“مصدر دبلوماسي”
عقد كبير مستشاري رئيس الولايات المتحدة الأميركية جاريد كوشنر أمس إحاطة صحافية لعدد من الصحافيين في الشرق الأوسط حول العلاقات الدبلوماسية المستجدة بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، وأدلى كوشنر بداية ببيان جاء فيه:
من الواضح أن هذا الإنجاز التاريخي هو أول اتفاق سلام في المنطقة منذ 26 عامًا، والثالث فقط في السبعين سنة الماضية مع إسرائيل. ولذا أعتقد أنه يعطي الكثير من الناس تفاؤلًا كبيرًا بأن الشرق الأوسط لا يجب أن يكون عالقًا في صراعات الماضي. وبفضل قيادة الرئيس ترامب، بدأنا في الجمع بين الأطراف المختلفة حول المصالح المشتركة والفرص المشتركة، والتهديدات المشتركة، ونأمل أن يؤدي هذا إلى دفعة جديدة كاملة من التقدم الذي يمكن أن يدفع المنطقة إلى الأمام.
إذا فكرتم في الحملة الانتخابية التي أدارها الرئيس ترامب، لوجدتم أن الشرق الأوسط كان يشكّل قضية كبيرة جدًا جدًا في المرة الأخيرة. كانت الصفقة الإيرانية قد وقعت لتوّها، وهو ما أزعج الكثير من الناس هنا في أمريكا. لم يتمكنوا من تمريرها في الكونغرس. لقد أعطوا الإيرانيين 150 مليار دولار، مليارات كثيرة من الدولارات، ومنحوهم سبيلا واسعًا للحصول على سلاح نووي. شعر الكثير من حلفاء أمريكا بالخيانة والعزلة بسبب الصفقة. وكان هنالك أيضا الكثير جدا من عدم الاستقرار، وقعت سوريا في الحرب الأهلية، كان العراق في حالة من الفوضى، واليمن كان في حالة من الفوضى، وليبيا كانت في حالة من الفوضى، وبعد ذلك كلّه كان تنظيم الدولة الإسلامية يصول ويجول وكان لديه خلافة بحجم ولاية أوهايو، حيث كانوا يقطعون رؤوس الصحفيين الأمريكيين ويخطّطون للعديد من التهديدات لأمريكا. كان لدينا أيضًا الكثير من المحتوى عبر الإنترنت الذي تمّ نشره لتشجيع التطرف بين الناس في جميع أصقاع المعمورة، وكان معظم ذلك المحتوى يأتي من الشرق الأوسط، ومن الشرق الأوسط أيضًا يأتي الكثير من التمويل.
كانت زيارة الرئيس ترامب الأولى كرئيس إلى الرياض، حيث جمع 54 من قادة الدول الإسلامية والعربية لوضع رؤيته لما يجب التعامل معه في الشرق الأوسط. بعد تلك الرحلة، ذهب إلى إسرائيل ثم ذهب لزيارة البابا في روما ليؤكد في خطابه أن الأديان الإبراهيمية الثلاثة بحاجة إلى العمل معًا على فرص مشتركة بدلا من المظلوميات القديمة، إذا أردنا المضي قدماً.
وضع الرئيس في خطابه أربعة أهداف رئيسية. الأول هو أن إيران مشكلة وأننا بحاجة إلى أن نتّحد جميعًا لتقييد عدوانهم، وقد اتخذنا منذ ذلك الحين خطوات كبيرة للقيام بذلك. الهدف الثاني كان بوضوح داعش، وكنا بحاجة إلى إحراز تقدم هناك، وهذا ما فعلناه. الهدف الثالث كان خوض معركة طويلة الأمد ضدّ التطرف والأشخاص الذين يستخدمون العقيدة الإسلامية لمحاولة زرع الدمار والتسبب في عدم الاستقرار، وذلك من خلال إساءة استخدام الدين للقيام بذلك. ومن المعروف أننا أطلقنا، في تلك الرحلة، مركز مكافحة تمويل الإرهاب ومركز مكافحة التطرف مع المملكة العربية السعودية، وخادم الحرمين الشريفين، وقد حقق كلا المركزين نجاحًا كبيرًا حيث رأينا مستوى التطرف يتراجع وحجم الأموال التي تذهب إلى الجماعات الإرهابية ينخفض. وأخيرا الهدف الرابع كان الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، والذي من الواضح أننا بذلنا جهودًا كبيرة بشأنه خلال الأشهر الأخيرة – على مدى السنوات الماضية.
لذلك إذا أخذتم ما حدث خلال العامين الماضيين وربطتموه معًا، لرأيتم أن الرئيس ترامب نقل العاصمة إلى القدس، واعترف بهضبة الجولان أنها اسرائيلية، وخرج من الصفقة الإيرانية، وأظهر للناس في المنطقة أنه يحافظ على وعده، ويعيد الثقة مع حلفائه، ويظهر أنه سيدافع عن الصواب وأن لديه وجهة نظر عن المنطقة تتماشى مع ما رآه الكثير من الناس حول مصدر المشاكل.
لقد قدنا مؤتمر وارسو حيث جمعنا رئيس الوزراء نتنياهو مع العديد من وزراء الخارجية العرب، حيث كانوا يتحدثون جميعًا على نفس الوتيرة حول التهديدات في المنطقة وكيف كان هناك قواسم مشتركة بين الدول أكبر مما كان الناس يعتقدون. ثم عقدنا المؤتمر الاقتصادي في البحرين حيث وضعنا رؤية للشعب الفلسطيني، حيث وضعنا خطة اقتصادية مفصلة للغاية بقيمة 50 مليار دولار لكيفية تحسين حياة الشعب الفلسطيني. ستضاعف تلك الخطة ناتجها المحلي الإجمالي، وتخلق مليون فرصة عمل جديدة، وتقلّل من معدل الفقر بنسبة 50٪. قاطع الفلسطينيون هذا المؤتمر بينما شارك الجميع، الأمر الذي غيّر بالفعل السردية في المنطقة بحيث بات الناس يتساءلون بشكل أساسي، “ما خطب القيادة الفلسطينية؟”
وأخيرًا، وضع الرئيس رؤيته للسلام في يناير من هذا العام. اعتقد الكثير من الناس أن الحلّ سيكون حلّ الدولة الواحدة. من خلال رؤية الرئيس، التي كانت تقوم على أساس حل الدولتين، وشملت أول خريطة يتفق عليها أحد الطرفين وتم طرحها علنًا في مفاوضات سلام، جعل إسرائيل توافق على التفاوض على أساس رؤية الرئيس، وتوافق على الخريطة، وتوافق على المضي قدما في إقامة دولة فلسطينية. كان هذا إنجازًا كبيرًا غيّر رأي الكثير من الناس في المنطقة حول جدية إسرائيل في تقديم تنازلات فعلية لحلّ هذا الصراع الطويل الأمد. لقد أظهر للاعبين الإقليميين الآخرين أن إسرائيل جادة وأن الوقت قد حان للمضي قدمًا في المنطقة.
بينما نمضي قدمًا في التطبيق – لتنفيذ الخطة وتطبيق السيادة الإسرائيلية على مناطق في الضفة الغربية، كانت الصفقة التي كنا نعمل عليها هي أن إسرائيل، مقابل ذلك، لن تتوسع أكثر في سيادتها. لذلك سنمنح تجميدًا لمدة أربع سنوات ولن تتجاوز إسرائيل خلالها حواجز ما اتفقنا عليه في الخطة، وبالتالي توفير فرصة إقامة دولة فلسطينية على مدى السنوات الأربع المقبلة. ذلك ما كنا نقترب من تحقيقه، لكن الكثير من الناس اعترضوا عليه. وبينما كنا نتحرك إلى الأمام، اعتقدت الإمارات العربية المتحدة أنه ربما من خلال إقامة علاقات مع إسرائيل والارتقاء بعلاقتهم إلى المستوى التالي، يمكنهم وقف ذلك ووقف إمكانية إدانة إسرائيل بسبب ذلك وإعطاء الشعب الفلسطيني الأمل في وجود فرصة لتسوية تفاوضية لا تزال مطروحة على الطاولة.
الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل قوتان أمنيتان وتكنولوجيتان واقتصاديتان، وأعتقد أننا سنبدأ في رؤية نمو هائل في التجارة بين البلدين. الإسرائيليون متحمّسون للغاية لأنهم يستطيعون الحصول على رحلات جوية أرخص الآن من خلال الطيران عبر دبي، وأنا أعلم أن الكثير من المسلمين متحمسون لأنه يمكنهم الآن السفر عبر دبي إلى تل أبيب للذهاب وزيارة المسجد الأقصى، والذي قالت إسرائيل أن ملك الأردن سيبقى هو الوصيّ عليه والذي سيكون مفتوحا الآن لجميع المسلمين. وسأقول إنه على مدى المائة عام الماضية على الأقل أو أكثر، استخدم المتطرفون موضوع المسجد لمحاولة زرع الانقسام والتطرف، ولكن كلما أمكننا حمل المسلمين على القدوم للصلاة في المسجد بحرية وبشكل سلمي، كلما أدرك عدد أكبر من الناس في جميع أنحاء العالم أن المسجد ليس عرضة للهجوم، وأنه مفتوح، ونأمل أن يقلل ذلك من التوتّر القائم بين إسرائيل والعالم الإسلامي على أساس بعض الانقسامات التاريخية المعادية للسامية التي كانت موجودة منذ زمن طويل جدا.
ومن الواضح، فيما يتعلّق بالمسألة بين إسرائيل والفلسطينيين، أن ذلك يمكن اختصاره في الواقع إلى نزاع على الأراضي. قدمت إسرائيل عرضا سخيا جدا لإقامة دولة ومقايضة للأراضي، والكرة هي حقا في ملعب الفلسطينيين الآن. ومن الواضح أننا نرحب بهم في أي وقت للحضور إلى طاولة المفاوضات. وأعتقد أن الرئيس ترامب قد نال ثقة الكثير من الشركاء الإقليميين، أكثر من أسلافه، وهذا ما مكّن من تحقيق هذا الإنجاز التاريخي للسلام.
ما سأقوله هو أنني كواحد من الأشخاص المتفائلين القلائل بشأن الشرق الأوسط خلال السنوات القليلة الماضية، فإن ما رأيته خلال الأيام الأربعة الماضية هو أن المزيد من الأشخاص تحوّلوا إلى التفاؤل بشأن الإمكانات. يبحث الناس عن جميع الفرص العظيمة التي يمكن أن توجد من خلال العمل معًا إذا تخلينا عن بعض صراعات الماضي وتوصلنا إلى كيفية صنع مستقبل أفضل وأكثر إشراقًا. لذلك نحن في غاية التفاؤل. نعتقد أنه سيكون هناك المزيد من العلاقات مع إسرائيل، ونعتقد أنه في مرحلة ما سيتمّ حل القضية الإسرائيلية-الفلسطينية الآن على أساس رؤية السلام. هناك مجال للتفاوض في ظلّ هذه الرؤية والرئيس ترامب مستعدّ للمشاركة في أي وقت لمحاولة حلها. لكنني أعيد مرّة أخرى، لن نركض خلف القيادة الفلسطينية. لقد تواصلنا معهم لنقول لهم بشكل أساسي إنهم إن كانوا يريدون الانخراط الآن، فسيتمّ تعليق السيادة الإسرائيلية على هذه المناطق. وقد قالوا إنهم سيعودون ويتفاوضون إذا حدث ذلك؛ والآن لقد حدث ذلك، لذلك سنرى ما يقرروا القيام به.
مرة أخرى، هناك الكثير من الأسباب للتفاؤل الآن في الشرق الأوسط، وهناك الكثير من الفرص الجيدة، وقد وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم من خلال قيادة الرئيس ترامب واستراتيجيته للمنطقة، والتي تغيرت بشكل كبير. الطريقة التي ينظر بها الناس إلى المنطقة غيرت ما هو ممكن في المنطقة، وسأقول إنه أيضًا أعدّ العدّة لتحقيق المزيد من الإنجازات الرائعة في الأشهر والسنوات المقبلة. لذلك نحن متفائلون تمامًا وأعتقد أنه لا يمكننا التقليل من أهمية هذا الإنجاز. لقد وصف توم فريدمان ما جرى بأنه زلزال ضرب المنطقة، ولكني آمل أن نكون قادرين على إنجاز الكثير لفترة طويلة حتى يتمكن الناس من التركيز أكثر على الفرص الاقتصادية وأقل على التطرف، والتركيز أكثر على كيف يمكننا أن نتّحد جميعًا كأديان مختلفة وشعوب متعدّدة للمضي قدماً بالمنطقة”.
بعدها أجاب كوشنر على أسئلة عدد من الصحافيين.