“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
تذكرني وقائع الهجمة الجنونية والمتعددة الاضلع على مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم بما فعله اليهود بالسيد المسيح، واتحدث هنا من حيث السلوك البشري بطبيعة الحال من دون أي تشبيه. يروي الانجيل المقدس بأن بيلاطس الحاكم الروماني، ولما رأى السخط الشعبي اليهودي ضد يسوع لأنه يدّعي أنه ملك اليهود، وقد جلبوه اليه وسجنه، وقع في حيرة ماذا يفعل برجل بريء ولم يفعل شيئا. ففي العيد اليهودي الرئيسي وهو عيد الفصح، نادى الشعب اليهودي الى مقره، وقال أنه كعادته سوف يعفي عن أحد المسجونين. وقام بتخيير الشعب: هل تريدون اطلاق باراباس القاتل والمجرم؟ فصرخ الشعب الساخط ايجابا. فسألهم وماذا عن يسوع ملك اليهود فاهتاجوا باصواتهم صارخين: اصلبوه! اصلبوه!
ليس أمرا شائعا أن تتم الكتابة عن رجل أمن في لبنان والعالم بطريقة ودية ووصفه بالوطني والشهم والشجاع والنبيل، قد يؤخذ الأمر على غير محمله لأن الرجال العاملين عادة في الأمن والمخابرات لا تكون لهم شعبية الـ”بوب ستار” نظرا الى الملفات الشائكة التي يخوضون فيها، ولطباعهم الجافة عادة، والجانب المظلم من شخصيتهم والذي يراهم فيه الناس فيخشونهم سواء عن حق أو عن توهّم.
يشكل مدير عام الامن العام اللبناني اللواء ابراهيم منذ توليه منصبه في العام 2011 شواذا مطلقا عن هذه القاعدة، لخلقيته الرفيعة، ولشهامته مع من يخاصمونه، واضعا قاعدة المساواة بين جميع المواطنين سواسية بلا اية تفرقة.
لا يمكن الحديث عن إنسانية اللواء ابراهيم، وانتصاره الشخصي للقضايا انسانية، بلا ذكر وقائع مؤثرة جدا سواء مع لبنانيين او مع لاجئين، ولا اريد الخوض فيها لأنها تعتبر محرجة له، واختصرها بعبارة: يساعد الكثيرين بصمت.
رجل أمن وسياسية ودبلوماسية مفاوض من الطراز الاول، بعيد من الطائفية ابعد الحدود، قريب من جميع الاحزاب والقوى السياسية بقدر ما تقتضي المصلحة الوطنية وبعيد عنها بأي ارتهان فهو من يتفاخر دوما بأنه “إبن الدولة وخريج المؤسسة العسكرية، وهو المغوار سابقا في الجيش اللبناني.
مع بروز قضية مرفأ بيروت، جريمة العصر في 4 آب، طلبه المحقق العدلي السابق فادي صوان للتحقيق فامتثل وادلى بشهادته، وإذا في 2 تموز الحالي يفاجأ ابراهيم عبر وسائل الاعلام بأنه مدعى عليه من بين أكثر من 10 شخصيات بين نواب ووزراء وضباط.
منذ اللحظة الاولى اكتشفنا نحن الصحافيين باستقصاءاتنا العادية التي نقوم بها لعملنا، أن اسمه زجّ من قبل مستشارين في القصر الرئاسي في بعبدا، وتردد اسم الوزير جبران باسيل من اجل اقامة توازن طائفي مع المتهمين المسيحيين. وساندت هذا الامر تغريدات للجيش الالكتروني العوني “المؤيدة للعدالة” وقد كان هذا الجيش ذاته ينادي باطلاق مدير الجمارك بدري ضاهر.
باسيل أوعز الى مناصريه وقف التغريدات، نظرا لحراجة الموقف ولأن الامر افتضح، وصار حديث الصالونات بأن اللواء ابراهيم مستشار الرئيس ميشال عون الأول اقحم اسمه من قبل القصر بطريقة سياسية، مع اخبار عن ان المحقق العدلي طارق بيطار مقرب من القصر الرئاسي.
بعد ذلك، سمعنا أن ثمة من يقدم رأس اللواء ابراهيم في الداخل اللبناني الى جهات خارجية متضررة من دوره المحوري الاقليمي والدولي في لبنان الذي تخطى موقع الامن العام التقليدي لكنه لم يتجاوز صلاحياته.
وفجأة بدأت الفبركات عبر “الموبايل فيديو” والسوشال ميديا، صار الرجل مهرب نيترات! مع ملايين الدولارات التي صوّر شيك عنها اشتغل على طريقة الفوتوشوب.
واندلعت حملة لفجّار من حقوقيين ينطقون بإسم اجندات سياسية تريد هدم المؤسسات المتبقية في لبنان، لإعادة بناء أخرى على قياس “لبنان الجديد”. اختار هؤلاء هدفهم اللواء عباس ابراهيم الذي تمكن من بناء أنجح مؤسسة في لبنان، يكفي انها فككت عشرات بل مئات الشبكات الارهابية التي كانت ستصدر اضرارها لاوروبا والغرب.
إن رصد منصات وسائل التواصل الاجتماعي يظهر حجم الحملة الشرسة والمبرمجة التي تشنّ على شخص اللواء ابراهيم:
جحافل من المغردين منهم معروفون ومنهم حسابات وهمية
انتاج فيدوهات مضللة بالعشرات وهذه لها تكلفة عالية واعادة نشرها كل ساعتين
التغريد عن اللواء ابراهيم أقله كل 5 دقائق ليلا ونهارا دون توقف
غرفة عمليات اعلامية متعددة الأضلع تدير الحملة بينها احزاب ومجتمع مدني ومواقع الكترونية مغمورة وناشطون يتلقون تمويلا.
الحملة ضد اللواء لا تقتصر على اللغة العربية بل هي بالإنكليزية ايضا ما يظهر ارادة استهداف الدور الدولي والدبلوماسي له.
وبعد ذلك، يبرمج التجار السياسيون بجريمة العصر هجوما عنيفا على منزل وزير الداخلية اللبناني محمد فهمي لأننه رفض بحسب رأي الدائرة القانونية في وزارة الداخلية منح اذن ملاحقة باللواء ابراهيم كونه يدرك المراسلات التي ارسلها الاخير، ويعرف بأن عنابر المرفأ ليست بالأصل من اختصاص الامن العام وأنه آخر جهاز تجب مساءلته من بين الاجهزة الاخرى المعروفة صلاحياتها بحسب لقوانين وخصوصا الجمارك والجيش اللبناني.
قمنا بسؤال احد القضاء النزيهين والذين يعملون بعيدا من وسائل التواصل الاجتماعي التي يستخدمها المحقق العدلي سندا له لاقتياد من يريد الادعاء عليهم بشبهة سياسية فقط، ومن دون معايير موحدة في الاستدعاءات. سألناه عن صلاحيات الامن العام فأجابنا: “إن علاقة الأمن العام تقتصر على الأشخاص وعبورهم في المراكز الحدودية. المعرفة بوجود النيترات وخطورتها تأتي ضمن النطاق الاستعلامي وتوجب على الأمن العام اعلام الجهات الحكومية تسلسليا و قضائيا اذا كان هناك شبهة جرمية بالأمر، وعند حجز النيترات قضائيا لا احد يستطيع مخالفة القرار القضائي واتخاذ اي اجراء الا بإشراف القضاء وبقرار من هذا الأخير”. وأضاف القاضي المذكور: “مسألة كيفية حجز النيترات فنيا وكيفية ذلك لا صلاحية للأمن العام به”.
بعد هذا الكرنفال العنيف ضد رجل خدم وطنه لأعوام في الجيش اللبناني اولا ثم على رأس الامن العام اللبناني، وبعد شبهة التسييس التي تتثبت يوما بعد يوم بأنها حقيقة، فمن بين اكثر من 10 شخصيات ادعى عليها البيطار لا يطالب من يدعون عطشهم للعدالة إلا باللواء ابراهيم تاركين البقية من دون ان يذكرونهم بكلمة واحدة!!! يا الهي كم هذا ظالم، كم أن لبنان بلد ظالم! يا الهي كيف سينال ضحايا مرفأ بيروت حقهم بمعرفة المرتكبين وسط حقوقيين ومجتمع مدني واحزاب ووسائل اعلام تتاجر بهم وتوجههم بحسب اجنداتها الدولية، وتصرخ هذه المرة على كاميرات التلفزيونات ضد رجل دولة مستقيم وشهم ومسالم: اصلبوه! أصلبوه!