مقالات مختارة
مجلة الامن العام
مارلين خليفة
تعمل هيئة الامم المتحدة للمرأة وسط مناخات الحروب والانهيارات الاقتصادية على توفير مستقبل متساو بين النساء والرجال، ومساعدة النساء اللواتي يعانين من صعوبات مختلفة. مهمة هذه الهيئة ليست سهلة في لبنان، وخصوصا في الظروف الراهنة
تعمل هيئة الامم المتحدة للمرأة في مكتبها في بيروت، وهي المعروفة اكثر باسمها الانكليزي UN Women على مستويات مختلفة، منها الانسانية والقانونية والتشريعية، والهدف شطب اي لامساواة موجودة بين الجنسين. لكن اللافت ان عمل هذه المنظمة النسائية ينخرط بعمق في صلب قوانين مثيرة للجدل في لبنان منها: قانون العمل والتشريعات المرتبطة بالضمان الاجتماعي وقوانين الاحوال الشخصية وسواها.
طورت الامم المتحدة بالشراكة مع الاتحاد الاوروبي والبنك الدولي اطار عمل للتعافي هو “اطار الاصلاح والتعافي واعادة الاعمار في لبنان”، لمعالجة التأثير الاوسع لانفجار مرفا بيروت. من خلال هذا الاطار، توفر هيئة الامم المتحدة للمرأة للنساء اللبنانيات واللاجئات الاشد ضعفا والمتأثرات بالسياق الحالي “النقد في مقابل العمل”، فضلا عن قيامها بتجديد اصول الشركات المتضررة وتوفير خدمات الحماية، بما في ذلك تقديم الاستشارة على مستوى المعونة القانونية.
رئيسة مكتب هيئة الامم المتحدة للمرأة في لبنان الاميركية راشيل دور- ويكس، تشرح لـ”الامن العام” تفاصيل عمل الهيئة.
عينت راشيل دور- ويكس رئيسة لمكتب هيئة الامم المتحدة للمرأة في لبنان في اذار العام 2019، وقد التحقت بالفريق القطري آتية من المكتب الاقليمي لهيئة الامم المتحدة للمرأة في مصر، حيث عملت كنائبة للمدير الاقليمي لهيئة الامم المتحدة للمرأة بالانابة بدءا من منتصف عام 2018. عملت دور-ويكس في هيئة الامم المتحدة للمرأة خلال 11 عاما وفي شؤون السلام والامن خلال 16 عاما، لاسيما في افغانستان ورواندا واليمن والاردن ومصر (على المستوى الاقليمي) والان في لبنان.
* متى تأسست هيئة الامم المتحدة للمرأة ومتى استهلت عملها في لبنان؟
– تعتبر الامم المتحدة للمرأة كيانا تابعا للام المتحدة ومكرسا بعمله من اجل تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة. اسست الجمعية العامة للامم المتحدة هيئة الامم المتحدة للمرأة بغية لعب دور عالمي رائد بالنسبة الى النساء والفتيات، في تموز 2010، ومن اجل تسريع التقدم في تلبية حاجاتهن في انحاء العالم. تدعم هيئة الامم المتحدة للمرأة لبنان منذ تأسيسها وحضورها الميداني منذ بداية عام 2017، وهي وسعت تدخلها. وتعمل حاليا في مجالات: التمكين الاقتصادي للمرأة، المشاركة السياسية للمرأة، المرأة والسلام والامن، والرجل والمرأة من اجل المساواة بين الجنسين، بما يتماشى مع خطة عام 2030 واهداف التنمية المستدامة السبعة عشر.
* ما اهمية انشاء صندوق لدعم المنظمات الحقوقية النسائية لتعزيز مشاركتها في عملية الاستجابة والتعافي من انفجار مرفأ بيروت؟ وما نوع المشاريع التي تمولها؟
– على الرغم من الاعتراف بالفوائد التي يجلبها الاستثمار في المرأة بغية تطوير منع النزاعات وحلها والحماية والعمل الانساني وجهود توطيد السلام، فان هذا الاعتراف لا يعني وجود تقدير كامل وسط وجود نقص في الموارد. من ضمن اجمالي المساعدات الثنائية التي استهدفت البلدان الهشة في الفترة الواقعة بين عامي 2016 و 2017 تم توجيه 82 مليون دولار فقط مباشرة الى المنظمات النسائية المحلية، وهو ما يمثل 0.2 في المئة من اجمالي المساعدات الثنائية. في لبنان، كاستجابة انفجار مرفأ بيروت، ذهب اقل من 3 في المئة من التمويل الموجه من خلال النداء العاجل مباشرة الى المنظمات المستفيدة التي تعمل بشكل اساسي من اجل المساواة بين الجنسين وحقوق المرأة. لم يتم انشاء صندوق المرأة والسلام والعمل الانساني (WPHF) من هيئة الامم المتحدة للمرأة في لبنان. انه صندوق عالمي، لكننا طلبنا منه فتح نافذة لدعم المنظمات التي تقودها النساء لاستجابة التحديات الحالية في لبنان. سيدعم هذا الصندوق في لبنان دمج معرفة المرأة وخبرتها وحاجاتها في الاستجابة المستمرة لانفجارات الموانئ، ضمان مشاركة المرأة في الانعاش السياسي بعد الانفجارات والتصدي لخطر الاستبعاد من الاغاثة والتعافي بسبب نقص الوثائق الرسمية.
* كيف ساهمتم في اغاثة الاسرة والمرأة؟
– كاستجابة فورية للانفجارات، قدمت هيئة الامم المتحدة للمرأة خدمات الطوارئ للمتضررين من الانفجار. في المجموع، تم الوصول الى اكثر من 3000 امراة وفتاة محتاجة من خلال توفير الدعم النفسي والاجتماعي والاسعافات الاولية النفسية، فضلا عن الدعم المعنوي وتوفير المستلزمات الاساسية والنقود لاعادة بناء المنازل. بالاضافة الى ذلك، دعمت هيئة الامم المتحدة للمرأة منظومة الامم المتحدة وشريكها لمعالجة قضية النوع الاجتماعي والوصول الى النساء من خلال تقديم الخدمات.
* هل هناك برامج جديدة تعالج الوضع الحالي للبنان في ما يتعلق بالتمكين الاقتصادي؟
– نعم، تعمل هيئة الامم المتحدة للمرأة على دعم النساء للصمود في الاقتصاد والانخراط اكثر في الدورة الاقتصادية للسماح لهن باعالة انفسهن وعائلاتهن في اوقات الازمات هذه. يتم ذلك من خلال برامج توفير النقد في مقابل برامج عمل، والتوظيف ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تقودها النساء.
* ما هو دور هيئة الامم المتحدة للمرأة في سجون النساء؟
– تدعم هيئة الامم المتحدة للمرأة، بالشراكة مع مؤسستي الصفدي و”الاصلاح والتأهيل”، السجينات الحاليات والسابقات لاعادة ادماجهن في المجتمع وتلبية الحاجات العاجلة لاسرهن. يتضمن ذلك الدعم النفسي والاجتماعي لهن ودعمهن في العثور على عمل بعد اطلاقهن من السجن.
*
كيف تتعاونون مع الاجهزة الامنية والامن العام بشكل خاص وكذلك القوات المسلحة اللبنانية؟
– تعمل هيئة الامم المتحدة للمرأة عبر الاجهزة الامنية لمساعدتها على معالجة قضايا النوع الاجتماعي، بما في ذلك الاحتفاظ بالنساء في مختلف قطاعات الخدمات الامنية. شمل ذلك التدريبات وتطوير البحث والتحليل وتقديم الدعم المباشر لوحدة النوع الاجتماعي الجديدة في الجيش اللبناني. كل هذا العمل يتم تحت قيادة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، في اطار خطة العمل الوطنية حول المرأة والسلام والامن (1325).
* ماذا عن تنفيذ اجندة المرأة والسلام والامن من خلال قرار الامم المتحدة رقم 1325؟ كيف يتم تنفيذه؟ وكيف يتم تدريب الاجهزة الامنية المختصة على تنفيذه؟
- ان اجندة المرأة والسلام والامن واسعة للغاية ويتم تنفيذها في لبنان من خلال خطة العمل الوطنية المعتمدة من الحكومة حول القرار 1325، والتي تحدد اهدافا وغايات واضحة حول المشاركة الفعالة للمرأة في عمليات صنع القرار ومنع النزاعات وضمان حماية اكبر للنساء والفتيات من العنف والاستغلال، بالاضافة الى ضمان الاستجابة الجندرية للاغاثة واعادة الاعمار في اوقات الازمات والكوارث الاخرى. تقدم هيئة الامم المتحدة للمرأة المساعدة والدعم التقنيين الى الهيئة الوطنية لشؤون المرأة لتنسيق تنفيذ خطة العمل الوطنية مع المؤسسات الوطنية، الى جانب برنامج الامم المتحدة الانمائي واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا وصندوق الامم المتحدة للسكان ومفوضية الامم المتحدة السامية لحقوق الانسان واليونيفيل. قدمت هيئة الامم المتحدة للمرأة الدعم للمؤسسات الوطنية بغية تطوير هيكل حوكمة لتنفيذ خطة العمل الوطنية حول القرار 1325 في اجراء مشاورات حيال تدخلات معينة مع المؤسسات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني للسماح بقدر اكبر من التواصل، وتبادل المعرفة بين اصحاب المصلحة الوطنيين لضمان عملية تنفيذ وقيادة وطنيتين. تقوم هيئة الامم المتحدة للمرأة ايضا بتمويل وتنفيذ المشاريع بالتعاون مع المؤسسات الوطنية، وخصوصا تلك المتعلقة بمشاركة المرأة في منع الصراع وفي الحياة السياسية والعامة، بالاضافة الى الاصلاحات التشريعية لدعم تنفيذ خطة العمل الوطنية حول القرار1325.
* ماذا عن الخدمات التي تقدمها الهيئة للاجئات الفلسطينيات والى السوريات في المخيمات وكل انحاء لبنان؟
– تعمل هيئة الامم المتحدة للمرأة على توفير دعم سبل العيش وتوفير الحماية للنساء والاسر المستضعفة المقيمة في لبنان. يشمل ذلك اللاجئين السوريين والفلسطينيين. من خلال هذه المشاريع التي تجمع النساء اللبنانيات والسوريات والفلسطينيات، نقدم التدريب المهني وفرص كسب العيش وخدمات الحماية بما في ذلك المساعدة القانونية. كما نقدم مرافق رعاية للاطفال لمساعدة النساء في الحصول على عمل.
* في ما يتعلق بالمشاركة السياسية للمرأة هل سيكون للمرأة دور في الانتخابات المقبلة؟
– لا تزال المرأة ممثلة تمثيلا ناقصا بشكل كبير في الحياة العامة والسياسية على الرغم من الحركة النسوية النابضة بالحياة في البلاد. شهدت الانتخابات النيابية لعام 2018 اكبر عدد من المرشحات للانتخابات وهو رقم قياسي بلغ 113 سيدة. لا يزال لبنان يحتل المرتبة 149 من اصل 153 دولة في مستوى التمثيل السياسي للنساء، بحسب تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2020 حول الفجوة بين الجنسين حيث تمثل النساء فقط 4.6 في المئة من 128 نائبا منتخبا في البرلمان، و5.4 في المئة من اعضاء المجالس البلدية في البلاد، و1.9 في المئة من المخاتير. لا يعتبر التمثيل غير المتكافئ انتهاكا لحقوق المرأة فحسب، بل ان تهميشها من المناصب العامة يخلق مجتمعات اقل تمثيلا واستقرارا ويعزز فكرة ان المرأة لا يمكنها المشاركة في صناعة القرار. بالنسبة الى الانتخابات المقبلة تعمل هيئة الامم المتحدة للمرأة على نهج متعدد المستوى لاستهداف مثل هذه الارقام المنخفضة في التمثيل، بما في ذلك العمل مع الهيئة الوطنية لشؤون المرأة للضغط من اجل اتخاذ تدابير خاصة موقتة (حصص النوع الاجتماعي) ودعم المرشحات من اجل الترشح للفوز بالمناصب.