“مصدر دبلوماسي”
قدّمت المانيا في 9 نيسان الجاري “مشروعا اوروبيا لاحياء مرفأ بيروت والمنطقة المحيطة به” وذلك في مؤتمر صحافي في بيت بيروت السوديكو. نقدّم في هذا التقرير تفاصيل هذا المشروع الحيوي. مع نبذة عن الشركات
قدّم محافظ بيروت مروان عبود ورئيس مجلس رجال الأعمال اللبناني الألماني الياس أسود ووفد من شركات ألمانية (هامبورغ بورت وكوليرز إنترناشيونال) وسفير جمهورية ألمانيا الإتحادية في لبنان أندرياس كيندل ، لـ“مشروع أوروبي لإحياء مرفأ بيروت والمنطقة المحيطة به”.
يهدف المشروع لإعادة إعمار مرفأ بعد انفجار 4 آب 2020، وتحويله إلى مرفأ نموذجي تكنولوجياً وحديثا ومؤتمتا من حيث الإنتاجية والجودة والمساحة، مما يترك مجالاً لتطوير مشروع حضري مستدام ومجتمعي، كل ذلك وفق معايير الاتحاد الأوروبي.
الكلمة الأولى كانت لمحافظ بيروت مروان عبود، وبعد ترحيب بالوفد الألماني قال: “لم يكن مرفأ بيروت مجرد محطة لنقل البضائع. لطالما كان قلب المدينة، وعلامة بارزة في التبادل بين الحضارات والثقافات المختلفة، ونقطة التصدير لجميع المنتجات اللبنانية المتميزة. مرفأ بيروت هو الميناء البحري الرئيسي في لبنان وكان في السابق أحد أهم مراكز التجارة الدولية وكان دائمًا مدرجًا بين أهم 10 موانئ على البحر الأبيض المتوسط. تبلغ مساحة المرفأ 1.2 مليون متر مربع، ويرتبط بـ 56 خط شحن مباشر من شرق آسيا إلى أوروبا. يستقبل سنوياً نحو 6 ملايين طن من البضائع وحوالي 3000 سفينة، وهي تشكل 70 في المئة من البضائع المستوردة إلى لبنان. تم ذكر اسم مرفأ بيروت لأول مرة في القرن الخامس عشر قبل الميلاد، في زمن الفراعنة، ثم نما ليصبح لاعباً رائداً له تأثير اقتصادي كبير على مدار العصر الروماني، ودمّر لاحقاً في عام 551 بزلزال هائل. لكن هذا لم يوهن عزيمة الشعب اللبناني وصموده، ونحن على ثقة من أن انفجار بيروت في 4 آب لن يكسر تصميم الشعب اللبناني وإرادته “.
رئيس مجلس رجال الأعمال الللبناني الألماني الياس أسود بدأ مداخلته بنبذة موجزة عن تاريخ لبنان مع الفينيقيين الذين بنوا مرفأ بيروت حوالي العام 2000 قبل الميلاد ، وصدّروا خبراتهم إلى جميع مدن البحر الأبيض المتوسط. وقال: “إن تصورنا لمشروع إعادة إعمار مرفأ بيروت هو الذي يكون فيه الأمل المحرك لإعادة الاتصال بالدور الاقتصادي والثقافي الذي لعبه لبنان ومينائه للمنطقة منذ قرون” – وأضاف: “اليوم، أولوياتنا هي مثلثة العناصر: 1) تجديد محطات الحاويات، وتحسين عمليات المناولة إلى الحد الأقصى عبر استخدام الأتمتة القائمة على التكنولوجيا لتعظيم دورة العمل وتحسين خدمات الصيانة بشكل كبير ، مما يؤدي إلى زيادة الكفاءة الأسية أو مضاعفة أدائها أو زيادة أدائها إلى ثلاثة أضعاف، 2) إعادة تصميم التجارة البحرية التقليدية إلى ميناء حديث للغاية حيث يمكن للأتمتة أن تقلل بشكل كبير من تكاليف المناولة، وتسريع الإجراءات الإدارية ودفع التحميل والتفريغ الفعّال للبضائع لتقليل الإرساء إلى أقل من 48 ساعة. وسيشمل ذلك تزويد الشركات الصغيرة في المنطقة بوسائل لتصدير منتجاتها عبر مرفأ بيروت الذي يخدم تجارة ثنائية الاتجاه للبنان والمنطقة. 3) الاستفادة من المساحات الخالية (المستخدمة اليوم للتخزين) والمناطق غير الصالحة لاستخدام البضائع، لتوسيع أنشطة المرفأ، وإدخال قسم سياحي فيه وفتح المجال أمام السكان المحليين والزوار ، وإعادة تصميم المساحات الخضراء والمتاحف التي على سبيل المثال يمكن أن تروي حكاية التجارة الفينيقية وصولاً إلى التجارة في العصر الحالي ”. ثم ذكر أن “إن إعادة بناء مرفأ بيروت يتجاوز مجرد تشييد المباني والرافعات والمحطات والأرصفة وما إلى ذلك، بل ذلك يعيد توصيل شريان رئيسي إلى القلب النابض للمنطقة، ولا يعيد فتح طرق التجارة البحرية فحسب، بل يعيد أيضاً إحياء وتقوية الطرق البرية من لبنان إلى الدول المجاورة لا سيما سوريا والأردن والعراق. إن إعادة بناء المرفأ يعني أيضاً جعله (وبيروت) أكثر جمالاً بتخطيطه العمراني المنقّح، وجعله في متناول شعبه، وأكثر ترحيباً بالسياح، وأكثر استدامة لعقود قادمة، وبالتأكيد أكثر دعماً لنمو لبنان والاستقرار “.
بعد مداخلة أسود قدم الوفد الألماني مشروع “حي ومرفأ مار مخايل”. من المخطط أن يتم بناء هذا المشروع في أجزاء من المرفأ غير مناسبة للعمل كميناء والتي كانت تستخدم سابقاً كمستودعات.
السيد سهيل مهايني المدير العام لشركة هامبورغ بورت للاستشارات قال: “لقد صدمنا بشدة من التأثير الرهيب الذي أحدثه الانفجار على حياة الشعب اللبناني. كوننا قادمون من مدينة ساحلية وقد عملنا في مرفأ بيروت لسنوات عديدة، فإننا نشعر بارتباط عميق بلبنان. شعر الفريق الكامل لشركة Hamburg Port Consulting بالتزام عميق ورغبة في إيجاد تصوّر لا يعيد فقط بناء المرفأ بطريقة فعّالة للغاية، بل يعدّه أيضاً للمستقبل. لقد سعينا جاهدين من أجل تصوّر سيخلق فرص عمل لعشرات الآلاف من الناس ، وإعادة إعمار مئات الآلاف من المنازل المتضررة وفتح بيروت على البحر ، وتوفير منازل جديدة ملائمة للعيش وذات توجه اجتماعي في أجزاء من المرفأ غير مناسبة ليتم تشغيلها كميناء. لذلك، تعاونا مع كولييرز إنترناشونال، الخبير العقاري العالمي، والذي يسمح لنا معاً بتقديم تصوّر فريد من نوعه يحقق هذه الأهداف، بدعم من الحكومة الألمانية “.
عالمة الآثار وخبيرة التراث الثقافي السيدة عليا فارس تناولت موضوع التراث الثقافي لمرفأ بيروت. تقوم السيدة فارس بالتنسيق بين الفريق الألماني وأصحاب المصلحة المحليين في مجال التراث، سواء على المستوى الوطني أو غير الحكومي في بيروت، من أجل ضمان دمج التراث الثقافي بشكل ملائم في خطط إعادة الإعمار المقترحة. وقالت: “الإرث المعماري للتراث العمراني لبيروت هو جزء لا يتجزأ من هويتها الحضرية ويجب أن يتم وضعه في صميم أي تصورات مستقبلية دون قيد أو شرط. أظهر المشروع بناء استراتيجيات شاملة في مخطط التنمية الحضرية في مرفأ بيروت، وكذلك الأحياء المحيطة به، ووضع القيم الإنسانية مع الخطوط العريضة الثقافية والتراثية في قلب مقترحه، واعداً بدمج احتياجات السكان المقيمين وحماية نسيجهم الاجتماعي المتميز “.
أما السيد لارس غرينرالشريك المنتسب، المسؤول عن الشرق الأوسط وافريقيا في شركة هامبورغ بورت للاستشارات فقال في مداخلته: “يشرفنا كما اننا نفخّر بقدرتنا على تقديم الدعم في إعادة تطوير مرفأ بيروت. لقد سعينا جاهدين لتطوير تصوّر لن يؤدي فقط إلى تحويل منطقة مرفأ بيروت إلى ميناء عالمي على أحدث طراز ، وإنما إعداده للنمو والتطور المستمر في الرقمنة السريعة التغير وأتمتة التجارة الدولية والخدمات اللوجستية. ويركّز المرفأ الجديد على تحسين حركة البضائع ومزيج البضائع الذي يدعم على أفضل وجه الواردات والصادرات السريعة الوتيرة وذات التكلفة المعقولة ، مما يسمح بتطوير محطات تتسم بالحداثة والفعالية، والتي يمكن أيضاً توسيعها مع تطور التجارة ونموها “.
من جهته البروفيسور هيرمان شينلمدير عام Colliers Germany ورئيس قسم الهندسة المعمارية واستشارات أمكنة العمل قال إن “مفاهيم الموانئ الحديثة، مثل تلك الموجودة في كيب تاون أو برشلونة يمكن أن توفر مساحة ثمينة للتنمية العمرانية المجتمعية وإمكانية وصول كبيرة إلى البحر. نقترح إنشاء حي مار مخايل جديد لبيروت متنوعة وحيوية مع مزيج من المباني السكنية المختلفة بما في ذلك السكن بأسعار معقولة للعائلات والمساحات الخضراء والبنية التحتية الجيدة مع المدارس والمرافق الطبية والرياضية ومركز ثقافي متعدد الأغراض. سيتم بناء هذا الحي في أجزاء من المرفأ لا تصلح لتشغيلها كميناء وكانت تستخدم سابقاً كمستودعات “. ثم أضاف: “نحن مقتنعون بأن هذا المشروع بالدعم المناسب من صناع القرار سيجذب رؤوس الأموال الدولية الخاصة. يمكن أن تدفع أرباح هذا المشروع التنموي تكاليف إعادة إعمار المرفأ وترميم المدينة القديمة والإسكان الاجتماعي. من الأهمية بمكان أن يتم تطوير حي مار مخايل وإنجازه في بنية شفافة تماماً لخدمة أهل بيروت بشكل فعلي “.
وفقاً لمركز فراونهوفر للإدارة الدولية واقتصاد المعرفة IMW، “يمكن لمشروع حي مار مخايل Quartier St Michel أن يدّر للاقتصاد اللبناني ما يصل إلى 30 مليار دولار أميركي من خلال القيمة المضافة والضرائب ومساهمات الضمان الاجتماعي على مدى 25 عاماً. كما يمكنه تأمين المزيد من الفوائد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والمظهرية للمجتمع المدني في بيروت والمنطقة المجاورة. مركز فراونهوفر للإدارة الدولية واقتصاد المعرفة هو واحد من 75 مؤسسة التي تشكّل منظمة الأبحاث التطبيقية الرائدة في العالم، Fraunhofer-Gesellschaft، وقام بتقييم الربحية غير المباشرة للمشروع.
وختم المداخلات سفير ألمانيا في لبنان السيد أندرياس كيندل: “بعد الانفجار تحركت الحكومة الألمانية بسرعة وقدمت مساعدات إنسانية فورية للشعب اللبناني. كانت ألمانيا أول من قدم الدعم المالي لصندوق اليونسكو للتراث في بيروت. أرسل العديد من المواطنين الألمان والشركات الخاصة تبرعات. كما كانت شركة Combi Lift الألمانية حاسمة في منع المزيد من الأذى عن سكان بيروت من خلال تنظيف المواد الخطرة في المرفأ. وعملت ألمانيا مع مانحين آخرين على إعداد إطار التعافي وإعادة الإعمار والإصلاح (RF3) وهي أحد المساهمين الرئيسيين في صندوق تمويل لبنان. يقع مرفأ بيروت في قلب الأنشطة الاقتصادية في لبنان. يجب أن يكون في صلب إعادة تطوير بيروت. تدعو ألمانيا بشكل عاجل جميع أصحاب المصلحة اللبنانيين والفاعلين السياسيين إلى تلبية توقعات الشعب اللبناني من خلال المساهمة في تشكيل حكومة مَهَمة وتتمتع بالمصداقية والمساءلة وقادرة على تنفيذ الإصلاحات اللازمة، إذ لن يتمكن اللبنانيون من إعادة بناء ثقة المجتمع الدولي وخلق الظروف التي ستجذب الدعم من المستثمرين إلا من خلال تنفيذ إصلاحات اقتصادية وإدارية عميقة وذات مغزى “.
نبذة عن الشركات
هامبورغ بورت للاستشارات
تعمل كشركة استشارات لوجستية متخصصة في الإستراتيجية وخدمات التحول وحلول البرمجيات للموانئ والمحطات وقطاعات السكك الحديدية. منذ تأسيسها في عام 1976 ، قدمت الشركة الاستشارية التي تتخذ من هامبورغ مقراً لها ما يقرب من 1700 مشروع في 130 دولة تنتشر في ست قارات وذلك على مدى دورة تطوير المرفأ بشكل كامل. توظف الشركة نحو 100 خبير مجال متخصصين كمشغّلي محطات ومهندسي برمجيات ومديري لوجستيات واقتصاديات النقل وعلماء رياضيات. بصفتها شركة تابعة لشركة Hamburg Port and Logistics Corporation (HHLA) ، فإن HPC لها جذورها في مناولة الموانئ للحاويات وكسر المواد السائبة والمتعددة الأغراض وكذلك العمليات في المناطق النائية. . www.hamburgportconsulting.com / www.hpc-hamburg.de
كوليرز انترناشيونال- المانيا
“كوليرز هي شركة رائدة في مجال الخدمات المهنية المتنوعة وإدارة الاستثمارات. لها مكاتب في 67 دولة، تتكون من أكثر من 15 الف متخصص في ريادة الأعمال يعملون معاً لتقديم مشورة الخبراء لمستخدمي العقارات وأصحابها والمستثمرين. لأكثر من 25 عاماً، حققت قيادتنا المتمرسة مع ملكية داخلية كبيرة متوسط عائد استثمار سنوي يقارب 20٪ للمساهمين. مع عائدات سنوية تبلغ 3.0 مليار دولار (3.3 مليار دولار بما في ذلك الشركات التابعة) و 40 مليار دولار من الأصول الخاضعة للإدارة، إننا نزيد من إمكانات العقارات ونعمل على تسريع نجاح عملائنا وموظفينا.”
مركز فراونهوفر للإدارة الدولية واقتصاد المعرفة IMW
يقوم مركز فراونهوفر على أكثر من خمسة عشر عاماً من الأبحاث الاجتماعية والاقتصادية التطبيقية والخبرة من مقره في لايبزيغ. يرافق فريق البحث متعدد التخصصات من لايبزيغ ومنذ عام 2020 مع مركز اقتصاديات المواد في هاله (Saale) الشركات والمنظمات والمؤسسات والبلدان والبلديات والمناطق في مشاريع دولية وأنشطة شبكات التواصل والتحليلات القائمة على أسس علمية حول العولمة والرقمنة والتطوير المناطقي. مركز فراونهوفر الذي تأسس عام 2006 تحت اسم مركز فراونهوفر لأوروبا الوسطى والشرقية، جمع بين خبرته في العلوم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية تحت اسم جديد منذ عام 2016. المركز متخصص في ابتكار القيمة الرقمية وأبحاث الابتكار والتنمية الإقليمية والمعرفة ونقل التكنولوجيا وتطوير الشركات في المنافسة الدولية. www.imw.fraunhofer.de