مقالات مختارة
مارلين خليفة
موقع “أساس”
2 |
ترسيم الحدود قبل كلّ شيء. هذا ما أبلغته مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية السفيرة فيكتوريا نولاند إلى مَن التقتهم من مسؤولين لبنانيّين، على مشارف زيارة المنسّق الجديد لشؤون الطاقة في وزارة الخارجية الأميركية آموس هوكشتاين الذي يقوم بزيارته الأولى إلى لبنان الأسبوع المقبل، والذي سيكون الوسيط الأميركي في ملفّ ترسيم الحدود البحرية الجنوبية والمباحثات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل خلفاً للسفير جون ديروشيه. كشفت مصادر أميركية موثوقة لـ”أساس” أنّ “الزيارة استطلاعية وتعارفيّة بعد تعيين نولاند في منصبها، وتندرج في إطار جولة. إذ وصلت نولاند إلى لبنان آتية من موسكو على أن تتوجّه بعدها إلى لندن”. ودعت نولاند المسؤولين اللبنانيين، بحسب المصادر الأميركية المذكورة، إلى “ضرورة التعاون مع الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين وعدم عرقلة مهمّته”. ولعلّ هذا هو ملخّص الزيارة الأساسي، إلى جانب الاستطلاع والتعارف. وكان رئيس الجمهورية ميشال عون قد أبلغها، خلال زيارتها قصر بعبدا مع السفيرة الأميركية دوروثي شيا والوفد المرافق، أنّ “لبنان راغب بمعاودة المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل من أجل ترسيم الحدود الجنوبية البحرية لاستكمال التنقيب عن النفط والغاز في مياهه الإقليمية نظراً إلى أهميّة ذلك في تحقيق النهوض الاقتصادي للبلاد”. وأبدت السفيرة نولاند أمام مَن التقتهم من مسؤولين لبنانيين، وفي طليعتهم رئيس المجلس النيابي نبيه برّي ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب وقائد الجيش العماد جوزيف عون، رغبة الولايات المتحدة الأميركية بتقديم الدّعم الكامل واللامحدود للبنان، بحسب ما نُقِل عنها. وذكرت، بحسب مصادر سياسية لبنانية، أنّ حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تلقى دعماً أميركيّاً كبيراً، خصوصاً لجهة الإصلاحات التي تسعى إلى القيام بها. في هذا السياق، قالت المصادر الأميركية الموثوقة لـ”أساس” إنّ “نولاند أكّدت أمام المسؤولين جهوزيّة المجتمع الدولي لمساعدة لبنان فور بدء الحكومة تطبيق الإصلاحات، وشدّدت على أهمّيّة إجراء الانتخابات في موعدها، وبحثت سبل دعم الجيش اللبناني والقوى الأمنيّة وتطوير هذا الدعم”. ولفتت إلى أنّ “الدعم لن يقتصر على الجيش، بل سيشمل قطاعات حيوية، ولا سيّما قطاع الكهرباء”. واللافت، بحسب معلومات خاصّة حصل عليها “أساس”، أنّ نولاند أثارت موضوع النازحين السوريين في لبنان، وأبلغت المسؤولين اللبنانيين أنّ الولايات المتحدة الأميركية تسعى إلى إعادة إعمار البنى التحتية في عدد من المدن والبلدات اللبنانية التي تستضيف نازحين سوريين، ولا سيّما في البقاع وعكّار. هذه المعلومة لم ينفِها مفوّض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين السيد فيليبو غراندي الذي يزور لبنان حاليّاً ويلتقي مسؤوليه، إذ قال لأحد الوزراء الذين اجتمع بهم، بعد الاستفسار منه، إنّ “الأمر صحيح، وقد أثاره الأميركيّون معنا. وإنّ تجديد البنى التحتية ضروريّ يستفيد منه اللاجئون من جهة، والمجتمعات المضيفة من جهة ثانية”. فهل هذه مقدّمة جديدة لتوطين النازحين؟ الجدير ذكره في هذا السياق أنّ غراندي، الذي زار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، سمع منه الرسالة الآتية: “يجب العمل على توفير ظروف عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، ومساعدة لبنان في هذا الاتجاه، ولا سيّما أنّ الحكومة اللبنانية أعدّت خطة لهذه الغاية يمكن الانطلاق منها. ومن المهمّ المباشرة في تشجيع تحقيق هذه العودة، خصوصاً مع وجود مناطق سورية آمنة”. أمّا لجهة المساعدة الأميركية لاستجرار الغاز من مصر وإعادة الربط الكهربائي مع الأردن، التي أثارها رئيس الجمهورية مع نولاند، فهي أكّدت له، بحسب بيان رسميّ صادر عن القصر الجمهوري، أنّ “بلادها مستعدّة للعمل مع المجتمع الدولي والصناديق المالية، ولا سيّما صندوق النقد الدولي، لتقديم الدعم المطلوب للبنان، إضافة الى مواصلة الدعم للجيش اللبناني”. وأجابت على أسئلة الصحافيين قائلة إنّ العرض الإيراني بخصوص الطاقة “فرقعة إعلاميّة غير كافية”. وبحسب مسؤولين رسميّين التقتهم نولاند، فإنّ الجوّ الذي حملته يقول إنّ الأميركيّين موجودون على الساحة اللبنانية. وفي لقائها مع وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب لم تُثِر أبداً قضية التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، وهو أمر مستغرب مقارنة مع التصريحات الأميركية العلنيّة، وآخرها أطلقه أمس الأول الناطق الرسمي باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، علاوة على بيان الكونغرس الأميركي المؤيّد للمحقّق العدلي طارق البيطار. في هذا السياق، علم “أساس” من أوساط لبنانية رسميّة واسعة الاطّلاع أنّ نولاند قد أبلغها الجانب اللبناني أنّ “لبنان الذي يستقبل آلاف النازحين السوريين لا يستحقّ المعاقبة إذا نسّق خطوات معيّنة مع سوريا درءاً للانهيار الشامل”. وقالت الأوساط إنّ “نولاند عبّرت عن تفهّمها لهذا الأمر”. وبحسب المسؤول اللبناني، “باتت مسألة الاستثناءات من قانون قيصر محسومةً، والولايات المتحدة الأميركية مستعدّة، ولو أنّها لن تعلن ذلك رسمياًّ، أن تغضّ الطرف عن أيّ تعاون بين لبنان وسوريا في موضوع توفير الطاقة للبنان عبر الأراضي السورية، وأن تسهِّل آليّات الدفع للدولتين المصرية والأردنية، خصوصا أنّ موضوع التعاون اللبناني الأردني المصري عبر سوريا هو اقتراح أميركي قدّمته أوّلاً السفيرة دوروثي شيا، وهو يتوافق مع الرغبة الأميركية بعدم رؤية لبنان ينهار”.
|