الدقيقة التي تعيشها اوطاننا وشعوبنا. وإننا مستمرون في اجراء الاتصالات لمعالجة الازمة وتداعياتها”.
وكانت الحكومة السعودية اعلنت عصر الجمعة استدعاء سفيرها وليد البخاري من بيروت للتشاور، وطلبت مغادرة سفير لبنان لدى المملكة فوزي كبارة خلال 48 ساعة القادمة، كما قررت وقف كافة الواردات اللبنانية إلى المملكة، معلنة اتخاذ عدد من الإجراءات الأخرى لتحقيق تلك الأهداف.
وفي التفاصيل، “فإنه وإلحاقاً للبيان الصادر من وزارة الخارجية بتاريخ 21 ربيع الأول 1443، الموافق 27 أكتوبر 2021، بشأن التصريحات المسيئة للمملكة الصادرة من قبل وزير الإعلام اللبناني، وحيث تمثل هذه التصريحات حلقة جديدة من المواقف المستهجنة والمرفوضة الصادرة عن مسؤولين لبنانيين تجاه المملكة وسياساتها فضلاً عمّا تتضمنه التصريحات من افتراءات وقلبٍ للحقائق وتزييفها.
كما أن ذلك يأتي إضافةً إلى عدم اتخاذ لبنان الإجراءات التي طالبت بها المملكة لوقف تصدير آفة المخدرات من لبنان من خلال الصادرات اللبنانية للمملكة، لاسيما في ظل سيطرة حزب الله الإرهابي على كافة المنافذ، وكذلك عدم اتخاذ العقوبات بحق المتورطين في تلك الجرائم التي تستهدف أبناء شعب المملكة العربية السعودية، وعدم التعاون في تسليم المطلوبين للمملكة بما يخالف اتفاقية الرياض للتعاون القضائي.
وفي هذا الصدد، فإن حكومة المملكة تأسف لما آلت إليه العلاقات مع الجمهورية اللبنانية بسبب تجاهل السلطات اللبنانية للحقائق، واستمرارها في عدم اتخاذ الإجراءات التصحيحية التي تكفل مراعاة العلاقات التي طالما حرصت المملكة عليها من منطلق ما تكنّه للشعب اللبناني العزيز من مشاعر أخوية وروابط عميقة، إذ إن سيطرة حزب الله الإرهابي على قرار الدولة اللبنانية جعل من لبنان ساحة ومنطلقاً لتنفيذ مشاريع دول لا تضمر الخير للبنان وشعبه الشقيق الذي يجمعه بالمملكة بكافة طوائفه وأعراقه روابط تاريخية منذ استقلال الجمهورية اللبنانية، وكما هو مشاهد من خلال قيام حزب الله بتوفير الدعم والتدريب لمليشيا الحوثي الارهابية.
وعليه فإن حكومة المملكة العربية السعودية تعلن استدعاء سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الجمهورية اللبنانية للتشاور ومغادرة سفير الجمهورية اللبنانية لدى المملكة العربية السعودية خلال الـ48 ساعة القادمة، ولأهمية اتخاذ كافة الاجراءات اللازمة لحماية أمن المملكة وشعبها فقد تقرر وقف كافة الواردات اللبنانية إلى المملكة، كما سيتم اتخاذ عدد من الإجراءات الأخرى لتحقيق تلك الأهداف. وحرصاً على سلامة المواطنين في ظل ازدياد حالة عدم استقرار الأوضاع الأمنية في لبنان فإن حكومة المملكة تؤكد على ما سبق أن صدر بخصوص منع سفر المواطنين إلى لبنان.
وتؤكد حكومة المملكة حرصها على المواطنين اللبنانيين المقيمين في المملكة الذين تعتبرهم جزءاً من النسيج واللحمة التي تجمع بين الشعب السعودي وأشقائه العرب المقيمين في المملكة، ولا تعتبر أن ما يصدر عن السلطات اللبنانية معبراً عن مواقف الجالية اللبنانية المقيمة في المملكة والعزيزة على الشعب السعودي”.
ميقاتي يطلب من قرداحي التصرف وفق ما تمليه المصلحة الوطنية
وكان رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي تشاور مع رئيس الجمهورية ميشال عون في المستجدات، وعلى الاثر أجرى الرئيس ميقاتي اتصالا بوزير الاعلام جورج قرداحي وطلب منه تقدير المصلحة الوطنية واتخاذ القرار المناسب لاعادة اصلاح علاقات لبنان العربية .
كذلك طلب رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي من وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب البقاء في بيروت وعدم التحاقه بالوفد اللبناني الى”مؤتمر الأمم المتحدة للتغيّر المناخي”،في اسكتلندا لمواكبة التطورات والمستجدات الاخيرة وانشاء خلية لادارة هذه الازمة المستجدة على لبنان.
بو حبيب يترأس خلية الأزمة
وصدر عن وزير الخارجية والمغتربين اللبناني عبد الله بوحبيب البيان الآتي:
بناء لطلب دولة رئيس مجلس الوزراء الموجود حاليا” في زيارة عمل خارج البلاد، ونظرا” للتطورات الأخيرة المتسارعة، فسأتولى من بيروت، بالتنسيق والتشاور مع فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس مجلس الوزراء، إدارة خلية مهمتها الاساسية رأب الصدع لتجاوز الخلاف المؤسف المستجد، لأننا مؤمنون بأن ما يحدث مشكلة وليست أزمة مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية ودول الخليج، ويمكن تخطيها وحلها بالحوار الأخوي الصادق ولمصلحة بلداننا الصديقة.
وثقوا بأن لبنان حريص أشد الحرص على إبقاء خطوط التواصل والتلاقي مفتوحة، مع المملكة العربية السعودية وأشقائه الخليجيين، ومصر على إستعادة أطيب وأفضل العلاقات المبنية على كل ما يجمعنا ويقربنا.