“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
تم الاعلان الايراني الاميركي المشترك يوم الاحد عن موافقة الادارة الاميركية على صفقة تبادل 4 معتقلين ايرانيين محتجزين بالولايات المتحدة الاميركية في مقابل 4 أميركيين محتجزين في ايران، ونقل التلفزيون الرسمي الايراني ان الاميركيين وافقوا على تحرير 7 مليارات دولار اميركي تعود لطهران.
يأتي هذا التطور بعد 3 جولات من محادثات فيينا بشأن اعادة احياء الاتفاق النووي الذي خرجت منه الولايات المتحدة الاميركية في العام 2018 بطلب من الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب، وذلك بين ايران من جهة ومجموعة الأربعة زائد واحد بحضور أميركي غير مباشر يتمثل بوفد يترأسه المبعوث الاميركي الخاص الى ايران روبرت مالي على أن تستأنف المفاوضات يوم الجمعة المقبل. في لبنان يطرح السؤال: كيف سيواكب “حزب الله” هذه الانعطافة في العلاقات الايرانية الاميركية وهل سيصبح “صديقا” للولايات المتحدة الاميركية؟
ليس لـ”حزب الله” موقف مباشر في هذا الشأن، وتعتبر أوساط على اطلاع واف بموقف الحزب “أن هذا شأن يعني الايرانيين انفسهم، فهم من قاموا بالمفاوضات وتوصلوا الى اتفاق نسفه ترامب، وكان من شأن الاتفاق الذي ابرم في عهد الرئيس باراك اوباما الغاء العقوبات والسماح بتصدير النفط”.
يشعر حزب الله بالطمأنينة كلما تمكنت ايران من تحرير نفسها من العقوبات وتعزيز مكانتها السياسية والجيو-سياسية. “كلما تمكنت ايران من تعزيز مكانتها الدولية وكلما تخلصت من العقوبات وانشأت شبكة جديدة من العلاقات على المستوى الدبلوماسي والدولي فهذا يريح “حزب الله”.
وتشير الاوساط ذان الاطلاع الوافي على موقف “حزب الله” بأنه لن تكون من انعكاسات مباشرة لمحادثات فيينا على لبنان لأنه ليس موجودا على طاولة المفاوضات. “يطلب الاوروبيون من الايرانيين اليوم امرا واحدا، الصواريخ الباليستية وقد اعلنت ايران ان الامر غير وارد. في حقبة اوباما طالما الح جون كيري (وزير الخارجية الاسبق والمبعوث الخاص من اجل التغير المناخي) على تقليص ما يسمى بدور ايران الاقليمي واصرت ايران على التفاوض على الملف النووي فحسب. ان دور ايران الاقليمي كان يعني ببساطة عدم دعم منظمات وحركات المقاومة لاسرائيل مثل “حزب الله” وحماس الخ وهذا الموضوع لم تقبله ايران في الماضي ولن يتغير الوضع اليوم ولن تقبل ايران بالتفاوض في موضوع الصواريخ الباليستية الايرانية البعيدة المدى”.
الموجود حاليا في فيينا هو العودة الى الاتفاق النووي القديم اي رفع العقوبات تمهيدا للعودة الى الملف النووي. إلا ان الاوساط تشير الى “ان نجاح المفاوضات سيكون له انعكاس على مجمل المنطقة، وقد نشهد فيما بعد تسويات لاحقا بالملف النووي على سبيل المثال. والآن توجد مفاوضات ايرانية سعودية من اجل ترميم العلاقة بين الطرفين والملف اليمني رئيسي. عندما نرى المفاوضات الايرانية السعودية بهدف التهدئة في المنطقة ثم نعود ونرى مفاوضات بين ايران والسعودية فإن لذلك انعكاس ايجابي في المنطقة وعلى لبنان بطبيعة الحال”.
بالرغم من هذه المعطيات الايجابية، فهذا لا يعني ان يصبح “حزب الله” صديقا للاميركيين:” اطلاقا، غير وارد”، تضيف الاوساط التي تحدثت الى موقع “مصدر دبلوماسي”:” لا علاقة لـ”حزب الله” بمحادثات فيينا، ايران تتفاوض والاميركيون هم من فرضوا عليها عقوبات بسبب انتاجها لطاقة نووية سلمية وليست هي من فرضت عليهم عقوبات، اذا نجحت ايران بفك العقوبات عن نفسها، لن تتحول الولايات المتحدة الاميركية الى صديق بالنسبة الى ايران، وكذلك الامر بالنسية لحزب الله”.
بالرغم من هذا الموقف، إلا أن لينا في الموقف الاميركي يتظهر في الكواليس حيال “حزب الله” وخصوصا بعد انطلاقة عمل ادارة الرئيس الاميركي جو بايدن، حتى وكيل وزارة الخارجية الاميركية (السابق) ديفيد هيل وبعد زيارته الاخيرة الى لبنان لم يأت على ذكر “حزب الله” في اجتماعاته باستثناء تصريحه العلني في قصر بعبدا. وليس لدى حزب الله لا الآن ولا في السابق أية معلومات تشير الى ان الاميركيين يرفضون مشاركته في حكومة الرئيس المكلف سعد الحريري.
“عندما قرر سعد الحريري تسلم زمام الحكومة منذ 9 اشهر طلب من حزب الله اسماء من يرى في خيرا للحكومة القادمة، وبالتالي لم يكن من فيتو، وهذا ما تسنى لعديد من اللبنانيين سماعه من مسؤولين اميركيين ان المهم تأليف الحكومة. لم يسمع حزب الله يوما من رئيس الحكومة المكلف انه يؤخر تشكيلها بسبب فيتو اميركي على مشاركة حزب الله. هذا الامر غير مطروح على الاطلاق”.
حاول حزب الله قدر المستطاع تدوير الزوايا في الموضوع الحكومي وقال أمينه العام انه من الجيد زيادة صيغة الـ18 وزير الى 20 او اكثر وانه لا يوجد ثلث معطل لأحد، “وهذا الكلام كان في جوهر مبادرة الرئيس نبيه بري حول صيغة حكومة من ثلاث ثمانيات. لكن مع الاسف في التشاورات الحكومية وصلت المفاوضات الى طريق مسدود”. وقد يكون السبب الحقيقي من وجهة نظر “حزب الله” هو انعدام الثقة، “هنالك شعور لدى الرئيس الحريري بأن رئيس الجمهورية غير راغب فيه ويفضل ان يختار اسما آخر وهو يحاول دفعه دفعا الى الاعتذار. كذلك يوجد انطباع لدى رئيس الجمهورية ان سعد الحريري لا يريد تشكيل حكومة لنسف العهد، وسط هذه المسافات المتباعدة وانعدام الثقة حاول “حزب الله” ترميم الثقة بين الطرفين ولم ينجح”.
لكن، ماذا عن الموقف الروسي وما الذي تبلغه حزب الله من الروس حيال الملف الحكومي؟
كان الروس واضحين وهم ابلغوا الحزب رسميا أنهم ليسوا وسطاء في الملف الحكومي ولا دور لهم في الملف اللبناني، بحسب الاوساط المذكورة. ” ليس لدى الروس مبادرة محددة لكنهم يدعمون المبادرة الفرنسية”. برأي حزب الله انه كلما كان لروسيا دور فاعل في الاقليم كلما حقق هذا الامر توازنا مع الاميركيين، “لكن الروس لغاية اليوم غير مهتمين بشكل كبير بالملف اللبناني، وهم ينظرون الى الملف اللبناني من الزاوية السورية، ويحاولون تشكيل منظومة صداقات مع الدول الرئيسية الموجودة في المنطقة، والمفارقة أنهم اليوم الدولة الوحيدة التي لديها صلات مع جميع القوى السياسية الموجودة في لبنان مثلا”.
أين اصبحت المبادرة الفرنسية وكم حزب الله معني بالعقوبات الاوروبية التي يتم تهديد المسؤولين اللبنانيين فيها؟
بالمبدأ حين نبدأ بالكلام عن العقوبات يتعطل الكلام عن السياسة، لا يمكن للجانب المعني ان يطرح حلولا ويقيم مبادرة في الوقت ذاته، فالعقوبات هي ضد المبادرة اولا واخيرا، لكن ليس لحزب الله اية معلومات عن عقوبات فنحن نسمع عنها في الاعلام وقد يكون هدفها الضغط من اجل تسهيل المفاوضات. لأنه في الوقت الذي حكي فيه عن محاولة فرنسية لجمع جبران باسيل وسعد الحرري، في فرنسا طرح موضوع العقوبات اعلاميا. العقوبات هي للضغط. لأن تطبيقها يلغي المبادرة”.