مقالات مختارة
مجلة الامن العام
مارلين خليفة
اعلنت 182 دولة من اصل 193 تنتمي الى الامم المتحدة التزامها ضمان توزيع منصف للقاحات المضادة لفيروس “كورونا” وفق ما ذكرت اعلان سياسي صدر عن الجمعية العامة في الامم المتحدة بمبادرة واقتراح من لبنان.
اطلقت هذه المبادرة مندوبة لبنان الدائمة في الامم المتحدة السفيرة أمل مدللي ونجحت بجمع 19 دولة لتأييد المبادرة اللبنانية انضم اليها الاتحاد الأوروبي، وتمت كتابة الاعلان ووافقت عليه 182 دولة في العالم. وعقد رئيس الجمعية العامة في 26 آذار الفائت اجتماعا للجمعية العامة وتم الاعلان السياسي وتحدثت معظم دول العالم شاكرة لبنان على المبادرة. تكمن اهمية الاعلان في انه نال موافقة الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي والتي هي منتجة للقاح. وجاء في الاعلان السياسي: “نشعر بقلق عميق انه بالرغم من الاتفاقات الدولية والمبادرات والاعلانات العامة، فان توزيع لقاحات كوفيد-19 لا يزال غير منصف في جميع انحاء العالم سواء بين البلدان او في داخلها”.
وتحدثت السفيرة مدللي نيابة عن المجموعة الاساسية للاعلان السياسي بشأن الوصول العالمي المنصف الى لقاحات كوفيد-19 وهي: البرازيل، الدنمارك، مصر، الاتحاد الاوروبي، فيجي، المانيا، الهند، ايطاليا، كينيا، المكسيك والنرويج وباكستان وقطر وجمهورية كوريا وسانت فنسنت وجزر غرينادين والسنغال والسويد والمملكة المتحدة ولبنان.
اتّسعت هذه المجموعة الاساسية من 19 الى 182 دولة من جميع انحاء العالم واتفق على ان تدعم هذا الإعلان، “والاتحاد والسعي لاعلان اللقاح كصالح عام ولكن ايضا لاجتياز هذا الاختبار التاريخي لانسانيتنا”.
المفتاح في هذا الاعلان السياسي هو تعهد شعوب الامم المتحدة ودولها الاعضاء بالعمل معا لدحر هذا الوباء ومساعدة الناس والكوكب على التعافي بشكل افضل.
وتعهدت الدول بمعاملة لقاح “كوفيد 19” باعتباره منفعة عامة عالمية من خلال ضمان الوصول الميسور التكلفة والمنصف والعادل للقاحات للجميع ، ومع كون منصة “كوفاكس” الآلية المناسبة لضمان ذلك.
وطالب الاعلان بالمزيد من توافر اللقاحات ومشاركة اكبر لجرعات اللقاح من اولئك الذين حصلوا عليها، لا سيما في البلدان النامية وورد:”نلتزم بمنع عدم المساواة في اللقاحات داخل البلدان وفيما بينها، ونلتزم بمنع المضاربة والتخزين الذي قد يعيق الوصول الى لقاحات آمنة وفعالة واطالة أمد الوباء”.
وروت السفيرة مدللي في خطابها الذي توجهت به الى الامين العام للامم المتحدة قائلة:” السيد الرئيس، بعد ان اخذت جرعتي الاولى من اللقاح تلقيت العديد من الرسائل من لبنان ومن اصدقاء حول العالم تقول: كم انت محظوظة!. لا ينبغي ان يكون هذا اللقاح مسألة حظ. يجب ان يكون حقا للجميع”.
هذا الامر شدد عليه الاعلان السياسي بشأن الوصول العالمي المنصف الى لقاحات كوفيد-19
وقالت مدللي:” ان الصورة الحالية للقاح الذي يتم طرحه في العالم مقلقة للغاية. انه بطيء ويميل لصالح اولئك الذين يمتلكون الوسائل والتكنولوجيا والبنية التحتية الصحية لتوزيعه بنجاح. الفجوة بين اولئك الذين يحصلون على اللقاحات والذين لا يحصلون عليها مذهلة”. اضافت:”هناك دول لم تعط جرعة واحدة واخرى ستنتهي من تطعيم سكانها في غضون شهرين. هذا يرجع الى الحصول على اللقاحات والقدرة على تحمل تكاليفها. تشير الدراسات الى ان البلدان ذات الدخل المرتفع تمتلك بالفعل اكثر من نصف الجرعات العالمية التي تم ابتياعها ومن المقدّر انه لن تكون هناك جرعات لقاح كافية لتغطية سكان العالم لغاية العام 2023 على الاقل وفقا لمركز “ديوك للابتكار الصحي”.
كما يظهر “ان البلدان ذات الدخل المتوسط المائل الى المتدني هي الاكثر تضررا من هذا التفاوت. ويذكر انه في حين ان البلدان ذات الدخل المرتفع تمتلك جرعات كافية لتطعيم اكثر من ضعف سكانها فان البلدان الاقل نموا والبلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط يمكنها تغطية الثلث فقط”.
واوردت مدللي ارقاما لمنظمة الصحة العالمية التي اشارت -لغاية نهاية آذار- انه تم اعطاء حوالي 56 في المئة من الجرعات حول العالم في البلدان ذات الدخل المرتفع وهو ما يمثل 16 في المئة من سكان العالم. كذلك تم اعطاء 0.1 في المئة في 29 دولة ذات الدخل الادنى ، والتي تضم 9 في المئة من سكان العالم. ولقد وزعت منصة “كوفاكس” لغاية اليوم اكثر من 31 مليون جرعة الى 57 دولة.
في لبنان، تلقى 115،927 شخصا فحسب اللقاح الاول، وتلقى 54،661 شخصا فحسب اللقاح الثاني. هذا من أصل اكثر من 5 ملايين نسمة اذا احصينا اللاجئين والنازحين.
وتحدثت مدللي عن “سباق في كل مكان بين اللقاحات والوباء، سيفوز اصحاب هذا السباق قبل البداية إذا لم يكن هناك تقاسم عادل وميسور للقاحات”. اضافت:”سوف تتسع الفجوة بين الاغنياء والفقراء والعالم المتقدم والنامي مع عواقب سياسية واقتصادية وصحية اذا لم نتعامل مع قضية اللقاح هذه برحمة وكرم ومع أفضل ما في إنسانيتنا”.
في هذا السياق، كشفت منظمة الصحة العالمية في 10 نيسان الفائت عن “اختلال صادم” في التوزيع العالمي للقاحات، اذ تمّ اعطاء اكثر من 700 مليون جرعة لقاح على مستوى العالم لغاية تاريخه، اكثر من 87 في المئة منها ذهبت الى البلدان المرتفعة الدخل او البلدان ذات الدخل المتوسط الاعلى، بينما تلقت البلدان المنخفضة الدخل 0،2 في المئة فحسب.
وقال مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس ارنهانوم غيبرسوس في مؤتمر صحافي عقده في جنيف في 9 نيسان الفائت انه “في المتوسط، في البلدان المرتفعة الدخل، تلقى واحد من بين كل اربعة اشخاص لقاحا. اما في البلدان المنخفضة الدّخل، فشخص واحد فقط من بين اكثر من 500 شخص تلقى اللقاح”. وشدد:” اسمحوا لي ان اكرّر: شخص واحد من كل اربعة في مقابل شخص واحد من كل 500″. في هذا السياق، نقل موقع الامم المتحدة بان مرفق “كوفاكس” يستمر في التوزيع العادل للقاحات الى الدول المحتاجة.
وكان مرفق كوفاكس يتوقع توزيع نحو 100 مليون جرعة مع حلول نهاية آذار 2021، لكنه حتى الآن سلّم اكثر من 38 مليون جرعة من اللقاح لأكثر من 100 دولة ومنطقة. (لغاية 10 نيسان الفائت).
وقال الدكتور تيدروس: “يوم غد، هو اليوم المائة (اول 100 يوم في عام 2021). من بين 220 دولة ومنطقة، هنالك 194 دولة بدأت بالتطعيم، و26 لم تفعل. ومن بين هذه الدول، تلقت سبع دول لقاحات وبامكانها البدء بالتطعيم، ومن المقرر ان تتلقى خمس دول اخرى اللقاحات في الايام المقبلة”.
وبحسب المسؤول الاممي، يترك ذلك 14 دولة لم تبدأ بالتطعيم بعد، لعة أسباب: بعض الدول لم تطلب لقاحات عبر كوفاكس، وبعضها غير جاهز وبعضها يعتزم البدء في الاسابيع والاشهر المقبلة. واضاف الدكتور تيدروس: “هذا وقت الشراكة وليس المحسوبية. ندرة الامدادات هي الدافع وراء قومية اللقاح ودبلوماسية اللقاح”.
وفي مؤتمر صحفي منفصل في جنيف قالت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية الدكتورة مارغريت هاريس “بأن العالم يواجه نقصا خطرا في اللقاحات، مما جعل العديد من الدول تنتظر بدء حملات التطعيم”.
وحذرت من ان الارتفاع في الاصابات والوفيات في جميع المناطق حول العالم يرجع جزئيا إلى “الفيروس المتغيّر” وبعضها “لخروج الاشخاص من حالة الاغلاق”.