“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
جال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاسبوع المنصرم في منطقة الخليج في جولة شملت الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر. استكشف موقع “مصدر دبلوماسي” خلفيات هذه الجولة.
بينما حظي لقاء لافروف برئيس الحكومة المكلف سعد الحريري باهتمام واسع لدى اللبنانيين، قالت اوساط روسية واسعة الاطلاع لموقعنا بأن اللقاء مع الحريري ” كان لتأكيد العلاقات التقليدية الطيبة معه وتأييد تشكيل الحكومة التكنوقراطية برئاسته”. ولم تتطرق الاوساط الى المزيد من التفاصيل باستثناء انه يتم الاعداد لزيارة الحريري الى موسكو كواحدة من الزيارات التي تنظمها العاصمة الروسية لمختلف القوى السياسية والشخصيات اللبنانية.
وبالنسبة الى الجولة الخليجية وصفتها الاوساط الروسية الواسعة الاطلاع بأنها ” اتصال دبلوماسي ضروري للتبادل بالآراء والتنسيق ولا توجد أية اهداف غير عادية والقواسم المشتركة بخصوص قضايا الشرق الاوسط”. وأشارت الى أن “روسيا لا تسعى الى تفوّق أو حتى لأن تحتلّ مكانا مميزا في العلاقات مع دول الخليج ولديها نوايا لتطوير العلاقات المتوازنة مع جميع دول المنطقة خلافا للنهج الأميركي الرامي الى التفوق والآن اميركا مضطرة الى التراجع نتيجة فشل الاطماع التوسعية إلا أن المواجهة ستتواصل”. وعمّا اذا كانت روسيا تقوم بوساطة بين ايران ودول الخليج قالت الاوساط:” لا توجد معلومات، إلا أنه ثمة استبعاد وساطة جدية بسبب عدم وجود مضمون، ومن الواضح أن التناقض بين دول الخليج ومحور المقاومة قائم ولا ينتهي وخصوصا في ضوء التطبيع. أما العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية فدخلت مرحلة الحرب الباردة ولن تعود الى الانفراج في المستقبل المنظور”. وعن بيان الخارجية الروسية حول استعراض لافروف للاوضاع في سوريا وليبيا واليمن بالإضافة الى التسوية العربية الاسرائيلية قالت الاوساط الروسية:” صحيح أنه تمّ الاستعراض لكل هذه المواضيع، ولكن في إطار التنسيق وليس التعاون، وفي اليمن يقتصر دور الجانب الروسي على تأييد جهود المبعوث الأممي. كذلك لا يمكن ايجاد مساحة للتعامل في ليبيا او سوريا، وفي كل الأحوال دول الخليج أقرب الى الولايات المتحدة الأميركية أما روسيا فتتمسك بالمواقف المعلنة وثوابتها المعروفة وهي لن تتغير”.
بيان الخارجية الروسية
وكانت وزارة الخارجية الروسية أكّدت في بيان أصدرته يوم الأحد الفائت أن لافروف خلال الفترة بين 8 و12 مارس الجاري سيزور كلا من الإمارات، حيث سيلتقي ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، ووزير الخارجية، عبد الله بن زايد، والسعودية، حيث من المقرر أن يجتمع مع ولي العهد، محمد بن سلمان، ووزير الخارجية، فيصل بن فرحان، وقطر حيث سيستقبله الأمير تميم بن حمد ووزير الخارجية محمد عبد الرحمن.
وأشارت الوزارة إلى أن هذه الزيارات ستكون جزءا مهما من الحوار الثنائي المكثف الذي يجري ضمن إطاره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتصالات دورية مبنية على الثقة مع زعماء هذه الدول العربية.
كما لفت البيان إلى التواصل الوثيق بين روسيا والدول الخليجية الثلاث على مستوى وزارات الخارجية، مذكرا بأن وزراء خارجية السعودية والإمارات وقطر زاروا موسكو في ديسمبر-يناير الماضيين.
وذكرت الوزارة أن المسائل المتعلقة بتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي ستتخذ مكانة خاصة في أجندة جولة الوزير لافروف القادمة، مع التركيز على تطبيق الاتفاقات المبرمة سابقا على أعلى المستويات.
وأشار البيان إلى استمرار نمو التبادل التجاري بين روسيا والدول الخليجية الثلاث تدريجيا، على الرغم من تبعات جائحة فيروس كورونا، مؤكدا أن التبادل التجاري بين روسيا والإمارات خاصة شهد خلال عام 2020 زيادة بمقدار 78% وبلغ 3.27 مليار دولار، ما يمثل مستوى قياسيا غير مسبوق له.
وأشاد البيان بدور اللجان الثنائية المشتركة بين الحكومات في هذه الإنجازات، مضيفا أن لافروف سيؤكد للزملاء الخليجيين الخطط المتعلقة باجتماعات هذه اللجان المقرر عقدها العام الجاري.
كما أشار البيان إلى تعزيز التعاون بين موسكو والدول الخليجية في مجال الاستثمارات، لاسيما من خلال “الصندوق الروسي للاستثمارات” المباشرة.
ومن المتوقع أن يستعرض لافروف مع الزملاء الخليجيين خلال الجولة القادمة طيفا من المسائل المتعلقة بتنسيق مشاريع مشتركة جديدة في عدد من المجالات، منها الطاقة، والصناعة، والزراعة، والبنى التحتية، والاستعمال السلمي للمجال الفضائي.
وذكر البيان أن موسكو تولي اهتماما كبيرا لمواصلة التنسيق مع دول الخليج بشأن الوضع في سوق الطاقة العالمية، لا سيما ضمن إطار تحالف “أوبك+” و”منتدى الدول المصدرة للنفط”.
كما ستحتل مكانة مهمة في أجندة مفاوضات لافروف في الخليج المسائل المتعلقة بتوسيع التعاون في مجال مكافحة تفشي فيروس كورونا، وتفعيل الروابط الثقافية والإنسانية، حيث أشار البيان إلى أن استمرار العمل بنظام الإعفاء من التأشيرات بين روسيا وكل من الإمارات وقطر يعد عاملا محفزا مهما في هذا المجال.
وفيما يتعلق بالشق السياسي من الجولة، فمن المتوقع أن يقوم لافروف بـ”ضبط الساعة المفصل” بشأن الملفات الرئيسية المطروحة على الأجندة العالمية والإقليمية، مع التركيز على ضرورة تسوية النزاعات القائمة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عبر حوار شامل يراعي مصالح ومباعث قلق جميع الأطراف المنخرطة فيها.
وأوضحت الخارجية الروسية أن لافروف سيستعرض من هذه الزاوية الأوضاع في سوريا وليبيا واليمن، بالإضافة إلى التسوية العربية-الإسرائيلية.
وسيولي لافروف خلال مفاوضاته اهتماما خاصا إلى المسائل المتعلقة بتقديم التسوية المستدامة في منطقة الخليج اعتمادا على حزمة الاقتراحات التي سبق أن طرحتها موسكو ضمن مفهومها للأمن الخليجي.
وأعرب البيان عن تمسك روسيا بموقفها الداعي إلى “التخلي عن خطاب المواجهة، ومناقشة المسائل الخلافية المتراكمة حول طاولة حوار، ومشاركة جميع الدول الإقليمية في مساعي إنشاء منظومة أمن جماعي ورد مشترك على التحديات والتهديدات القائمة”.
واختتم البيان بالقول: “ستأتي زيارات سيرغي لافروف القادمة ضمن إطار العمل التدريجي على تقديم تعاون متعدد الاتجاهات ومتبادل المنفعة مع جميع شركائنا في هذه المنطقة المهمة من الناحية الاستراتيجية. وننطلق دائما من أن هذا الطابع من الشراكة يتوافق مع المصالح طويلة الأمد لروسيا ودول شبه الجزيرة العربية، ويخدم ضمان السلام والازدهار والاستقرار في هذه المنطقة”.