“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
أسفرت زيارة وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتّي الاسبوع الفائت الى روما والفاتيكان عن أمرين عمليين اثنين: التزام ايطالي سياسي بدعم متواصل للبنان في المحافل الدولية وفي الاتحاد الأوروبي، وقرار بتعزيز الشراكات الثنائية الاقتصادية، تشبث ايطالي بولاية قوات “اليونيفيل” من دون تبديل بتفويضها أو بعديدها وقرار ايطالي بإرسال مساعدات انسانية سريعة الى لبنان.
أما في الفاتيكان فلعلّ النتيجة الأهم كانت تعهّدا حصل عليه الوزير حتّي بأن يستمر الفاتيكان كدولة بالقيام باتصالات حثيثة مع المجتمع الدولي وفي طليعته الولايات المتحدة الأميركية ومع الدول العربية لكي تقوم بمسعى يدعم لبنان ويوقف حصاره المؤدي الى انهياره الشامل وهو أمر يرفضه الفاتيكان قطعا لتداعياته الكارثية الشرق اوسطية والمتوسطية والاوروبية.
يشير مسؤول دبلوماسي رفيع الى أن زيارة الوزير ناصيف حتّي الى الفاتيكان هي أيضا مؤشر عن تمهيد لزيارات رسمية رفيعة لمسؤولين لبنانيين قريبا الى حاضرة الفاتيكان.
التقى الوزير حتّي في روما نظيره الايطالي لويجي دي مايو، وتبين من خلال اللقاء بأن ايطاليا لا تؤيد تغيير مهام قوات “اليونيفيل” ولا تخفيض موازنتها ولا عديدها لأن الأمر قد يحمل معنى سياسيا الى جانب نتائجه، إلا إذا كان التخفيض بسيطا في سياق شدّ الأحزمة المالية في الامم المتحدة والذي يطاول حفظة السلام في العالم أجمع.
وعمّا ورد في بعض المواقع اللبنانية بأن تخفيض ميزانية “اليونيفيل” سيتم كي لا تستفيد بيئة “حزب الله” جنوبا من المساعدات المالية والعينية قال مصدر دبلوماسي مسؤول واكب زيارة حتّي بأنه “حصل طرح لتخفيض للميزانية لكنّه أدرج في سياق التخفيضات العالمية التي تطاول حفظة السلام ولا ينحصر بالقبعات الزرق في لبنان”.
مشيرا الى أن ما أقر أخيرا في الامم المتحدة هو “حق الصرف على مدى عام”. وأشار الى أن هذا الكلام الوارد في مواقع لبنانية “غير واقعي” لأن قوات “اليونيفيل” تصرف في البيئة حيث تعيش، وهذا أمر طبيعي ويجلب ترحيب أهالي المنطقة ويوطد العلاقات الودية بين الطرفين”. وعن تأثير أي تخفيض على أنشطة ما يعرف بالـ”السيميك” وهو التعاون المدني العسكري بين لبنان وقوات “اليونيفيل” قال بأن “أي تخفيض للميزانية إن حصل فهو يطاول كل أنشطة “اليونيفيل” وليس جزءا دون آخر” ولفت الى أنه لم يتم تجميد اية أنشطة في هذا الخصوص على العكس سارع الأمين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيرس الى اقرار حق الصرف بسرعة لجميع القبعات الزرق في العالم متخطيا بعض النقاش الذي حصل حول طريقة الاجتماعات التقنية فرفض تأجيل صرف الاموال كي لا يجمّد أية انشطة.
بالعودة الى “اليونيفيل” يؤكد المصدر الدبلوماسي الرفيع بأن “الايطاليين والفرنسيين وسواهم متمسكين بولايتها الحالية، من جهته، يؤكد لبنان تمسكه بتطبيق القرار 1701 بمندرجاته كافة وبتشبثه كما بقية الدول بالتفويض ذاته وبالعديد ذاته”. ويشير الى أن “وجود “اليونيفيل” هو مصلحة لبنانية واقليمية في آن، لولاها يقع احتمال فتح جبهة يستفيد منها أي أحد”. وأشار الى تمسك ايطاليا بالتعاون مع الجيش اللبناني.
في الفاتيكان كانت اللقاءات ودية ومثمرة، للتذكير فإن الوزير حتّي كان سفيرا لجامعة الدول العربية لعامين متتاليين في الفاتيكان وهو يعتبر بأن حاضرة الفاتيكان من اكثر الدول الماما بالواقع اللبناني والاقليمي والدولي حتى أنه لم يكن بحاجة ليشرح التفاصيل للمسؤولين الرفيعي المستوى الذين التقاهم وهم على التوالي: رئيس مجمع كنائس الشرق الكاردينال ليوناردو ساندري، وزير الخارجية ورئيس الاساقفة في حاضرة الفاتيكان الكاردينال بو ريتشارد غلاغر وأمين سر حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين.
أثار حتّي مع الكاردينال ساندري أهمية دعم المدارس الكاثوليكية الخاصة في لبنان، وهو يفيد لبنان برمته لأن هذه المدارس لا ينحصر تلامذتها بالمسيحيين الكاثوليك فحسب بل تجمع كل البيئات اللبنانية، وعرض حتّي الوضع الداخلي قائلا بان البعض يريد أن يعاقب لبنان بسبب اطراف سياسية معينة فيدفّع كل لبنان الثمن، وكان اتفاق بأن استقرار لبنان مهم حتى للمعارضة ويعتبر المسؤولون في الفاتيكان بأن انقاذ لبنان واجب وهو مسؤولية لبنانية ومصلحة شرق أوسطية متوسطية واوروبية ودولية لأن سقوط لبنان سيجعل الجميع يدفعون الثمن.
أبرز المخاوف التي عبّر عنها المسؤولون في الفاتيكان تتعلق بحصول تعثّر يعيق انطلاق العملية الاصلاحية. الى ذلك، فإن الفاتيكان يقوم بما تمليه عليه مسؤوليته تجاه لبنان ككل وتجاه المسيحيين بشكل خاص ويشير المصدر الدبلوماسي المسؤول الى أن الفاتيكان هو من أكثر دول العالم اطلاعا على كل التفاصيل والمسؤولون فيه يقيمون اتصالات جيدة مع الولايات المتحدة الأميركية و كافة الاطراف الدولية المؤثرة لتسهيل عملية انقاذ لبنان ويدركون الوضع والمطبات الموجود فيها لبنان واهمية استقراره في المنطقة.