“مصدر دبلوماسي”
في تطوّر لافت، أعلن المرجع العراقي الديني الكبير سماحة السيد علي السيستاني بأن “الانتخابات النيابية المقرر اجراؤها في العام القادم في العراق تحظى بأهمية بالغة،ويجب أن توفّر لها الشروط الضرورية التي تضفي على نتائجها درجة عالية من المصداقية، ليتشجع المواطنون على المشاركة فيها بصورة واسعة، ولهذا الغرض لا بد من أن تجري وفق قانون عادل ومنصف بعيدا من المصالح الخاصة لبعض الكتل والأطراف السياسية، كما لا بدّ من أن تراعي النزاهة والشفافية في مختلف مراحل اجرائها، ويتم الاشراف والرقابة عليها بصورة جادّة بالتنسيق مع الدائرة المختصة بذلك في الأمم المتحدة”. كلام السيستاني ذي أهمية كبرى ويعتبر جرعة دعم لحكومة مصطفى الكاظمي الذي يدعو الى اجراء انتخابات مبكرة في أيار 2021 أي قبل عام من موعدها الدستوري في 2022. السيد السيستاني ظهر في صورة مع الممثلة الخاصة للأمين العام للأامم المتحدة في العراق جنين-هينيس بلاسخارت الذي جاء كلامه عن الانتخابات أثناء استقباله لها في النجف.
ومما جاء في كلام السيد السيستاني بحسب مكتبه الاعلامي:
“إن الانتخابات المبكرة ليست هدفاً بحد ذاتها، وإنما هي المسار السلمي الصحيح للخروج من المأزق الراهن الذي يعاني منه البلد نتيجة لتراكم أزماته سياسياً واقتصادياً وأمنياً وصحياً وخدمياً وغير ذلك. فلا بد من أن تتاح الفرصة للمواطنين بأن يجددوا النظر في خياراتهم السياسية وينتخبوا بكل حرية وبعيداً عن أي ضغط من هنا أو هناك ممثليهم في مجلس النواب القادم، ليكون مؤهلاً للعمل باتجاه حلّ المشاكل والأزمات.
إن مزيداً من التأخير في اجراء الانتخابات أو اجراءها من دون توفير الشروط اللازمة لإنجاحها بحيث لا تكون نتائجها مقنعة لمعظم المواطنين سيؤدي الى تعميق مشاكل البلد والوصول ـ لا سمح الله ـ الى وضع يهدد وحدته ومستقبل أبنائه، وستندم عليه جميع الأطراف المعنية الممسكة بزمام السلطة في الوقت الحاضر.
ثانياً: إن الحكومة الراهنة مدعوة الى الاستمرار والمضي بحزم وقوة في الخطوات التي اتخذتها في سبيل تطبيق العدالة الاجتماعية، والسيطرة على المنافذ الحدودية، وتحسين أداء القوات الأمنية بحيث تتسم بدرجة عالية من الانضباط والمهنية، وفرض هيبة الدولة وسحب السلاح غير المرخص فيه، وعدم السماح بتقسيم مناطق من البلد الى مقاطعات تتحكم بها مجاميع معينة بقوة السلاح تحت عناوين مختلفة بعيداً عن تطبيق القوانين النافذة.
والحكومة مدعوة أيضاً الى اتخاذ خطوات جادة واستثنائية لمكافحة الفساد وفتح الملفات الكبرى بهذا الشأن حسب الإجراءات القانونية، بعيداً عن أي انتقائية، لينال كل فاسد جزاءه العادل وتسترجع منه حقوق الشعب مهما كان موقعه وأياً كان داعموه .
كما أنها مطالبة بالعمل بكل جدية للكشف عن كل من مارسوا اعمالاً إجرامية من قتل أو جرح أو غير ذلك بحق المتظاهرين أو القوات الأمنية أو المواطنين الأبرياء، أو قاموا بالاعتداء على الممتلكات العامة أو الخاصة، منذ بدء الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح في العام الماضي، ولا سيما الجهات التي قامت بأعمال الخطف أو تقف وراء عمليات الاغتيال الأخيرة.
إن اجراء العدالة بحق كل الذين اقترفوا الجرائم المذكورة سيبقى مطلباً ملحاً لا بد من أن يتحقق في يوم من الأيام، وهو الأسلوب الناجع في المنع من تكرارها والردع عن العود الى أمثالها.
ثالثاً: إن الحفاظ على السيادة الوطنية ومنع خرقها وانتهاكها والوقوف بوجه التدخلات الخارجية في شؤون البلد وإبعاد مخاطر التجزئة والتقسيم عنه مسؤولية الجميع، وهو يتطلب موقفاً وطنياً موحداً تجاه عدة قضايا شائكة تمسّ المصالح العليا للعراقيين حاضراً ومستقبلاً، ولا يمكن التوصل اليه في ظل تضارب الأهواء والانسياق وراء المصالح الشخصية أو الحزبية أو المناطقية، فالمطلوب من مختلف الأطراف الارتقاء الى مستوى المسؤولية الوطنية وعدم التفريط لأي ذريعة بسيادة البلد واستقراره واستقلال قراره السياسي”.
تعقيب من الكاظمي
وسرعان ما اصدر مكتب رئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بيانا مرحبا جاء فيه: “بفيض من التقدير والاحترام والعرفان، تلقينا توجيهات سماحة المرجع الأعلى السيد علي السيستاني (دام ظله)، خلال استقباله السيدة جينين بلاسخارت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة الى العراق.
ونؤكد أن مسار المرجعية الرشيدة وإرشاداتها التي تمثّل منطلقات وأولويات الشعب العراقي الكريم إنما هي دليلنا الدائم نحو تحقيق تطلعات شعبنا في الانتخابات المبكرة الحرة والنزيهة والعادلة ، وأن تستمر الحكومة في الخطوات التي بدأت بها على طريق الحفاظ على السيادة وفرض هيبة الدولة ومحاربة الفساد رغم ماواجهت وتواجه من تحديات وعراقيل.
إن الحكومة مصممة على محاسبة المتورطين بدماء العراقيين، وقد انتهت المرحلة الأولى من إجراءات التحقق والتقصي من خلال إحصاء الضحايا من شهداء وجرحى أحداث تشرين 2019 وما تلاها، وستبدأ قريباً المرحلة الثانية المتمثلة بالتحقيق القضائي وتحديد
المتورطين بالدم العراقي وتسليمهم الى العدالة.
لقد كانت المرجعية ومازالت تؤشر نقاط الخلل والضعف من أجل الصالح العام وتحذر من المآلات الخطيرة، لا سمح الله، التي ترتبها السياسات الخاطئة
على مستقبل وطننا العزيز ووحدته وسلامة أراضيه وكرامة شعبه.
نعاهد شعبنا ، ونعاهد مرجعيتنا الرشيدة بأن نكون أوفياء للعهد وثابتين على طريق الإصلاح، نقدّم مصالح الوطن ونرعى حقوق الناس بالعدل ولا نخاف في الحق لومة لائم”.