“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
انعقد في دمشق يومي الاربعاء والخميس الماضيين في 11 و12 تشرين الثاني نوفمبر الجاري،
المؤتمر الدولي حول إعادة اللاجئين وذلك بدعوة من الحكومة السورية بالتعاون والتنسيق مع روسيا التي حضرت بوفد رفيع ترأسه موفد الرئيس الروسي ألكسندر لافرنتييف وممثلين ليس عن الهيئات الحكومية فحسب بل عن الكنسية الارثوذكسية ومنظمات للمجتمع المدني ورئيس مركز التنسيق الحكومي الروسي السوري وقائد المركز الوطني لإدارة الدفاع في وزارة الدفاع الروسية ميخائيل ميزينتسيف.
تجدر الاشارة الى أن الدول الاوروبية باستثناء حاضرة الفاتيكان التي تمثلت بالسفير البابوي في سوريا قاطعت هذا المؤتمر بضغوط مارستها الولايات المتحدة الاميركية بحسب أوساط مطلعة على عملية التنظيم التي استمرت ما يقارب الشهر، وافضت هذه الضغوط الى اعتذار الامارات العربية المتحدة ومصر والاردن عن الحضور قبل يوم واحد من موعد انعقاد المؤتمر. علما بأن العراق الذي تمثل بسفيره في سوريا كان سيلقي كلمة عبر تقنية الفيديو من خلال احد الوزراء لكن الضغوط منعت ذلك والأمر سيان بالنسبة للأردن ومصر، في حين كانت الامارات العربية المتحدة ستتمثل بوفد رفيع، وهي كانت بدأت تقديم مساعدات عدة للاسهام في مكافحة جائحة كوفيد 19 في داخل سوريا لكنها اعتذرت في اللحظات الاخيرة.
وتمثل لبنان بوزير الشؤون الاجتماعية والسياحة البروفسور رمزي مشرفية بعد أخذ وردّ حول هذه المشاركة، وكذلك شارك وزير الخارجية والمغتربين شربل وهبه بكلمة عبر الفيديو فيما اعتبر رفعا لمستوى التمثيل اللبناني. في هذا السياق، عبّر الوزير مشرفية عن الموقف الرسمي للحكومة اللبنانية من ملف العودة والقى كلمة شرحت خطة الدولة اللبنانية التي سبق وأن اقرّت في تموز 2020.
أوساط مقربة من الحكومة السورية لموقعنا
أفاد مصدر مطلع مقرب من الحكومة السورية لموقع “مصدر دبلوماسي” الى أن الوزير مشرفية في كلمته عرض تشكيل لجنة سورية لبنانية مشتركة تتعاون مع منظمات المجتمع المدني لكي يعود النازحون وهي تركز على العودة الآمنة وتحتاج الى تعاون المنظمات الدولية، والدول المعنية التي قاطعت المؤتمر علما بأن الدعوات وجّهت لدولها كلها. في هذا السياق فإن الدولة الوحيدة التي تم استثناءها من الدعوات بالرغم من وجود عدد كبير من النازحين على اراضيها هي تركيا.
وقال المصدر المذكور الذي آثر عدم الافصاح عن اسمه ان دولا مثل الامارات العربية المتحدة ومصر والعراق اضطرت لأن ترسل برقيات اعتذار قبل يوم واحد من انعقاد المؤتمر، في ما تردّه الاوساط المقربة من الحكومة السورية الى تحريض من قبل الولايات المتحدة الاميركية لبعض الدول العربية والأوروبية لعدم الحضور. وأشارت الأوساط الى أن “الولايات المتحدة الأميركية مستمرة بسياستها القائمة على استخدام اللاجئين السوريين كورقة ضغط على الدولة السورية والدول المضيفة على حدّ سواء”. وتشير الى أن ” الولايات المتحدة الاميركية ودول اوروبية تعتقد أنه يمكن استخدام النازحين في موضوع الانتخابات الرئاسية السورية في العام المقبل، في حال قيام حل سياسي وتطوير النظام الانتخابي، علما أنه بحسب دراسات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فإن 90 في المئة من النازحين السوريين حول العالم يرغبون بالعودة الى بلادهم”. وقالت الاوساط أن الوزير اللبناني مشرفية “طرح مع موفد الرئيس فلاديمير بوتين الكسندر لافرنتييف إمكانية تنظيم مؤتمر في لبنان بدعوة من روسيا لكن الأمر يحتاج الى موافقة الدولة اللبنانية وقرار من حكومة أصيلة وليست لتصريف الاعمال”.
وطرح المؤتمر بحسب الاوساط افكارا مهمة من الدولة السورية لتسهيل العودة، وخصوصا في ما يخص قوانين الاعفاء من الخدمة العسكرية، واستبدالها ببدل مالي للراغبين، اسقاط العقوبات عن المخالفين وبدء اعمال تأهيل البنى التحتية وطرحت أيضا فكرة انشاء صندوق دولي لتمويل اعادة الاعمار واعادة النازحين”.
المؤتمر تصفه الاوساط المقربة من الحكومة السورية لموقع “مصدر دبلوماسي” بأنه “صرخة في وجه الدول التي تعاقب سوريا اقتصاديا وتعرية لكل الجهات التي تدّعي انها حريصة على عودة النازحين السوريين، وتكذيب للكثير من الدول التي تدعي حرصها على حقوق الانسان وكشف كذبها. وأكد المؤتمر على استمرار سوريا في مكافحة الارهاب وبأن سوريا حريصة على سيادتها وعلى عودة جميع أبنائها والتأكيد على فكرة تشير الى أن 99 في المئة منهم نزحوا بسبب الارهاب وليس لأسباب سياسية”.
من جهة ثانية اعلنت روسيا أنها تتابع جهودها لإعادة النازحين السوريين وأعلنت عن رصد مليار دولار كمساعدة أولية لتأهيل البنى التحتية.
لبنان يعدّ لمؤتمر للنازحين
وعلم موقع “مصدر دبلوماسي” من مصدر مطلع في وزارة الشؤون الاجتماعية “بأن لبنان كان يعدّ لمؤتمر خاص بعودة النازحين بالتعاون مع رئاستي الجمهورية ومجلس الوزراء لمناقشة خطة العودة وما يمكن أن تقدّمه كل وزارة بالإضافة الى الوكالات العاملة في ملف النزوح السوري وكذلك منظمات المجتمع المدني، لكن انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الفائت أعاق انعقاد المؤتمر وكذلك ما تلاه من استقالة للحكومة التي باتت في مرحلة تصريف الاعمال”.
بدت مشاركة الوزير مشرفية لافتة، وتأتي عكس التيار السائد منذ أعوام بعد رفع التمثيل الرسمي اللبناني لدى سوريا، ويبدو بأن العقوبات الاميركية التي طاولت النائب جبران باسيل لعبت دورا في تليين الموقف الرسمي اللبناني في ما عدّه مراقبون ” رسالة لبنانية للأميركيين بأن لبنان قادر على المجابهة وعصيان الاوامر ولن تردعه عقوبات”. وشكل عرض الوزير مشرفية اضاءة واضحة ووافية عن الموقف اللبناني، وهو أعاد انعاش الخطة الحكومية اللبنانية حول ملف العودة، وشكل عرضا مهما أمام الحاضرين والراصدين لهذا المؤتمر الأول من نوعه حول اللجوء السوري الذي ينعقد على الأراضي السورية، في ما درجت أن تكون معظم المؤتمرات في الخارج في بروكسيل حيث انعقد 4 مؤتمرات لغاية اليوم وكذلك في الكويت ومؤتمرين في لندن. روى الوزير مشرفية أنه “منذ بداية الأزمة السورية استضاف لبنان عددا كبيرا من الأشقاء السوريين وهو شكّل رقماً قياسياً نسبة لمساحته وعدد سكانه، حيث شكّل النازحون السوريون أكثر من ثلث إجمالي عدد سكان لبنان”.
وشرح ما يقاسيه لبنان:”نحن نعيش على وقع أزمات اقتصادية-مالية واجتماعية متراكمة، وجاءت أزمة كوفيد -19 وانفجار بيروت المروّع لتعمّق هذه الأزمات المتراكمة، ولتفاقم من حدة الفقر والعوز حيث بات أكثر من 60 في المئة من اللبنانيين و80 في المئة من النازحين تحت خط الفقر”.
وقدّم مشرفية أرقاما مخيفة حول اكلاف النزوح:” تقدّر الاكلاف المباشرة وغير المباشرة للنزوح منذ 9 سنوات بأكثر من 40 مليار دولار نتيجة الضغط على الخدمات العامة والمواد المدعومة، والبنى التحتية وفرص العمل، مما يشكّل حملاً إضافياً مثقلاً، أضعف من قدرة الصمود حيث كانت الحاجات دائما اكثر من الدعم الذي تلقّاه لبنان من المجتمع الدولي بإجمالي 8.78 مليار دولار على مدار سنوات الأزمة”.
وأطلع مشرفية الحاضرين على معالم خطة العودة التي أقرت في تموز الفائت فقال:” بناء على ما تقدّم وعملاً بأحكام الدستور اللبناني الذي يمنع التوطين، وانطلاقاً من مصلحة لبنان العليا، ومن حق النازحين المقدّس بالعودة إلى وطنهم، والذين أعرب 89 في المئة منهم عن ذلك حسب إحصاءات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وتأكيداً على أهمية التنسيق مع الدولة السورية لتحقيق العودة في إطار من التعاون الدولي، قمنا في الحكومة اللبنانية بإقرار خطة وطنية لعودة النازحين الآمنة والكريمة كحل نهائي ومستدام للأزمة في 14 تموز 2020 تحت إشراف وزير الشؤون الاجتماعية وضمن خطة لبنان للاستجابة للأزمة”.
أضاف:” الجدير بالذكر أنّ خطة عودة النازحين التي أقرّتها الحكومة، تتوافق مع المعايير والقوانين الدولية وتحترم مبدأ العودة غير القسرية وتضمن حق النازح الاسمى بالعودة محفوظ الكرامة إلى بلده”.
- وأوضح:” ترتكز الخطة على تذليل العقبات وتأمين التسهيلات المحفّزة على العودة، وذلك بالتعاون والتنسيق مع الدولة السورية، وبرعاية من المجتمع الدولي التي تشكّل روسيا الاتحادية ،إحدى اهم مرتكزاته.
منذ بداية الأزمة، شدد لبنان على العمل لتحقيق العودة، دون ربطها بالحل السياسي الذي تأخر، خصوصاً وأنّ التجارب الدولية للحلول السياسية لعودة اللاجئين غير مشجّعة وخير دليل على ذلك اللاجئين الفلسطينيين، ناهيك عن أنّ مسار عودة النازحين السوريين كانت قد بدأت بشكل تلقائي منذ العام 2018، بعد انتفاء الاسباب الأمنية، فالنزوح هو أمني وليس سياسي. وإنّ هذه العودة التلقائية مستمرة وتجري بتعاون وتنسيق بين الامن العام اللبناني ونظيره السوري مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وقد تراجعت وتيرتها بفعل تداعيات جائحة “كوفيد-19″، التي اعاقت انتقال السوريين عبر الحدود”. واشار مشرفية:” إنّ سوريا في حاجة إلى سواعد أبنائها لاعادة اعمارها، فهم مدعون إلى بناء بلدهم كما ساهموا في اعادة إعمار لبنان الذي مزقّته الحرب الأهلية (1975-1990) التي دامت 15 عاماً”.
الوزير شربل وهبه
بدوره، ألقى وزير الخارجية والمغتربين شربل وهبه كلمة عبر تقنية الفيديو كونفرانس جاء فيها:
بدايةً، أتوجّه بالشكر الى منظمي “المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين” في الجمهورية العربية السورية الشقيقة على أمل أن يساهم هذا المؤتمر بجلساته ومحاوره والمشاركات القيّمة في ايجاد الحل لأزمة النزوح واللجوء السوري، هذه الأزمة الانسانية الضخمة التي وُصفت بأنها الأكبر منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
كما أخصّ بالشكر جمهورية روسيا الاتحادية لما تقوم به من جهود في سبيل انهاء الأزمة السورية، وتشجيع التحاور بين كافة الأطراف، ولمبادرة عودة النازحين واللاجئين السوريين التي أطلقتها في 16/7/2018، ويأتي مؤتمر اليوم لإعادة تفعيلها.
يأمل لبنان بعد مرور أكثر من تسع سنوات على بدء المحنة السورية الأليمة أن يعود السلام والطمأنينة الى كافة الربوع السورية، وأن يرجع من نزح ومن لجأ الى أرضه ووطنه لكي يساهم في اعادة البناء والنهوض، خاصة وان القسم الأكبر من المناطق السورية أصبح يتمتع بالأمن.
دون التقليل من أهمية الظروف وضرورة تحسينها بإستمرار، يجب علينا الإقرار بأن العائق الأساسي أمام السير في حل دائم لأزمة النزوح السوري، بات في الوقت الحاضر غياب الإرادة الدولية الجامعة وانعدام النوايا الصافية والفعلية في طي صفحة هذا الملف الشائك والأليم. ولعلّ ذلك مرده بشكل أساسي إلى أن مسألة النازحين ليست غائبة عن الحسابات الإستراتيجية الضيقة لأطراف الصراع في المنطقة، وهو ما أدى إلى تسييسها، وعدم الإكتراث إلى معاناتهم الإنسانية كما وإلى حجم الضرر الذي يلحق بدول الجوار التي تستضيف الأعداد الهائلة منهم.
هي مأساة اقتصادية يواجهها لبنان منذ انطلاق الشرارة الأولى للحرب على الأراضي السورية، حين أُقفِلت بوجهنا الطرقات التجارية البرية فاصبح بلدنا ضحيّة حسابات دولية وإقليمية أنهكت اقتصاده وكبّلت إمكانياته. كما أنّ تواجد حولي المليون ونصف نازح سوري ساهم في تفاقم الأعباء الاقتصادية التي لم يعد لدينا القدرة على تحمّلها، وبات النزوح يشكّل عبئاً اجتماعياً أثّر دون شك على النموذج الذي يمثله لبنان في المنطقة، خاصّةً وأننا ما زلنا نستقبل على أرضنا حوالي النصف مليون لاجئ فلسطيني منذ أكثر من سبعة عقود.
اليوم، في الظروف الصحية والإقتصادية الإستثنائية التي يشهدها لبنان، والتي تفاقمت سوءاً مع انفجار مرفأ بيروت المأساوي وباتت بالتالي تهدد لبنان، أؤكد لكم مرّة جديدة، أنّنا مطالبون أكثر من أي وقت مضى بتكثيف الجهود الدولية لتأمين وضمان العودة الآمنة والكريمة والتدريجية للأخوة النازحين إلى وطنهم الأمّ سوريا، لاسيّما إلى المناطق التي باتت تنعم بالأمن والاستقرار، وعدم ربط تلك العودة بالحلّ السياسي النهائي للأزمة السورية، بالإضافة إلى ضرورة تقديم حوافز العودة لهؤلاء النازحين واللاجئين في أوطانهم كما جاء في البيان الختامي لقمّة بيروت العربيّة التنمويّة في 20/1/2019.
انطلاقاً من ذلك، يناشد لبنان المجتمع الدولي مساعدة الحكومة اللبنانية في تطبيق الخطة التي أقرّتها مؤخراً لعودة النازحين السوريين، خصوصاً وأن الظروف أصبحت مؤاتية لتلك العودة.
أصحاب المعالي والسعادة،
إذ نتمنى النجاح لفعاليات هذا المؤتمر، فإننا نأمل بشدّة أن يشكل رافعة لعودة النازحين السوريين، ومحطة مهمة في:
- التخفيف من معاناة الدول المضيفة لأعداد كبيرة من اللاجئين والنازحين.
- تقريب وجهات النظر الدولية المتباعدة من أجل حمل الجهات المانحة، والمنظمات الدولية، ودولة المصدر والدول المضيفة، على التعاون دون شروط مسبقة وتعجيزية.
- إقناع غالبية النازحين بأن الظروف باتت مهيأة لعودتهم إلى وطنهم الام.
- الدفع قدماً بفرص السلام والمصالحة في سوريا.
وليكن بمثابة رسالة الى كل دول العالم بأن عودة أبناء سوريا إلى بلادهم بكرامة وأمان قد أصبحت قريبة جداً”.
الأسد: نعمل بدأب من أجل عودة كل لاجئ يرغب بالعودة والمساهمة في بناء وطنه لكن العقبات كبيرة
من جهته، قال الرئيس السوري بشار الأسد في كلمة مباشرة عبر الفيديو: “أرحب بكم في دمشق وقد وطئتم أرضها ضيوفا أعزاء… وأهلا بكم في سوريا التي وإن أدمتها سنون الحرب الطويلة وأثخنتها بالجراح قسوة الحصار وإجرام الإرهاب لكنها تأتلق فرحا بلقاء المحبين بحق والمخلصين بحق… والحاملين في قلوبهم وعقولهم ووجدانهم قضية الإنسان في كل زمان ومكان”.
وأضاف “أتقدم بالشكر الجزيل للأصدقاء الروس على ما بذلوه من جهد كبير وعمل دؤوب لدعم انعقاد هذا المؤتمر بالرغم من المحاولات الدولية لإفشاله، كما أتوجه بالشكر للأصدقاء الإيرانيين على ما بذلوه من جهود في هذا الشأن وما قدموه من دعم حقيقي ساهم في التخفيف من وطأة الحرب وتبعات الحصار”.
وأشار إلى أن “قيام عدد من الدول باحتضان اللاجئين انطلاقا من مبادئ إنسانية أخلاقية قابله قيام البعض الآخر من الدول في الغرب وفي المنطقة أيضاً باستغلالهم أبشع استغلال من خلال تحويل قضيتهم الإنسانية إلى ورقة سياسية للمساومة”.
وشدد الرئيس السوري على أنه “إذا كانت قضية اللاجئين بالنسبة للعالم هي قضية إنسانية فبالنسبة لنا إضافة لكونها إنسانية فهي قضية وطنية… وقد نجحنا في إعادة مئات الآلاف من اللاجئين خلال الأعوام القليلة الماضية”.
وتابع قائلا: ما زلنا اليوم نعمل بدأب من أجل عودة كل لاجئ يرغب بالعودة والمساهمة في بناء وطنه لكن العقبات كبيرة… فبالإضافة للضغوط التي يتعرض لها اللاجئون السوريون في الخارج لمنعهم من العودة فإن العقوبات الاقتصادية اللاشرعية والحصار المفروض من قبل النظام الأمريكي وحلفائه تعيق جهود مؤسسات الدولة السورية التي تهدف لإعادة تأهيل البنية.
وأشار إلى أن “الأغلبية الساحقة من السوريين في الخارج باتوا اليوم وأكثر من أي وقت مضى راغبين في العودة إلى وطنهم لأنهم يرفضون أن يكونوا رقماً على لوائح الاستثمار السياسي وورقة بيد الأنظمة الداعمة للإرهاب ضد وطنهم.
وقال إن: “موضوع اللاجئين في سوريا هو قضية مفتعلة فتاريخ سورية ولقرون مضت يخلو من أي حالة لجوء جماعية وبالرغم من أن سوريا عانت عبر تاريخها الحديث والقديم من احتلالات متتالية واضطرابات مستمرة حتى نهاية ستينيات القرن الماضي إلا أنها بقيت هي المكان الذي يلجأ إليه الآخرون هرباً من الاضطرابات والأزمات المختلفة لا العكس.
وأشار إلى أنه ولأن الظروف الموضوعية لا تدفع باتجاه خلق حالة لجوء، “كان لا بد من قيام الأنظمة الغربية بقيادة النظام الأمريكي والدول التابعة له في جوارنا وتحديدا تركيا من خلق ظروف مفتعلة لدفع السوريين للخروج الجماعي من سورية لتكون مبررا للتدخل في الشؤون السورية ولاحقا لتفتيت الدولة وتحويلها لدولة تابعة تعمل لمصالحهم بدلا من مصالح شعبها”.
وأوضح الأسد “كان نشر الإرهاب هو الطريق الأسهل والذي ابتدئ العمل به من خلال تأسيس تنظيم “الدولة الإسلامية الإرهابي” في العراق عام 2006 برعاية أمريكية والتي انضمت خلال الحرب في سورية إلى شقيقاتها كالإخوان المسلمين والنصرة وغيرها وقامت بتدمير البنى التحتية وقتل الأبرياء وشل الخدمات العامة ونشر الرعب ودفع السوريين للنزوح عن وطنهم”.
وبين أنه وفي العام 2014 وعندما بدا أن الدولة السورية في طريقها لاستعادة الأمن والاستقرار، قامت تلك الدول بتحريك “داعش” الإرهابية بهدف تشتيت القوات المسلحة وتمكين الإرهابيين من جُزء كبير من الأراضي السورية والتي تم استعادةُ القسمِ الأكبر منها بفضل تضحيات الجيش السوري ودعم أصدقاء سوريا، الدعم الذي كان له الاثرُ الكبيرُ بدحر الإرهابيين، وتحريرِ كثيرٍ من المناطق.
.
وأضاف: لقد تمكنت مؤسسات الدولة السورية من التقدم خطوات مقبولة نسبة إلى إمكانياتها في التعامل مع هذا التحدي الكبير.. فمع استمرار حربها على الإرهاب قامت بتقديم التسهيلات والضمانات لعودة مئات الآلاف من اللاجئين إلى الوطن من خلال العديد من التشريعات كتأجيل الخدمة الإلزامية لمدة عام للعائدين والعديد من مراسيم العفو التي استفاد منها من هم داخل الوطن وخارجه.
أشار إلى أن: من المؤكد أن هذه الخطوات ستكون أسرع كلما ازدادت الإمكانيات وازديادها مرتبط بتراجع العقبات المتمثلة بالحصار الاقتصادي والعقوبات التي تحرم الدولة من أبسط الوسائل الضرورية لإعادة الإعمار وتؤدي لتراجع الوضع الاقتصادي والمعيشي ما يحرم أبناء الوطن فرص العيش الكريم ويحرم اللاجئين من فرصة العودة في ظل تراجع فرص العمل.
واستطرد بشار الأسد: “أنا على ثقة أن هذا المؤتمر سيخلق الأرضية المناسبة للتعاون فيما بيننا في المرحلة المقبلة من أجل إنهاء هذه الأزمة الإنسانية التي سببها أكبر عدوان همجي غربي عرفه العالم في التاريخ الحديث.. هذه الأزمة التي تلامس في كل لحظة كل منزل في سوريا ووجدان كل إنسان عادل في العالم ستبقى بالنسبة لنا كسوريين جرحا غائرا لا يندمل حتى يعود كل من هجرته الحرب والإرهاب والحصار”.
وختم قائلا: أتمنى لأعمال مؤتمرنا هذا كل التوفيق والنجاح من خلال الخروج بتوصيات ومقترحات تساهم بشكل مباشر في عودة السوريين إلى وطنهم لتعود سورية بهم وبمواطنيها الذين بقوا وصمدوا على مدى سنوات عشر أفضل مما كانت.
ميخائيل ميزينتسيف: لتفكيك مخيمات اللجوء الداخلية
في كلمة قائد المركز الوطني لإدارة الدفاع بوزارة الدفاع الروسية، ميخائيل ميزينتسيف قال “لا بد.. من ضمان تفكيك جميع المخيمات للنازحين داخليا التي تمثل مصدرا للموارد البشرية بالنسبة للتشكيلات المسلحة غير الشرعية، وإعادة أهاليها إلى المناطق التي اختاروها للسكن فيها، ومساعدتهم على التكيف مع ظروف الحياة الطبيعية”.
ودعا ميزينتسيف، الذي يرأس مركز التنسيق الحكومي الروسي السوري لإعادة اللاجئين في سوريا، إلى أهمية التقيد الصارم بأحكام القانون الدولي وضمان “إعادة الأراضي المحتلة بطريقة غير قانونية تحت سيطرة الحكومة السورية الشرعية في أقرب وقت”.
كما أشار المسؤول العسكري إلى ضرورة وقف سياسة العقوبات المتبعة إزاء سوريا، وفك تجميد حساباتها المصرفية، مضيفا: “من الأهمية إعادة توجيه جزء من برامج دعم السوريين المقيمين في الخارج لتأمين تحقيق إجراءات في سوريا لا بد منها لإعادة إعمار البنى التحتية اللازمة لاستقبال السوريين العائدين إلى وطنهم، وكذلك لتقديم مساعدات إنسانية لهم”.
وأشار ميزينتسيف إلى أن الحكومة السورية تضمن للاجئين عودة كريمة وآمنة إلى أراضيهم.