“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
يقول النائب في البرلمان الفرنسي وعضو لجنة الدفاع والقوى المسلحة غويندال رويار بأن فرنسا تعمل على تثبيت رؤية للبنان الجديد لكنها ستبنى بيدي اللبنانيين. وقال النائب وهو في حزب ماكرون ومن ضمن الفريق الذي رافقه الى لبنان، بأن فرنسا لا تمتلك وصفة سحرية للحلول في لبنان، مقترحا أن يتجمع المجتمع المدني والقوى اللبنانية الحية للتحضير للانتخابات النيابية المقبلة، وموحيا بأن أي تغيير عشوائي ستكون نتيجته الفوضى ولبنان بغنى عن مزيد من التعقيدات. وشرح روياد في حوار مع موقع “مصدر دبلوماسي” خلفيات السياسة الفرنسية الماكرونية في لبنان، والحوارات مع طهران والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية وما يتم طرحه عن اخضاع لبنان لوصاية دولية بحماية الأمم المتحدة، وانتظارات الرئيس ماكرون في زيارته المقبلة.
*ما هو الهدف الرئيسي لهذه الحركة الفرنسية تجاه لبنان ولزيارتي الرئيس ماكرون المتتاليتين وإحياءه المئوية الأولى في لبنان بكل هذا الحماس؟
-إن الهدف الرئيسي هو الاسهام الى جانب الشعب اللبناني ببناء لبنان جديد. ماذا يعني لبنان جديد في أذهان اللبنانيين؟ إنه يعني بناء دولة عصرية، بناء نموذج اقتصادي واجتماعي جديد، نبذ الفساد وضخّ الأوكسيجين في نظام ميت حتى الاختناق. يتصرف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في هذا الإتجاه، في إطار المئوية الأولى ولكن أبعد من المئوية، من حيث تثبيت رؤية جديدة للبنان وبنائه.
*هل ستكون كل هذه الورشة الضخمة التي تقودها فرنسا بالتعاون مع الطبقة السياسية الموجودة حاليا وهي تتحمّل مسؤولية انزلاق الأمور الى هذا الدّرك؟
-لدى لبنان سلطات شرعية، وفي الوقت عينه فإن الشعب يعبّر عن ذاته، وهنالك غالبية من اللبنانيين في حالة من السّخط الشديد تجاه الحكام. فهؤلاء يعتبرونهم فاسدين، عديمي الفائدة، ولعل العبارة التي يرددها الناس باستمرار: نحن لم نعد نريدهم. نحن نصغي ونقف الى جانب الشعب اللبناني، لكن يترتب على اللبنانيين بمجموعهم أن يكتبوا الصفحات الجديدة من تاريخهم، إن فرنسا لن تقوم بذلك بدلا عنهم. نحن لا نملك الوصفة السحرية، نحن في موقعنا الصحيح: فرنسا الوفية للبنان، فرنسا الى جانب الشعب اللبناني وخصوصا بعد 4 آب وتراجيديا انفجار مرفأ بيروت وتشهد لنا أعمالنا الانسانية، وفي الوقت عينه اقترح الرئيس ماكرون ميثاقا سياسيا جديدا لجميع القوى اللبنانية ومن ضمنها التي نسميها المجتمع المدني، على هذه القوى جمعاء أن تأخذ مكانها، وأن تتجمّع وأن تهيّئ الانتخابات النيابية المقبلة، هذا هو دورنا، لكن مرة جديدة أكرر أنه يترتب على اللبنانيين أن يكتبوا تاريخهم، لأن لبنان دولة ذات سيادة.
*هذا يندرج ضمن النظرية، لكن ماذا على الصعيد التطبيقي؟
-لا يا سيدتي، إنه من ضمن عملنا التطبيقي، إن الرئيس ماكرون في الوقت الذي نتحدث فيه يستقبل رؤساء الأحزاب هنا في قصر الصنوبر، وأنا أعرف أنهم جميعهم مزدرين من مجموع الشعب اللبناني، لكن ليس لفرنسا خيار آخر إلا بالقيام بالمصالحة بين مطالب الشعب اللبناني والتعامل في الوقت نفسه مع سلطات شرعية، إذا لم تفعل ذلك فإن الفوضى ستعمّ، وأعتقد أن الوضع معقّد في لبنان بما فيه الكفاية لإضافة المزيد من العقد، وبالتالي نعطي موعدا للشعب اللبناني في الأشهر المقبلة عند الانتخابات النيابية الجديدة وسيكون هذا الموعد الرئيسي الديمقراطي والشفاف للشعب اللبناني. وفي الانتظار، نحن بحاجة الى حكومة انقاذ من أجل قيادة الاصلاحات، ومنها ضمنها قيادة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
*وما هي المواصفات التي ترونها في الحكومة الجديدة؟
-تطلب فرنسا حكومة انقاذ …حكومة انتقالية مؤلفة من شخصيات مستقلة… وأن تقبل الاحزاب السياسية بالتقاعد بشكل واضح، وأكرر أنه عليهم وضع الاوكسيجين في النظام، لأن لبنان في حالة طوارئ تتعلق بحياته، إنها مسألة تتعلق باستمراره بالعيش وبمستقبله، هذا هو المطروح اليوم، وانتم تدركون ذلك، وبالتالي هذه هي مطالبنا في ما يخص رئيس الحكومة الجديد والحكومة.
*ما هي الأدوات التي ستستخدمها فرنسا للضغط في هذا الاتجاه؟ هل هي العقوبات مثلا؟ هل ستكون العقوبات سيفا مسلطا؟ وهل ستبقى مسلطة في الأشهر المقبلة؟
-في البداية، يجب الإيمان بالحوار أولا، بكل وعي، ومن دون سذاجة، نحن سوف نبقي على الضغط. نحن نناقش الآن خريطة طريق ملزمة، ومحددة. إن الرئيس ماكرون لا يستثني البتة اية عقوبات ضد الحكام اللبنانيين، وانا أدعو حكام لبنان ان يأخذوا بعين الاعتبار وبشكل جدي عبارات رئيس الجمهورية الفرنسية.
*سيد رويار، تعلم أنه توجد قوى اقليمية رئيسية تلعب هنا في الساحة اللبنانية، هنالك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وهنالك أيضا إيران، أعتقد بأن الحركة الداخلية للرئيس ماكرون ليست كافية، فكيف هي اتصالاته الخارجية مع هذه الدول في شأن لبنان؟
-منذ عقود طويلة وفرنسا هي عضو في مجلس الأمن الدولي، ومنذ وقت طويل تحاول فرنسا إنشاء طريق ثالث للحوار بين واشنطن وطهران وموسكو وعواصم أخرى. إن تموضعنا واضح، ونحن نتكلم الى مجموع اللاعبين في المنطقة ونتواصل هنا مع جميع المكوّنات اللبنانية، من ضمنها “حزب الله”، الذي نتحدث معه بشكل واضح وصريح.
*وكيف هي الحوارات مع إيران وحزب الله”؟
-إن النقاشات واضحة معهما كما مع سواهما من الكيانات، بالنسبة الى لبنان نقول أمرا بسيطا: إن لبنان اليوم هو التيتانيك، هو يغرق، إذا غرق لبنان نهائيا كما حصل مع التيتانيك، فإن “حزب الله” سيغرق معه، أعتقد بأن الرسالة واضحة، ومقروءة من قبل المسؤولين في “حزب الله”. لأن ذلك واقع سياسي واجتماعي تنطبق أيضا على عائلات “حزب الله”.
إن الرسالة واضحة: عودوا الى المنزل، اشتغلوا من أجل لبنان، ومن اجل اللبنانيين عوضا أن تكونوا في اليمن وسواها من البلدان. إنها رسالة واضحة جدا. أنتم لبنانيون؟ برهنوا عن ذلك، هذه هي اللحظة المناسبة.
*ماذا عن المملكة العربية السعودية، لا تبدو من خلال حلفائها في لبنان سعيدة جدا من الحركة الفرنسية؟
-دعيني أجيب على صعيد شخصي، أنا لا افهم موقف المملكة العربية السعودية، إن سياسة الكرسي الفارغ ليست سياسة دبلوماسية، إذ اختفت المملكة عن المشهد اللبناني منذ أعوام، إن للمملكة العربية السعودية مكانها ومكانتها في لبنان، وينبغي عليها أن تعود الى لبنان. لأـنه لا يمكن الشكوى من جهة بأن “حزب الله” وضع يده على جزء من لبنان، ثم اعتماد سياسة “الكرسي الفارغ” من جهة ثانية، هذا ليس منطقيا. إن فرنسا تتكلم مع طهران ومع الرياض، ونتمنى شكلا من التفاهم الديناميكي من اجل بناء لبنان الجديد الذي يحتاجه الشعب اللبناني.
*هل ينسّق الرئيس ماكرون كل هذه الحركة التي يقودها في لبنان مع الولايات المتحدة الأميركية؟
-نعم بالطبع.
*ما هي أوجه الشبه والاختلاف بين فرنسا وأميركا تجاه لبنان، وقد صرّحت السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا أخيرا بان الحركة الفرنسية مستقلة عن تلك الأميركية؟
-نعم صحيح، وأنا أؤكد ذلك. نحن الطريق الثالث، لكن من أجل بناء توافق جديد للبنان الجديد نحن في تنسيق مع الحكام الاميركيين، وبطبيعة الحال توجد اختلافات ظهرت على سبيل المثال في التجديد لليونيفيل، ولدينا اختلاف في ما يخص “حزب الله”، فنحن نعتبر حزب الله مكونا لبنانيا.
*عضو مجلس الشيوع الفرنسي لمنطقة الهوت دو سين كريستين لافارد قالت في مقابلة لها أخيرا بان الحل الامثل للبنان هو في وضعه تحت الوصاية الفرنسية بحماية الامم المتحدة، ما رأيك بهذا الطرح؟
-إن لبنان هو بلد ذات سيادة، نحن نتمنى أن يعود الشعب اللبناني ليحتضن بلده، وان يكتب صفحة جديدة من تاريخه.
*وهل ستكون وصاية دولية على لبنان؟
-بالطبع لا، إن لبنان هو بلد ذات سيادة، إن الامم المتحدة تواكب التطورات في لبنان والمنسق الخاص يان كوبيش يعبر عن رايه بانتظام، وفرنسا تواكب ايضا لكنها لا تتمنى وضع لبنان تحت وصاية لأن لبنان دولة ذات سيادة وعليها أن تمسك مصيرها بيدها، لا يعود الى نيويورك أن تحكم لبنان.
*ماذا سيعاين الرئيس ماكرون في زيارته المقبلة الى لبنان في كانون الأول ديسمبر المقبل؟
– يعود من أجل أن يتابع الضغط السياسي، ولكي يراقب تطبيق خارطة الطريق وللنقاش مع الحكام اللبنانيين وتوجد ايضا نقاط أخرى في اجندته ستكشف في