“مصدر دبلوماسي”
صدر عن مرصد الازمة في الجامعة الاميركية في لبنان وهو مبادرة بحثية بإشراف الدكتور ناصر ياسين، دراسة حول المناطق اللبناني الأشد فقرا وحجم استقبالها للنازحين السوريين المعدمين وسط مجتمع لبناني مضيف ليس أفضل حالا. وجاء في ملخص عن الدراسة:
“تُفاقم الازمة الاقتصادية الحادة التي يمر بها لبنان من التوترات الاجتماعية بين اللبنانيين واللاجئين السوريين فتتردى العلاقات الاجتماعية من جراء الشعور بالتنافس على فرص وموارد اصبحت اقل وعلى خدمات عامة في تضاءل مستمر. ففي دراسة جرت في حزيران الماضي في العام الحالي 2020، اعرب 85 في المئة من اللبنانيين المشاركين في مسح يشرف عليه برنامج الامم المتحدة الانمائي بأن “اعداد اللاجئين السوريين باتت تشكل ضغطاً وارهاقاً للموارد الموجودة مثل المياه والكهرباء”.
هذا الشعور بالتنافس يتضاعف في المناطق المستضيفة للاجئين حيث يسكن 87 في المئة من السوريين الفقراء في 251 بلدة ومحلة هي الافقر في لبنان تضم 67 في المئة من اللبنانيين الاكثر عوزاً. وزادت الازمات المتعددة خلال الاشهر الـ 12 الماضية من صعوبة الاوضاع المعيشية حيث اصبح 88 في المئة من اللاجئين السوريين غير قادرين حتى على تأمين الحد الادنى من الحاجات الاساسية للاستمرار. وكذلك عند اللبنانيين حيث ترجح التقديرات الجدية ان يرتفع الفقر في لبنان مع نهاية عام 2020 ليصبح اكثر من 45 في المئة من اللبنانيين تحت خط الفقر وحوالي 19 في المئة منهم في فقر مدقع.
اذن نحن امام 251 بلدة ومحلة باتت تشكل “جغرافية فقر شديد” يعيش فيها حوالي 850 الف لاجئ سوري الأكثرية الساحقة منهم في فقر معدم في “ضيافة” حوالي 850 الف من الفقراء المدقعين اللبنانيين. هذه الجغرافية، وكأنها تشكل “بلداً” هو من الافقر في العالم، تصبح مجالاً مفتوحاً لتصاعد التوترات الاجتماعية واحتمالات السقوط في العنف، هنا تشير الاحصاءات في منتصف العام الحالي الى زيادة واضحة في مواقف اللبنانيين الذي اشاروا الى “ميولهم لحل مشاكلهم بالعنف” والتي وصلت الى 67 في المئة من المجيبين مقارنة مع 53 في المئة عام 2017.
مع التوقع بأن تستمر الأزمة الاقتصادية في لبنان لسنين طويلة، ومع استبعاد عودة سريعة للاجئين السوريين الى ديارهم لغياب الظروف السياسية التي يجب ان تمهد لذلك، لا بد من توسعة المساعدات لتشمل اللبنانيين واللاجئين في هذا “الجغرافية” وبشكل متساو كالمعونة المالية الشهرية لدعم الغذاء وتلك الهادفة الى دعم الاسر في فصل الشتاء، حتى الوصول الى سياسة وطنية شاملة للحماية الاجتماعية. اما على المدى المتوسط فلا بد من الاستثمار الجدي في مشاريع منتجة في هذه المناطق تولّد فرص عمل للبنانيين واللاجئين وخصوصا في القطاعات التي تعتمد كثافة اليد العاملة مثل الزراعة والانتاج الغذائي. كل هذا يستوجب زيادة رفيعة في تمويل برنامج الاستجابة”.