الجولة الاولى من المفاوضات غير المباشرة حول ترسيم الحدود: كل التفاصيل عن الوفود المفاوضة والاشكالية الحدودية والوساطة الاميركية من هوف الى شينكر

 

“مصدر دبلوماسي”

انطلقت اليوم الجولة الاولى من المفاوضات غير المباشرة بين وفد لبناني وآخر اسرائيلي لترسيم الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان واسرائيل وذلك في مقر الامم المتحدة في الناقورة برعاية الامم المتحدة وبحضور المنسق الخاص للأمين العام للامم المتحدة يان كوبيش ومساعديه و مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شينكر للاجتماع الاول ومعه السفير الاميركي جون ديروشر المعتمد اميركيا كوسيط وميسّر في الاجتماعات اللاحقة. هذه المفاوضات غير المباشرة هي التطبيق الاول لاتفاق الاطار الذي اعلن عنه في الاول من تشرين الاول اكتوبر الحالي والذي تم التوصل اليه بين لبنان واسرائيل والامم المتحدة بعد 10 اعوام من التفاوض بين الاميركيين ورئيس المجلس النيابي نبيه بري (منذ العام 2011)  منها ثلاثة اعوام مكثفة بالوساطات الاميركية منذ العام 2017.

هذه الجلسات تخضع لقواعد صارمة في الشكل وفي المضمون من حيث عدم المصافحة المباشرة بين الوفدين اللبناني والاسرائيلي وعدم التخالط اجتماعيا في اوقات الاستراحة وكذلك تجنب اية صور مشتركة علما بأن الجدل حول اخذ صورة للوفدين وللفريق الاممي والميسر الاميركي كانت لا تزال موضع اخذ ورد.

ويستمر الجدل في هذا السياق حول تشكيلة الوفد اللبناني وفجر اليوم الاربعاء اصدرت قيادتا “حزب الله”  وحركة أمل بيانا طالبتا فيه باعادة تشكيل الوفد المفاوض كي لا يضم مدنيين هنا نصه:

تعليقاً على تشكيل الوفد  المفاوض حول ترسيم الحدود الذي يعقد  اول اجتماعاته اليوم الاربعاء يهمنا تبيان ما يلي:

“إن اتفاق الإطار الذي أعلنه الرئيس نبيه بري حول مفاوضات ترسيم الحدود اكد في مقدمته على الانطلاق من تفاهم نيسان ١٩٩٦ والقرار ١٧٠١ والذي على اساسهما تُعقد اجتماعات دورية بين ضباط عسكريين  حصراً.

وبالتالي فان تشكيل  الوفد اللبناني بالصيغة التي وردت، وضمه لشخصيات مدنية  مخالفٌ لاتفاق الاطار ومضمون تفاهم نيسان، لذلك فإن موقف “حزب الله”  و”حركة امل”، وانطلاقاً من التزامهما الثوابت الوطنية ورفضهما الانجرار الى ما يريده العدو الصهيوني من خلال تشكيلته لوفده المفاوض والذي  يضم بأغلبه  شخصيات ذات طابع سياسي واقتصادي فإنهما

يعلنان رفضهما الصريح لما حصل؛ لانه يخرج عن قاعدة  التفاهم الذي قام عليه إتفاق الاطار  وهو ما يضر بموقف لبنان ومصلحته العُليا ويشكل تجاوزاً لكل عناصر القوة لبلدنا وضربة قوية لدوره  ومقاومته وموقعه العربي ويمثّل تسليماً بالمنطق الإسرائيلي الذي يرغب بالحصول على اي شكلٍ من أشكال التطبيع . ولهذا يطالب الطرفان بالمبادرة فورا  بالعودة  عن هذا  القرار وإعادة تشكيل  الوفد بما ينسجم  مع اتفاق الإطار”.

الوفدان المفاوضان وفريق الامم المتحدة والميسّر الاميركي:

*الوفد اللبناني”

العميد الركن نائب رئيس الاركان في الجيش اللبناني بسام ياسين

-العميد الركن مازن بصبوص

-عضو هيئة ادارة قطاع البترول وسام شباط

-الخبير الدولي نجيب مسيحي

-المترجمة ميرنا معلوف

-الوفد الاسرائيلي:

-رئيس الشعبة الاستراتيجية في الجيش الاسرائيلي أورين سيتر

-المسؤول في وزارة الخارجية الاميركية عميت هيومن

-نائب مستشار الامن القومي والمستشار السياسي لرئيس حكومة الاسرائيلية رؤوفين عازار

-مدير عام وزارة الطاقة عودي أديري

-كبيرة موظفي وزارة الطاقة: مور حالوتس

-نائب مدير المنظمات الدولية في وزارة الخارجية: آلون بار

-المستشار في وزارة الخارجية عفيف عياش

 

-الأمم المتحدة:
المنسق الخاص للامين العام للامم المتحدة يان كوبيش

-رئيس القسم السياسي في مكتب المنسق الخاص: علاء عبد العزيز

-مكتب المنسق الخاص للامم المتحدة: لينا القدورة

-الوفد الاميركي:

-مساعد وزير الخارجية الاميركي ديفيد شينكر

-السفير الاميركي السابق في الجزائر جون ديروشر

-السفيرة الاميركية دوروثي شيا

-كاساندرا كيلدو من وزارة الخارجية الاميركية

-نادين زعتر

-ماري ميتشل

*التذكير بالإشكالية القائمة حاليا كما يشرحها العميد المتقاعد انطوان مراد في تقرير له في موقع “180 بوست”

بالنسبة للحدود البرية، مرّت هذه الحدود بثلاث مراحل تاريخية، فأصبح لدينا خمسة خطوط على الشكل التالي:

الخط الأول هو خط لجنة بوليه – نيوكومب في العام 1923 وهو الترسيم الأول لحدودنا الجنوبية وهو عبارة عن خط الانتداب بين فرنسا التي كانت منتدبة على لبنان وسوريا وبين بريطانيا التي كانت منتدبة على فلسطين والأردن والعراق. وضعت هذه اللجنة 38 نقطة حدودية بين رأس الناقورة والمطلة (قبالة كفركلا وسهل الخيام)، وأودعت تقريرها عصبة الأمم فأصبحت حدودنا معترف بها دوليًا.

2-الخط الثاني هو خط الهدنة في العام 1949 حيث كان الترسيم الثاني لحدودنا والذي نفّذته لجنة الهدنة المشتركة برئاسة الأمم المتّحدة وكانت تضم أعضاء لبنانيين وإسرائيليين.

3-الخط الثالث (يتضمن الرابع والخامس) هو خط الانسحاب (الخط الأزرق) في العام 2000  والذي هو عمليًا عبارة عن ثلاثة خطوط: أولًا، خط الخريطة الورقية الذي تساوي سماكته 50 مترًا على الأرض، ثانيًا، خط لائحة إحداثيات 2000 وهي عبارة عن لائحة تتضمّن 197 نقطة مستخرَجة من الخط الأزق، ثالثًا، الخط الأزرق الرقمي Digital Blue Line.

نتيجة الفوارق بين هذه الخطوط وخط الحدود الدولية، خسر لبنان مساحاتٍ واسعة من أراضيه يغتصبها العدو الإسرائيلي مستفيدًا من كون هذه الخطوط صادرة عن الأمم المتّحدة. تم حصر هذه الأراضي في ثلاث عشرة منطقة وضع لبنان تحفّظاته عليها ومساحتها 485487 متر مربع. بالإضافة إلى هذه المناطق، توجد إشكالية بلدة الغجر حيث يحتل العدو الإسرائيلي الجزء اللبناني من البلدة برغم أن الخط الأزرق مطابق للحدود الدولية، وبالتالي فإن الوضع هناك هو احتلال إسرائيلي واضح للأراضي اللبنانية وخرق فاضح للقرار 1701 وللخط الأزرق. أما الإشكالية الأخيرة فهي مزارع شبعا حيث يرفض العدو الإسرائيلي الانسحاب منها بحجّة أنها سورية وليست لبنانية.

كما في البر كذلك في البحر، هناك خمسة خطوط تشرح الإشكالية البحرية وكيف خسر لبنان مساحاتٍ كبيرة من مياهه يغتصبها العدو الإسرائيلي مستندًا على شرعة القوة في غياب أي مستند قانوني يبرّر اعتدائه.

بدأت المشكلة البحرية في شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام 2006 حين بدأ التفاوض بين لبنان وقبرص حول حدود المنطقة الإقتصادية الخالصة بين البلدين، واقتصر الوفد اللبناني حينها على مدير عام النقل البري والبحري في وزارة الأشغال العامة والنقل وبرفقته موظف من الوزارة نفسها، من دون إشراك الوزارات الأخرى المعنية، فكان الخطأ الأول حيث تم اعتماد الخط الوسطي بين لبنان وقبرص، وانطلق هذا الخط من النقطة رقم (1) جنوبًا وصولاً إلى النقطة رقم (6) شمالاً حيث تمّ التراجع بهاتين النقطتين إلى الجهة اللبنانية، وتم ذكر ذلك في محضر الإجتماع .

استننادًا لنتيجة عمل الوفد اللبناني، وقّع لبنان بتاريخ 17 كانون الثاني/يناير 2007 اتفاقية مع قبرص حول ترسيم المنطقة الإقتصادية الخالصة. بعد حوالي السنتين، استفاقت الحكومة اللبنانية على ضرورة ترسيم حدودها البحرية، فكلّفت لجنة مشتركة شارك فيها الجيش اللبناني. رسمت هذه اللجنة الحد البحري الجنوبي حتى النقطة رقم (23)، فتبيّن أن هذه النقطة تقع على مسافة 17 كيلومتر جنوب النقطة رقم (1)، أي أن الفارق هو عبارة عن مثلّث رأسه عند رأس الناقورة (النقطة B1) ومساحته 860 كيلومتر مربع. استغل العدو الإسرائيلي هذا الخطأ، فسارع إلى توقيع اتفاقية مماثلة مع قبرص بتاريخ 17/12/2010 وحدّد الخط الفاصل بين البلدين إعتبارأ من النقطة رقم (1)، فقضم بذلك مساحة 860 كيلومترًا مربعًا من المياه اللبنانية دون أي مسوغ قانوني.

لم يصادق مجلس النواب اللبناني على الاتفاقية مع قبرص، لكنه تسرّع باصدار القانون رقم 163 حول تحديد المناطق البحرية للجمهورية اللبنانية، واعتمد النقطة (23) كنقطة ثلاثية لجهة الجنوب. جاء هذا القانون رغم وجود عدة آراء من قضاة وديبلوماسيين وضباط وأكاديميين لبنانيين كانوا يقولون بأن للبنان الحق بمساحات كبيرة جنوب النقطة (23). وقد ثبّت هذه الآراء دراسة قدّمها السيد جون براون من مكتب الهيدروغرافيا البريطاني UKHO قبل صدور القانون 163، وأوضح فيها أن بامكان لبنان اعتماد خيارين جنوب النقطة (23) من خلال إعطاء جزيرة “تخيليت” نصف تأثير أو عدم احتسابها كليًا، وهذه الدراسة تُمكّن لبنان من كسب حوالي 1300 كيلومتر مربع إضافي. برغم ذلك، صدر القانون وبعدها صدر المرسوم رقم 6433 الذي يحدّد إحداثيات المنطقة الاقتصادية الخالصة، وأودعه لبنان الأمم المتّحدة. استفاد العدو الإسرائيلي من هذا المرسوم ففرض منطقة النزاع بين النقطتين (1) و(23).

*العروض الاميركية:

في السياق ذاته يشير العميد المتقاعد الياس فرحات في تقرير له نشر في الموقع ذاته شرح العروض الاميركية الثلاثة للبنان:

-عرض ديفيد هوف في العام 2011 حيث طرح السفير الاميركي تقسيم ما اطلق عليه المنطقة المتناوع عليها في المسطّح المائي بين لبنان واسرائيل باعطاء 500 كيلومتر مربه لبلنان و350 كيلومتر مربع لاسرائيل وتم رفض عرضه وهم ما عرف بخط هوف

-عرض الوسيط الاميركي آموس هوكستاين الذي اقترح ابقاء النزاع حول المسطح المائي على حاله وتكليف شركة مختصة بالتنقيب عن النفط والغاز واستثماره ووضع العائدات في صندوق يوزّع على الطرفين. ورفض الرئيس بري ايضا اي تعاون مع العدو في استثمار الغاز والنفط وتمسّك بحقوق لبنان بمياهه كاملة.

_المبعوث الأميركي ديفيد ساترفيلد اقترح فصل ترسيم الحدود البرية عن الحدود البحرية، ورفض ذلك الرئيس نبيه بري مصرا على تلازم الترسيم برا وبحرا. وطرح ساترفيلد مفاوضات مباشرة لبنانية اسرائيلية فرفض الرئيس بري واصر على مفاوضات غير مباشرة برعاية الامم المتحدة.