مقالات مختارة
مارلين خليفة
قامت الامم المتحدة خلال شهري ايار وحزيران الفائتين بحملة دولية واسعة متابعة لتطبيق قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1325 المتعلق بالمرأة والسلام والامن، وكان للبنان حصته في تطرق نائبة المنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان ومنسقة الشؤون الانسانية نجاة رشدي الى الوضع اللبناني.
صادق مجلس الامن الدولي في العام 2000 بالاجماع على القرار الرقم 1325 وهو الاول الذي يعترف بدور المرأة في حل النزاعات ومواجهة تبعاتها ومشاركة المرأة في مشروعات السلام وتعزيز حمايتها من العنف الجنسي.
أقر لبنان الخطة الوطنية لتطبيق قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1325 في ايلول من العام 2019. يكتسب القرار 1325 بالاضافة الى الاطار العام الاوسع للنساء والسلام والامن تصاعدا في وضوح الرؤية عالميا، اذ تنظر اليه الحكومات وصناع القرار والمؤسسات العامة ووسائل الاعلام والناشطون على انه اداة رئيسية لتطبيق السياسات المتعلقة بالجندرية وسياسة حل النزاعات وفي احترام حقوق الانسان ومعالجة جذور اسباب النزاعات من اجل بناء سلام مستدام وتحقيق المساواة الجندرية.
في هذا السياق، يقول مصدر مسؤول في منظمة الامم المتحدة للمراة في لبنان
UN Women
لـ”الامن العام” بأن “تبني لبنان للخطة الوطنية حول قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1325 يعد خطوة ذات قيمة بالنسبة الى البلد كونها تهدف الى رفع مشاركة النساء في صنع القرار في مجالات مختلفة. هذا يعني مشاركتهن في الحياة السياسية والعامة وفي الاقتصاد وفي القطاع الامني ومشاركتهن في مفاوضات السلام والوساطات”.
يضيف المصدر:” بشكل رئيسي، فإن الخطة الوطنية حول القرار 1325 ترسل الى المجتمع الدولي رسالة واضحة مفادها بان مشاركة النساء هي امر جوهري في البلد من اجل تثبيت السلام والاستقرار وان بعض الآليات والشروط يجب ان توضع موضع التنفيذ من اجل تجنب العنف وحماية النساء والفتيات من العنف الجندري او الجنسي، وللتأكيد بأن الاعتبارات الجندرية مصونة في جهود المساعدة في واوقات الطوارئ والازمات والكوارث”.
وعن اهمية المرأة وانخراطها في الوساطة الدولية في ما يتعلق بالامن والسلام الدوليين، قال المصدر المسؤول في منظمة الامم المتحدة للمرأة في بيروت:” ان مشاركة النساء في تجنب الازمات والحلول عبر الوساطات والمفاوضات يمكن ان تحسن النتائج قبل وخلال وبعد النزاع. ثمة يقين متزايد بان مشاركة النساء في مسارات السلام تؤكد بأن النتائج هي اكثر استدامة وافضل تطبيقا. كما ان مشاركة النساء في محادثات السلام تقلل من نسبة الاخفاق في التوصل الى سلام بنسبة 64 في المئة”.
بدأت الاجهزة الامنية اللبنانية وخصوصا الامن العام اللبناني تطبيق هذا القرار، وعن كيفية التعاون مع الامم المتحدة في هذا الخصوص يقول المصدر المسؤول في منظمة الامم المتحدة للمرأة بان” مؤسسات القطاع الامني هي اعضاء في اللجنة التوجيهية الوطنية حول القرار 1325 وهي منخرطة في تطوير ودعم مشاركات القطاع الامني في هذا الشأن”. يضيف:” ان اللجنة الوطنية لشؤون المرأة هي كيان مسؤول عن تنسيق وتطبيق الخطة الوطنية للقرار 1325 عبر جميع المؤسسات الوطنية. ان وكالات الامم المتحدة ومن ضمنها هيئة الامم المتحدة لشؤون المرأة وسواها تدعم الحكومة في جهودها الكاملة عبر هذه الهيئة”. بالنسبة الى التعاون مع المديرية العامة للامن العام اللبناني يقول المصدر في منظمة الامم المتحدة لشؤون المرأة:” ان المنظمة تدعم الامن العام اللبناني من اجل بناء كتلة وازنة من مدربين مرموقين حول المساواة الجندرية ومن اجل تطوير مواد تسهم في برامج التدريب المختلفة. كذلك ساعدناهم في تحليل دورهم في الاستجابة لازمة كوفيد-19 اثناء فترة الاغلاق، وانفجار بيروت والاضطرابات المدنية التي وقعت من منظور المساواة”.
وعن الصعوبات التي تواجه تطبيق هذا القرار عربيا ودوليا وفي لبنان يقول المصدر المذكور:” ان التحديات الرئيسية في تطبيق القرار تختلف من سياق الى آخر، لكن بشكل عام فإن تمثيل النساء في مهام السلام وبناء الدول تبقى محدودة بسبب انخفاض وجود النساء في مسارات صنع القرار بشكل عام.
لا يزال يوجد ضعف في الوعي حول القرار وخصوصا على الصعد المحلية بالاضافة الى قوانين تمييزية وممارسات تعرقل التقدم في المساواة الجندرية. في لبنان، يشكل السياق السياسي والازمة الاقتصادية والوضع الامني تحديات لناحية تطبيق الخطة الوطنية حول القرار 1325″. أما الهدف البعيد الامد فيتمثل “في ضمانة مشاركة النساء في عمليات السلام والاستقرار في بلدانهن. يضمن تطبيق هذا القرار مشاركة النساء وحمايتة حقوقهن في النزاعات وما يليها من مراحل اعادة الاعمار ويسهم في وضع آفاق المساواة الجندرية ورؤيتها وحقوق النساء في عمق مواضيع السلام والامن”.
ضمن هذا السياق، قامت نائبة المنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان والمنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الانسانية نجاة رشدي اخيرا باطلاع فريق الخبراء غير الرسمي المعني بالمرأة والسلام والامن والتابع لمجلس الامن خلال اجتماع افتراضي انعقد في ايار الفائت على الوضع في لبنان، لا سيما فيما يتعلق بتأثير الازمة الحالية على المرأة وحول كيفية عمل النساء للحفاظ على السلام والامن في البلاد وهي المرة الاولى التي يناقش فيها هذا الفريق الوضع في لبنان.
يذكر انه في شهر تشرين الاول 2015، اعتمد مجلس الامن القرار (2242) الذي دعا فيه إلى تشكيل فريق خبراء غير رسمي معني بشؤون المرأة والسلام والامن. وتهدف هذه الآلية الى تزويد مجلس الامن بالمعلومات والتحاليل المفصّلة والدقيقة حول المرأة والسلام والامن في دول محدّدة ترزح تحت وطأة النزاعات، وحول سبل تنفيذ الامم المتحدة مهمتها الخاصة بالمرأة والسلام والامن على ارض الواقع. استهلّ هذا الفريق عمله في العام 2016، ويعقد اجتماعات دورية مع الامم المتحدة في العديد من الدول.
وقالت رشدي في احاطتها بحسب بيان صادر عن مكتب المنسق الخاص في لبنان انه “بدون معالجة القضايا المتعلقة بالمساواة بين الجنسين وبحقوق المرأة في لبنان، لن نتمكن من معالجة الأزمة الحالية المتعددة الاوجه التي تواجهها البلاد معالجة حقيقية وبشكل مستدام.” واضافت انه بينما تبرز النساء في طليعة العديد من المبادرات الحالية الهادفة الى صنع السلام، الا انّ انعدام المساواة بين الجنسين في لبنان شديد الارتباط بالهياكل السياسية والاجتماعية التي تؤثر على طبيعة الأزمة القائمة في البلاد”.
واشارت رشدي الى ان ازمة لبنان الاقتصادية والاجتماعية غير المسبوقة والتي تفاقمت جراء الاغلاق الناجم عن تفشي فيروس كورونا وانفجارَي مرفأ بيروت المأساويين، قد عمقت انعدام المساواة بين الجنسين، مشددة على انّ اي جهود مبذولة لتحقيق التعافي في لبنان يجب ان تشمل النساء حتى تكون مستدامة. فلبنان الذي يحتلّ المرتبة 145 من اجمالي 153 دولة، لديه احدى اعلى الفجوات بين الجنسين في العالم، وكذلك إحدى أدنى معدلات مشاركة النساء في الحياة السياسية وفي سوق العمل”.
وتناول الاجتماع اهمية تعزيز مشاركة المرأة في عمليات السلام والامن والسياسة، بما في ذلك في الانتخابات النيابية والبلدية في لبنان العام 2022، كجزء من جهود اوسع لتوطيد السلام وتحقيق الاستقرار في لبنان”.
وبحسب رشدي، “فإن اعتماد خطة العمل الوطنية الاولى الخاصة بلبنان لتطبيق قرار مجلس الامن 1325 حول المرأة والسلام والامن في أيلول 2019، قد اعطى بصيص امل لزيادة مشاركة المرأة في صنع القرار على جميع المستويات، بما في ذلك في قطاعي الامن والدفاع، كما في منع نشوب الصراعات وتعزيز التماسك الاجتماعي للمساهمة في ارساء السلام المستدام في لبنان. كما سلطت الضوء على الدور البارز الذي ادّته النساء اخيرا سواء عبر دورهنّ الطليعي في الاحتجاجات الشعبية والحركات السياسية او في الجهود الهادفة الى بناء السلام والوساطة على الصعيد المحلي”.
وكررت رشدي دعوات الامم المتحدة المتكررة الى تشكيل حكومة ذات توجّه اصلاحي في لبنان لتلبية الاحتياجات الملحة للبلاد بما في ذلك تلك المتعلقة بحقوق النساء. وقالت ان “لبنان بحاجة الى حكومة كفوءة وممكنة وتتمتّع بصفة تمثيلية للشعب – وبالطبع للنساء ايضا- كلما طال بقاء لبنان من دون حكومة، كلما تعمّقت هذه الازمة وازدادت حدّة.”