“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
لم تصمد مقولة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو طويلا حين قال الأسبوع الفائت: “إننا نعمل مع الفرنسيين في لبنان على نفس الأهداف”. وحلّ مكانها بيان صدر عصر أمس الاثنين أقل ما يقال فيه أنه تأنيبي لا بل ربما تأبيني للمبادرة الفرنسية التي يقودها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منذ الرابع من آب الفائت تاريخ انفجار مرفأ بيروت وقوامها اجندة اصلاحية واعمارية وانمائية للبنان.
لا شكّ بأن الرئيس الفرنسي وفي أكثر من تصريح له قال أنه يقوم برهان وهو ليس متأكدا من نجاحه، وعدا على العراقيل الداخلية اللبنانية من قبل أحزاب الطوائف التي ظهّرت في الأسبوع الأخير رفضها المطلق للتخلي عن امتيازاتها، فإن ماكرون الذي نال بعيد انفجار بيروت قبولا من الرئيس الأميركي دونالد ترامب بمعالجة الوضع اللبناني نظرا لما لفرنسا من تاريخ قديم في لبنان، ولكونها وسيطا مقبولا من جميع المكونات اللبنانية، يبدو بأنه سحب البساط هذه المرة من تحت المبادرة الفرنسية، فهل سيتمكن الرئيس ماكرون من استعادته بحنكته؟
إن التطورات الأمنية التي وقعت في لبنان أخيرا من حرائق وقلاقل أمنية متنقلة بين المناطق، كانت تشي بأن ثمة من يعمل على اسقاط المبادرة الفرنسية، مستمرا في حربه الضروس ضد ايران من دون النظر الى المصلحة اللبنانية واستقرار هذا البلد. في هذا الإطار كان كبير مستشاري ماكرون السفير السابق في لبنان إيمانويل بون يسرّ في دردشة مع بعض الصحافيين في الإيليزيه بأن ترامب شخصية تثق بالرئيس ماكرون في ما خص الملف اللبناني، لكنه أيضا شخصية لا يمكن ضبط سلوكها السياسي المتقلب. وجاء هذا البيان اليوم ليؤكد مجددا بأن اللاعبين الاقليميين المخاصمين لطهران وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة عبر اللوبيات التي يقودانها الى جانب الإدارة الأميركية ومن قبل شخصيات هي لبنانية وفاعلة في الداخل والخارج، هما اقوى لغاية اليوم من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فهل سيستعيد ماكرون المبادرة أم سيخسرها؟
في المضمون، صدر عن وزارة الخارجية الأأميركية عصر اليوم بيان شديد اللهجة شاركه الحساب الرسمي للسفارة الأميركية في لبنان بعنوان: على فرنسا أن تقف مع الحرية لا طهران. أبرز الأفكار التي وردت في البيان المسهب:
-تذكير بأن النظام الإيراني هو راعي للإرهاب، والمصدر الرئيسي لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط والسؤال هل موقف فرنسا هو الوقوف الى جانب طهران أم الى جانب أمن وسلام واستقرار المنطقة.
– تذكير بأن ايران عبر حزب الله قتلت مئات الأميركيين وعدة مواطنين فرنسيين في العام 1983 وهنالك 19 اميركيا قتلوا في انفجار الخبر في السعودية في العام 1996، وأكثر من 600 موظف أميركي قتلوا من قبل الميليشيات المدعومة من ايران في الحرب العراقية الثانية، وهنالك 3 أسرى أميركيين لدى طهران.
-تذكير بأن ايران قصفت منشآت سعودية وسفن تجارية في الخليج الفارسي العام الماضي، وأن ايران تدعم الحوثيين في اليمن وكتائب حزب الله مما يؤثر على سيادة العراق، وتدعم نظام الاسد في سوريا مع حزب الله.
-يقول البيان أنه ما من بلد وقع في القبضة الايرانية مثل لبنان، حيث أن “حزب الله” وهو ذراع ايران يعتبر اللاعب المسيطر في البلد منذ اكثر من ثلاثة عقود. وهنالك شبان لبنانيون يصرخون في الشوارع ضد ايران.
-يقول البيان للأسف أن فرنسا ترفض تصنيف حزب الله برمته كمنظمة ارهابية كما فعلت دول اوروبية اخرى وهي تمنع الاتحاد الأوروبي من القيام بهذا التصنيف. على العكس تستمر فرنسا بالتفريق الخيالي بين الجناح السياسي لحزب الله والجناح العسكري، في حين أن حزب الله مسيطر عليه بكليته من قبل “ارهابي” وحيد هو حسن نصر الله، وأنا أتقاسم الخيبة (اي بومبيو) مع 27 شخصية فرنسية عامة طالبت فرنسا أخيرا بالقيام بهذا التصنيف.
-تطرق البيان الى الاتفاق النووي مع ايران ويشير الى ان ايران استخدمت الاموال التي تم تحريرها لزيادة انشطتها في الشرق الاوسط وبنت قوة من الصواريخ الباليستية في الشرق الاوسط، وخرقت عدة تعهدات في الاتفاق، وفي هذا تبرير لبضعة شكوك كان عبر عنها مسؤولون فرنسيون ابان عقد الاتفاق وها هي تظهر جلية اليوم.
-إن الرئيس ترامب يؤمن بأن العقوبات القصوى وليس تخفيفها هو الحل الوحيد الذي سيغير سلوك ايران
-الحملة تهدف الى التأكد من ان ايران لن تمتلك او تبيع اية اسلحة غير تقليدية.
-فشلت فرنسا مع المانيا وبريطانيا في دعم القرار الاميركي من اجل تجديد حظر الأسلحة الذي عرض على مجلس الامن.
– يتساءل البيان كيف يمكن لفرنسا ان ترفض التصويت على حظر الاسلحة ثم كيف يجتمع الرئيس الفرنسي مع مسؤول رسمي رفيع في حزب الله؟