“مصدر دبلوماسي”- خاص
في أصول التعامل الدبلوماسي فإنه في حال حصول أي اعتراض على سفير معتمد من قبل الدولة المعتمد لديها يحق لوزارة الخارجية التقدّم بطلب لدى نظيرتها في البلد الذي ينتمي اليه السفير طالبة إقالته فيصبح “شخصا غير مرغوب فيه” أو ما يعرف بـ
Persona Non Grata
فيتم تعيين سفير آخر. لكن السفير شخصية معنوية يمثل بلاده ويتمتع بحصانة قضائية تامّة وكلية وناجزة وكاملة في الدولة المعتمد لديها من دون أن يعفيه ذلك من المحاكمة أمام القضاء في دولته الأم.
لكن هذا الاجراء يعتبر آخر مرحلة يتم اتخاذها من قبل الدولة إذ تسبقها عملية استدعاء للسفير وتنبيهه. ليست المرّة الأولى التي يوجّه فيها لبنان انذارا وخصوصا لسفراء الولايات المتحدة الأميركية، لكنه لم يتخطّ يوما أصول التعامل الدبلوماسي.
في 17 كانون الثاني من العام 2011، استدعى وزير الخارجية الأسبق الدكتور علي الشامي الى مقره في “قصر بسترس” السفيرة الأميركية آنذاك مورا كونيللي، وذلك على خلفية زيارتها الى النائب نقولا فتوش في تدخل في ما عتبر تدخلا الشؤون اللبنانية دعما لقوى 14 آذار ولتسمية الرئيس سعد الحريري لترؤس الحكومة قبل يومين من الاستشارات النيابية الملزمة. واعتبر الشامي في كلامه للسفيرة كونيللي بأن ما قامت به هو تدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية وخرق للأعراف الدبلوماسية ولأصول التمثيل الأجنبي ولإتفاقية فيينا مذكرا اياها برسالته التي عممها على السفارات في هذا الشأن. وسألت السفيرة الاميركية يومها الوزير الشامي عما إذا كان يحق له استدعاؤها وهو عضو في حكومة لتصريف الأعمال. فردّ قائلا: أنا أعرف صلاحياتي وكون الحكومة حكومة تصريف أعمال لا يعني تعطّل المرافق العامّة. وأوضحت السفيرة كونيللي يومها بأن لقاءها بفتوش هو في اطار الزيارات الدورية التي تقوم بها للشخصيات السياسية والاجتماعية والدينية في لبنان من كافة التيارات السياسية.
ويومها وصف رئيس المجلس النيابي نبيه بري الزيارة بأنها “فضيحة مدوية لا بل فضيحة الفضائح”. وقال الرئيس بري:” هذه السفيرة تثبت بالقول والفعل أنها تتدخل في الاستشارات النيابية على هذا النحو السافر والنافر. لكن الزميل فتوش لن يتخلى بسهولة عن قناعاته الوطنية وسيعود في النهاية الى ضميره السياسي والوطني. ومن موقعي أقول ما هكذا يكون التعامل مع ممثلي الأمة وأثبتت هذه الزيارة أن المعركة مع أميركا”.
وأصدرت وزارة الخارجية يومها بيانا جاء فيه:” بأن الوزير علي الشامي استدعى السفيرة مورا كونيللي لاستيضاحها بشأن الزيارة التي قامت بها لزحلة أمس، حيث التقت النائب نقولا فتوش ورأى الشامي بحسب البيان أن هذا النوع من الاتصالات هو تدخّل بالشؤون الداخلية للبنان، وهو بذلك مخالف للواجبات الدبلوماسية التي تنص عليها الأعراف والقوانين الوطنية والدولية ولا سيما اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961″.