“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
قرابة الخمسون دقيقة أمضاها وكيل وزير الخارجية الاميركي ديفيد هيل مجتمعا مع وزير الخارجية والمغتربين شربل وهبه اليوم الأربعاء في مكتبه في رياض الصلح. كان لوهبه بعدها لقاء مع مجموعة من الصحافيين تطرق فيها الى محادثاته مع مبعوث وزير الخارجية الاميركي انطوني بلينكن في زيارته الخاصة الى بيروت.
تأخر هيل 10 دقائق عن لقائه مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، لكنه آثر عدم التصريح من على منبر وزارة الخارجية، إلا أنه أصدر بيانا بعد لقائه بري أعاد فيه التشديد على انتظار الولايات المتحدة لتحقيق لبنان الاصلاحات المنشودة وتشكيل حكومة تكون شريكا للحوار مع المجتمع الدولي.
هذه النقطة بالذات أثارها هيل مع الوزير وهبه لكنه لم يدخل في صلب التفاصيل الحكومية كعادته، بل أشار الى اهمية تشكيل حكومة تكون محاورا للولايات المتحدة الاميركية. ولفت وهبه الى أن هيل لم يكن بجولة، بل هي زيارة خاصة للبنان، وهذا ما اشار اليه بيان هيل بعد زيارته بري إذ ورد فيه:” انا في لبنان اليوم بناء على طلب الوزير بلينكن لمناقشة الازمة السياسية والاقتصادية المؤلمة التي تواجه لبنان، ولإعادة التأكيد على التزام اميركا بالشعب اللبناني”.
في لقائه معه، لمس الوزير وهبه تبدلا في المزاج الاميركي تجاه قضايا المنطقة ولبنان،” لمسنا من السفير السابق في لبنان هيل وهو دبلوماسي مخضرم كيفية اختلاف المقاربة بين ادارتي الرئيسين دونالد ترامب وجو بايدن، وهي اقتربت اكثر لمفهومنا في ما يتعلق بحل مشكلة الشرق الأوسط بالنسبة للقضية الفلسطينية، بحيث تعود ادارة الرئيس بايدن لحل الدولتين، والتي تمسك فيها العرب في قمة بيروت، ولم يعد من كلام لصفقة القرن، وللحلول المفروضة فرضا. عادت الولايات المتحدة الاميركية لتعلب دورها في الأمم المتحدة وفي المنظمات الدولية ولتمويل وكالة الأونروا وللمفاوضات في جنيف مع ايران البارحة واليوم من اجل عودة الولايات المتحدة للاتفاق النووي، كل ذلك يدل على ان الادارة الاميركية الحالية لديها قراءة مختلفة عن ادارة الرئيس ترامب”.
زبدة الكلام بحسب وهبه ستكون في بعبدا غدا بعد ان يقابل هيل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ” لكن المقاربة الخاصة به تقول بأن لبنان لا يزال من ضمن اهتمامات الولايات المتحدة الاميركية ولا يزال الاستقرار في لبنان هو من اهداف الولايات المتحدة الاميركية، ودعم الجيش اللبناني. وانا شددت على هذا الموضوع، ورحب به، وقال بأن بلاده تعتبر الجيش اللبناني جيشا صديقا وجيشا لنا علاقة وثقة بكفاءاته وبإنجازاته”. كذلك تطرق هيل الى” الاستقرار في الجنوب وشدد على ان التعاون بين الجيش واليونيفيل يستمر، وتنفيذ القرار 1701 وطبعا تأليف حكومة لبنانية لكي ينتعش الاقتصاد اللبناني ويوضع برنامج اقتصادي على سكة التعاون”.
موضوع الحدود البحرية وتعديل المرسوم 6433 سيكون ايضا متروكا للاجتماع مع رئيس الجمهورية غدا، ” سيحكي في هذا الموضوع مع فخامة الرئيس، ومع رئيس الحكومة. لأنكم تعرفون أنه في موضوع المفاوضات مع العدو الاسرائيلي هي وضعت في عهدة فخامة الرئيس، وذلك منذ أن ترك الرئيس بري اتفاق الاطار بين يدي فخامة الرئيس….وأنا قلت له أن أكثر شخص قادر على أن يعطيك تصورا الى ما آلت اليه المفاوضات هو فخامة الرئيس”.
وكشف وهبه ردا على سؤال لموقع “مصدر دبلوماسي” بأن ” هيل قال انه من الافضل العودة الى المفاوضات (حول ترسمي الحدود البحرية مع اسرائيل) الى حيث توقفت، اي الى الوضع الذي كانت عليه في شهر كانون الاول ديسمبر الماضي ما يعني التفاوض حول الخط 23″. هل قصد خط هوف؟ يجيب وهبه:”
لا الـ 23، هو لم يسمّ خطوطا..هوف هو خط وسطي اعطينا اياه في 2012 لكن نحن لم نقبل به، ولم نقبل بالرقم 1. وقلنا آنذاك أن خطنا هو 23، لكن خبراء الجيش يقولون اليوم أن خطنا هو 29، هذا هو موضوع نقاش”. وعن بعض الآراء الصحافية بأن ما صدر عن مكتب رئاسة الجمهورية امس من حيث اعادة الكرة في تعديل القرار 6433 لمجلس الوزراء، هو هدية لهيل قبل وصوله الى لبنان لتهدئة الاميركيين لأن لبنان متردد من اقرار الخط 29؟
قال وهبه:” لا اتصور أن فخامة الرئيس يقدّم هدايا من مصالح الوطن. لا العكس تماما، لا شخصه ولا موقعه الدستوري يقدر أن يقدّم هدايا لأي كان من حقوق وطنية، ابدا، أؤكد أنه لا توجد هدايا”.
وقال وهبه أن الحديث تطرق الى العقوبات التي يتأثر بها لبنان، “حكينا معهم بتفسيرهم لعقوبات قانون قيصر وهو مفروض على الجمهورية العربية السورية. وبمجرد أن أثرنا قضية ان لبنان لا يجوز ان يتحمل نتائج عقوبات هو لا ذنب به فيها، قال لي أننا نفهم أن لبنان ليس مفروضا عليه عقوبات بالنسبة لقانون قيصر. وسألته بالنسبة الى البضائع؟ فقال بأن المواد الغذائية والصناعية التي تعبر الاراضي السورية لا تخضع للعقوبات، المواد الغذائية التي يمكن ان يشتريها لبنان او يستوردها نقدر أن نسأل الادارة الاميركية إن كانت هذه المواد خاضعة للعقوبات ام لا فيعطوننا الجواب. وبالتالي يعود الامر للادارات الاقتصادية والزراعية والصناعية لتقديم أي مقترح تعترضه أية صعوبة في هذا الموضوع ونحن نوضح لهم هذا الموضوع”.
وسئل وهبه عن دور وزارة الخارجية بالنسبة الى ترسيم الحدود الشمالية مع سوريا وخصوصا بعد زيارة السفير السوري له امس؟ فقال:” منذ العام 2011 لبنان وبقرار ذاتي منه رسّم حدوده البحرية وأودعها الامم المتحدة. سوريا لم ترسّم حدودها البحرية في العام 2011، لما بدأ لبنان يعطي بلوكات للتلزيم، اودعت سوريا اعتراضها على الحدود اللبنانية السورية البحرية، وقالت بأنها تعترض طالما أنه لم يحصل تفاوض لترسيم الحدود بين لبنان وسوريا في العام 2014. وعادوا في العام 2017 ابلغونا هذا الامر، واكدنا بأن الحدود التي رسّمناها أودعناها للامم المتحدة ولكن جاهزين للتفاوض مع السلطات السورية من دولة لدولة بحكم العلاقة الاخوية وعلاقة الجيرة والصداقة وفق القانون الدولي. العام 2019، في ايار، أرسلت السفارة السورية طلبا للخارجية اللبنانية تطلب فيها هل يقبل لبنان بتأليف لجنة للتفاوض على ترسيم الحدود؟ بنفس اليوم، اجابت وزارة الخارجية بالقبول والترحيب ونحن جاهزون اذا حدد السوريون المكان والزمان وآلية الوفد لنشكل نحن وفدنا ويشكلون وفدهم للترسيم. ولم يعد قد أتى اي رد الى أن سمعنا بالإعلام عن الاتفاقية بين الحكومة السورية والشركة الروسية، وقد قرأها مركز الاستشارات عندنا ولا يوجد فيها أي شيء يعارض القانون اللبناني باستثناء ألا تطال المنطقة التي ستنقب فيها المياه اللبنانية. إذن عدنا الى نقطة انه علينا أن نفاوض السلطات السورية على ترسيم الحدود البحرية، يوم أمس جاء السفير السوري وسلمته نفس المذكرة التي أكدت فيها على موقفنا في العام 2011 وفي العام 2014 وفي العام 2017 وعدت واكدت على جوابنا في العام 2019، وتمنيت عليه أن يتم تاليف وفد للتفاوض بين لبنان وسوريا لترسيم الحدود”.
تصريح هيل بعد لقائه برّي
وبعد لقائه رئيس المجلس النيابي نبيه برّي أدلى هيل بالنصريح الآتي:
صباح الخير ورمضان كريم. لقد التقيت للتو رئيس مجلس النواب نبيه بري للبحث في الأحداث الجارية.
أنا في لبنان اليوم بناءً على طلبِ الوزير بلينكن لمناقشة الأزمة السياسية والاقتصادية المؤلمة التي تواجه لبنان ولإعادة التأكيد على التزام أميركا بالشعب اللبناني.
إن أميركا وشركاءها الدوليين قلقون للغاية ازاء الفشل الحاصل هنا في إطلاق برنامج الإصلاح الحاسم الذي طالما طالب به الشعب اللبناني. لقد قمت بزيارة لبنان في كانون الأول من العام 2019 ومرة أخرى في آب من العام 2020، وسمعت آنذاك إجماعا واسع النطاق بين القادة اللبنانيين حول الحاجة، التي طال انتظارها، إلى تنفيذ إصلاحات مالية واقتصادية وحوكمة رشيدة، انما حتى اليوم لم يحرز سوى تقدم ضئيل جدا.
وفي الوقت نفسه، يعاني ملايين اللبنانيين، بالإضافة الى الجائحة، من مصاعب اقتصادية واجتماعية. إنه تتويج لعقود من سوء الإدارة والفساد وفشل القادة اللبنانيين في وضع مصالح البلاد في المقام الأول.
سيكون لدي المزيد لأقوله عند اختتام اجتماعاتي غداً، ولكن رسالتي خلال اجتماعات اليوم هي بكل بساطة: إن أميركا والمجتمع الدولي مستعدان للمساعدة، ولكن لا يمكننا أن نفعل شيئا ذا مغزى دون الشريك اللبناني.
حان الوقت لكي ندعو القادة اللبنانيين إلى إبداء المرونة الكافية لتشكيل حكومة راغبة وقادرة على الإصلاح الحقيقي والأساسي. هذا هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة. كما، أنها ليست سوى خطوة أولى. وستكون هناك حاجة الى تحقيق تعاون مستدام إذا كنا سنرى اعتماد وتنفيذ إصلاحات شفافة”.