“مصدر دبلوماسي”
زار لبنان اليوم الخميس وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان في أول زيارة له الى لبنان منذ تعيينه وزيرا للخارجية خلفا لمحمد جواد ظريف ومع انتخاب رئيس ايراني جديد هو ابراهيم رئيسي. يأتي عبد اللهيان الى لبنان بعد مشاركته باجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وزيارته لموسكو ووسط حراك اقليمي واسع وحوار ايراني سعودي حول اليمن وادوار ايران في المنطقة ومفاوضات في جنيف معلقة مؤقتا حول النووي الايراني، وفي خضم توتر حدودي مع اذربيجان، وانسحاب اميركي من افغانستان. اما في سوريا ولبنان والعراق فيبدو المناخ الايراني اشد ارتياحا وخصوصا مع الانسحاب الاميركي العتيد من العراق وسوريا ووسط ارتخاء المناخ السياسي في لبنان لصالح “حزب الله” وهي الذراع العسكرية والسياسية لإيران في المنطقة، وخصوصا بعد أن أرسلت طهران لغاية اليوم سفينتين محملتين بالمازوت الى لبنان عبر الحدود السورية لانتشال لبنان من ازمة المحروقات والتي أدت بسحر ساحر الى الموافقة الاميركية السريعة على القبول باستجرار الغاز من مصر والكهرباء من الاردن عبر الشبكة السورية في تجاوز واستثناء لقانون قيصر.
في ما يأتي ابرز ما ورد من كلمات بين عبد اللهيان والمسؤولين اللبنانيين: رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، رئيس المجلس النيابي نبيه بري، رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، ووزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب
في قصر بعبدا
ابلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وزير الخارجية الإيرانية حسين امير عبد اللهيان، خلال استقباله له قبل ظهر اليوم الخميس في قصر بعبدا، عن دعم لبنان للجهود التي تبذلها الجمهورية الإسلامية الإيرانية لتعزيز التقارب بينها وبين دول المنطقة، لاسيما العلاقات مع الدول العربية من خلال الحوار القائم لهذه الغاية، معتبرا ان مثل هذا الحوار يمكن ان يقرّب وجهات النظر حيال القضايا المختلف عليها.
ونوّه عون بالتضامن الذي تبديه ايران مع لبنان في مواجهة ازماته وبالمساعدات التي قدّمتها بعد انفجار مرفأ بيروت، محمّلا الوزير اللهيان تحياته الى الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي والشعب الإيراني الصديق، متمنيا لهم دوام التقدم.
وكان عبد اللهيان قد نقل في مستهل اللقاء الى الرئيس عون تحيات الرئيس الإيراني، مجددا دعم بلاده الثابت للبنان، واستعداد الحكومة الإيرانية لتقديم كل المؤازرة في المجالات التي يحتاجها لبنان وخصوصا في الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها.
وقدّم الوزير الإيراني للرئيس عون عرضا لموقف بلاده من التطورات الإقليمية والدولية ولأجواء المفاوضات التي تجريها طهران مع عدد من الدول العربية والأجنبية والاقتراحات المتداولة لتحسينها وتطويرها، وكذلك ما يتعلق منها بالملف النووي.
ميقاتي
من جهته، استقبل رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي وزير الخارجية الايرانية الدكتور حسين أمير عبد اللهيان بعد ظهر اليوم في السراي الكبير في حضور السفير محمد جلال فيروزينيا، والوفد المرافق.
وفي خلال اللقاء، هنأ الرئيس ميقاتي الوزير عبد اللهيان بتوليه مهامه، وقال ” إن لبنان بأمس الحاجة اليوم وأكثر من اي وقت مضى، الى تعزيز ثقة اللبنانيين بالدولة ومؤسساتها،من خلال علاقات طبيعية بين الدول تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة في ما بينها بما يخدم تطلعات شعوبها “.
وشدد الرئيس ميقاتي على “ترحيب لبنان بأي جهد من الدول الشقيقة والصديقة والمجتمع الدولي طالما يندرج في سياق مساعدته في الحفاظ على منطق الدولة ومؤسساتها الدستورية ودورها في الحماية والرعاية وتقوية قواها الشرعية الامنية والعسكرية”.
ورحّب “باسم الحكومة اللبنانية بالمناخات والاجواء الايجابية التي سادت جولات الحوار بين ايران والمملكة العربية السعودية والتي استضافتها دولة العراق الشقيق”، مؤكدا ” أن التلاقي والحوار بين دول الجوار العربي والاسلامي هو قدر شعوب هذه المنطقة الطامحة الى العيش بسلام واخوة” مشددين “على وجوب الاستثمار على النوايا الصادقة التي تبديها الاطراف المتحاورة للوصول الى طي كافة صفحات الخلاف وتبديد كل الهواجس وإحلال مناخات الثقة والطمأنينة وبالتالي التأسيس لفتح صفحة جديدة من علاقات التفاهم والصداقة القائمة على الاحترام المتبادل لسيادة الدول وعدم التدخل بشؤونها الداخلية والمحافظة على أمنها وإستقرارها وطموحات شعوبها” .
وقال”إن الخدمة الفضلى التي يمكن ان تقدم للمنطقة بشكل عام، وللبنان بشكل خاص في هذه المرحلة الحرجة هي ان تثمر لقاءات الحوار والتفاوض بين الجوار العربي والايراني توافقا كاملا حول مختلف العناوين والقضايا التي من شأن التفاهم حولها ان يسهم في ارساء دعائم الامن والتقدم والاستقرار، وهذا ما سيلقي بظلاله الايجابية وفوائده على لبنان واللبنانيين “.
برّي
إستقبل رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري في عين التينة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق بحضور السفير الايراني في لبنان محمد جلال فيروزنيا وعضو هيئة الرئاسة في حركة امل خليل حمدان ، حيث جرى عرض للأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين لبنان والجمهورية الاسلامية الايرانية .
اللقاء الذي إستمر ساعة تحدث بعده الوزير عبد اللهيان قائلاً : تشرفنا اليوم بلقاء دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه حيث تحدثنا معه في الكثير من الأمور ذات الإهتمام المشترك وكان هناك تأكيد مشترك في هذا اللقاء الكريم على ضرورة تعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات وكان هناك ايضاً تاكيد عل أهمية الدور الذي تقوم به المقاومة اللبنانية الباسلة في التصدي للكيان الصهيوني وأكدت لدولة الرئيس خلال اللقاء الذي جمعنا به على الإستعداد الدائم والثابت للجمهورية الاسلامية الإيرانية في الوقوف الى جانب لبنان داعمة ومؤازرة له في مقابل كل الصعوبات والمشكلات التي تواجهه في هذه المرحلة .
وأضاف : وايضاً كان هناك تشاطر في وجهات النظر مع دولته على أن كافة الملفات الإقليمية ينبغي أن تحل على أيدي أهل المنطقة بأنفسهم وقد قيمنا إيجابياً إستمرار وتيرة المفاوضات الإيرانية السعودية ونحن نعتبر أن وجود القوى الغريبة في المنطقة هو العامل الاساسي الذي يعمل على زعزعة الأمن و الإستقرار وإيجاد المشكلات في ربوع المنطقة ، أيضاً تحدثنا مع دولته في آخر تطورات الملف الافغاني .
وختم عبد اللهيان : مرة ثانية اؤكد من خلالكم على تأكيد الجمهورية الإسلامية الإيرانية بأنها ستقف دائماً داعمة ومؤازرة إلى جانب لبنان الشقيق للتخلص من الأعباء والمشكلات التي يعاني منها في مختلف المجالات .
بو حبيب
من جهته، استقبل وزير الخارجية والمغتربين الدكتور عبدالله بو حبيب في مبنى الوزارة في رياض الصلح، وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان.
وبعد اللقاء تحدث الوزير بو حبيب فقال:
يسعدني ان ارحب بوزير خارجية إيران، البلد الصديق وقد كنا قد ناقشنا العلاقات بين البلدين والنية في التوجه نحو تحسينها وتطويرها.
نحن نعلم ان العلاقة الاقليمية مهمة بالنسبة لبلدنا الصغير، لذلك نتمنى كل النجاح للمفاوضات التي تقوم بها ايران أكان مع المملكة العربية السعودية أم مع دول مجموعة ال٥+١ في فيينا، لأن نجاحها ينعكس ايجابا على لبنان.
وتحدث الوزير الايراني فقال:
خضنا جولة من المحادثات الايجابية والبناءة هنا في مبنى وزارة الخارجية اللبنانية مع وزير الخارجية والمغترين الدكتور عبد الله بو حبيب وتوافقنا
حول انعقاد اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين.
وكما تعرفون ان ملف العلاقات التجارية والسياحية والاقتصادية كان وما زال مفتوحا أمام الجانبين، فالشعبان الصديقان والكريمان لديهما اتم الاستعداد لاستئناف الرحلات السياحية فيما بينهما للتعرف على المناطق الأثرية والتاريخية الموجودة في البلدين الشقيقين وهذا التبادل للزيارات الذي حرمنا منه الفترة الماضية بسبب جائحة كورونا.
ان الجمهورية الاسلامية الايرانية تعتبر ان لبنان بلد شقيق وصديق وشريك في هذه المنطقة، ونحن على اتم الاستعداد لتقديم كل اوجه الدعم والمساندة والمؤازرة الاخوية الى لبنان الشقيق لمساعدته على تجاوز المرحلة الصعبة الذي يعاني منه في الوقت الراهن.
ان الشركات الايرانية المتخصصة لديها اتم الاستعداد في فترة زمنية لا تتجاوز ال١٨ شهرا من بناء معملين لانتاج الطاقة الكهربائية بقوة الف ميغاوات، الاول في بيروت وآخر في الجنوب، ونحن لدينا الاستعداد الكامل لانجاز هذا المشروع الطموح من خلال الخبرات الفنية والتقنية والهندسية الموجودة لدى ايران وبالاستفادة من الاسثمارات الايرانية اللبنانية المشتركة.
نحن نعتبر انه من ابسط مفاهيم الحقوق الدولية ان يكون باستطاعة بلدين صديقين وشقيقين كإيران ولبنان أن يمضيا قدما في توقيع اتفاقيات تفاهم ثنائي في هذا المجال ولكن بطبيعة الحال شرط ان ينال ذلك موافقة من الجانب اللبناني.
نحن على استعداد كامل للمبادرة من خلال الخبرات الفنية والهندسية الايرانية للمساهمة فورا في اعادة ترميم وبناء مرفأ بيروت الذي دمر من خلال الانفجار الهائل الذي استهدفه والقيام في حال طلب الجانب اللبناني هذا الأمر
ونعتبر لبنان بشعبه وجيشه وحكومته وبمقاومته لديه قدرة كبيرة على الوقوف بكل صمود وبطولة بوجه اطماع الكيان الصهيوني والاخطار الذي يشكلها هذا الكيان
ونحن في هذا الاطار لا يسعنا الا ان نستذكر بكل احترام واجلال الارواح الطاهرة المكرمة لشهداء المقاومة الكبار الذين بذلوا دماءهم الزكية للذود عن هذا البلد الشقيق لمواجهة الصهاينة من جهة والتكفيريين من جهة أخرى.
عندما نتحدث عن الشهداء الكرام لا بد ان نستحضر ارواح القادة الذي قادوا مسيرة المقاومة الشهداء عماد مغنية والفريق قاسم سليماني وقائد الحسد الشعبي في العراق ابو مهدي المهندس ونعتبرهم انهم خطوا من خلال دمائهم طريق المقاومة وصنعوا انتصاراتها من لبنان والعراق وايران.
ونثمن ونمجد عاليا الدور الكبير الهام والبناء الذي يقوم به لبنان في مجال مواجهة العدو الصهيوني، نعلن هذا بصوت عال من بيروت اننا لا نعترف سوى بدولة واحد اسمها فلسطين، وعاصمة هذا الدولة القدس الشريف.
وفي جانب المحادثات التي اجريتها مع المسؤولين السياسيين المحترمين في لبنان، تطرقنا سويا الى المفاوضات الاقليمية التي تقودها ايران.
وتعتبر ايران ان مسألة الحوار والمفاوضات هي السبيل الأمثل والاكمل الذي يؤدي الى خروج الغرباء من هذه المنطقة والذي يؤدي الى حلحلة كافة المشكلات التي لا زالت عالقة في ربوع هذا الاقليم
نحن نؤمن بالحوار ان كان في مقاربة الملفات الإقليمية او الدولية، ونعتبر ان اعتماد خيار الحوار هو من شأنه في نهاية المطاف حل الملفات
الاقليمية والدولية على حد سواء.
وفيما يتعلق بملف المفاوضات الايرانية السعودية هناك مسافة جيدة قطعت حتى الآن.
أما ما يتعلق بالملف النووي السلمي لايران فنعتمد المفاوضات بشكل اساسي،
وقد تحدثت بشكل مسهب مع زميلي العزيز وزير الخارجية اللبناني خلال اللقاء حول هذا الموضوع، ونعتبر ان المفاوضات التي تحفظ الحقوق المشروعة والعادلة للشعب الايراني هي المفاوضات التي تطمح اليها الحكومة الايرانية
واذا كانت هناك نية جدية صادقة وحقيقية لدى الطرف المقابل في مجال العودة الى هذه الاتفاقية وتطبيق كافة الالتزامات والتعهدات التي كانت قد أخذتها على عاتقها، في هذه الحالة فإن الجمهورية الاسلامية لديها الاستعداد الى العودة الى مندرجات هذا الاتفاق، ولكن لا نعتمد الاشارات والمؤشرات الشفهية التي تصدر من الاميركيين في هذا المجال ولا نعتمد الوعود الواهية التي تصدر عن الدول الاوروبية في هذا المجال، بل ان معيارنا الاساسي المعتمد من قبلنا هو رفع العقوبات وعودة كافة الاطراف الى الاتفاق النووي واذا تم هذا الامر، فإيران كانت ولا تزال الدولة الأكثر التزاما بمندرجات هذا الاتفاق.