“مصدر دبلوماسي”
في حوار مع وكالة بلومبرغ، “بشّر” وزير المالية غازي وزني برفع الدعم تدريجيا عن بعض السلع وعن المحروقات. في ما يلي نص المقابلة كما وزعه المكتب الاعلامي لوزارة المالية اللبنانية:
لقد صرّح وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال أن لبنان يقوم بتقليص الدعم على المواد الغذائية وسيبدأ تدريجيا بزيادة أسعار البنزين لإنقاذ الاحتياطيات بالعملات الاجنبية المتضائلة.
وفي المقابلة، قال الوزير غازي وزني ان الاحتياطيات بالعملات الأجنبية المتبقية في مصرف لبنان تبلغ 16 مليار دولار أمريكي، ولا يمكن استخدام منها سوى مليار و1.5 مليار دولار امريكي فقط لتمويل الدعم، ما يكفي لشهرين أو ثلاثة أشهر. لقد انخفضت الاحتياطيات الى النصف، اذ أنها كانت تبلغ حوالي 30 مليار دولار أمريكي قبل عام.
أكّد وزني أنه “لم يعد بإمكان لبنان أن يستمر بنفس وتيرة الدعم”، من دون إعطاء إطار زمني للتغييرات. “يكلّف الدعم 500 مليون دولار أمريكي في الشهر الواحد، أي 6 مليارات دولار أمريكي في السنة. لذلك اتخذت الحكومة قرارا بترشيد الدعم وخفضه في ما يتعلق ببعض السلع.”
وتأتي تصريحات وزني وسط احتجاجات غاضبة نتيجة هبوط مفاجئ في العملة اللبنانية. لقد تراجعت الليرة اللبنانية إلى أقل من 13000 ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد في السوق السوداء يوم الاثنين، أي أكثر من 20% في أسبوعين. فمنذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة للحكومة في تشرين الأول من العام 2019، فقدت العملة حوالي 90% من قيمتها، ما دفع بالملايين من الأشخاص إلى الفقر. وقد بلغ معدل التضخم 84% العام الماضي، في حين بلغ تضخم أسعار السلع الغذائية 402% في شهر كانون الأول الماضي.
لقد عمل مصرف لبنان على الحفاظ على استقرار أسعار القمح والدواء والمحروقات من خلال تزويد المستوردين بالعملة الصعبة وفقا لسعر الربط الرسمي المثبّت على 1507 ليرة لبنانية للدولار الواحد. كما أنه منح سعر صرف تفضيليا لمستوردي 300 من المنتجات الغذائية والمنزلية الأساسية، مما يسمح لهم بشراء الدولار بسعر 3900 ليرة لبنانية للدولار الواحد. ويتم تمويل سلع أخرى ضمن سوق سوداء مزدهرة بتكلفة أكبر.
أضاف وزني أن الحكومة ستزيل بعض المنتجات عن قائمة السلع المدعومة، بما في ذلك الكاجو وبعض أصناف القهوة ذات علامات تجارية معيّنة. ويعود السبب في ذلك جزئيا الى أنه تم تهريبها إلى الخارج بغية الربح. كما تخطط الحكومة لزيادة الأسعار تدريجياً في محطات الوقود خلال الأشهر المقبلة، وخفض دعم البنزين من 90% إلى 85%.
وقال وزني إن دعم القمح والدواء والوقود لتوليد الكهرباء سيستمر في الوقت الحالي.
وقال: “لقد اتخذ القرار بخفض الدعم عن السلة الغذائية. والقرار الذي يجب اتخاذه في الأسابيع المقبلة يتعلق بالبنزين. فالشهر الماضي، خلال فترة اغلاق البلاد، بقي الاستهلاك نفسه، لذا نعتقد أنه يوجد خطب ما.”
اعترف وزني بأن الإجراءات ستغذي التضخم– المتوقع أن يبلغ 77% هذا العام، قبل احتساب تقليص الدعم. ولمساعدة الفقراء على التأقلم، سيبدأ لبنان بتقديم تحويلات نقدية عبر بطاقات مسبقة الدفع، في إطار برنامج وافق عليه مجلس النواب يوم الجمعة الماضي. ستدفع الحكومة للأسر المحتاجة حوالي مليون ليرة لبنانية في الشهر الواحد، كما أنها حصلت على قرض من البنك الدولي بقيمة 246 مليون دولار أمريكي لدعم 786.000 مواطن لبناني من الأكثر فقرا.
قال وزني إن الحكومة لا تزال تخطط لخفض قيمة العملة كجزء من الانتقال إلى سعر صرف مرن، لكنها لن تتخذ مثل هذه الخطوة من دون برنامج إصلاح اقتصادي ودعم من صندوق النقد الدولي للمساعدة على استعادة الثقة وترسيخ الليرة اللبنانية.
وصرّح: “نحن ذاهبون لسعر صرف مرن، ولكننا بحاجة لبرنامج من صندوق النقد الدولي”.
ان السياسيين المتشاحنين قد فشلوا في الاتفاق على تشكيلة وزارية جديدة منذ استقالة الحكومة في شهر آب بعد انفجار مرفأ بيروت المدمّر. لا يمكن لحكومة تصريف الأعمال أن تتفاوض مع صندوق النقد الدولي، وهو أمر ضروري الآن للحصول على مساعدات أخرى.
لقد تخلف لبنان، منذ عام، عن سداد ديونه الدولية البالغة 30 مليار دولار أمريكي. ونظرا أنه لم يتم الاتفاق على أي إصلاحات أو خطط سداد منذ ذلك الحين، لا يمكن للبنان الاقتراض أو جذب المستثمرين، في حين أن وباء كورونا والأزمة المصرفية يفتكان بالشركات والاعمال التجارية. لذلك، لم يكن من المفاجئ أن تضعف الليرة اللبنانية، وفقا لوزني.
وقال وزني: “هذا هو الوضع: لا تدفقات بالدولار وثقة أقل ومأزق سياسي، ما يعني حالة من عدم اليقين لأنك تخشى المستقبل مع تراجع الاحتياطيات”. يوجد عوامل مالية واقتصادية وسياسية تلعب دورًا، بالإضافة الى عوامل ظرفية أدّت إلى التدهور السريع في غضون أيام قليلة”.
لقد انكمش الناتج المحلي الإجمالي في لبنان بنسبة 25% العام الماضي. وقال وزني إن التوقعات للعام 2021 تعتمد على اتفاق السياسيين على حكومة وتأمين مساعدات خارجية. وأضاف انه إذا لم يتم إحراز أي تقدم، سينكمش الاقتصاد بنسبة تصل إلى 10%. وأكّد أنه في أفضل السيناريوهات، سينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2% إلى 5%.
ومن المتوقع أن يتقلص عجز الموازنة إلى نحو 4% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين أنه كان قد بلغ 6% العام الماضي و11% في العام 2019. ويعزى ذلك، إلى حد كبير، إلى التخلف عن السداد وإلغاء حوالي نصف الدين بالعملة المحلية الذي يحتفظ به مصرف لبنان.
لا يتوقع مشروع الموازنة أي زيادات على ضريبة الدخل أو الضريبة على القيمة المضافة. وبدلاً من ذلك، يقترح وزني فرض ضريبة بنسبة 1% على الودائع المصرفية التي تزيد عن مليون دولار أمريكي وضريبة بنسبة تتراوح من 10% إلى 30% على الفوائد التي تجنيها المصارف من الودائع في مصرف لبنان.
لم توافق الحكومة بعد على الموازنة التي قد تواجه اعتراضا من قبل المصارف والمودعين الذين عانوا بالفعل من عملية «haircut» غير رسمية بلغت أكثر من 65%.