“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
يشكّل الانفجار المزدوج الذي وقع أمس الثلاثاء في 4 آب ضربة “أبوبلبتيكية” قاضية على لبنان، أي أنها شبيهة بنهايات العالم.
وبغض النظر عن التحقيقات الاولية وما أعلنه مسؤولون كبار في الدولة أبرزهم رئيس الحكومة حسان دياب عن مستودع خطير موجود (في المرفأ) منذ العام 2014 أي منذ ست سنوات واعلانه عن احتوائه 2750 طن من مادة النيترات الأمونيوم من دون اتخاذ اجراءات وقائية، بعد ان أكد المجلس الأعلى للدفاع هذه المعلومة ، إلا أن السياق الذي وقع فيه هذا الانفجار الضخم الذي يشبه ضربة هيروشيما النووية كما قال العديد من المغرّدين اللبنانيين والأجانب، تترك مجال التحليل والقراءات الموسعة مشرعة.
ليس صدفة أن تصدر دراسات وتقارير منذ فترة تتحدث عن ضرورة “التدمير الشامل” للبنان لإعادة بنائه على أسس جديدة، ويبدو بأن الأمر لم يكن منحصرا بالتدمير المالي والاقتصادي والاجتماعي والبنيوي بل تعداه الى تدمير مرفأ بيروت الشريان الرئيسي للبنان، البلد غير المنتج والذي يستورد ويصدّر عبره كل منتجاته. كان هذا المرفأ، ومعه مطار بيروت الى المعابر محط أنظار العالم في الأشهر الأخيرة، وكان نقطة الجذب الأساسية لمطالبة المجتمع الدولي وخصوصا الولايات المتحدة الاميركية وحلفائها بضرورة أن يعود هذا المعبر الى سلطة الدولة اللبنانية حيث تكثر اتهامات هذه الدول بأنه موئل لأنشطة يقوم بها “حزب الله”. ولعلّ صحيفة “الواشنطن بوست” كانت أشد اقترابا من الحدث الجلل الذي أصاب لبنان بالمقتل حين أوردت في متن خبرها الرئيسي اليوم الأربعاء الآتي: “تتزامن هذه التفجيرات مع التوترات المتصاعدة بين اسرائيل والميليشيا اللبنانية الشيعية “حزب الله”، التي تبقي على منشآت في المرفأ وطالما اتهمها مسؤولون رسميون في الولايات المتحدة الاميركية باستخدامها لتهريب الاسلحة الى داخل البلاد. يعقب هذا الحادث وفرة من التفجيرات الغامضة لمخازن اسلحة للميليشيا الشيعية في العراق العام الماضي، والتي قال مسؤولون رسميون عراقيون واسرائيليون بأن اسرائيل مسؤولة عنها، وأخيرا شريط من التفجيرات في مواقع عسكرية واماكن حساسة في ايران، التي يقول مسؤولون في الاستخبارات الاقليمية بأنه أقله اسرائيل تقف وراءها”.
لقد وقعت الضربة القاضية، التي كان يتمّ التهويل بها بصورة مباشرة أو غير مباشرة، قضي الأمر، دمّر لبنان، هل ستنطلق الصفارة لتعيد بناء هذا البلد حجرا وبشرا وطبقة سياسية جديدة وهل سيعطى البنك الدولي اشارة للبدء بإعادة الاعمار تحت المظلّة الغربية والعربية بشروط جديدة، هل ستكون تفجيرات المرفأ التي حصدت مئات الأرواح التي فاقت الثمانين لغاية اليوم وأكثر من 3000 جريح ودمّرت نصف بيروت التي استحالت رمادا فاتحة لتسوية اقليمية ودولية تعيد الروح للبنان الجريح؟