“مصدر دبلوماسي”- كتبت مارلين خليفة:
يعرف مدير عام الامن العام اللبناني اللواء عبّاس ابراهيم الكثير من فصول اللعبة الداخلية والاقليمية والدولية وخلفيات اللاعبين وهو بذاته لاعب بارز في موقعه الأمني والسياسي في آن، سلاحه المعلومات المتوّجة بصمت بليغ، ما يجعل مسيرته الامنية والسياسية من خارج الصندوق اللبناني التقليدي.
لا يرغب اللواء عباس ابراهيم في انتزاع التصفيق من أحد، يأبى ان يوصف بأنه “رسول” بين افرقاء محليين او دوليين فهو يقول قناعاته وكفى. هذا ما برز في المقابلة التلفزيونية التي أجرتها معه قناة “الحرّة” ضمن برنامج “المشهد اللبناني” الذي تقدّمه ليال الاختيار، وذلك في الاول من فبراير الحالي. حرّكت هذه الحلقة التي أسلس فيها اللواء ابراهيم القليل من قياد صمته موجات ارتدادية، أكثريتها مرحبة، وبعضها تحرّكت بدفع مصطنع من قبل دوائر محلية مرتبطة بأخرى اقليمية تنشط بشكل رحب على الساحة الاعلامية اللبنانية.
منذ الزيارة التي قام بها اللواء ابراهيم الى الولايات المتحدة الاميركية في اكتوبر الفائت، ولقاءاته الرفيعة المستوى مع مستشار الامن القومي ومسؤولي الوكالات الامنية، ومنذ الحفاوة التي قوبل بها والتغطية الاعلامية الواسعة والايجابية بمجملها: -باستثناء احد كتاب الرأي في صحيفة “الواشنطن بوست” الذي تبين فيما بعد أنه مدفوع من دوائر دراسات غير بعيدة من البيئة اللبنانية، ما اضطر “البوست” الى نشر تقرير ثان يوضح حقيقة الموقف- ثم ما تلا الزيارة من “صحوة” في الاعلام اللبناني حول عقوبات هدّد بها أحد اعضاء مجلس الشيوخ الذي جمع عدة تواقيع مقدما مشروعا مبهما لعقوبات ضد اللواء ابراهيم، ما حدا بوفد اميركي رفيع لزيارته في مقره في بيروت موضحا أن هذا المشروع ليست له علاقة بالادارة الاميركية.
أعقب ذلك تقرير اقرب الى الدراسة نشرته أيقونة الصحافة الامنية والعسكرية الاميركية “جاينز” عن اللواء ابراهيم ومسيرته وادواره الدولية ولا سيما جهوده الحثيثة لفكّ اسر رهائن أميركيين وسواهم وضرورة حضوره في المشهد الاقليمي والدولي المقبل. ورد في التقرير المذكور: “تستمر قيمة ابراهيم باكتساب اهمية بالنسبة الى المجتمع الدولي في ضوء التطورات الجيوسياسية المتواصلة. التزمت إدارة بايدن القادمة بالدبلوماسية المتعددة الأطراف وباستئناف الاتفاق النووي الإيراني. يواجه كل من لبنان وسوريا انهيارا اقتصاديا وشيكا، بينما تواصل إسرائيل مهاجمة “حزب الله” والمواقع والمسؤولين الايرانيين في أنحاء المنطقة كلها، كل ذلك يجعل من ابراهيم شخصية لا يمكن الاستغناء عنها بالنسبة الى المجتمع الدولي”.
هذا المشهد الدولي برمّته منذ أكتوبر 2020، معطوفا على الادوار الداخلية المتشعبة لابراهيم في الداخل وابرزها ما اضطلع به في الكويت (حيث كان موفدا من رئيس الجمهورية لمقابلة المسؤولين الكويتيين) والعراق وقطر والامارات، بالإضافة الى همسات من هنا وهنالك حول دور مستقبلي له في السياسة، شنّفت آذان الخصوم السياسيين وغير السياسيين على كلّ كلمة يقولها، وآخر الامثلة في مقابلة قناة “الحرّة” التي خاطب فيها جمهورا عريضا يمتد من لبنان الى واشنطن مرورا بدول الخليج قاطبة.
يوجب التأثير الذي يتمتع به “سعادة اللواء” والذي يبدو انه في حالة تصاعدية استطلاع التوجهات السياسية له محليا ايضا وليس في الاعلام الغربي فحسب. يملك اللواء ابراهيم تأثيرا حاسما في الحوادث المعاصرة يبقى طيّ الكتمان. أخيرا مثلا، قرر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ان يستمزج آراء السعودية والامارات العربية المتحدة في زيارة مفاجئة ستحصل هذا الشهر وسيطرح موضوع مبادرته في لبنان، ليس اللواء بعيدا من هذه الاجواء هو الذي يجاهر دوما بأن لبنان جزء من الأمّة العربية، ويقول بأن الشعب اللبناني عربي ويفتخر بعروبته، ويعتقد بأن ثمة حاجة للحوار بين الدول العربية لمعرفة التوجهات وهو سيدعو اليه في حال كان يوما وزيرا للخارجية. كذلك يعتبر ابراهيم بحسب عارفيه ان لبنان يتأثر بدول الاقليم: ايران والسعودية والامارات وسوريا (وبطبيعة الحال اسرائيل كعدو) ما يجعل الازمة اللبنانية تحتاج الى تكاتف جهود عربية وغربية لكي تحلّ. هل قدّم نصحا لماكرون وفريقه الدبلوماسي في هذا الخصوص؟ لا أحد يعرف سواه، فهو يتقدّم الصفوف الأمامية بوساطاته وبصمته المدوّي.
بالعودة الى مقابلة “الحرّة”، فقد تحرّك اللواء ابراهيم بين معادلات وتوازنات دقيقة بحنكة دبلوماسية، وتميز بإجابات رشيقة تنمّ عن خبرة سياسية متراكمة، ما يجعل من هذه المقابلة صالحة لتكون نموذجا تدريبيا لطلاب معاهد الدبلوماسية. لكن المسؤول الامني الرفيع لم يكن رمادي المواقف فأعطى المحاورة والجمهور حقهما، وأجاب بصراحة وقناعة ووضوح من غير ان يفقد دماثته المعروفة عنه، كما هو معروف عنه قدرته على ان يكون حازما وبشكل حاد عند الاستحقاقات الضرورية.
يمكن للمراقبين التوقف عند عناوين عدة اثارها ونالت قسطا من التحليل والقراءات جاء بعضها مجتزأ او خاطئا. تتعلق الاسئلة التي يمكن طرحها بعناوين ترتبط بمستقبل لبنان وبعاصمته الثانية طرابلس، وبأفكار رجل الدولة ومقاربته للدستور، وفي الغاء الطائفية، ودور “حزب الله” والعقوبات الاميركية التي لم تؤدّ مبتغاها، والعلاقة التي يجب ان تكون ممتازة مع سوريا، والاصلاح المحتوم، وحقوق الطوائف، والظلم الدولي للبنان بحجة محاربة “حزب الله.” هذه العناوين والاجابات عليها تشكّل خارطة طريق للتعرف الى فكر المسؤول الذي يرسم له اصدقاؤه وخصومه خارطة طريق نحو المزيد من الامساك بزمام السلطة فيما يجاهر- سواء في المقابلة المذكورة او في بعض جلساته- بأنه سيطوي صفحة نجومية الخدمة العامة بالذهاب الى البيت ليرتاح! بكل الاحوال، ما هو القاموس السياسي الذي ينهل منه اللواء ابراهيم؟
“اعادة النظر بمندرجات الدستور”، عبارة اطلقها اللواء ابراهيم ابان المقابلة المذكورة، طوتها المحاورة بأسئلة أخرى ولم تتوقف عندها مع انها تمثل الفلسفة السياسية للواء. معارفه يقولون أنه ” يطمح الى تغيير كل شيء وليس الدستور فحسب وذلك بالممارسات الفعلية لا بالاقوال”. هو يريد الانقلاب على الطائفية المقيتة وان يلغي تكريسها في الدستور كليا، وأقل ما يفصح عنه أنه يؤيد قانون انتخابات نيابية بعيدا من القيد الطائفي، لكن…مع ايجاد مساحة للمسيحيين ليبقوا راسخين بلبنان.
يقارب اللواء ابراهيم موضوع الاستراتيجية الدفاعية بذهنية “إبن الدولة”، وبما انه يتقيد بمنهج الدولة في مساراته كلها، فليس منطقيا أن يتخذ موقفا ضد الاستراتيجية الدفاعية. هذا الانتماء الى الدولة كان اشار اليه تقرير “جاينز” في 18 ديسمبر 2020 بعنوان: “من “حزب الله” الى الولايات المتّحدة الأميركية: الشبكات المتنوعة لعباس ابراهيم”. إذ ورد الآتي:” ترعرع (اللواء ابراهيم) في الحرب الاهلية في صفوف الجيش وفي مكافحة الارهاب وبقي دوما وفيا للجيش”. وبالتالي كان من الطبيعي أن يتحدث بمنطق الدولة الذي يقول بأنها المعنيّة الاولى بمواجهة أي عدو، وليست هذه المهمة من واجبات حزب. وبما أن الدولة قصّرت تاريخيا بموضوع الدّفاع عن لبنان وعن أهل الجنوب تحديدا، تطوّرت المقاومة الى حين نشوء “حزب الله” بشكله الحالي. وبالتالي يجاهر اللواء ابراهيم في جلساته مع جميع المسؤولين بأنه مع وضع استراتيجية دفاعية لمواجهة اي عدو يعتدي على لبنان. هذا المنطق، يستبعد وجود أية رسالة ايرانية تشكل مغازلة للاميركيين بعد تسلم الرئيس الاميركي جو بايدن لزمام السلطة، وهي رسائل تقرأ في الاعلام الايراني المهادن للولايات المتحدة الاميركية وفي تعيينات الادارة الاميركية لمبعوثيها وابرزهم روبرت مالي الذي سيتولى زمام العلاقة مع طهران وهو أحد اصدقاء ايران منذ زمن طويل وشارك في صياغة الاتفاق النووي الاول في العام 2015. أما اللواء ابراهيم فلا يعتبر نفسه “رسولا” للإيرانيين حيث ان تعاطيه معهم محصور في ملفات محددة.
في تصوّر اللواء الذي يعرف الكثير ويقول القليل، أنه يجب ان تتوحد جهود اللبنانيين جميعهم جيشا وشعبا ومقاومة وحتى “اللامقاومين”، أي الذين لا يؤمنون بالمقاومة تحت راية الدولة، من أجل مواجهة اي اعتداء على البلد، أما الموضوع التقني للاستراتيجية الدّفاعية فيحدده الخبراء.
أفسح كلام اللواء ابراهيم عن الاستراتيجية الدفاعية المجال لإيجاد قاسم مشترك بينه وبين خصوم “حزب الله”، ولعلّ ابراهيم يذهب ابعد من ذلك. فبحسب عارفيه فإنه يعتبر بأن “حزب الله” بذاته يؤيّد الاستراتيجة الدّفاعية، وأن لا أحد ضدها لأنها توحّد ولا تفرّق في نهاية المطاف، فـ”حزب الله” ليس هاويا لحمل السلاح لكنّه مؤمن بأن امكانياته تتيح له قدرة الدفاع ضد اي اعتداء يطال لبنان، وخصوصا عن أهل الجنوب الذين تعرّضوا تاريخيا لشتّى انواع القهر والقمع ولجرف منازلهم ولتوقيفهم وإذلالهم من قبل العدو الاسرائيلي، ولم يجدوا من يدافع عنهم.
تتوصل الاستراتيجية الدفاعية إن تمت الى سحب قرار الحرب والسلم من بين يدي “حزب الله” ليعاد الى الدولة اللبنانية؟ سؤال منطقي. يعتبر اللواء ابراهيم بان قرار الحرب والسّلم ليس بيد “حزب الله” ولا بيد الدولة اللبنانية، ولا بيد اي دولة بل هو بين يدي اسرائيل، فهي التي تعتدي على لبنان وتقوم بغارات على علوّ منخفض وخصوصا فوق الجنوب.
لا يعتقد اللواء ابراهيم بأن الحوار الاميركي الايراني قد بدأ فعليا، لكن ما يجري من تصاريح وتصاريح مقابلة هو بحدّ ذاته حوار غير مباشر. فالدولتان تضعان شروطا وشروطا مضادة، يقول الاميركيون انهم يريدون العودة الى الاتفاق النووي مع ملحقات، وتقول بعض الاطراف العربية في المنطقة بأنها تريد ان تكون جزءا من الاتفاق الجديد، بينما يقول الايرانيون بأنهم مستعدين للعودة الى الاتفاق السابق فحسب، وهذا بحدّ ذاته حوار عبر الاعلام، فالحوار لا يكون في الصالونات او عبر المكاتب المغلقة فحسب.
سوريا هي الرئة التي يتنفس منها لبنان. إنها قناعة راسخة عند اللواء ابراهيم، لذا فالعلاقة مع دمشق يجب ان تكون ممتازة. لكن المسؤولين الاميركيين حتى في ادارة جو بايدن يتحدثون عن استمرار الضغوط الاقتصادية على سوريا وآخرهم بالأمس الناطق الرسمي بإسم الخارجية الاميركية نيد برايس، كيف سيتمكن لبنان من ارساء هذه العلاقة؟ وهل سيتم فك الارتباط اميركيا بين لبنان وسوريا اقله في شأن العقوبات فيتمكن من التعاون معها بشكل طبيعي؟
هذا الموضوع مطروح بقوة، وقدّم سفير لبنان في واشنطن غبريال عيسى مشروعا لبعض الاستثناءات من “قانون قيصر” الاميركي الذي يطال لبنان في تداعياته والذي تمّ تفعيله في منتصف العام 2020. حققت زيارته الى الولايات المتحدة الاميركية خروقات على هذا الصعيد. كانت ادارة الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب رافضة لأية استثناءات ويبدو الأمر سيّان من عناوين ادارة بايدن، لكن لبنان مصرّ على وجود مصالح تحكم علاقته بسوريا بعيدا من شعارات الأخوة والتنسيق. صحيح بأن الولايات المتحدة الاميركية هي دولة عظمى لكن بين لبنان وسوريا مصالح مشتركة، وإن استفادت سوريا من لبنان فلبنان أيضا يمرر بضائعه عبر اراضيها الى العالم الخارجي. ولعل استجرار الكهرباء هو الملف الابرز، كان لبنان يستجرّ حوالي 400 كيلواط سنويا توقفت نتيجة “قانون قيصر”، علما بأن اسعار الكهرباء في سوريا تناسب لبنان وتوفّر طاقة بسعر رخيص جدا، ولدى لبنان فرصة للدفع بالعملة اللبنانية للسوريين، لذلك طلب لبنان استثناءه.
حققت زيارة اللواء عباس ابراهيم الى الولايات المتحدة الاميركية في اكتوبر الماضي كما ذكرنا خرقا في هذا الخصوص، حيث أخذ الاميركيون مصالح لبنان في الاعتبار، لأنه في النهاية فإن النقص في الكهرباء له بعد انساني المؤسسات الانسانية والمستشفيات والافران تحتاج الى كهرباء، وقد أثار اللواء ابراهيم الموضوع مع الأميركيين من هذه الزاوية، وسيثيره مرة ثانية في زيارة تمت دعوته اليها الى الولايات المتحدة الاميركية لم يحدّد موعدها بعد.
حاولت قوى معروفة للاجهزة الامنية اقتلاع ركائز الاستقرار وصورة الدولة في طرابلس لفرض معادلات وتوازنات تقع في صلب الاشتباك الاقليمي مراهنة على انحسار دور الدولة في تلك المدينة التي يشهد مرفؤها حركة تجارية واسعة النطاق بعد أن أضحى وجه لبنان على العالم إثر الانفجار الذي دمر القسم الاكبر من مرفأ بيروت في 4 آب الفائت. يعرف اللواء ابراهيم طرابلس جيدا مذ كان ضابطا في المخابرات، ومنذ اعوام قليلة كان يسير في أزقة باب التبانة واحيائها الفقيرة والمدقعة متحدثا مع الناس. حين يسأل يتحدث بحنو عن أهل باب التبانة الذين يرفضون رفضا قاطعا احتضان او السماح لإرهابيين باختراق مدينتهم، لكنه طالما يحذّر من أن الفاقة تجرّ الناس الى أماكن خاطئة.
للواء ابراهيم علاقات متينة جدا بشخصيات سنية من طرابلس وسواها. وبعد الحوادث الاخيرة، واعادة انطلاقة داعش في سوريا والعراق- وهو ما أشار اليه مجلس الامن الدولي في تقرير مفصل يوم الجمعة الفائت- كان اللواء ابراهيم يحذر عبر قناة “الحرة” من امتداد مخالب الاخطبوط الداعشي الى طرابلس إثر حوادث مشبوهة حاولت النيل من صورة الدولة عبر حرق المباني الرسمية كالسراي الحكومي ومبنى البلدية. قال ابراهيم لـ”الحرّة”:” أهلنا في طرابلس رافضون (لظاهرة داعش)، والتجربة الماضية أثبتت بأنهم يرفضون هذا النوع من الأداء أو الاختراق لساحتهم، لكننا نعرف أنه في هذه المنطقة وغيرها من المناطق، لـ”داعش” خلايا نائمة، ويمكن ان تتحرّك بأية لحظة، إمكانية السيطرة على هذه الخلايا بالفترة التي مرّت كانت متاحة وكبيرة، وكنّا كاجهزة أمنية نقوم بعمل جبّار، الآن الفوضى والتفلّت الذي صار بالشارع بطرابلس، قد يسمح لهؤلاء باستغلال هذه النافذة والدخول منها الى الساحة اللبنانية. علينا أن نكون حذرين لأن الاجهزة كلّها تحاول السيطرة على الوضع وضبطه في طرابلس، ومنع امتداده الى بقية المناطق الاخرى”.
الادلة عن محاولات اختراق داعش للبنان كثيرة في الآونة الاخيرة فقد اعلن الجيش اللبناني عن توقيف خلية داعشية في مدينة عرسال، ولا تزال جريمة كفتون ماثلة في الاذهان، أما ربط هذه المخاوف بمدينة طرابلس فيعود الى أن الفلتان الأمني يشكل الثغرة التي من الممكن أن يدخل منها اي طرف يريد القيام بعمل مخلّ بالأمن، فالفلتان الامني هو غطاء مهم للارهابيين الذين يستفيدون من قبضة امنية رخوة في المنطقة نتيجة انشغالها، وسط لا استقرار في البلد وضعف لأداء الدولة وأجهزتها المركزية، وهذه الشروط هي مثالية لتأمين ضرب الارهاب للأمن. بطبيعة الحال تمتلك الاجهزة الامنية معلومات وافية في هذا الخصوص، وبناء عليه فإن الارضية الموجودة في طرابلس حاليا هي خصبة، كما أن تعثّر تشكيل الحكومة منذ أشهر وانسحاب الازمة اخيرا الى الشارع في مدينة طرابس، يحرّك هذه الخلايا النائمة، فالتنظيمات الارهابية عادة تظهر وتستعيد نشاطها حيث لا وجود للدولة وحيث الحكومات المركزية ضعيفة. وبالتالي ليس التصويب على طرابلس هو استهداف للمدينة بل إن الخطر قد يطال مدنا اخرى ابرزها عرسال، وليس في الأمر استهداف ممنهج لطرابلس فـ”داعش” ضرب ضاحية بيروت الجنوبية وقام بعمليات ارهابية اكثر من مرة.
لا يبدو بحسب عارفي اللواء ابراهيم بأن مشروع فصل طرابلس عن لبنان واقعي، وما حصل في طرابلس يدرك ابراهيم جيدا بأنه مدان من اهل طرابلس انفسهم. وهنا لا بد من الربط بين هذه الحوادث الامنية والدور الاقتصادي المتنامي للمدينة عبر مرفئها وايضا عبر معرض رشيد كرامي الدولي، لكن في قناعة اللواء ابراهيم انه لا يوجد تنافس دولي في هذا الشأن، لكنّ طرابلس هي مدينة واعدة على المستوى الاقتصادي وهي أصبحت بوابة لبنان المطلّة على حوض البحر المتوسط بعد تدمير مرفأ بيروت بجزئه الاكبر، وتتمتّع المدينة بمقومات اقتصادية ستساعدها على التطوّر الحتمي.