“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة
إن الاشكالية الرئيسية في عملية المفاوضات التي ستنطلق في 14 تشرين الأول الجاري بين لبنان وإسرائيل تحت مظلة الأمم المتحدة وبحضور وسيط أميركي وفقا لآليات اتفاق نيسان للعام 1996 والقرار 1701 تتعلق بتحديد المناطق البحرية للبنان ما يتطلب تطبيق عدد من القواعد المعقدة للقانون الدولي ومن ضمنها وليس حصرا قانون البحار الذي لبنان هو طرف فيه منذ العام 1994 فيما لم توقعه اسرائيل.
لن نتناول في هذا التقرير الخلافات الحدودية البرية حول 13 نقطة خلّفها ترسيم الخط الأزرق أو خط الإنسحاب في العام 2000، بل سنتطرق الى أبرز الاشكاليات في الحدود البحرية.
بالإضافة الى النزاع حول وجود آبار مشتركة على الحدود الجنوبية وتحديدا قرب الرقعتين 8 و9
هنالك نزاع يتعلق بالنقطة المحدّدة لنهاية الحدود البرية أي النقطة حيث تصل الحدود البرية الى البحر.
إن نهاية الحدود البرية هي عادة نقطة انطلاق الخط الذي يقسّم المناطق البحرية لدولتين متاخمتين.
الخلاف هو في البحر إذن حول موقع نقطة نهاية الحدود البرية في رأس الناقورة، والتفاوض هو للتوصل الى اتفاق رئيسي سيكون حول تحديد هذه النقطة وهي الشرط المسبق لأي تحديد يجري مع اسرائيل وهو الآن موضع تأويل لأن اتفاقية بوليه-نيوكومب لم تتضمن احداثيات جغرافية بل وصفا جغرافيا للحدود مع بضعة خرائط.
-إن الإحداثيات الجغرافية للمنطقة الإقتصادية الخالصة للبنان تم اقرارها من قبل مجلس الوزارء اللبناني في قراره الرقم 51 الصادر في 21 أيار 2009 استنادا على تقرير لجنة وزارية داخلية وتم ايداعه الى الأمين العام للأمم المتحدة إنسجاما مع التزامات وموجبات الدول الأطراف الموافقة على قانون البحار. وقد تمّ ترسيم هذه الحدود على خريطة بحرية (من المكتب الهيدروغرافي (المتعلق بالمسح المائي) البريطاني وأودع ايضا لدى الأمم المتحدة.
إن التصويب الشامل للإحداثيات الجغرافية المتعلقة بالمنطقة الإقتصادية الخالصة للبنان تمّ تأكيدها من قبل الفريق الإستشاري الدولي للحكومة اللبنانية، كذلك من قبل الخبراء التقنيين.
-إن تحديد لبنان للجزء الجنوبي من حدوده البحرية تأثر بتسطير خطّ يربط 6 نقاط (النقاط من 18 الى 23). تشكل هذه النقاط خطا يصفه لبنان بأنه “الخط الوسط وكل نقطة منه هي متساوية الأبعاد من النقطة الأقرب عند خطوط الأساس البحرية للبنان والدول المجاورة”.
إن النقطة 18 هي النقطة حيث تصل الحدود البحرية الى الشاطئ اللبناني، الى موقع نهاية الحدود البرية بين لبنان وفلسطين (هنا مكمن الخلاف لأن الإتفاقية البريطانية الفرنسية لا تشرح بوضوح الحدود). إن هذه النقطة قد تم استخدامها بموجب أحكام الإتفاق بين فرنسا وبريطانيا في 3 شباط عام 1922، بما يسمّى اتفاقية “بوليه-نيوكومب” التي دخلت حيّز التنفيذ في 10 آذار عام 1923، مرسّمة الحدود الجنوبية للبنان من رأس الناقورة عند النقطة
B1
، وإن إحداثيات ذلك تم تأكيدها في خريطة عام 1949 التي تفصل حدود لبنان وسوريا وفلسطين بالإضافة الى اتفاقيات الهدنة بين الأفرقاء المعنيين.
إن نقطة النهاية للخط المحدد (النقطة 23) هي نقطة متساوية الأبعاد بين 3 بلدان معنية: لبنان، وإسرائيل وقبرص.
*بوليه نيوكومب هي الاتفاق بين فرنسا من جهة وبريطانيا من جهة ثانية في 3 شباط العام 1922 وقد دخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ في 10 آذار 1923، وهي رسّمت الحدود الجنوبية للبنان من رأس الناقورة عند النقطة
B1
واحداثيات ذلك تم تأكيده بخريطة العام 1949 التي تفصل حدود لبنان وسوريا وفلسطين بالاضافة الى اتفاقيات الهدنة بين الأطراف المعنيين.
بعض المعلومات:
-قام لبنان بخطوة احادية حين أقر الاحداثيات الجغرافية للمنطقة الاقتصادية الخالصة له من قبل مجلس الوزراء بقرار 51 صادر في العام 2009، استنادا الى تقرير لجنة وزارية داخلية وتم ايداعه الى الامين العام للامم المتحدة انسجاما مع التزامات الدول الاطراف الموافقة على قانون البحار، لكن لا يحق للبنان التفرد بذلك.
-في حزيران 2011 اعترض لبنان رسميا على اتفاقية وقعتها اسرائيل وقبرص حددا فيها منطقتهما الخاصة، واستند لبنان عائدا الى الخلافات المتعلقة في اتجاه الحدود البرية المفترض أن تتبع ما يطلق عليه الخط الأزرق الموضوع تحت اشراف الأمم المتحدة. أكد لبنان أنه بعد مراجعة الاحداثيات المودعة من قبل اسرائيل تبين بأن النقطة 31 تنتهك بشكل صارخ المبادئ والقواعد القانون الدولي وتشكل اعتداء على السيادة اللبنانية.
هذه النقطة هي في شمال الحدود الدولية المعترف بها للبنان وقد حددتها معاهدة بوليه نيوكومب 1923 واتفاقية الهدنة في العام 1949 وبحسبها فإن الحدود الجنوبية للبنان محددة من رأس الناقورة عند النقطة ب 1 حيث احداثياتها محددة، لكن هذا موضع تأويل لأن اتفاقية بوليه نيوكومب لم تتضمن احداثيات جغرافية بل وصفا جغرافيا للحدود مع بضع خرائط.
-بحسب القانون الدولي، لا يمكن اتخاذ خطوات احادية لترسيم الحدود وهو ما فعله لبنان وبالتالي ليس مفاجئا أن تكون المناطق البحرية التي يطالب بها لبنان متداخلة مع المناطق البحرية لجيرانه كما هي الحال مع اسرائيل.
-حدد المرسوم الرقم 6433 الصادر في تشرين الاول 2011 مساحة المنطقة الحدودية البحرية الجنوبية الخاصة بلبنان بـ200 ميل.
– إن اقرار التشريع المحلي حول المناطق البحرية كان شرطا ملزما يضاف الى خطوات لاحقة للبنان في ما يخص الإستكشاف وتطوير المنطقة البحرية حيث توجد حقول النفط والغاز. بناء على ذلك ان قانون الموارد البترولية والمياه البحرية الذي أقره البرلمان اللبناني وأصدره رئيس الجمهورية في 24 آب 2010 نظّم استثمار الموارد البترولية من دون أن يقدّم أساسا قانونيا لذلك أي الاثبات الصحيح للمنطقة التي سيتم استثمارها.
-في شباط 2018 تم تلزيم كونسورسيوم “توتال” “إيني” و”نوفاتك” للتنقيب في الرقعتين 4 و 9، بالرغم من علم توتال بوجود نزاع بالجزء الجنوبي من البلوك رقم 9 وهو شمل بقعة صغيرة جدا هي اقل من 8 في المئة من سطح الرقعة.
-في 27 نيسان 2020 اعلن وزير الطاقة ريمون غجر ان النتائج الاولية للحفر تثبت وجود الغاز على اعماق مختلفة في البلوك رقم 4 ولكن لم يتم التحقق من وجود مكمن للغاز.