“مصدر دبلوماسي”
انعقد المؤتمر الثاني لدعم الشعب اللبناني (انعقد المؤتمر الأول في 9 آب الفائت) في باريس مساء أمس الاربعاء بدعوة من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي ترأس المؤتمر (الافتراضي) بالاشتراك مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس وبمشاركة عدد من رؤساء حكومات ووزراء خارجية ومسؤولين في المنظمات والجمعيات غير الحكومية والأهلية ومؤسسات وصناديق مالية دولية.
الرئيس إيمانويل ماكرون: أكثر من 20 في المئة من الشعب اللبناني يعيشون تحت خطّ الفقر
تحدث الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عن المؤتمر واهميته والغاية منه، مشدداً على انه من المهم التدخل لمساعدة لبنان الذي يغرق أكثر في أزمته، فيما يفرض الواجب مساعدته والاستجابة إلى احتياجاته الحقيقية، وهذا التحرك يضم العديد من الدول والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمات وجمعيات غير حكومية واهلية، لان اكثر من 20 في المئة من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر.
ولفت الى انه من المقرر تأسيس صندوق يديره البنك الدولي للمساهمة في تقديم المساعدات الإنسانية الى لبنان، وستساهم فرنسا في هذا الصندوق، والى انه يراهن على المشاركين جميعاً للقيام بالمثل.
مؤكداً ان دعم باريس للشعب اللبناني موجود وسيبقى ولكنه لا يمكن ان يحل مكان عمل السلطات المحلية.
وأشار الى ان هذا المؤتمر الثاني يهدف الى مساعدة لبنان على الوقوف واستعادة نشاطه وصورته بعد الانفجار الذي حصل في 4 آب الفائت.
واعتبر ماكرون انه يجب العمل على تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن واجراء الإصلاحات المطلوبة من قبل المجتمع الدولي وإلا لن يحصل لبنان على مساعدات دولية.
وقال: “نحن لن نتخلى عن دعمنا وعن هدفنا في إعادة الاعمار ولا عن اصرارنا على معرفة كامل ملابسات الانفجار والتحقيقات بشأنه، وسأعود الى لبنان في خلال هذا الشهر كي اتابع هذا الموضوع.”
ثم اعطى الرئيس ماكرون الكلام الى كل من اليسيا نادر من جمعية “بيت البركة” و مالك خامي من مؤسسة “عامل” وسمر أبو جودة من الصليب الأحمر اللبناني وهم من الجمعيات الاهلية والمنظمات غير الحكومية التي ساهمت في مساعدة المواطنين المتضررين جراء الانفجار الذي شهده مرفأً بيروت في الرابع من آب الفائت، وتحدثوا عن رأيهم ومشاهداتهم لما خلّفه الانفجار من اضرار مادية جسيمة، كما تحدثوا عن معاناة المواطنين واحتياجاتهم بفعل نتائج الانفجار والتفاعل معهم وما وصل اليهم من مساعدات والحاجة الى المزيد منها.
الامين العام للامم المتحدة
وتحدث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس وهو الذي يترأس المؤتمر بالمشاركة مع الرئيس ماكرون، وشدد على أهمية تلبية حاجات اللبنانيين، وخصوصاً منهم الأكثر حاجة الى المساعدة، وإعادة الاعمار بمساندة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وغيرهما من الدول والمنظمات. وأضاف: يمكننا ايضاً المساهمة في التأهيل وإعادة الاعمار في بيروت لتعود قلب لبنان النابض، ولكن هذا الامر بحاجة الى إصلاحات أساسية لا بد منها، ويجب سماع صوت الناس. وتابع: علينا ان ندعو وبصوت واحد القيادة في لبنان الى وضع الخلافات والمصالح السياسية جانباً وتلبية حاجات المواطنين.
وشدد على ان الأمم المتحدة ستواصل دعم لبنان وشعبه في المسيرة الطويلة لاستعادة العافية والاستقرار.
كلمة الرئيس عون:
وتحدث رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون وقال في كلمته:
سيّداتي سادتي،
أودّ بدايةً أن أتقدّم بالشكر إلى فخامة الرئيس والصديق إيمانويل ماكرون، للدعم القوي والمستمرّ الذي يقدّمه للبنان من دون هوادة. وعلى الرغم من العوائق التي تواجهها المبادرة الفرنسيّة، لا بدّ لها من النجاح، لأن الأزمات التي يمر بها البلد قد وصلت إلى أقصى حد. ونعلم أن “المستحيل ليس فرنسياً”.
واني أتقدّم بالشكر أيضًا الى سعادة الأمين العامّ للأمم المتّحدة السيّد أنطونيو غوتيريس، إضافة إلى السيّدات والسادة المسؤولين والرؤساء الموجودين هنا اليوم، والذين أظهروا نيّتهم الصادقة في تقديم العون للبنان وشعبه.
إنّ الرسالة التي وجّهتها إلى البرلمان عقب توقّف التدقيق المالي الجنائي قد لاقت إقبالاً وإجماعًا عامًّين. هذا الرهان الوطنيّ الذي أتمسّك به شديد التمسّك، والذي دأبت على المطالبة به منذ العام2005، إنّما يتخطّى النزاعات السياسيّة، ومن دونه لن تكون هناك أي اتّفاقيّة مع أيّ دولة راغبة في مساعدة لبنان، ولا حتّى مع صندوق النقد الدوليّ. وجاء ردّ الكتل البرلمانيّة مؤيّدًا بالإجماع لتدقيقٍ كاملٍ وشاملٍ.
والتدقيق سيبيّن جميع المسؤولين عن انهيار نظامنا الاقتصادي كما سيفتح الطريق أمام الإصلاحات الضروريّة لإعادة بناء الدولة اللبنانيّة.
إنّني مصمّم، مهما كلّفني الأمر، على متابعة هذه المسيرة حتّى النهاية، لتحرير الدولة اللبنانية من منظومة الفساد السياسيّ والاقتصاديّ والإداريّ التي اضحت رهينة لها، بغطاءٍ من ضمانات مذهبيّة وطائفيّة واجتماعيّة.
ولا شك أنه بإمكانكم أن تقدموا للبنان مساعدة أساسية في هذا الاطار، وذلك عبر الوسائل المتاحة لدى الأمم المتّحدة والاتّحاد الأوروبي، لجهة محاربة سرقة الأموال العامّة، وتعقّب التحويلات غير الشرعيّة لرؤوس الأموال إلى الخارج، وبالتحديد ابتداءً من 17 تشرين الأوّل من العام 2019.
إنّ أولويّتنا اليوم هي تشكيل حكومة من خلال اعتماد معايير واحدة تطبق على جميع القوى السياسية، والمهام التي تنتظرها ضخمة. فالمطلوب من الحكومة العتيدة أن تطلق في الوقت عينه ورشة الاصلاحات البنيوية الملحّة، وإعادة إعمار بيروت، وتطوير خطة التعافي المالي والاقتصادي ووضع أطرها التنفيذية.
إنّ المآسي الكثيرة التي حلّت بلبنان، والتي يواجهها اللبنانيّون اليوم، تفوق طاقتهم كما تتخطى قدرتهم على الاحتمال. فالصعوبات الاقتصاديّة التي تمرّ بها البلاد أثقلت كاهلهم، وأصابت مدّخراتهم ووظائفهم وهدّدت مستقبل أبنائهم. وفي خضم انتشار وباء كوفيد 19 الذي يمعن ولمّا يزل، في الحاق الضرر على كافة الصعد، بكل دول العالم ونحن من بينها، أتت مأساة انفجار مرفأ بيروت لتضرب قلب عاصمتنا، وتزيد مآسي شعبنا والضرر اللاحق باقتصادنا.
وباتت مساعدتكم، من جرّاء هذه الأزمات المتراكمة والمتصاعدة، لا غنى عنها لجميع اللبنانيّين في أي منطقة كانوا.
إنّ مساعدتكم أساسيّة مهما كانت طرقها أو آليّاتها أو أدواتها وايّاً كانت القنوات التي ستعتمدونها، طالما هي بإشرافكم وإشراف الأمم المتّحدة. ومن الجدير ذكره ان لبنان يفاوض حالياً البنك الدولي على قرض وقدره 246 مليون دولار لمشروع “شبكة الأمان الاجتماعي- أزمة الطوارئ في لبنان والاستجابة إلى كوفيد 19″ على ان تنتهي المفاوضات هذا الاسبوع، ونحن نأمل الحصول على الموافقة العاجلة من مجلس المديرين للبنك الدولي.
إنّ المساعدة الدولية أساسيّة وضرورية، خصوصاً وأنّ لبنان ما زال يعاني ويدفع الأثمان الباهظة جرّاء نزوح أعداد ضخمة من السوريّين الوافدين إليه. ومن الملحّ اليوم، أكثر من أيّ وقت سبق، أن يحسم المجتمع الدوليّ قضيّة عودتهم إلى أراضيهم. إنّ بلدنا المستنزف لا يملك البنى التحتيّة ولا السبل المناسبة التي تخوّله الاستمرار في استقبالهم أو حتّى تقديم أيّ دعم لهم.
إنّ لبنان أيضاً لا يعرف المستحيل، وتاريخنا يخبر أننا شعب لا يتعب من النضال ليحافظ على وجوده.
لقد دعوتُ اللبنانيين للنهوض معاً ورفع الصوت في المكان الصحيح للضغط حيث يجب، لنفوز بمعركتنا ضدّ الفساد، هذه المعركة المصيريّة للبنان.
وها أنا اليوم، ومن على هذا المنبر، أطلب من المجتمع الدوليّ بأسره ألاّ يتخلّى عن بلد الأرز، وما يمثله من ثروة للبشرية جمعاء.”
البنك الدولي
واعطيت الكلمة الى رئيس البنك الدولي دافيد مالباس David Malpass الذي اعرب عن استعداد البنك لمساعدة اللبنانيين والمؤسسات في لبنان، بالمساهمة مع مؤسسات ودول أخرى. واكد التزام البنك بمساعدة لبنان على تنفيذ بنود خريطة الطريق لاعادة اعمار مرفأ بيروت بشكل افضل. كما جدد الدعوة الى السلطات اللبنانية لوضع شبكة امان اجتماعي والانخراط في إصلاحات ضرورية شاملة ومن بينها القطاع المالي.
المجلس الأوروبي
وكانت كلمة لرئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، الذي شدد على تأثره بما شاهده من نتائج مأساوية للانفجار في بيروت، والذي زاد الأمور تعقيداً وقساوة على اللبنانيين بفعل الازمة الاقتصادية ووباء كورونا. ولفت الى المساعدات التي قدمها المجلس لتلبية الحاجات العاجلة للبنانيين وبلغت اكثر من 70 مليون يورو، و”سنواصل تقديم دور فاعل للمساعدة. اننا نقوم بتكثيف نشاطاتنا في هذا المجال وايضاً في تلبية الحاجات الطبية والاجتماعية للاجئين السوريين، وقد بلغت مساعداتنا في هذا المجال نحو 100 مليون يورو إضافة الى 69 مليون آخرين قدمتها دول أوروبية أخرى. وانا مسرور للإعلان عن تمكننا بالتعاون مع شركائنا في الأمم المتحدة والبنك الدولي، اطاراً للتعافي وإعادة الاعمرا لوضع المبالغ المالية قيد التنفيذ، ولكن علينا النظر للمستقبل، وحان الوقت كي يأخذ القادة اللبنانيون المبادرة المطلوبة لتغيير المسار، انه مسار صعب ولكن يجب تشكيل حكومة شفافة وقادرة لتنفيذ الإصلاحات الضرورية، ويجب العودة الى المفاوضات مع صندوق النقد بشكل سريع. ونحن ملتزمون استقلال لبنان وسيادته وحريته، فهو صديق وشريك قديم للاتحاد الأوروبي، ويمكن للشعب اللبناني الاعتماد علينا.”
الرئيس المصري:
اما الرئيس المصري محمد عبد الفتاح السيسي، فتحدث عن أهمية هذا المؤتمر كرسالة دعم من اصدقاء لبنان بالنسبة الى لبنان وشعبه على انه ليس لوحده، وما فعلته مصر كردة فعل سريعة بعد الحدث المأساوي الذي شهدته العاصمة بيروت، على اكثر من صعيد، وذلك تضامناً من مصر وشعبها مع الاشقاء اللبنانيين في الوضع الصعب الذي يمرون فيه.
ولفت الى انه على الرغم من الخلافات في النظرة الدولية الى الشؤون اللبنانية، يجب ان نتفق على أهمية الوقوف الى جانب هذا البلد وعدم تركه وحيداً لمواجهة التحديات، واهمها تخطي ازمته السياسية الراهنة. ودعا الجميع في لبنان الى وضع المصلحة الوطنية اولاً وتسريع تشكيل حكومة مستقلة قادرة على مواجهة التحديات وتأمين حاجات ووحدته الوطنية لبنان واللبنانيين، وتجنيب البلد تداعيات هذه التحديات.
واعتبر انه يجب تجنيب لبنان تداعيات ما يحصل في المنطقة، وتدعيم المؤسسات فيه، مشدداً على ان هذا المؤتمر رسالة الى السياسيين اللبنانيين مفادها ان العالم مستعد لمساعدة لبنان عندما يتم تأليف حكومة من التكنوقراط والاختصاصيين بعيداً عن الاصطفاف السياسي، وهذا هو مطلب اللبنانيين، ولا حل للمشكلة اللبنانية الا بتلبية مطالب الشعب اللبناني واستعادة ثقة المجتمعين العربي والدولي.
الرئيس القبرصي:
وكانت مداخلة للرئيس القبرصي نيكوس اناستاسيادس، عبّر فيها عن رغبة العالم في مساعدة لبنان على تخطي ما يواجهه من أزمات. وشدد على أن الاستقرار في لبنان وراحة شعبه هي أولوية بالنسبة الى قبرص التي تبرعت بخمسة ملايين يورو واخذت طريقها الى المدارس والمستشفيات التي تأثرت بالانفجار لاعادة اعمارها، كما لفت الى ان الشعب القبرصي تبرع بالكثير من الحاجات والمعدات لمساندة اللبنانيين.
وشدد على قيام حكومة شاملة وجامعة وقادرة على التحرك والتنسيق مع المجتمع الدولي لإنقاذ لبنان.
رئيس الوزراء الإيطالي:
ثم تحدث رئيس الوزراء الإيطالي جيوسيبي كونتي، فأكد وقوف إيطاليا حكومة وشعباً الى جانب لبنان واللبنانيين، مذكّراً بالتحرك الفوري للايطاليين لدعم الشعب اللبناني على تخطي المفاعيل الكارثية للانفجار الذي شهدته بيروت، والتي بلغت نحو 22 مليون يورو في مختلف المجالات، وستكون هناك مبادرات أخرى تبلغ قيمتها 11 مليون يورو.
وجدد الدعوة التي كان وجهها في بيروت خلال زيارته الى لبنان في أيلول الفائت، لاجراء الإصلاح وإقامة حكومة فاعلة وشفافة للتعاطي مع الوضع الاقتصادي والاجتماعي والتخفيف من معاناة الناس. واعلن استمرار العمل الإيطالي على الأراضي اللبنانية لدعم الشعب اللبناني وحقه في الامن والسلام.
رئيس الوزراء السويدي:
وقال رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفن Stefan Lofven ان بلاده تقف مع المجتمع الدولي الى جانب لبنان، والمشاكل التي يواجهها على اكثر من صعيد ومنها وجود اللاجئين السوريين والفلسطينيين على ارضه. ودعا الى الإسراع في تشكيل حكومة للتواصل مع العالم من اجل المساعدة وتلبية مطالب اللبنانيين عبر الشفافية ومكافحة الفساد.
وشدد على ان يكون دور المرأة فاعلاً في تأمين مستقبل لبنان، والسويد مستمرة في دعم لبنان وقدمنا 21 مليون دولار كمساعدات إنسانية، كما قررنا تمديد مساعداتنا في ما خص الازمة السورية لثلاث سنوات.
رئيس الوزراء العراقي:
اما رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، فأكد وقوف العراق الدائم الى جانب لبنان والذي سيستمر دون شك، مستعرضاً ما قامت به بلاده من تحرك سريع لمساندة اللبنانيين بعد المأساة التي حلت بهم في الرابع من آب الفائت، والتي أتت لتزيد تراكم المشاكل على الشعب اللبناني.
وشدد على أهمية مساعدة المجتمع الدولي والمنظمات غير الحكومية والمجتمعات الأهلية والقطاع الخاص في الانضمام الى عملية المساندة والدعم، لافتاً الى ان العراق الذي يعاني من تحديات مشابهة، يتطلع الى الاستفادة من دروس هذه التجربة مع الاعتقاد بأن الأولوية هي للتنمية وتطوير الحكم الرشيد والاستجابة لتطلعات شعوب المنطقة للازدهار والاستقرار.
رئيس الوزراء الكويتي:
كما تحدث رئيس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الخالد الذي عرض الازمات التي توالت على لبنان، واهمية هذا المؤتمر الثاني الذي يعبّر عن استعداد الجميع لتقديم المساعدة وضمان الاستقرار والامن لهذا البلد الشقيق، كما لفت الى التحرك العاجل للكويت للمساعدة مادياً وعبر مساعدات طبية وغذائية أخرى.
وشدد على ان كل العمل الدولي يبقى ناقصاً ما لم يتحرك اللبنانيون انفسهم من اجل ضمان تأمين مصالحهم الوطنية عبر وحدتهم.
العاهل الأردني:
وتحدث العاهل الأردني عبد الله بن الحسين، مؤكداً ان الرسالة الأهم التي يبعث بها هذا المؤتمر هي ان اللبنانيين ليسوا لوحدهم، ومشيرا ًالى ان الأوضاع الصعبة زادت الأمور تعقيداً على اللبنانيين. وقال ان بلاده تنظر في جميع السبل الممكنة لمساعدة الشعب اللبناني من خلال تسهيل الحركة التجارية وتوفير استراتيجيات لتيسير قطاع الأعمال.
وقال ان لبنان لطالما كان حاضراً لمؤازرة ومساعدة غيره، وبات اليوم لزاماً علينا مبادلته بالمثل، فهناك مخاوف لا تتعلق فقط بنقص الغذاء، بل أيضا بندرة المواد اللازمة لإنتاج السلع المحلية الاساسية.
ودعا الى بذل كل الجهود للنظر في مختلف وسائل الدعم الذي يمكن تقديمه للشعب اللبناني، سواء أكان إنسانيا أو اقتصاديا أو دبلوماسيا.
رئيسة سويسرا:
وعرضت رئيسة سويسرا سيمونيتا سوماروغا التحرك السويسري لمساعدة لبنان بشكل مستمر منذ اكثر من سنة بفعل الازمة الاقتصادية والاجتماعية وما تبعها جراء وباء كورونا وانفجار مرفأ بيروت. ورأت انه لا يمكن حل الازمة اللبنانية من خلال المساعدة الدولية فقط، فهناك مسؤولية على السلطات اللبنانية للقيام بالإصلاحات اللازمة واعتماد مسار التأهيل والاستماع الى مطالب اللبنانيين.
رئيس الوزراءالكندي
واعتبر رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو ما حصل في لبنان بأنه مأساة صعبة، معرباً مجدداً عن تضامن بلاده والكنديين مع اللبنانيين، وعارضاً للتحرك الطارئ الذي قامت به بلاده مباشرة بعد احداث الرابع من آب الفائت. واعلن ان وزير الخارجية الكندي توجه الى بيروت كما العديد من الهيئات الكندية لتقديم المساعدة، ولكن لا بد من تحرك للبنانيين، على غرار ما قالت الرئيسة السويسرية، من اجل ضمان نجاح المبادرات والتحركات.
وشدد على أهمية قيام إصلاحات أساسية مبنية على الشفافية، وعلى ان كندا ستستمر بالمطالبة بهذا الامر من اجل مستقبل افضل.
رئيس وزراء اسبانيا:
وكانت مداخلة لرئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز الذي ضم صوته لمن سبقه، لجهة الدعم والتضامن مع لبنان وشعبه، مذكّراً بالخطوات التي اتخذتها بلاده في هذا المجال. وركّز على أهمية قيام حكومة بشكل سريع لتشكيل أساس صالح للتعاون مع المجتمع الدولي واستعادة ثقته وجذب المستثمرين، لافتاً الى ان لبنان نموذج للعيش المشترك بين الديانات وشكّل ملجأ آمناً لكل من لجأ ليه.
ان اسبانيا مستعدة للمساعدة من خلال التزامها امن لبنان بمشاركتها في “اليونيفيل” وستستمر بذلك، وتقديم الدعم اللازم مادياً ومن خلال المواد الأساسية، ومساعدة الأطفال المتضررين من الانفجار عبر المساعدة في تأهيل المدارس الواقعة ضمن محيط الانفجار، ووضع خطة للمساعدة التقنية في المستقبل.
رئيس الوزراء اليوناني:
ثم تحدث رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس عن الصداقة التي تجمع لبنان واليونان، وبالتالي وقوف بلاده الى جانب لبنان في هذا الوضع الصعب الذي يمر فيه. وابدى أهمية قيام السلطات اللبنانية بخطوة اجراء الإصلاحات الشفافة لاظهر الجدية للمجتمع الدولي الراغب في المساعدة، مشدداً على استعداد بلاده في المقابل للاستمرار في دعم الشعب اللبناني الذي يجد نفسه اليوم بحاجة الى المساعدة جراء الصعوبات التي يتعرض لها.
ديفيد هايل:
اما مساعد وزير الخارجية الاميركية للشؤون السياسية ديفيد هايل، فأشاد بالتحرك الفرنسي لمساعدة لبنان واللبنانيين، وانتقد التحرك البطيء للمسؤولين اللبنانيين في مواجهة التحديات والمشاكل ونتائج انفجار مرفأ بيروت. ورأى انه يجب تشكيل حكومة قادرة على القيام بالإصلاحات، وعلى المجتمع الدولي المساعدة على هذا الامر، كما يجب تقديم المساعدة الى اللبنانيين مباشرة.
وبعد ان عرض المساعدات الأميركية للبنان، اعتبر ان أي مساعدات مستقبلية يجب ان تستند الى قيام اللبنانيين بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة، واحترام رغبة الشعب في الشفافية والمحاسبة وخلق الفرص الاقتصادية. وأضاف هايل ان تأثير حزب الله ونفوذه زاد عدم الاستقرار في لبنان، وخلافاً للمصالح اللبنانية، قام حزب الله بخوض معارك ايران في المنطقة من سوريا واليمن، وعلى المجتمع الدولي اعلان الحزب منظمة إرهابية.
الاتحاد الأوروبي:
وكانت كلمة للمثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل الذي لفت الى ان نصف المجتمع اللبناني تحت خط الفقر، والى ان نسبة البطالة تبلغ 30 في المئة إضافة الى الكثير من المعاناة لدى اللبنانيين. وأشار الى ان الاتحاد الأوروبي قام بدوره لتأمين المساعدة العاجلة للمساعدة، ولكن لبنان بحاجو الى استعادة عافيته بشكل صالح ودائم، ولا يمكن الركون الى السابق، ويجب اعتماد الشفافية والقيام بالمحاسبة، واشارك المجتمع المدني اللبناني، وقد عملنا مع البنك الدولي والأمم المتحدة من اجل وضع خطة لاستعادة العافية وإعادة الاعمار.
ورأى انه كي يتمكن لبنان بالفعل من تخطي ازمته، يجب على اللبنانيين ان يتوحدوا وقيام حكومة قادرة بالفعل على اتخاذ خطوات ضرورية، والا لنيكون هناك اصلاح ولن يكون من السهل الاستمرار بالمطالبة بالدعم الدولي، علماً ان الأولوية حالياً هي للخروج من الازمة الاقتصادية. وأشار بوريل الى مسألة بالغة الأهمية وهي ان لبنان يستضيف اكبر عدد من اللاجئين من ناحية المساحة في العالم، ويجب تقدير هذا الكرم اللافت.
الأمين العام للجامعة العربية:
وتحدث الأمين العام للجامعة العربية احمد أبو الغيط فأكد الاستمرار في دعم لبنان وشعبه في هذه المرحلة الصعبة، مستعرضاً المساعدات التي أتت بفعل تحرك الجامعة العربية بعد احداث انفجار الرابع من آب، ومنها مساهمة الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بنحو 7 ملايين دولار في جهود إغاثية وإنسانية وعمليات إعادة إعمار، وقيام اتحاد المصارف العربية بفتح حساباتٍ موحدة في مختلف فروعِه بالدول العربية للتبرع لدعم المنكوبين من الكارثة.
وحذر من خطورة أن يخسر لبنان اهتمام العالم وتعاطفه إن استمرت حالة الشلل السياسي داعياً الى قيام حكومة بشكل سريع، ومؤكداً مناشدته عدم معاقبة الشعب اللبناني على ذلك، وأن المهم هو الاستمرار في دعمه لعبور هذا المنعطف الخطير في تاريخه المعاصر.
وتوالى ايضاً على الكلام عدد كبير من المسؤولين الذين ركزوا على استمرار تضامن بلدانهم ومؤسساتهم مع لبنان وشعبه، وعلى الاستمرار في تقديم المساعدات الإنسانية والضرورية، مع التشديد على الإسراع في تشكيل حكومة فاعلة للبدء بالتنسيق مع المجتمع الدولي للقيام بخطوات ملموسة على طريق انقاذ لبنان من ازمته.
وتوالى على الكلام في هذا السياق كل من: وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، مديرة صندوق النقد الدولي كريستينا جورجييفا، وزيرة خارجية النروج اريكسن سوريدي، الامينة العامة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية انجيل غوريا، وزير الخارجية الهولندي ستيفانوس ابراهام بلوك، وزير خارجية البرازيل ارنستو اروجو، وزير خارجية الدانمارك جيبي كوفود، رئيس البنك الأوروبي للاستثمار فيرنر هوير، وزيرة التعاون البلجيكي مريم كيتر، وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط جايمس كليفرلي، وزير الخارجية الفنلندي بيكا هاريستو، وزير الخارجية الكرواتي غورين رادمان، وزير خارجية قطر سلطان بن سعد المريخي، وزير خارجية سلوفاكيا ايفان كوركوك، وزير الدولة للشؤون الخارجية الياباني ايشيرو واشيو، نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، نائب رئشيس الصليب الأحمر الدولي جيل كاربونيير، سفير الصين في فرنسا لو شايه، سفير روسيا في فرنسا الكسندر زيزولين، سامي عطا الله من المركز اللبناني للدراسات السياسية، فضل الله داغر من جمعية Beirut Heritage initiative، نويل ابي نادر من مؤسسة MAN، ايمن مهنا من مؤسسة “سمير قصير”.
وصدر عن المؤتمر البيان الختامي الآتي:
” أكد المؤتمر أن الالتزامات التي تم التعهد بها في ما يتعلق بالمساعدات الطارئة منذ 4 آب قد تم الوفاء بها من حيث النوعية والكمية في جميع المجالات ذات الأولوية التي حددتها الأمم المتحدة آنذاك بما في ذلك الصحة والتعليم وإعادة التأهيل الحضري والغذاء. وفي حين تم التعهد بتقديم 257 مليون يورو، تم دفع أكثر من 280 مليون يورو بالفعل. وأعاد المشاركون التأكيد على التزامهم بالتوزيع الشفاف والفعال للمساعدات الدولية بما يعود بالنفع على الشعب وحده. وأثني على دور الأمم المتحدة في هذا الصدد.
بالإضافة إلى المساعدات الطارئة، عمل المؤتمر على حشد دعم إضافي من حيث الإنعاش المبكر من أجل المنفعة المباشرة للفئات السكانية الأكثر ضعفاً ، ولا سيما من أجل الاستجابة لتحديات الأمن الغذائي والحصول على التعليم ….
وأعرب المشاركون عن قلقهم بشأن التأخير في التحقيق في انفجارات 4 آب. كما ناقش المؤتمر إعادة إعمار مرافق الميناء ودمجها في المدينة وإعادة تأهيل الأحياء المتضررة من الانفجار. وشدد المشاركون على أن إعادة إعمار الميناء يجب أن تستند إلى المبادئ التالية: إعادة البناء بشكل أفضل والإدارة الأفضل واتخاذ القرار بشفافية. شعر المشاركون أن إعادة إعمار الأحياء المتضررة يجب أن تتم بطريقة شاملة، بالتشاور مع السكان.
أعرب المؤتمر عن قلقه إزاء تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وأعرب عن قلقه من الأزمة الإنسانية الناشئة. وأشار المشاركون إلى تدهور جميع المؤشرات الاقتصادية والمالية والنقدية والاجتماعية ، حيث ارتفع معدل الفقر من 28 في المئة إلى 55 في المئة خلال فترة 12 شهرا ، مما دفع الآن العديد من اللبنانيين إلى الهجرة. واتفق المؤتمر مع البنك الدولي على أن هذا “كساد متعمد”. لبنان في حالة إفلاس مالي ، لكن لا يزال بإمكانه أن يكون دولة ناجحة إذا تم تنفيذ الإصلاحات بسرعة. كما مكّن المؤتمر من البدء في التفكير في الإصلاح الضروري للنموذج الاقتصادي اللبناني.
وأشار المشاركون بقوة إلى أهمية التنفيذ الفعال للإصلاحات التي يتوقعها السكان والمجتمع الدولي. هذه الإصلاحات ضرورية للغاية لتمكين الأخير من الانخراط جنبًا إلى جنب مع لبنان ، سواء من حيث النتائج التي توصل إليها مؤتمر سيدر في 6 نيسان 2018 ، وآفاق الدعم الهيكلي الإضافي على المدى الطويل. يجب أن يكون هذا الدعم جزءًا من برنامج يُبرم مع صندوق النقد الدولي.
وجدد المؤتمر التأكيد على الحاجة الماسة إلى اتفاق القادة السياسيين اللبنانيين بأسرع ما يمكن على تشكيل حكومة ذات مصداقية وفعالة وقادرة على العمل من أجل المصلحة العامة للبلاد. على أساس خارطة الطريق في 1 أيلول 2020 ، التي صادقت عليها جميع القوى السياسية اللبنانية ، سيكون على هذه الحكومة أن تنفذ بشكل عاجل جميع الإصلاحات والتدابير اللازمة لاستعادة ثقة اللبنانيين من المجتمع الدولي.