“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
يجول وفد من مجلس الشيوخ الفرنسي برئاسة رئيسة مجموعة الصداقة اللبنانية الفرنسية في المجلس كريستين لافارد منذ الخميس الفائت على قيادات الاحزاب واللاعبين الرئسيين في لبنان من احزاب وفاعليات روحية وعسكرية وقيادات طامحة للعمل السياسي من المجتمع المدني اللبناني. انهى الوفد جولته اليوم الثلثاء بلقاء مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد والنائب طوني فرنجية ضمن جولته على القوى السياسية قبل مغادرته الاراضي اللبنانية. يزور الوفد المؤلف من ستة برلمانيين في مجلس الشيوخ الفرنسي ينتمون الى مختلف الاحزاب الفرنسية وتترأسه كريستين لافارد نائبة “هوت دو سين” وإحدى أصغر 5 برلمانيين فرنسيين لبنان للمرة الاولى باستثناء دومينيك إستروزي ساسون نائبة “الألب ماريتيم” التي زارت لبنان مرة واحدة على خلاف لافارد وكزافييه إياكوفيللي نائب رئيس مجموعة الصداقة، وريمي فيرو، ولويك إرفيه، وكزافييه موال.
لا تمثل هذه المجموعة البرلمانية الحكومة الفرنسية، وهي خاصة بمجلس الشيوخ وثمة مجموعة صداقة أخرى مع لبنان خاصة بالمجلس النيابي الفرنسي. تتألف هذه المجموعة من احزاب وحساسيات سياسية مختلفة، وهم كبرلمانيين مسؤولين عن مراقبة عمل الحكومة الفرنسية في عملها في السياسة الخارجية، “نحن هنا نسعى لمعرفة تأثير الاستثمار الكبير الذي وضعه الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون والحكومة الفرنسية من اجل تحريك الامور في لبنان ولمساعدة اللبنانيين لايجاد الحل لمشاكلهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية القائمة”.
أرجأت هذه اللجنة زيارتها الى لبنان المرة الاولى في العام 2020 بسبب انفجار مرفأ بيروت، ومرة ثانية بسبب الاغلاق في لبنان وكان هدفها اكتشاف ما خلفته الانتفاضة اللبنانية، في حين تأتي اليوم في سياق سياسي مختلف ووسط انهيار اجتماعي واقتصادي غير مسبوق “وسرعة في تدهور اللبنانيين صوب الفقر، سرعة لم نشهد لها مثيلا في بلد يعمّه السلام، أي انه ليس في حالة حرب” كما تقول لافارد في نقاش مع مجموعة من الصحافيين اللبنانيين.
الثابت، في جولة هذه المجموعة البرلمانية أنها تأتي من مشارب سياسية فرنسية مختلفة، ولكلّ منها رأيه الخاص في قراءة الحوادث تبعا لحزبه او لفريقه السياسي، لكنها تتفق على أنها قوة برلمانية يمكن أن تصوب أو ان تسعى الى وضع توصيات هي غير ملزمة للحكومة الفرنسية وهي مهتمة باستكشاف هذه البقعة الجغرافية التي يستثمر فيها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الكثير من الجهد منذ زيارته الاولى الى لبنان في 6 آب الفائت عقب انفجار 4 آب، لكنها بالأصل لجنة صداقة وتبادل خبرات برلمانية، ولعلّ الابرز في ما قاله اعضاء الوفد انهم اقترحوا توصية بإنشاء مجلس شيوخ لبناني على من التقوهم من اللاعبين اللبنانيين، وهذا أمر حققته هذه اللجنة بخبارتها المؤسساتية في مجلس الشيوخ الفرنسي في مصر والجزائر. وكانت ردة فعل المسؤولين اللبنانيين بأن هذا الامر مذكور في اتفاق الطائف، من دون أن يبدوا رأيا واضحا بالاقتراح. ولعلّ اجراء الانتخابات النيابية في لبنان في أيار المقبل كان رسالة اساسية وجهها الوفد الفرنسي للمسؤولين اللبنانيين الذين اجمعوا على ان الانتخابات هي استحقاق ضروري.
وعلى مشارف تأليف حكومة جديدة برئاسة نجيب ميقاتي، لم يبد ان الامر مثار تفاؤل لدى الوفد، الذي شددت رئيسته كريستين لافارد على أن الأساس يكمن في اجراء الاصلاحات، وضرورة تغيير الادوات في الحكم مع الحفاظ على سيادة لبنان، لأن أي حل يجب ان ينبثق من اللبنانيين انفسهم. في هذا المجال نفت لافارد ما نسب اليها العام الماضي في مقابلة صحافية في 20 آب 2020 قالت فيها أنها مع وصاية أممية دولية على لبنان، واشارت ردا على سؤال “مصدر دبلوماسي” بأنها قالت بأن الصحافي حرّف جوابها فهي تؤمن بأن لبنان بلد سيد وحر ومستقل ولا يجب ان يحصل أي تدخل خارجي في شؤونه الداخلية وأنها كانت تتحدث عن اهمية اسهام الامم المتحدة في مساعدة لبنان.
تحدثت لافارد كثيرا عن المساعدات الفرنسية لقطاع التعليم والمدارس الفرنكوفونية. وأشارت الى أن الانطباع الذي خرجوا به من لقاءاتهم مع المسؤولين اللبنانيين يمكن اختصاره بـ”الإرباك”، “فلكل مسؤول لبناني قراءته للحوادث، ولعملية التكليف وتأليف الحكومة”، متسائلة عن كيفية التغيير مع الطبقة السياسية ذاتها ومعولة على دور الشباب اللبناني الطامح لخوض العمل السياسي. وقالت:” الثابت لدى المسؤولين اللبنانيين انهم يريدون حصول تقدم ما وسط الانهيار الاجتماعي والاقتصادي الحاصل في البلد”. واشارت لافارد الى أن “مصير اللبنانيين هو بين أيديهم وستكون الانتخابات في أيار المقبل حاسمة وهنا أهمية لمن سيقترع اللبنانيون”. ولفتت الى أن “المجتمع الدولي لا يمكنه القيام بكل شيء، صحيح أن فرنسا هي بلد صديق وتعنى بلبنان على هذا الاساس من الصداقة لكن فرنسا لا يمكنها ان تطبق الاصلاحات بنفسها، لا يمكنها ان تفعل كل شيء عن اللبنانيين”.
وهل من رسالة معينة في لقائها مع مجموعة من نواب حزب الله برئاسة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد قالت لافارد: “ليس من رسالة معينة، لكننا نحن كبرلمانيين نوصي دوما بضرورة احترام الحياة الديموقراطية، هنالك استحقاق انتخابي بعد عام ويجب ان يتم في ظروف تسمح بحرية الاقتراع للجميع وهي انتخابات يجب ان تحصل بلا اية ضغوط، لأنها تعبير عن الديموقراطية لشعب باكمله واعطائه حق التعبير عن خياراته، وهو ما سيقوم به اللبنانيون الذين سيختارون هل سيبقون على السياسيين أنفسهم في مناصبهم أو اختيار جيل جديد”.
بالعودة الى باريس ستكون توصيات للسلطات التنفيذية؟ تشير اجواء المجموعة بأنها كسلطة تشريعية ليست لديها توصيات للسلطة التنفيذية لأنه يوجد فصل للسلطات في فرنسا، وعمليا تحيي هذه المجموعة الدبلوماسية البرلمانية بين البلدان”. وعن اللقاءات مع شخصيات من المجتمع المدني لاحظت لافارد وجود طاقات شابة مستعدة لخوض العمل السياسي وتتحدث عن رغبتها باحداث عدد من الاصلاحات. ولفتت الى أن اللاعبين اللبنانيين على اختلافهم مجمعون على أن نهضة لبنان ستحصل بسرعة فور بدء عجلة الاصلاحات ربما لن يتخذ الامر أكثر من شهرين او ثلاثة وهذا امر لافت بحسب لافارد.
ولفتت عضو الوفد السيدة دومينيك إستروزي ساسون نائبة “الألب ماريتيم” الى أن “ثمة حاجة ماسة لتشكيل حكومة باسرع وقت ممكن إذ لا يمكن للبنان أن يتحمل 9 اشهر اخرى من المشاورات من دون التوصل الى تشكيل حكومة، ولفتت الى أنه إذا لم تتشكل حكومة في غضون الأيام الـ15 المقبلة سيكون الامر مدعاة للقلق بالنسبة الى لبنان”.
وتطرق الوفد الى زيارته لقائد الجيش جوزاف عون الذي شرح لهم الاوضاع المعيشية للجيش اللبناني مؤكدين أن حل الازمة السياسية سينعكس ايجابا على الجيش وسواه من المؤسسات. وعن الزيارة الى رئيس المجلس النيابي نبيه بري قالت لافارد ان الرئيس بري أعرب عن استعداده لتسهيل تشكيل الحكومة وإقرار البرلمان للقوانين الاصلاحية لا سيما تلك المتعلقة بالكهرباء.