“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة
وكأنها رقصة تانغو تشهدها بيروت، عاصمة لبنان الجريحة جرّاء انفجار هزّ كيانها في 4 الجاري وهدم مرفأها وشرّد أهاليها ودمر منازلهم وزهق أرواح الكثيرين. قبيل وصول وكيل وزير الخارجية الأميركي ديفيد هيل الى بيروت عصر اليوم، حيث راح يتجوّل في أحياء بيروت المنكوبة برفقة السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، يرافقه فريق تحقيق متخصص من الـ”أفي بي آي” في رسالة مباشرة تنزع الثقة عن السلطات اللبنانية الرسمية التي اختار هيل أن يلتقيها بعد لقائه الشعب اللبناني، حتى أعلنت الخارجية الإيرانية عن زيارة وزير الخارجية محمّد جواد ظريف الى بيروت غدا الجمعة، ويأتي هذا الاعلان بعد يوم واحد على اتصال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالرئيس الإيراني حسن روحاني، ويشبه تزامن الزيارتين رقصة تانغو بين العدوين اللدودين أميركا وإيران وسط مفاوضات شاقة لم تصل الى نتيجة بعد حول قرار تمديد حظر التسلح ضد إيران من قبل الولايات المتحدة الأميركية وعرقلتها لآلية إنستكس الأوروبية ومحاولة واشنطن الواضحة لإزاحة “حزب الله” وإيران عن الملف اللبناني وابعادهما كما هو الأمر أيضا مع “أذرع إيران” في سوريا والعراق.
تابع موقع “مصدر دبلوماسي” أجواء زيارة ظريف الى لبنان وهي ستستمر يوما واحدا، وبحسب الصحافي والمحلل السياسي الإيراني محمّد خواجوئي (مدير وكالة “إرنا” في بيروت سابقا) أنه “كان من المقرّر أن يقوم نائب الرئيس الإيراني حسن روحاني اسحق جهانغيري بزيارة الى لبنان يوم الإثنين الماضي، لكن الزيارة ألغيت بسبب نشوء احتمال استقالة الحكومة اللبنانية برئاسة حسان دياب. وبالتالي لا يوجد سبب محدّد لتزامن هاتين الزيارتين بعد الغاء زيارة جهانغيري الى بيروت، فهذه الزيارة تأتي بعد المحادثات بين روحاني والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وكانت أجواؤها إيجابية جدا وبنّاءة، وبالتالي فإن زيارة ظريف ليست مرتبطة بزيارة الوفد الأميركي”.
يقول خواجوئي ردّا على سؤال موقع “مصدر دبلوماسي” عن المناخ السياسي في طهران بعد تفجير مرفأ بيروت: “بأن إيران قلقة من تدهور الأوضاع في لبنان وتخشى بأن تستغل الولايات المتحدة الأميركية الانفجار لتحوّله الى فرصة لتهميش “حزب الله” وحلفائه في لبنان. لذلك تفضّل إيران تنفيذ الرؤية الفرنسية في لبنان عوضا من الخطة الأميركية”.
يضيف:” إن الرئيس روحاني أجرى أمس محادثات هاتفية مع الرئيس ماكرون، وترى طهران بأن لدى فرنسا سياسة متوازنة وواقعية تجاه لبنان، وإيران تقدّر هذه الواقعية. تعتبر إيران السياسة الفرنسية أقل خطورة، ويمكن لها التعاون مع فرنسا في مجال مستقبل لبنان وتشكيل حكومة وحدة وطنية فيها، لا تريد فرنسا حذف “حزب الله” من الخارطة السياسية اللبنانية، كما ترغب الولايات المتحدة الأميركية. ومن وجهة النظر الإيرانية فإن فرنسا ترحّب بالوحدة الوطنية في لبنان كما تريد إيران”.
في موضوع المحادثات الأميركية الإيرانية حول الملف النووي والحظر التسلح وإنستكس يشير خواجوئي “أن ليس هنالك اي انفراج في العلاقات الإيرانية الأميركية كما يدّعي البعض، تعتمد إيران سياسة الصبر ومتابعة الأوضاع حتى موعد الانتخابات في الولايات المتحدة الأميركية، لذلك لا تريد إيران الدخول في اي اشتباك مع إسرائيل ومع الولايات المتحدة الأميركية خلال الأشهر المقبلة. لكن إيران تتابع الأوضاع عن كثب. في الشأن اللبناني لدى إيران أولوية واحدة وهي منع تهميش “حزب الله”، وهذا يأتي في صلب السياسة الإيرانية”.