“مصدر دبلوماسي”
ناقش قائد القيادة المركزية الاميركية الوسطى الجنرال كينيث ماكنزي في ايجاز صحافي شارك فيه صحافيون من الشرق الاوسط الانسحاب الآمن والحذر من أفغانستان وردع أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار وتأثير الصين وروسيا في المنطقة والحملة من أجل هزيمة داعش في العراق وسوريا، وتطرق الى التعاون الاميركي مع القوات المسلحة اللبنانية.
أهمية التدريب للقوات المسلحة اللبنانية
في جلسة النقاش سئل الجنرال ماكينزي عن المساعدات الأميركية للجيش اللبناني، فقال:
” نظلّ ملتزمين بدعم القوات المسلّحة اللبنانية، فهي تشكّل أحد عناصر الحكومة اللبنانية التي تعمل في الواقع بشكل جيد للغاية، ونعتقد أنه يجب أن تظل هي التعبير الوحيد عن القوة العسكرية للدولة في لبنان. لقد قمت بزيارة جيدة هناك قبل شهرين حيث التقيت برئيس الأركان. لقد كان اجتماعا جيدا للغاية، وسنواصل دعمهم بكل طريقة ممكنة”.
وأشار الجنرال ماكينزي:” نحن نعمل بجد مع القوات المسلحة اللبنانية لتوفير تدريب ميداني مع فرق التدريب المقيمة والمتنقلة. وباعتقادي أن معظم المعدات جيدة وصالحة. وبالطبع أنت بحاجة إلى المعدات، ولكن ما هو أكثر أهمية في الواقع هي فرص التدريب التي لدينا مع القوات المسلحة اللبنانية، ونحن نعمل بجد معهم على الأرض. نحن لا نعمل فقط مع القوات البرية من القوات المسلحة اللبنانية ولكن أيضًا مع القوات الجوية من القوات المسلحة اللبنانية، وكما أشرت مع عناصر من البحرية. وكل هذه المجالات، كل تلك التخصصات، نعمل على التدرب جنبًا إلى جنب معهم، لمساعدتهم عندما نستطيع. وأعتقد أن هذا ربما، في النهاية، أكثر أهمية بكثير على المدى الطويل من المعدات التي نقدمها لهم، رغم أهميتها بالطبع”.
في بداية اللقاء القى ماكينزي كلمة افتتاحية اشار فيها الى ان القوات الاميركية تواصل “تنفيذ انسحاب آمن وحذر للقوات الأمريكية من أفغانستان بتوجيه من رئيسنا، وبالتنسيق مع حلفائنا وشركائنا في الناتو. لقد أكملنا حتى الآن نصف العملية التراجعية بأكملها، وسنلتزم بالموعد النهائي المحدّد للانسحاب الكامل من أفغانستان في أيلول القادم. ولا نزال نحتفظ بسفارتنا هناك ولسوف سنستمرّ في دعم قوات الأمن الأفغانية وسنواصل القيام بعمليات مكافحة الإرهاب.
لا يزال الانسحاب من أفغانستان جزءا أساسيا من جهودنا الرئيسية، ولكنه بالطبع ليس محور تركيزنا الوحيد. لقد سافرت اخيرا إلى العراق وسوريا. في العراق، كان لي لقاء ممتاز مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، حيث ناقشنا قضية هزيمة داعش بشكل نهائي وتام، وتنفيذ إصلاحات قطاع الأمن، وديناميكيات أخرى تؤثر على الاستقرار الإقليمي. ويستمر دعمنا لقوات الأمن العراقية في التطور، بينما توسّع هذه القوات قدرتها على التخطيط للعمليات وتنفيذها بشكل مستقل.
واليوم لدينا بصمة أميركية صغيرة نسبيا في العراق – وذلك كلّه بناءً على دعوة من حكومة العراق، وهو يتركّز أساسا على تقديم المشورة والتجهيز ومساعدة قوات الأمن العراقية”.
في الموضوع السوري قال ماكينزي:” خلال زيارتي إلى سوريا، التقيت برجالنا ونسائنا الذين يساعدون قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في مواصلة القتال ضدّ داعش. لقد سحقنا الخلافة، وما عادوا يسيطرون على أي بقعة من الأرض، لكننا لا نريد تخفيف الضغط الآن، إذ لا يزال لدى داعش طموح إلى إعادة السيطرة على الأراضي ونشر أيديولوجيتها العنيفة. ونحن نريد منع حدوث ذلك. ويبقى الهدف على المدى الطويل هو ضمان أن تتمكن قوات الأمن المحلية من الاستمرار في القيام بهذا العمل بدوننا”.
وفي الملف الايراني قال:” هنالك أولوية أخرى وهي ردع أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار، والتي تظل أكبر تهديد للاستقرار في الشرق الأوسط. أعتقد أن موقفنا في المنطقة كان له تأثير رادع على إيران وجعل من الصعب عليهم أن ينكروا دورهم في الأنشطة الخبيثة التي يقومون بها. ولقد أنجزنا ذلك من خلال وضعنا العسكري القوي الذي يشمل السفن والقوة الجوية وقدرات الدفاع الصاروخي الباليستي، وثمّة إلى ذلك طبعا أشياء كثيرة نقوم بها بالتنسيق مع أصدقائنا في المنطقة، من شأنها أن تسهم في تحقيق هذه الغاية أيضا”.
ولفت:” باستثناء ذلك، من الواضح أن الصين وروسيا تسعيان إلى نفوذ أكبر وعلاقات أقوى مع دول المنطقة، حيث تحاول كلتا الدولتين استغلال أي تراجع محسوس في انخراط الولايات المتحدة لإقامة علاقات انتهازية وتعزيزها. انخرطت الصين مع كل دولة تقريبًا في المنطقة في عام 2020، مستخدمة الديون كفخّ لاستغلال بعض البلدان، ومن خلال مبادرة الحزام والطريق، والدبلوماسية الطبية مع لقاحهم المشكوك في فعاليته، لمحاولة توسيع نفوذها.
كما أن لروسيا دور في إثارة المشاكل أيضا وبنفس القدر في المنطقة، وانخراطها في المنطقة تقوم غالبا على الانتهازية وتقوم إلى حد كبير على أساس المنفعة. وتسعى روسيا إلى إيجاد طرق لوضع نفسها كبديل للغرب من خلال عرض التوسط في النزاعات الإقليمية وبيع الأسلحة وتقديم الخبرة العسكرية والمشاركة في المنظمات الإقليمية والمتعددة الأطراف لتعزيز مصالحها.
على الرغم من العديد من الصعوبات، لا تزال الولايات المتحدة في وضع جيد مع العديد من شركائها وحلفائها في المنطقة. ومن واقع خبرتي الشخصية، فإن كل دولة في المنطقة تقريبا لا تزال تعتبر الولايات المتحدة الشريك المفضل لها. هذا صحيح حتى بين دول آسيا الوسطى، حيث تتمتع روسيا والصين بميزة القرب من أجل دعم جهودهما لتوسيع نفوذهما”.
وتطرق الجنرال ماكينزي الى “حال 20 مليون نازح منتشرين في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى ممن فرّوا من ديارهم لتجنب الصراع، وهو رقم يمثّل نحو ربع عدد اللاجئين والمهجّرين في العالم والبالغ 80 مليون نازح عالميا. لجأ الملايين إلى البلدان المجاورة التي يعاني الكثير منها من تحديات اقتصادية واجتماعية خاصة به. ويعيش هؤلاء الرجال والنساء والأطفال في الغالب في مخيمات كبيرة للاجئين، ويكافحون من أجل الحصول على القوت اليومي، وهم يعتمدون بشكل يكاد يكون حصريا على المنظمات الخيرية الدولية لتلبية احتياجاتهم. هذه الفئة السكانية الضعيفة للغاية قد يتم استغلالها، وفي بعض الحالات، تخضع لجهود تجنيد قاسية من قبل المتطرفين، والتي من المحتمل أن تصبح مشكلة أكبر بكثير في المستقبل. هذه المشكلة ليس لها حلّ عسكري وتتطلب جهدا دوليا يعتمد بشكل كبير على دول من المنطقة إذا كان لها أن تكون فعالة”.
وعن المسيرات التي تطلق على قواعد اميركية في العراق قال:” نحن نشهد ضغوطا من الجماعات المسلحة التابعة لإيران التي تريد إخراجنا من العراق، وآخر مظاهر ذلك هو استخدام أنظمة جوية صغيرة بدون طيار، أو طائرات بدون طيار. بعضها صغير جدا، وبعضها أكبر قليلاً – وكلها يمكن أن تكون مميتة للغاية. وهم يلجؤون إلى هذا الأسلوب لأنهم لم يتمكنوا من إجبار حكومة العراق على أن تطلب منا الرحيل. لذا فإن الضغط السياسي لم ينجح معهم. الآن يتجهون إلى النهج على الأرض. وهذا أمر مقلق للغاية بالنسبة لي. ولكن كما هو الحال دائما، لدينا مجموعة متنوعة من الإجراءات التي يمكننا بواسطتها الدفاع عن أنفسنا، ومع ذلك – كما هو الحال في أفغانستان – فإن المسؤولية الأساسية للدفاع عنا – للدفاع عن قواتنا وشركائنا في الناتو وكل من يوجد هناك – إنما تقع بشكل أساسي على عاتق حكومة العراق. وقد فعلوا عددا من الأشياء التي كانت مفيدة جدًا لتقليل التهديد. ومع ذلك، فإن التهديد مثير للقلق وسنتخذ أي إجراءات ضرورية للدفاع عن أنفسنا”.
واشار ردا على سؤال الى ان الولايات المتحدة مستمرة بتقديم ” المساعدة للمملكة العربية السعودية، ، فإننا نواصل العمل مع السعوديين لتحسين دفاعهم الجوي والصاروخي المتكامل. هذه أولوية قصوى بالنسبة لنا، كما هو بالنسبة للمملكة العربية السعودية، لأنهم يتعرّضون حقّا لقصف متواصل من الحوثيين في اليمن من خلال الصواريخ الباليستية والطائرات الصغيرة بدون طيار وصواريخ كروز للهجوم الأرضي. وهذه الهجمات ليست مفيدة، فهي بالتأكيد ليست السبيل لإيجاد نهاية للصراع في اليمن. ولذا فإننا نعمل بجد مع السعوديين لتمكينهم من الدفاع عن أنفسهم، وهكذا فإن هذا العمل مستمر وأنا سعيد بالنتائج التي حققناها”.
وردا على سؤال عن اليمن قال الجنرال ماكينزي:” أقول إن المملكة العربية السعودية مستعدة للتفاوض، ويحتاج الحوثيون أيضًا إلى أن يكونوا مستعدين للتفاوض. ولكني أقول لكم إن قصفهم المستمر للمملكة العربية السعودية، كما أشرت سابقًا، بمزيج من صواريخ كروز والطائرات بدون طيار وصواريخ كروز للهجوم الأرضي، ليس مفيدا البتة، وإن استمرارهم في الضغط للسيطرة على مدينة مأرب في شمال غرب اليمن ليس مفيدا أيضا. ولذا أعتقد أننا في مرحلة إذا رأى الحوثيون أن لديهم فرصة ربما للدخول في مفاوضات سياسية هنا، فربما أمكنهم اغتنام هذه الفرصة. وإنني لآمل ألا يؤدي اعتزازهم ورغبتهم في البحث عن حّل عسكري بحت لهذا الصراع إلى تضييع الفرصة التي أمامنا الآن”.