“مصدر دبلوماسي”
مقالات مختارة
أحمد عدنان
إيلاف- صحيفة المدينة-2002
توفيت اليوم الأديبة والباحثة والثورية المصرية الدكتورة نوال السعداوي، يعيد موقع “مصدر دبلوماسي” نشر هذه المقابلة الشيقة التي أجراها معها الصحافي والكاتب احمد عدنان والتي نشرت في موقع “ايلاف” وصحيفة “لمدينة”، نظرا للأفكار الثورية وطنيا وعلى صعيد العلاقات الانسانية بين الرجل والمرأة التي تحفل فيها هذه المقابلة والتي وصفت بأنها من أكثر الحوارات جرأة للسعداوي.
أبرز عناوين المقابلة:
نوال السعداوي تثير الجدل و الضجيج:
– لا يمكن أبدا لأي شعب و أي دولة أن تحقق الديمقراطية في ظل الاحتلال
” -أنا أهم من العقاد و طه حسين و أعلم في القرآن من الشيخ الشعراوي و كتبي تجاوزت قاسم أمين
–” عمرو خالد و خالد الجندي مثل النساء القبيحات
” -الحجاب” مفروض للجواري و لا أدري لما لا أتزوج أربعة
” -لدين ليس نصا .. و الله ليس كتابا يخرج من المطبعة
” -ربنا لا دخل له بالسياسة لأنني لا أستطيع أن أعارضه
“– تعلمت أول درس في الدين من جدتي الأمية و كدت أتزوج في العاشرة
“– يجب أن لا نمشي خلف الرسول في الخطأ
” -الحج) و (الصلاة) بالطريقة الحالية (غلط) .. و تقبيل الحجر الأسود (وثنية)
–” لا أريد من زوجي هدية ليخونني بعدها
“– لا يوجد عندنا مبدعون لأننا دائما (موافقون)
“– في الوطن الواحد ليس مفترضا أن يعيش أحد في كنف أحد لأننا شركاء متساوون
“– لم تفشل الاشتراكية أو الوحدة العربية لأنهما لم تقوما من الأساس
-السادات حرر السيناء مقابل بيع قضيتنا و القضاء على الجامعة العربية
“– الاختلاف على (العراق) هو صراع على النفط في البداية و النهاية
أجرى الحوار – أحمد عدنان:
بهرني هذا السلام النفسي الذي تحياه هذه السيدة، وتجاوزا لما تسببه آراؤها من ضجيج، فإنها ولا شك علامة بارزة في المشهد الفكري العربي لا يمكن المرور عليه مرور الكرام و بالتحديد لو تطرقنا إلى قضايا (المرأة)، ولا أشك لحظة بأن رصيدها من البحث العلمي وخصوصا في فترة السبعينيات ضرب شوطا كبيرا من حيث الكم و الكيف في مرامي التنوير، أما ما قد نختلف معها حوله اليوم … فهو لا يلغي العطاء الثري المرتبط باسم (نوال السعداوي)، والتي أبت إلا أن يكون اللقاء معها صاخبا و مثيرا إلى أبعد درجة.
“*فلنتحدث بدءا عن حدث الساعة.. في هذه الأيام يتقدم مجموعة من الساسة و المثقفين بطلب تأسيس حزب مصري جديد يرأسهم حفيد الرائد أحمد لطفي السيد رحمه الله، أهم ما في بنوده الدعوة إلى إسقاط المادة المتعلقة بالدين من الدستور و إلى انسلاخ مصر من بعدها العربي .. ما هو رأيك في هذا التوجه ؟
– أنا مع الدعوة إلى إسقاط البند المتعلق بالدين من الدستور المصري ” الإسلام هو الدين الرسمي أو الرئيسي لمصر “، لأن بيننا أقباط، و لأن الدين مسألة متعلقة بين العبد و ربه و ليس لأحد أن يفرض دينه و ربه و طريقة عبادته على الناس، و لهذا أنا من أشد المعارضين للدولة الدينية لأن ربنا لا دخل له بالسياسة.
” *لكن الأقباط عاشوا في كنف الإسلام في منتهى السعادة و الإنصاف .. فلم المعارضة ؟
– نحن أبناء وطن واحد و شركاء فيه، و ليس المفروض أن يعيش أحد في كنف أحد.
“*ما بالك إذا في جماعات الإسلام السياسي التي تطالب مصر بالعودة للإسلام لأنها ليست إسلامية أو دينية لفظا أدق ؟
– بغض النظر عن كونها جماعات متطرفة ورجعية، فإذا لم نكن دولة دينية فالأولى والأجدى أن نحذف المادة المتعلقة بالدين من الدستور أساسا دون أن نكذب و نناقض نفسنا.
* و في الناحية المقابلة ما تعليقك على الدعوة للانسلاخ من البعد العربي و في هذا الوقت بالتحديد ؟
– لا بد من أن تتمسك مصر بموقعها و دورها في العالمين العربي و الإفريقي لنحمي أنفسنا، أوروبا قامت بالوحدة لتحمي نفسها من الهيمنة الأمريكية، لا بد من أن يكون لنا العرب سند عربي و إفريقي و آسيوي نحتمي به. و لعلمك إن قانون الأحزاب في مصر يمنع تكوين و تأسيس الأحزاب، و أن ينادى بحزب بهذه الدعوة في هذا الوقت يعني أنه مدعوم من أمريكا و إسرائيل المستفيدان الوحيدان من تشتيت العرب.
* لم أشتم رائحة ” الوحدة العربية ” في ثنايا كلامك و قد أثبتت الأيام و التجارب أنها فكرة مثالية و فاشلة ؟
– لم تفشل الوحدة العربية لأنه لم يكن هناك أصلا وحدة عربية، حتى في أيام عبد الناصر، ويقولون فشلت الاشتراكية، هي أيضا لم تفشل لأنها لم تطبق أساسا.
* ألا يمكن أن تكون هناك وحدة إسلامية ؟
– لا .. أنا ضد إقحام الدين في الدولة و التحالفات.
*و لكن .. كانت هناك حضارة إسلامية ؟
– هي جزء من حضارة عامة ، مبنية على الحضارات المسيحية و اليهودية و الفرعونية، لا توجد حضارة نقية، جميع الحضارات متداخلة ، وأنا ضد التقسيم إلى حضارة غربية أو شرقية نحن نعيش في حضارة واحدة .. هي حضارة رأسمالية أبوية طبقية متدينة و بكل أسف ، تستخدم الدين مخلبا للسيطرة .
نوال السعداوي !!
*سأمر على أغلب النقاط التي ذكرتها بتفصيل أكبر في ثنايا اللقاء واستنادا على الحديث عن أحمد لطفي السيد .. لماذا توقفت مصر عن إنجاب المفكرين العظماء الذين شغلوا الدنيا و الناس على غرار قاسم أمين و طه حسين و العقاد رحمهم الله ؟
– إذا و أين هي نوال السعداوي ؟!
أنا أهم من طه حسين لقد كان رحمه الله وزيرا و لعب دورا سياسيا و ثقافيا سليما، أنا أيضا لعبت دورا ثقافيا و سياسيا و طبيا مؤثرا من دون وزارة و تصديت للمحرمات الاجتماعية، طه حسين لم يقم بهذا طه حسين تحسب له الريادة و الأولوية، و لكن هذا لا يعني أن مصر توقفت عن إنجاب الرواد، و أنا منهم. ولكن الفرق أنني لست في السلطة و لا أتزلف لها ، لذلك تجد أن هذه الفئة المبدعة تعاني من التعتيم و الحظر و هذه للأسف الشديد سنة ابتدعتها ثورة يوليو ، لذا علك تلحظ ، أن (نجوم) العهود المختلفة بعد الثورة يختلفون من عهد لآخر لا وفق العطاء الفكري و الثقافي للأمة بل برضا السلطة عنهم .
*و لمصلحة من هذا التعتيم و الحظر ؟
– لمصلحة النظام الذي يحكم ، أيا كان هذا النظام و لهذا يضطهد المفكرون و يعذبون و يهددون بالاغتيال و ينفون و أغلب المفكرين و المفكرات تعرض لهذا وبالتالي هم موجودون و يقاومون و لكن أن تأتي و تقول أن مصر لم تنجب بعد طه حسين و قاسم أمين هنا أختلف معك ، أنا كتبي أهم مليون مرة من كتب قاسم أمين .
* كلامك عن العلاقة بين السلطة و المثقف يطرح السؤال التقليدي المعضلة : لماذا تظل العلاقة بين المثقف و السلطة علاقة توافق أو تنافر؟ أليس هناك مفر أو سبيل يخرجنا من هذه الحدية ؟
– صعب .. في ظل حكم ديكتاتوري يحارب الشعب لا بد أن تعارض و تنتمي إلى الشعب و الناس و تقف في صفهم ضد الاستبداد ، و هذا ينطبق على كل العالم ، أنا ألقي محاضرات و أدرس في جامعات أمريكية و بريطانية ، و أقولها عن تجربة .. ليست هناك ديمقراطية لا في أمريكا و لا في بريطانيا ، هم يتفوقون علينا برلمانيا ، و من الخطأ الاعتقاد أن الديمقراطية انتخابات و برلمان ، الديمقراطية الحقيقية هي أن يتاح لكل فئات الشعب بمختلف شرائحه و توجهاته القدرة على التنظيم السياسي و المشاركة في الحكم .
تكوين
*لا شك أن هذه الآراء المغايرة سواء التي أدليت بها هنا أو في كتبك تعبر بشكل ما عن تجربة مغايرة .. هل من الممكن بإيجاز أن تصفيها لنا ؟
– أنا من الريف المصري ، و شققت طريقي من القاع إلى العالم و ليس إلى مصر فقط ، حيث أن كتبي مترجمة إلى أكثر من 30 لغة ، أول العوامل التي أثرت في تكويني كان أبي رحمه الله،و جدتي العظيمة والدته التي اجتهدت و علمت ابنها في الأزهر و دار العلوم و القضاء الشرعي ،حتى أصبح أزهريا متعلما مؤمنا بالمساواة بين الولد و البنت إلا في مسائل طفيفة و مؤمنا بأهمية التعليم للجنسين ، كان لديه 9 بين بنات و أولاد علمهم جميعا تعليما جامعيا و كنت أكثرهم تفوقا ، لذا أكثر من تشجيعي و بالتفاخر بي ، والدتي كانت من الثوار ، شاركت في العمل الوطني ضد الإنجليز و دخلت السجن بسبب ذلك ، فأخرجها والدها – كان عسكريا – من المدرسة و زوجها بوالدي ، هذا باختصار هو أثر البيئة التي نشأت فيها علي ، نأت إلى أثر التعليم ، لقد درست الطب و أصبحت طبيبة ثم تمردت على التعليم الطبي مطالبة بتغييره ، بعدها فهمت المجتمع و تمردت عليه ، و تلحظ هنا أن تمردي على الأشياء نابع من فهمي و ممارستي ، لأنه لا يمكن أن تكشف مساوئ الشيء دون أن تعيه لتتعرف عيوبه ، بإيجاز .. كنت محظوظة ببيئتي و أسرتي و تعليمي ، تخيل كانوا سيزوجونني و أنا في العاشرة لولا معارضتي و وقوف والدتي بجانبي .
“*ماذا عن أهم المفكرين الذين أثروا فيك ؟
– كثير جدا ، لأنني أقرأ بالعربية و الفرنسية و الإنجليزية التي درست لها ، عدد لا يحصى ، أتذكر أنني تأثرت كثيرا و أنا مراهقة بسيرة طه حسين (الأيام) ، و لكننا اليوم تجاوزنا ذلك الجيل بمراحل، حتى قاسم أمين و هدى شعراوي فقد تجاوزتهم كتبي ببون شاسع .
* و لكن لا يمكننا أن نتجاهل الظرف الزمني الذي عاشوه
– لا شك أنهم رواد ، و نحن اليوم أيضا رواد .
* والدك الذي تحدثت عنه هنا و في كتبك و لقاءاتك بكثير من الإيجابية ، توجهين للمؤسسة التي ينتم لها (الأزهر) دائما الصفعات واحدة تلو الأخرى ، أليس في هذا شيء من التناقض ؟
– من الأساس كان أبي ثائرا على الأزهر و وزارة المعارف و له مصادمات كثيرة معهما لذا نفوه في 10 سنوات في (منوف) و هكذا ليس مستغربا أن ينجب المتمرد على الأزهر و المؤسسة الأبوية من تتمرد عليهما هي الأخرى .
تخصص
*في كتابك الأخير (كسر الحدود) … نوال السعداوي كتبت في الدين و الثقافة و الإبداع و السياسة .. أليس هذا (التشعب) يفقدك المصداقية في زمن (التخصص) الذي يترادف فيه بين الاحتيال و بين (بتاع كله) ؟
– غير صحيح ، نحن في ذيل العالم الذي يقفز قفزا نحو الإبداع و الابتكار بتجاوز التخصص ، كليات الطب المتقدمة اليوم تدرس الأدب و التاريخ و الموسيقى ، رواياتي مثلا تدرس في كليات الطب في أمريكا ، الحكمة .. أن يتخرج متعلم الطب متثقفا موسيقيا و أدبيا و تاريخيا و سياسيا ، و علم (الكون) يكسر التخصصات بين العلوم ، على المرء في البداية أن يتخصص و لكن بعد ذلك عليه أن يتعمق في العلوم الأخرى حتى يكتسب النظرة الكلية و الشمولية الفاحصة و المعالجة للأمور .
*الكلام في الدين تحديدا له في عيون الكثيرين بعض الخصوصية لحساسيته .. ؟
– هذا غير صحيح ، أنا ممكن أدرس و أكون أفقه من الشيخ الشعراوي ، و أنا أعلم في القرآن أكثر من الشيخ الشعراوي رحمه الله ، لقد درست الأديان و قارنت بين القرآن و التوراة و الإنجيل ، هو لم يفعل ذلك ، كان متخصصا في القرآن الذي لا يمكن أن يفهم دون أن تقارنه بالكتب الأخرى ، لأن العلم يبدأ بالمقارنة و التجربة و التجريب .
* هكذا .. إذا نحن نميع العلوم و لا أظن أنه ستكون هناك جدوى من العلماء ؟
– أنا لم اقل ذلك ، أنا لم أنف التخصص ، دعني أضرب لك مثالا يوضح فكرتي ، هناك من تخصص في جراحة و علاج القلب ، عليه أيضا أن يدرس الموسيقى ، عليه أن يفهم كيف يمرض القلب ، القلب كامن في جسم كامن في مجتمع ، المجتمع يؤثر على الجسم الذي يؤثر على القلب فيؤثر على الجسم ، و بالتالي إذا لم يفهم المجتمع قبل أن يفهم الجسم فلن يستطيع علاج القلب ، أنا طبيبة نفسية ، شرحت الجسد و النفس ، و بعدها شرحت المجتمع ، لأن الأمراض النفسية تأت تأثرا من الأمراض السياسية و الثقافية و الاقتصادية و الاجتماعية ، لا أستطيع أن أقوم بالعلاج إلا بالتعمق و التشعب في القراءات ، ما الفائدة من طبيب قلب ليس ملما حتى بأبجديات مجتمعه ؟ لا شيء ! ما الفائدة من طبيب نفسي لا يفهم في السياسة و الاقتصاد ؟ أيضا لا شيء ! (بتاع كله) الذي تتحدث عنه لم يدرس شيئا و لا يفعل شيئا و هو مرفوض ، أما المتخصص في علم و مطلع و متثقف من بحور العلوم الأخرى فهذا ما أنادي به و أفعله . لماذا أدرس في جامعات أمريكا و أحوز أعلى أجر على محاضراتي هناك ؟ أدرس لديهم مادة (الإبداع و التمرد) و هي مادة غير موجودة في أي جامعة عربية و أقول لهم إنني أتمنى أن يسمعني الشباب المصري و العربي مثلكم ، أنا لا أدرس في أي جامعة عربية لأنهم يعيبوني بالتخصص ، و لكن هناك حين يسمعون ما أقوله و أدرسه للطلبة يتهافتون علي و يعطونني أعلى أجر . و هنا دلالة واضحة على أن هزيمتنا الفكرية أنجبت هزيمتنا السياسية و الاقتصادية .
* هل هذه هي الحقيقة .. نحن مهزومون فكريا ؟
– نعم ، لأنه لا يوجد لدينا مبدعون دوما ثمة علاقة بين الإبداع و التمرد بين الإبداع و المعارضة و لكننا نولد و نعيش و نموت في خوف وبالتالي ليس عندنا لا تمرد و لا معارضة . موافقون موافقون !
* أزمتنا إذا سياسية و ليست ثقافية؟
– لا .. أزمتنا سياسية و ثقافية ، أنا لا أفصل بين السياسة و الاقتصاد و الثقافة و المرأة و الجنس ، كلهم مترابطون ، و حين يقع ركن واحد يتهاوى المبنى بأكمله .
السادات
*لماذا ألحظ أن الرئيس الراحل أنور السادات (بطل الحرب و السلام) يمثل عندك ذروة سقوط الركن السياسي ؟
– طبعا ، أود أن أشير بداية أنني لا متحيزة لعبد الناصر و لا متحاملة على السادات ، و لكنني سررت بالتغييرات التي أنجزها عبد الناصر في فترة حكمه و أبرزها تذويب الفوارق بين الطبقات و المساواة و دفع المرأة للعمل بأجر و مقاومة الإمبريالية الغربية المتمثلة وقتها في الصلف البريطاني و الأمريكي بعدها ، و هذا ما دفع الغرب حينها للتآمر عليه و هزيمته و ساعدهم في ذلك أن سياسة عبد الناصر الداخلية كانت قائمة على القمع لا الحوار و هذه هي أكبر عيوبه و أخطائه بالإضافة إلى فساد عبد الحكيم عامر و زبانيته في القوات المسلحة .
* ألا ترين أن عبد الناصر لو كان وليدا لليوم لما اختلف كثيرا عن صدام حسين الرئيس العراقي المخلوع ؟
– لا يمكن أن تساوي بين صدام و عبد الناصر ، صدام قام بأعمال جليلة كثيرة للعراق ، لكنه كان قاتلا و عبد الناصر لم يكن كذلك .
* أين أنت من السجون و المعتقلات التي فتحت للأخوان و المعارضين ؟
– زوجي د/ شريف حتاتة مكث 10 سنوات في السجن في عهد عبد الناصر و خرج دون خدش ، عبد الناصر لم يكن دمويا مثل صدام ، و رغم ما قلته عنه في البداية إلا أنني عارضت حرب الخليج ، و مع هذا في رأيي أن جورج بوش الأب و الابن أكثر دموية من صدام حسين .
*لماذا مثل عندك أنور السادات رمز السقوط ، لماذا لا يكون رمزا للنهضة ، أليس هو من حرر سيناء ؟
– لم يحررها و إن حررها فبأي ثمن ؟ ببيعه القضية العربية و قضائه على الجامعة العربية!! ، و أصبحنا نسمى (الشرق الأوسط) بعد أن كنا نسمى (العالم العربي) .
“*إن أطراف القضية اليوم يتمنون لو كانوا في صف أنور السادات .. فلم تشنعين عليه ؟
– هذا جهل سياسي خطير و هناك منافقة للسادات لأن عهد اليوم امتداد له .
*حين اعتقل (السادات) محمد حسنين هيكل خرج و كتب (خريف الغضب) .. و أحسب أن هجومك الضاري على السادات عائد لنفس المشكلة لأنك سجنت في عهده .. أليس في هذا طرف من صحة ؟
– ليس هناك مسألة شخصية بيني و بين السادات و لا مع مبارك و لا مع عبد الناصر الذي اضطهدت في عهده أيضا ، لقد اضطهدت في كل العهود لأنني أنتمي دائما إلى الشعب و ليس إلى الحاكم .
*السادات) هو أول من وضع بذور الديمقراطية في مصر و ربما في العالم العربي .. ألا يحسب هذا له أيضا ؟
– هذه أكبر أكذوبة سمعتها في حياتي ، ليس يعني شيئا أبدا أنه اصدر قرارا جمهوريا عدد الأحزاب ، ماذا كانت النتيجة ؟ أن الأحزاب التي عندنا ليست أحزابا حقيقية إنما أحزاب ورقية ، لأن الأحزاب الحقة هي التي تنجبها الديمقراطية من رحم المجتمع و ليس من قصر الرئاسة ، هل من الديمقراطية أن تغلق جمعيتي سنة 1991م لأننا عارضنا حرب الخليج ، حدثان قضيا على العالم العربي : كامب ديفيد أنور السادات و حرب الخليج ، بسببهما اليوم نحن في الحضيض ، لو تابعت مشهد القضية الفلسطينية لوجدت الأنظمة تتوسل أمريكا للتدخل .. بالله أي عار بعد هذا على شعوبنا ؟
*الاحظ اعتراضك على مقولة أن العرب يعملون ضد أنفسهم .. على الرغم من الأيام دوما تؤكد صدق المقولة ؟
– لابد أن نفرق بين الشعوب و الأنظمة في العالم العربي ، المستبد العربي دوما كان عميلا للاستعمار البريطاني ثم الأمريكي و الإسرائيلي و الوحيد الذي شذ قليلا كان جمال عبد الناصر .
* كان يأخذ معونة من أمريكا مثله مثل غيره ..فلم نميزه عنهم ؟
– خطأ .. هذا لم يحدث إلا في عهد السادات ، أمريكا حاربت عبد الناصر لأنه رفض مساوماتها على تمويل السد العالي و لم يفرط في السيادة و حرر قناة السويس و ذهب إلى روسيا، فاتهموه بالشيوعية ، و المعونة / العار علينا التي تتحدث عنها تعود إلى أمريكا مرة أخرى أضعافا مضاعفة . هذه التصورات المغلوطة نتيجة طبيعية لتضليل الساسة و الإعلاميين العرب للشعوب العربية .
* إذا 3 معضلات في الحالة السياسية : المستبد – إسرائيل – التبعية لأمريكا ، هل تجدين علاقة بين (المستبد) و إسرائيل ؟
– طبعا .. نحن نعيش في عالم واحد على شكل هرم ، يحكمه شرذمة من أصحاب الأموال و السلع في واشنطن وإسرائيل هي اليد اليمنى للولايات المتحدة و الشركات متعددة الجنسيات في المنطقة. السياسة الدولية تؤثر في السياسة الإقليمية التي تؤثر في المحلية المؤثرة في العائلة، و الاستبداد العربي صنيعة و حماية السياسة الدولية (السادات) مثلا كان محميا من أمريكا و حين لبى مطالبها كلها رفعت عنه الحماية فقتل، وما ينطبق على السادات ينسحب على غيره .
مزاح
* كيف تفسرين مشروع باول و غيره من المبادرات المنادية لترسيخ و إدخال الديمقراطية في المنطقة العربية ؟
– من الممكن أن تقول عنها أنها (مزاح) .
* كيف ؟
– هل سنظل نتسول من الغرب كل شيء ؟ أمريكا لن تحل مشاكلنا و كولين باول و كونداليزا رايس لن يجلبوا لنا الديمقراطية .*
” و لكن منذ سقط النظام الطاغية في (بغداد) و هناك متغيرات إيجابية في العالم العربي .. لا يمكن أن نتجاهلها .. كيف تفسرينها ؟
– كلام فارغ، كل هذا قطرات أو حقن مخدرة، هل تتصور أنت أن الاحتلال الأمريكي للعراق سيجلب الديمقراطية ؟
* أنا مجرد صحفي محايد يطرح الأسئلة، ألم تبدأ النهضة الاقتصادية و السياسية في كل من اليابان و ألمانيا بسقوط الأنظمة الديكتاتورية التي تحكمها على يد أمريكا ؟
– لا .. أنت تقلب التاريخ و تؤيد الاحتلال، لا يمكن أبدا لأي شعب و أي دولة أن تحقق الديمقراطية في ظل الاحتلال، هناك (منطق) فلماذا نلغيه ؟ كيف تتحقق الديمقراطية في العراق على يد الأمريكان خاصة و أن أول ما فعلوه حين دخلوها أن استولوا على أموال نفطه و بعدها استولوا على النفط نفسه .
* و لكن النفط في أي حال يأت لأمريكا في آخر المطاف ؟
– غير صحيح ، لا تنس منافسة فرنسا و ألمانيا و روسيا ، الذين تصنعوا البطولة في مجلس الأمن لا من أجل عين العراق بل من أجل عيون النفط .. الذي أصبح مرتعا للشركات الأمريكية التي بدورها أغلقت الباب في وجه الشركات الأوربية ، هو صراع من أجل النفط في البداية و النهاية .
* لقد وضعت أزمة العراق الأخيرة المثقف العربي في معضلة أنه إذا لم يعارض الاحتلال فهو يؤيد الاستبداد أو العكس .. كيف كان من الممكن أن يخرج من مأزقه ؟
– لم يكن هناك تناقض ، و هي معضلة مزيفة ، لأن صدام كان عميلا لأمريكا، و اختلف معها على جزئية احتلال الكويت التي قضت على ما بينهما بتخطيط أمريكا نفسها ، و تذكر معي اجتماعه بالسفيرة الأمريكية قبل الحرب ، و هنا مؤشر مهم على أن الديكتاتور دائما ما يكون غبيا ، أمريكا هي التي تصنع الطغاة و تحميهم و ينتهون حين ترفع يدها عنهم ، لذا صنعت لنا المعضلة التي تحدثت عنها حتى يصمت المثقفون خوفا من أن يتهموا بأنهم مع صدام ، أنا لست مع صدام و لا مع أمريكا ، أنا مع شعب العراق الذي يموت كل يوم سواء بيد الاستبداد أو بيد الاحتلال.
* نوال السعداوي تهاجم السائد من الاستبداد و الرجعية في العالم العربي من ناحية ، و من ناحية أخرى تهاجم النموذج الغربي، الأمر الذي وضع المتلقي في حيرة ما تريده نوال السعداوي ؟
– و هل الخيار لا يكون إلا بين الاستبداد المحلي و بين الاستعمارية الرأسمالية الغربية ؟ أريد حرية الناس و الشعب ، انظر إلى مثال كاسترو ، هو ليس مع الاستبداد و لا مع الاستعمار ، “مطلع عين أمريكا” وهو يجاورها في دويلة صغيرة جدا ، و رغم الدعاية التي وجهوها ضده و محاولات اغتياله ظل كما هو لالتفات الشعب حوله ، و هذا يدل على أنه من الممكن أن ترفض المستعمر الخارجي و المستبد الداخلي ، و أمريكا كلما وجدت تكرارا لهذا النموذج في آسيا أو أفريقيا سعت لإسقاطه ، عبد الناصر قتل قتلا لهذا .*
” يبدو يا دكتورة أن نفي تهمة (الناصرية) لن يكون سهلا بالنسبة لك ؟!
– هذا هو التفكير الديني الذي أرفضه ، حدية الأبيض أو الأسود ، عبد الناصر إما أن يكون ملكا أو شيطانا ، أنا ضد تقسيم الناس إلى ملائكة و شياطين ، عبد الناصر كان وطنيا حاول أن يرتقي ببلاده نزيها لم يتقاض راتبا من أمريكا مثل السادات ، عيب عبد الناصر أنه كان ديكتاتورا ، و الفرد الواحد لا يفعل شيئا كما أن اليد الواحدة لا تصفق ، لقد طالبنا بالتغيير في عهد عبد الناصر فاضطهدنا من أعوانه و عزلوه عن الناس ، عبد الناصر لم يكن أبدا مثل السادات ، لقد فتح الأخير للتيارات الإسلامية الباب على مصرعه أما عبد الناصر فحرص على محاربتها و القضاء عليها .
* و لكن أليس من حقها أن تسع للوصول للحكم .. أليست هذه هي الديمقراطية ؟
– لا ليس من حقها .. إنهم سفاحون مجرمون .. وضعوا اسمي و غيري من المثقفين و المفكرين الشرفاء و المخلصين على قوائم الموت ، و لو مررنا على جرائمهم فإنها لا تعد و لا تحص ، إذا كان رأيي يخالف رأيك فهذا ليس دافعا لقتلي ، حاربني بالتجاهل أو بالرد علي و لكن ليس بالتكفير و سفك الدماء كما تفعل هذه الجماعات . لهذا أنا أعارض الدولة الدينية ، (ربنا) يجب أن نبعده عن السياسة لأنني لا أستطيع أن أناقش أو أعارض (ربنا) ، اعبد الإله الذي يرضيك و يحقق مصالحك و مطالبك ، لكن لا تفرضه علي أو على الدولة ، لأن كل المواطنين في الدولة سواء ، على اختلاف حالتهم المادية أو شريحتهم الاجتماعية و انتمائهم الديني ، لماذا أكون كامرأة أقل مواطنة من الرجل لأن الدين الرسمي للدولة هو الإسلام ، لماذا يتزوج الرجل 4 و أنا لا ، هذه إهانة لي .
زواج
* هذا هو حقه !
– من قال هذا ؟
* القرآن !
– أنا درست القرآن ، لقد وضع العدل شرطا ثم قال ” و لن تعدلوا ” أظن أنه ليس هناك ما هو أوضح ، الرجال و استنادا على فسقهم يدعون و يكذبون على القرآن و يقولون أنه نادى بالتعدد ، كيف يتزوج الرجل 4 ؟ هذا فساد أخلاق و إساءة للقرآن و الإسلام ! كيف ينتقل من فراش امرأة إلى فراش امرأة أخرى ! (إخي)! و الله لو ذهب زوجي لامرأة أخرى لطردته ، هل يرضى الرجل أن تتنقل امرأته بين فرش الرجال ، هو أيضا سيطردها ، أنا أيضا تملي علي كرامتي الإنسانية نفس الفعل و ردة الفعل ، تونس منعت التعدد و غيرها من الدول الإسلامية .. هل ستكفر هذه الدول ؟ تعدد الزوجات وصمة عار على العرب و على أي دولة تسمح بهذا الفعل الشائن ، و القانون الذي ترتكز عليه قانون فاسد و غير أخلاقي .
*دعيني أرتدي العباءة الإسلامية و أقول لك أن الرسول صلى الله عليه و سلم كان متزوجا بـ 9 و بعض الصحابة رضوان الله عليهم من بعده كان نصابهم من الزوجات كاملا؟
– و لماذا تجعل الرسول صلى الله عليه و سلم مثلك ؟ و هو لم يقل لك أن تفعل مثله . و هناك حديث مهم أن إحدى زوجاته وجدته في ليلتها على فراشها مع زوجة أخرى ، فقالت له مستنكرة ” في ليلتي و في فراشي يا رسول الله ؟!” فقال بعد اتعاظ و اعتبار ” اسكتي و لا تذكريه لن أعود لمثلها أبدا ” لأنه نبي و رسول يجب أن يكون مثلا للعدل و الفعل الذي فعله مناف للعدل و هو حديث موجود في ” الطبقات الكبرى ” ، إذا كان النبي محمد قد أخطأ لأنه بشر يخطئ و يصيب فكيف تريدني أن أمشي خلفه في الخطأ ، مرة أخرى أقول لك أن الرجل بسبب فساد أخلاقه و يفسر و ينتقي من الإسلام ما يشاء .
*ما رأيك في حجة القضاء على العنوسة ؟
– هذا تبرير لفساد الرجال الأخلاقي ، والتعددية الجنسية ليست وسيلة للقضاء على العنوسة المزعومة ، والمرأة التي ترضى أن تتزوج رجلا متزوج من 3 قبلها هي جارية و لا تستحق أن تكون امرأة .
*بحكم اختصاصك في علم النفس ، ثمة حجة قرأناها تقول أن الرجل بفطرته يميل إلى 4 و أن المرأة تخلص لرجل واحد فقط ؟
– العكس هو الصحيح ، و من الناحية البيولوجية فقط لا تحتمل قدرة الرجل أكثر من واحدة ، على الرغم من أنني لا أفصل بين البيولوجيا و السياسة و الاقتصاد كما أخبرتك ، أنا مع الأخلاق و الاستقامة وعدم الازدواجية ، كما يجب أن تكون هناك أخلاق للرجل تكون كذلك للمرأة ، الأخلاق للأغنياء و للفقراء أيضا ، و ليس طرفا واحدا دون آخر .
*لقد قلت في كتاب لك يجب أن تنطبق المعايير الأخلاقية على الرجل و المرأة ضاربة بـ (المرأة شرفها مثل عود الكبريت) و (الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق) ، هوجمت لأنه فهم أنك تريدين أن تطلقي العنان على آخره للمرأة فكيف تردين ؟
– و هل الرجل ليس له شرف ؟ و هل الأب ليس مدرسة هو الآخر ؟ أين مسؤولية الأبوة ؟ كل شيء على عاتق الأم و بعد هذا كله يهينوها و يحتقروها و لا يسم المولود باسمها إنما باسم الأب ، أنا أنادي بأن ينتسب المواليد للأم ، لأن اسم الأم مشرف ، لماذا لا يتسم أولادي و بناتي باسم نوال السعداوي ، اسم الأم ليس عورة و ليس عيبا .
* و لكنه العرف ؟
– العرف غلط ، و لا بد من تغييره ، العالم كله يغير و يتقدم إلا نحن ، و لهذا نحن مهزومون ، ثلاثة أرباع العالم يحترم اسم الأم ، الأطفال كلهم يتسمون باسم الأب و الأم ما عدا بلداننا .
*أين أنت من نظرية أن الرجل خلق ليعمل و الأم خلقت لتربي ؟
– خطأ ، أنا امرأة و طبيبة و أديبة و مفكرة و تزوجت و أنجبت و ربيت الأمومة مثل الأبوة ، و المرأة مثل الرجل ، أنا لم أخلق لأربي فقط ، بل لأفكر ، أفكر لأنه عندي عقل ، عقل المرأة مثل عقل الرجل بالضبط و ربما يفوقه بحسب البيئة و الظروف ، أين هو الرجل المصري الذي حقق ما حققته ؟ حتى نجيب محفوظ لم تترجم كتبه مثل كتبي إلى أكثر من 30 لغة ، أنا امرأة و عندي عقل ، و الإنسان هو العقل و ليس الأعضاء التناسلية التي خلقت للإنجاب ، و يجب أن تكون الأبوة مسؤولة مثل الأمومة ، و اسم الأم يجب أن يكون مشرفا مثل اسم الأب ، يجب أن تتعدل مجتمعاتنا لأنها مجتمعات لا أخلاقية .
* ترفضين إذا نظرية مسؤولية الأم عن الأخلاق ؟!
– و لماذا لا يكون الأب مسؤولا هو الآخر !! أمرك غريب .
* الأب مشغول في مزاحم العمل و جني المال ؟
– و الأم أيضا ، حتى التي لم تتعلم تطبخ و تكنس و تغسل في البيت و الرجل يأكل أجرها على ذلك ، أين هي أخلاق الرجل ؟ الرجال يريدون أن يعفوا أنفسهم دوما من المسؤولية الأخلاقية .
تحرير المرأة
* لو تعمقنا في مشروعك (تحرير المرأة) و هو أول ما يلتصق بالأذهان فور ورود اسمك ، نلحظ انه في أواخر القرن 19 و أوائل العشرين و تحديدا في قاسم أمين و من بعده هدى شعراوي ، ثم أنت في نهايات القرن العشرين و أول القرن الحالي نلحظ اختلافا بين المدرستين : قاسم أمين لم يرد أن يهدم البناء .. أراد فقط ان يرمم مواطن الضعف و الخلل فيه ، نوال السعداوي على عكسه تريد هدم البناء و البناء محله ، قاسم أمين اعتمد (النص) أداة له و نوال السعدواي اعتمدت العقل و المنطق ، كيف تقرئين هذا الاختلاف ؟
– أنا لست امتدادا لقاسم أمين أو هدى شعراوي على الإطلاق ، آمنت بتحرير المرأة لأنني ولدت امرأة في بيئة فقيرة و بدأت أشعر بظلم المجتمع لي ، مشروع قاسم أمين كان مشروعا سطحيا جدا ، ليس هناك معنى لأن تضع المرأة (مكياجا) و تذهب إلى الجامعة و تتزوج و بعدها تتحجب و ترضى أن تضرب من زوجها حين يقول المجتمع لها ذلك ، هذا ليس تحررا .
* ما هو (تحرير المرأة) في مفهومك ؟
– هو أن تكون المرأة إنسانة كاملة الإنسانية ، تشعر بمسؤولية تامة و كاملة إزاء نفسها أولا ثم المجتمع ، و هذه هي خلاصة مشروعي للمرأة في العالم و ليس في العالم العربي فقط .
*لماذا لا تستندي للمرجعية النصية / القرآن في هذا المشروع ؟
– أنا آسفة جدا ، الدين ليس نصا ، و الله ليس كتابا ، لقد تعلمت أول درس ديني على يد جدتي الفلاحة الأمية : ” ربنا هو العدل عرفوه بالعقل ” ،إذا .. الله هو العدل و ليس نصا يخرج من المطبعة ، هو هذا الدين بالنسبة لي ، هذا هو الإسلام ، هذه هي الأخلاق .
*تفسيرات العدل تتفاوت ؟
– هنا تتدخل السياسة ، و ليس لربنا دخل بها ، ربنا هو العدل و النور و الجمال و الصدق ، هذا ما تعلمته من أبي الأزهري الثائر على الفكر النصي ، لذا يقول المفسرون المتقدمون أن المصلحة تقدم على النص إذا تعارضا لأن المصلحة متغيرة و النص ثابت ، هذه فلسفة الإسلام ، و هي فلسفة متقدمة ، و الإسلام نفسه متقدم لأنه متغير ، إسلام اليوم ليس هو الإسلام قبل قرن ، و حتى اليوم ، إسلام السعودية يختلف عن إسلام إيران عن إسلام ليبيا عن إسلام طالبان عن إسلام مصر ، كل مجتمع و له ظروفه .
* قال أحد المفكرين : ” ارتكزت الحضارة الإسلامية دوما على النص ، لذا أي رغبة تجنح نحو التغيير في أي مجتمع إسلامي لا بد أن تمر من تحت عباءة النص ” ، كيف تعلقين على هذه المقولة ؟
– غلط ، العجز و التخلف هما من يحيلان للنص ، الإنسان هو الذي يصنع النص و ليس العكس ، و كأننا صنعنا صنما اسمه (النص) بيدنا ثم عبدناه ، الإنسان هو الذي خلق القانون ثم كسره للصالح العام و لم يجعل القانون سيفا مسلطا على رقبته ، وهنا الإبداع .
و أين الضابط ؟
– لا بد أن يكون (نظام) ، هناك نظام حالي ، و من المستحيل أن تتبع النظام القديم ، إبداعك يزيل القديم و يخلق نظاما جديدا ، مثلا انا غيرت مفهوم ارتباط الشرف بغشاء البكارة ، و ربطت الشرف بالعدل و العقل و الصدق ، إذا لا بد من هدم النظام القديم بشرط تقديم النظام الجديد ، هناك خطأ في تفكيرنا أننا نخاف من كلمة (هدم) ، انظر إلى عملية بناء الإنسان ، هناك خلايا تهدم و خلايا تبنى ، لا يوجد (بناء) فقط و لا يوجد (هدم) فقط ، هناك بناء و هدم أيضا في الفكر كما في الجسد .
إنكار
* دعيني أنتقل معك إلى محور (الزواج) و قد أثرت بنفسك قضية الشرف ، سبق و صرحت أنك تعارضين فكرة الزواج و أنك لا تمانعين من أن تكون ثمة علاقة كاملة بين الجنسين دون عقد يربطهما، فهل هذا صحيح ؟
أنا عارضت الزواج بوثيقة، بالضبط كما أستلف من أحدهم مبلغ و قدره 1000 جنيه و يكتبني عليها كمبيالة ، ما يحدث بالنسبة للزواج أن المرأة تتزوج و تكتبه أن الرجل ” اشتراها ” بدفعه مبلغ و قدره كمقدم ، و عند الطلاق يدفع لها مبلغ آخر ، ورقة الزواج أو عقد الزواج هي أكبر امتهان للزواج .
*و ماذا عن حفظ الحقوق ؟
إذا الرجل لم يحافظ على حقوق المرأة بلا ورقة أو عقد فهو لا يستحق أن يعيش معها ، لا يعقل من وجهة نظري الشخصية أن يخلص الرجل لزوجته لأجل ” ورقة” . حفظ حقوق الزوجة أو الزوج يكون في الضمير و الأخلاق قبل أي شيء.
* إذا .. هو ليس اعتراضا على مشروع الزواج بذاته ؟!
– أبدا .. أنا نفسي متزوجة و لدي أولاد .
* و ماذا عن إنكارك لفريضة الحج يا دكتورة ؟
– أنا لم أنكره ، لقد قلت نصا أن (الحج) و (تقبيل الحجر الأسود) عادة وثنية .
” و لكنه ركن خامس ؟
– أبدا .. هو (اختياري) (لمن استطاع إليه سبيلا) ، أبي توفى و لم يحج و هذا لا يعني أن إسلامه ناقص ، هناك من يصلي دون أن تنفعه صلاته ، و هذا ينطبق على الذي يذهب الحج ليقوم بعمل ، أو يقبل الحجر الأسود !! إنني أسأل هل تقبيل الحجر الأسود من الإسلام ؟ هذه وثنية !!! الإسلام أتي ليقضي على الوثنية و أنا أحارب عبادة الأوثان .
*و هل يمثلها الحج ؟
– بالطريقة التي يقومون بها ، نعم . و أنا أيضا ضد الطريقة التي يصلون بها ، لقد ذهب جمع من الصحابة لرسول الله و قالوا له فلان يصلي الليل و النهار ، فقال لهم : و من يعول أسرته ، قالوا : كلنا يا رسول الله ، فقال : أنتم خير منه . يا أخي رعاية الأولاد صلاة و عبادة ، الصدق صلاة وعبادة ، التعامل الإنساني صلاة و عبادة ، ليس أن يذهب إلى الحج ليسرق أو يتاجر أو يصلي و هو أفسق خلق الله ، أنا مع المفهوم الصحيح للإسلام ، الصلاة ليست مجرد حركة رياضية كما أصبحت حالا ، الصلاة هي إحياء الضمير ، الحج كذلك ليس زيارة لقبر أو تقبيل لحجر، لأن الإسلام حارب الوثنية ، الحج هو التأمل، اسمع الكلام الجميل لرابعة العدوية التي حاربت مع الصوفية (الطقوسية) : ” لا أعبد الله لأنني أخاف النار أو أطمع في الجنة فأكون أمة أو جارية ، إنما أعبده لأنني أحبه” ، انظر إلى هذا الجمال .
*و هذا ما يفسر غضبتك حين يقول أحدهم لكي يا ” حجة” ؟
– نعم .. لا أحب أن يناديني أحد بهذا اللقب ، لأنني لم أحج و لن أحج ، بإمكاني أن أحج و أنا في شرفة بيتي ، و عملي و كتبي هي صلاتي ، تقربي لله هو تقربي للعدل و الحرية ، و ليس بالنصوص و التفسيرات ، هذه سياسة .
* و لكن أنت أيضا تطرقين باب السياسة بقوة فين تكتبين ، فلم تزعجك ؟
– لقد قصدت السياسة بمفهوم التآمر للاستحواذ على السلطة أو التملق لها ، أي .. السياسة كما توارثناها و عرفناها في العالم العربي.
* باختصار شديد ، ماذا تعني لكي هاتين الكلمتين : الرجل و الدين ؟
– الرجل يستغل الدين ليتزوج و يمارس أهواءه الجنسية .
* هذا الهجوم الشرس على الرجل ، هل هو أساس لموقف شخصي ؟
– أنا ليس لي موقف شخصي من الرجل ، أنا متزوجة من د/ شريف حتاتة ، و لدي ابني عاطف حتاتة ، و أصدقائي الرجال أكثر من أصدقائي النساء ، أنا لست ضد الرجل ، إنما أنا ضد النظام الذي يفسد الرجال .
*و هل (الدين) هو هذا النظام ؟
– نعم .. الدين كما تتبعه البلاد و الأنظمة العربية، نعم .. الدين الذي يدرسونه في المدارس ، و ليس الدين الذي تعلمته من أبي و جدتي ” ربنا هو العدل عرفوه بالعقل” .
*و لكنك قلت في كتبك صراحة أن الإسلام و المسيحية و على الرغم مما أحدثاه من تطور اجتماعي كبير زادت القيود على المرأة ؟
– لقد قلت أن الأديان السماوية و غير السماوية مراحل تقدمية من التاريخ البشري إذا أخذت لصالح المقهورين و النساء و الفقراء ، لكن إذا أخذت لصالح الحكومات و الأسياد تصبح معادية للإنسان، هل تعلم أن إسرائيل احتلت فلسطين و قتلت النساء و الأطفال بحجة آية في التوراة تعدهم بالأرض إذا ختنوا ذكورهم ؟! من جهة أخرى على وجه العموم يجب أن يتطور الكتاب الديني مع البشرية ، أنا ضد الثوابت و مع المتغيرات ” إذا تعارض النص مع المصلحة غلبت المصلحة” لصالح الشعب ، لماذا تسجنني بـ ” قال الكتاب الديني” ، ألم يقل المصطفى ” أنتم أعلم بأمور دنياكم” ، لقد فوضنا في تصريف أمور حياتنا فلماذا نقيد أنفسنا ؟ لماذا نستجيب للحاكم الذي يكبلنا ؟
حجاب
* أريد أن أستوضح منك هذه العبارة التي وردت في أحد كتبك أيضا : ” تحجيب المرأة باسم الإسلام يوازي تعريتها باسم التجارة ” ؟
– نعم .. أنا ضد أن تتعرى المرأة و ضد أن تتغطى ، أنا إنسانة و لست جسدا يغطى أو يعرى ، ما مشكلة (الشعر)؟ إنهن يغطين شعورهن و يغمزن بأعينهن للرجال! لا علاقة بين الأخلاق و الحجاب ، و لقد ذكرت أيضا أن (الماكياج) حجاب و هاجمته ، و قلت أنني ضد العري و هاجمته أيضا ، تغطى المرأة لأنها بضاعة جسدية و تعرى لأنها بضاعة جسدية ، لذلك في الناحية المقابلة لا يعرى الرجل لا يغطى .
*ما هو الحجاب ؟
– الحجاب مفروض للجواري و العبيد ، و الأسوأ منه حجاب العقل ، لأنه لا يمكن لقلة أن تتحكم في الأغلبية دون حجاب العقل ، و ينطبق نفس الشيء على حجاب الوجه .
” هذه الإجابات الصارخة تتنافى كلية مع الخطاب الديني السائد ، ما تفسيرك لهذا ؟
– و هذا يفسر العزلة المفروضة علي .
*و لكن ما هو المقابل لخطابك ؟
– خطاب الحكومات ، و خطابي هو البديل .
*و لكنك لا تمثلي مرجعا دينيا ؟
– هذا لا يهم ، لأن الدين موجود في بيت كل واحد ، ليس له علاقة لا بالسياسة و لا بالاقتصاد لأنه علاقة شخصية بين العبد و ربه ، يختار الإله الذي يريد و يعبده بالطريقة الذي يريد دون فرض .
* نعود إلى تحرير المرأة بعد هذه التفرعات و التي لا أظنها أخرجتنا عن السياق ، ألا ترين أن (حركة) تحرير المرأة لو صح المصطلح تراجعت قياسا بفترة الستينيات و السبعينيات، و حتى أن أبرز رموزها انسحبوا إلى الصحافة و النقد الأدبي بل و الأمومة و العودة إلى البيت في أحيان أخرى ، فهل هذه هزيمة لنوال السعداوي ؟
– لا ، هذه أكبر هزيمة للنظام الذي أحاربه .
* كيف ؟
– هؤلاء ليسوا من قرائي أو تلامذتي ، إنما هم أذيال الخطاب الرسمي السائد .
* لقد كانوا معك يوما ما ؟
– أبدا ، (المعرفة) عندي ليست قابلة للانتكاسة ، من قرأ كتبي و استوعبها يسترد إنسانيته ، تذوق الإنسانية إحساس جميل مثل تحرر العبيد ، غير قابل للانتكاسة ، فمن تنفس هواء الحرية لا يمكن أن يتراجع عنه، المتراجعون هم أذيال الخطاب الرسمي ، أنا لي شعبية كبيرة جدا في مصر و العالم العربي ، اسأل نفسك لماذا تجري حوارا معي !! حتى جريدة (عكاظ) جاءتني من قبلك و كذبت على لساني و تقولت علي .
تراجع
في محور الإبداع .. كتبت معترضة على الرواية الشهيرة (وليمة أعشاب البحر) لحيدر حيدر لأن خيالها مبتور لا لأنها تمس المقدسات ، و في تناقض صارخ هاجمت الفنان التشكيلي المصري / محمود سعيد رحمه الله لأنه رسم المرأة عارية ، هل أسمي هذا تعنصرا إبداعيا ؟
– أنت لم تقرأ بالضبط ما كتبته عن محمود سعيد ، لقد قلت لماذا تتعرى المرأة / الموديل أمام الرسام ليرسمها ، ألا يستطيع أن يرسم امرأة بملابسها ، أنا ضد الفساد الأخلاقي ، محمود سعيد رسام من الطبقة العليا الفاسدة أخلاقيا التي تعري المرأة أو تحجبها ، هو نفسه رسم المرأة إما محجبة أو عارية ، بالنسبة للوليمة، فهي رواية سيئة ، لا لقولهم أنها مست الدين بل لدونية النظرة للمرأة فيها ، و هذا في تصوري ليس مستغربا لأن كاتب الرواية (يساري) أو أن بطلها يمثل اليسار مصطلحا أدق ، و حقيقة إن التيار اليساري انتهى و مات في العالم العربي ، و حدا أدنى أقول أنه أصبح لا قيمة له بسبب واحد : أنه لم يتطور إنسانيا و اقترن بشكل أو بآخر بالفساد الأخلاقي .
*لو كانت الرواية من الناحية الأدبية رفيعة و أساءت للمقدس هل كنت ستقبلينها ؟
– لا يوجد شيء اسمه رواية رفيعة تسيء للمقدس أو المدنس ، أنا لا أقسم الأشياء إلى مقدس أو مدنس ، أو آلهة و شياطين، أنا ضد هذه الثنائيات أو الازدواجيات التي توارثناها منذ العبودية ، لأن الإنسان يجمع بين الخير و الشر ، ليس ملاكا و لا شيطانا ، الإنسان ممكن أن يقتل أو يسرق ، لذا أنا ضد أن يعاقب القاتل بالقتل أو تقطع يد السارق ، أنا طبيبة نفسية ، علينا أن نسأل نفسنا : لماذا ارتكب الإنسان هذه الجريمة ؟ و بعدها نعالج الأسباب ، أنا ضد العقوبات و الجوائز .
*كيف ربيت أطفالك دون مبدأ الثواب و العقاب ؟
-ربيتهم بمبدأ ” الجائزة هي ما تعمل ” ، لا تهمني جائزة نوبل ، و حين رشحت لجائزة الدولة التقديرية رفضتها ، جائزتي هي عملي ، و هي أن يجيئني أمثالك ، و اعتمدت في مبدئي على الكتب و القراءة ، لأن الكتابة التي من القلب تدخل القلب ، و تستشعر هذا و أنت تقرأ لي ،تشعر أنك تقرأ لفلاحة تكتب من واقعها و ليست أكاديمية تتقعر الألفاظ و تعيش في برج عاجي ، أنا كتبي يقرأها فتيان و فتيات لم يتجاوز عمرهم 13 سنة ، و لعلمك ، إن الرجال المتنورين في العالم العربي مثلك يحبون كتاباتي، غير صحيح أن الرجل يحاربني أو أنني أحارب الرجال ، لقد جاءني رجل من الصعيد ليقبل يدي ، قال لي : ” كدت أقتل ابنتي لأنها لم تنزف ليلة الزفاف لولا أنني قرأت كتابك (المرأة و الجنس) ” .
*أشكرك على إطرائك الذي لا أستحقه ، و حديثنا عن عائلتك يدفعني إلى سؤالك عن سبب رفضك أن يهديك زوجك أي هدية كما ذكرت في حوار فضائي لك ؟
-هديتي هي الإنسانية ، أكبر هدية عندي هي المعاملة بحنان وإخلاص ، أنا لا أرتدي عقدا أو حتى خاتما للزواج و لا أصبغ شعري و لا أضع الماكياج ، لأنني واثقة من نفسي جدا ، و أحب أن أكون على طبيعتي ، من أرادني كما أنا فأهلا و سهلا ، لماذا يجلب لي هدية ؟! ماذا أفعل بها ؟ ابتسامته في وجهي هدية ، وقفته بجانبي في الأزمات هدية ، دفاعه عني في غيابي هدية ، هذا هو الحب ، و ليس أن يجلب لي هدية ثم يخونني ، أنا لم اقبل مهرا ، و زوجي لا ينفق علي لأنني لست عالة ، نحن ننفق على البيت مناصفة ، ليس عدلا أن يكدح الرجل و يتعب و أنا أجلس في البيت دون أن أعمل شيء ، ماذا أفعل في وقتي؟ و كما قلت لك أنا لست عالة .قوامة
*ما هو شعورك و أنت تسمعين من يقول أو من تقول : ” طاعة الزوج من طاعة الله ” و ” الرجال قوامون على النساء” ؟
– هي عبدة و جارية ، و لا تفهم القرآن أو الإسلام .
*ما هو تفسيرك إذا لقول الله تعالى : ” الرجال قوامون على النساء ” ؟
” بما أنفقوا من أموالهم ” ، للرجل حق القوامة لو أنفق علي ، حين تجلب أنت الخادمة ألست تطعمها و تعطيها المال ، نفس الأمر ينطبق على المرأة و الرجل ، أما لو كانت المرأة مستقلة فهذا لا ينطبق .استعاذة
* أنت – كما تقولين – تمثلين خطابا جديدا ، هل يمثله ذاته المشايخ الجدد كعمرو خالد و خالد الجندي ؟
-لا .. أعوذ بالله ، هؤلاء قوم يخدعون الشباب و الشابات و يكذبون على الناس ، هم كالنساء اللاتي يضعن الماكياج ثم يدعين أنهن جميلات و هن لسن كذلك .
هل العمل على التزام الناس و تقريبهم على الله من وجهة نظرك يعد كذبا و خداعا ؟
نحن نعيش في كذب ، عالمنا اليوم يقوم على الكذب ، رئيس أكبر دولة في العالم جورج بوش الابن يكذب كل يوم ، توني بلير يكذب كل يوم ، لقد قال ماركس و لو أنني لست ماركسية : ” الدين أفيون الشعوب” و هي مقولة الصحيحة ، السياسة في العالم العربي معناها فن الكذب ، و رجال الدين عندنا يقومون بنفس الدور أو يجملونه ، لأنهم يشغلون الشعب عن قضيته الأساسية ” الاستبداد السياسي” عبر تخديرهم بقضايا سطحية و فرعية للغاية .
*أختتم معك في المحور الإبداعي مستفهما : كيف نحمي ؟ و من يمنع ؟
خطأ ، أنا كتبت عن ذات الموضوع ، يقولون لا بد من الرقابة على الثقافة و وسائل الإعلام ، وكأن الشعب قاصر ، و هي نظرية تربوية خاطئة ، لأن الضابط هو ما يختاره الشعب لنفسه و يمارسه من تلقائها نفسه دون فرض أو وصاية ، و هنا تناقض صارخ مع الديمقراطية التي يزعمها العرب ، الديمقراطية أساسها حرية الشعب و أن يختار ممثليه ، فإذا كان قادرا على التصويت للمرشح فكيف يعجز عن انتقاء الرواية التي يقرأها ؟!
ختام
*ماذا عملت في النهاية .. بقي كل شيء كما هو ، و لم نستفد منك سوى أن يقولوا حين تسافرين في المؤتمرات الغربية .. انظروا كم هناك من ظلم و تخلف لديهم حتى أن نوال السعداوي تأت و تتحدث عندنا ؟
– أريد أن أقول أنه تحققت أشياء كثيرة حتى و إن تجاهلها البعض ، منها أنك أتيت إلي اليوم ، فالعيار الذي لا يصيب يدوش ، هناك آلاف مؤلفة من العالم و مصر تراسلني لتقول لي : كتابك الفلاني غير حياتي ، نعم .. حصل تنوير في الأجيال الجديدة من قبل المثقفين الحقيقيين ، و في المقابل حصل تضليل أودى بكثيرين في أحضان و براثن التيارات الأصولية ، و لكنني مؤمنة و متفائلة بأن تيار التقدم هو الذي سينتصر ، لهذا أعيش في سعادة و طمأنينة داخلية رغم أن حياتي هي التعب بعينه ، العقل و المنطق هو من سينتصر في النهاية و ليس الجهالة و التضليل ، و في كل حال كما أسلفت لك هناك (هدم) و هناك (بناء) و لكن المحصلة النهائية غالبا أو دائما ما تصب لصالح البناء و التقدم .