“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
قام قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينيث ماكينزي برحلته الأولى إلى منطقة الشرق الاوسط إثر تأجيلها مرّات بسبب المخاوف من فيروس كوفيد-19 وجال على قادة مدنيين وعسكريين ودبلوماسيين وعسكريين أميركيين ومن “التحالف الدولي”. شملت الجولة لبنان وكذلك المملكة العربية السعودية والعراق والبحرين والأردن وقطر والكويت وزار ايضا القوات الأميركية في شرق وجنوب سوريا. يقول الجنرال ماكنزي في حوار صحافي بأن “هذه الرحلة فرصة جيدة لكي أعيد التحدث شخصيا مع قادة في مختلف أنحاء المنطقة ولمناقشة المخاوف الأمنية المشتركة، كما تتيح لي المشاركة مع القوات الأميركية وقوات التحالف لمناقشة الوضع الأمني الذي يشهدونه، فأحصل على فرصة الاطلاع على التحديات التي تواجههم بشكل مباشر”.
وكانت له لفتة خاصة الى العراق فقال: “حظيت في خلال هذه الرحلة بأول فرصة للتعرف إلى رئيس الوزراء العراقي الجديد. كان من المهم بمكان أن أعود إلى المنطقة بالنسبة إلي إذ ثمة أمور لا يمكن رؤيتها عبر الاتصالات الهاتفية وأعتبر أن المشاركة وجها لوجه مسألة فائقة الأهمية”.
أعمى من لا يرى “حزب الله”
وردّا على سؤال عن انطباعه بعد زيارة المسؤولين اللبنانيين وهل يظن بأن “حزب الله” قد يسعى الى الصراع مع اسرائيل في ضوء الضغوط التي يواجهها بسبب الأزمة الاقتصادية في لبنان؟
قال الجنرال ماكينزي: “لا شك في أن محور فرصتي كان لقاء قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون وكان اللقاء جيدا جدا، واستطعت أن أعيد التأكيد على التزامنا بدعم الجيش اللبناني كتعبير عن الدفاع الوطني عن لبنان وذراع للحكومة. نحن نعتبر أن الجيش اللبناني يمثل فرصة هائلة للتوصل إلى حل لمتطلبات الدفاع بالنسبة إلى الحكومة هناك. لا يزال “حزب الله” يمثل مشكلة ومسألة عالقة ونحن ندرك تواجده هناك. أعمى من يقول إنه لا يدرك أنه متواجد هناك. ونحن ندرك أن سكان لبنان مضطرون إلى تقديم مساومات نتيجة لذلك، ولكنني أعتقد أنه سيكون من الخطأ الكبير أن يحاول “حزب الله” تنفيذ عمليات ضد إسرائيل. لا أرى أي نهاية جيدة لأي محاولة مماثلة”.
الشأن السوري
سئل عن رأيه بالتعاون بين النظام السوري وإيران في ما يتعلق بالدفاع الجوي؟ فقال:”طبعا تستخدم إيران سوريا لأسبابها وأغراضها الخاصة وينبغي أن يكون النظام السوري حذقا بما فيه الكفاية ليدرك ذلك، ولكنني لا أعرف ما إذا كان سيتغير أي شيء بشكل نوعي نتيجة للتفاهم. التحرك على الأرض شيء والتحرك في الجو شيء مختلف تماما. إذن سنتنبه لأي تحركات فعلية بدون الاكتفاء بالتركيز على التصريحات والمناقشات”.
وتطرق الجنرال ماكينزي في معرض الأسئلة الى قضية قيام عناصر داعش بأعمال شغب في السجون التي تديرها “قوات سوريا الديمقراطية” في شمال شرق سوريا على مدى الأشهر القليلة الماضية حيث هذه المجموعة ذات القيادة الكردية المساعدة من المجتمع الدولي. وسئل عمّا إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية تنوي أن تطلب من الدول الأم لهؤلاء المقاتلين استعادة مواطنيها أم هل من الممكن أن يخضع هؤلاء المقاتلين للمحاكمة في سوريا؟ فلفت الجنرال ماكينزي قائلا:”نحن ننظر بعين القلق إلى أعمال الشغب التي تشهدها السجون التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية في شرق سوريا ومختلف أنحاء البلاد، ونعتبر أن استعادة الدول لمواطنيها يبقى الحل الأفضل لتقليص عدد السجناء فيها في كافة الحالات وندعم استعادة المواطنين بشكل كامل، كما نعمل مع دول مختلفة لتحقيق هذا الهدف. هذه عملية بطيئة، إلا أننا نعتبر أنها أفضل سبيل للمضي قدما”.
أضاف:” نحن نعمل بكافة الأساليب الممكنة لتوفير دعم إضافي لقوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن الأمن في تلك السجون. كما تعلمون، ليس للولايات المتحدة أي دور مباشر في أمن هذه السجون ولكننا نحاول أن نساعد قوات سوريا الديمقراطية بشكل غير مباشر وبأي شكل من الأشكال فيما تحاول مواصلة هذه المهمة”. وعن القلق من انتشار فيروس كورونا في السجون أشار:”نحن طبعا قلقون من ذلك. لا نخال أن هذه المسألة قد باتت مشكلة الآن إلا أنها تمثل مشكلة جدية في مخيمات مختلفة للنازحين في مختلف أنحاء سوريا ونحن قلقون بشأن ذلك أيضا”.
دخلنا مع ايران مرحلة الردع المتنازع عليه
وسئل عن قوله بأن مقتل قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني قد
قد حدد شكلا من الردع القاسي بالنسبة إلى إيران، وقيل له بأن هذا الردع قد لا يستمر، فهل من إشارات إلى أن جمهورية إيران الإسلامية قد عدلت منذ ذلك الحين أهدافها الاستراتيجية للهيمنة على المنطقة؟ هل يمكن أن تكون إيران بانتظار التصويت القادم على حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة أو الانتخابات الرئاسية الأيركية حتى تبدأ بإعادة نشر تكتيكاتها الرامية إلى تحقيق هذا الهدف في المنطقة؟
قال الجنرال ماكينزي: بحسب تقديري، دخلنا في ما يسمى بمرحلة الردع المتنازع عليه بعد ما حصل في كانون الثاني. وأعتبر أن الردع هو وليدة القدرة والإرادة. لا أظن أن إيران قد شككت يوما في قدراتنا، ولكنها شككت أحيانا بإرادتنا وما نريد القيام به. إذن أعتبر أن نتيجة ذلك منذ كانون الثاني تتمثل بأمرين: الأول هو أن إيران ما زالت تتمسك بأهدافها الرامية للهيمنة على المنطقة وما زالت تنوي تحقيق ذلك، كما أنني أخالها تنوي أن تحاول إخراج الولايات المتحدة من المنطقة. أعتقد أن هذه المسألة متسقة بشكل واضح مع الهيمنة الإقليمية بالنسبة إليها لأننا نقدم الدعم لدول أخرى كثيرة في المنطقة تعارض سعيها إلى تحقيق الهيمنة.
إذن أعتقد أن مرحلة الردع لا تزال قائمة وناجحة، ولكن لا يزال ثمة فترة من الردع القاسي برأيي. أعتقد أن إيران تفكر في طريقة لتحقيق هذا الهدف بدون اجتياز أحد خطوطنا الحمر وأعتقد أننا قمنا لأول مرة بتحديد خطوط حمر ربما لم تكن واضحة بالنسبة إليها من قبل. أعتقد أنه من الممكن أن تواصل إيران ذلك حتى الخريف عند اتخاذ قرار بالنسبة إلى حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، وأعتقد أن هذا الأمر يمثل عاملا في تفكيرها. ولكن بصراحة، من الصعب بمكان أن نعرف ونفهم ما يدور في خلد إيران بالضبط، وأعتقد أن ذلك اتضح أكثر بعد مقتل قاسم سليماني. أعتقد أنه بات من الأصعب عليها اتخاذ القرارات وتحديد مسار واضح للمضي قدما. لذا أعتق من الصعب في الواقع أن نعرف ونفهم ما تنوي القيام به بالضبط وبات الأمر أكثر صعوبة الآن”.
الكاظمي يحاول القيام بالصواب
وسئل عن التواجد الأميركي في العراق وفعالية التنسيق مع الحكومة العراقية في ضوء أزماتها الداخلية والصراع مع إيران؟
فقال الجنرال ماكينزي: أشعر في الواقع بالتفاؤل لناحية وضعنا الحالي في العراق. أعتقد أن رئيس الوزراء الجديد الكاظمي يحاول القيام بالصواب وأعتقد أن ذلك سيتطلب منه بذل الكثير من الجهود لأنه يريد التأكيد على سيادة العراق برأيي، ونحن نتفق تماما مع ذلك ونعتقد أننا قادرون على المساهمة في تحقيق هذا الهدف. أعتقد أنه يسعى لإخضاع الميليشيات المختلفة لسيطرة الدولة حيثما أمكن ويأخذ على محمل الجد التزامات الحكومة العراقية بتوفير الحماية لقوات الولايات المتحدة والتحالف والقوات الشريكة المتواجدة في العراق لمهمة مكافحة الإرهاب ضد داعش، وقد كان حازما جدا في ذلك. لديه أيضا حقائق سياسية عملية يجب أن يتعامل معها ونحن ندرك تلك الحقائق وندرك أنه سيتعين علينا التحلي بالصبر فيما يتقدم على مسار تحقيق أهدافه.
ولكنني أعتقد أننا في وضع جيد جدا مع الحكومة العراقية في الواقع، وستواصل الولايات المتحدة الجزء الثاني من الحوار الاستراتيجي المستمر معها في وقت لاحق من هذا الشهر، وأعتقد أن هذا الحوار سيمثل فرصة عظيمة لتحديد رؤية مشتركة للمضي قدما. يمكنني أن أؤكد لكم أنه سيتم الوصول إلى قرار بشأن التواجد الأمريكي المستقبلي في العراق بالتشاور الوثيق مع ممثلي الحكومة العراقية، وأعتقد أننا في وضع جيد لناحية هذه المسألة في الواقع”.