“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
لا يختلف اثنان بشأن ضعف الاداء الحكومي منذ تشكيل حكومة الدكتور حسان دياب في شباط الفائت ولغاية اليوم، وبغض النظر عن النوايا الحسنة لمكوناتها وللأسماء ذي الخبرة في العديد من القطاعات إلا أن المثل الفرنسي يقول:” إن طريق جهنّم معبّدة بالنوايا الحسنة”.
مما لا شك فيه بأن حكومة حسان دياب ورثت إرثا ثقيلا جدا من سابقاتها، وليس من العدل تحميلها وزر الانهيارات المالية والنقدية والاقتصادية القائمة في لبنان والمرشحة للتصاعد، ولا العزل الاقليمي والدولي، لكن الحكومة التي تشكلت بجزء منها بقوة دفع من حراك الشارع الذي انطلق في 17 تشرين الأول 2019، قبل تهجينه بأهداف الصراع الاقليمي، أثبتت أن نجاحها مستحيل بسبب سطوة عرابيها السياسيين على قرارها، وهنا لا نحكي عن “حزب الله” الذي يتهم بأن الحكومة حكومته، بل عن بقية الداعمين السياسيين لها، فضلا عن ضغوط قطاع المصارف والمال ضدها، ولا ننسى المعارضة الشرسة التي يقودها “تيار المستقبل” وما بقي من قوى 14 آذار في طموح مرئي للعودة الى سدّة الرئاسة الثالثة. ومثلما يهمس العارفون فإن هذه الحكومة تفتقر الى أدوات الحكم من هنا فشلها الذريع في إتمام تعيينات مالية وإدارية بحسب المعايير الموضوعة قانونيا ورسميا وعلميا، وفشلها في ملفات حيوية مثل التعيينات القضائية، وفي لجم الازمة الاجتماعية التي تفاقمت بعد جائحة كورونا، وكذلك في اجراء الاصلاحات الضرورية التي يطلبها صندوق النقد الدولي من جهة ومؤتمر “سيدر” من جهة ثانية وفي مقدمتها خطة الكهرباء وتعيين هيئة ناظمة لها، وفشلت أيضا في لجم جنون الاسعار المتأتي بالجزء الأكبر من الاحتكارات وكارتيلات الصناعات الغذائية ولا ننسى كارتيلات المازوت والبنزين وسواها من المواد الحيوية للمواطن، كذلك فشلت في إيجاد حل قانوني وجذري لمسألة أموال المودعين المحتجزة ولجنون الدولار.
قانون قيصر
إزاء هذا السجل الحافل من الاخفاقات، تطرح أسئلة حقيقية: كيف ستنجح هذه الحكومة في مواجهة قانون قيصر الأميركي الذي يسري بعد أيام في 17 الجاري في سوريا وتداعياته اكيدة على لبنان؟ هل ستتمكن من التفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية لاكتساب استثناءات للبنان كما فعل العراق وتركيا؟ إذ سمح الاميركيون للعراقيين وللأتراك باستجرار الكهرباء من ايران وبالتبادل التجاري في عدد من القطاعات في وقت تخضع ايران للعقوبات، وبالتالي من الطبيعي أن تستفيد الحكومة اللبنانية من المفاوضات مع صندوق النقد لمطالبة الجانب الأميركي بأن يكون لبنان خاضعا للإستثناءات التي يضعها القانون. لكن، هل سيرد عليها صندوق النقد الدولي الذي يبدو مترددا في ان يقدم دعما وازنا للبنان وإذا حصل فإنه لن يتعدى الـ3 مليارات دولار أميركي في أفضل الأحوال؟
المعابر السياسية
الملف الآخر، وهو ملف مفتعل من الدول الاقليمية المتناحرة بتغطية اميركية يتعلق بالمعابر غير الشرعية بين لبنان وسوريا وهي بحسب الضالعين موجودة بين لبنان وسوريا منذ ما قبل الاستقلال. ويشير العارفون الى أن “اقتصاد التهريب” هو اقتصاد مواز أي هو حقيقي لكنه غير مسجل وهذا رائج بين الكثير من البلدان كما بين المكسيك والولايات المتحدة الأميركية على سبيل المثال لا الحصر، وبين بعض دول الإتحاد الأوروبي وروسيا. في هذا الاطار ، تشير اوساط قريبة من قوى 8 آذار لموقعنا أن تحميل المسؤولية بتدهور الاقتصاد اللبناني للمعابر غير الشرعية، هي كذبة ويدرك الاقتصاديون بأنها غير صحيحة، بسبب حجم الأرقام المتأتية من التهريب، لكن ثمة من يستغل الأمر لأسباب سياسية، ويحمل مسؤولية الانهيار الاقتصادي لسلاح المقاومة في ما هم يعرفون ان الأمر غير صحيح”. تضيف الاوساط:” الأمر سيان للمعابر غير الشرعية وهذا ليس الا استجابة لضغوط اميركية كانت تهدف الى نشر قوات دولية على الحدود الشرقية مع سوريا، وحاليا تعمل للضغط في الأمم المتحدة لتعديل مهام “اليونيفيل” ونشرها على الحدود الشرقية”، بحسب الأوساط، فهل تطكفي جولة لرئيس الحكومة حسان دياب على الحدود الشرقية أن تلجم النزعة الاقليمية والاميركية لمعاقبة لبنان؟.
الحكومة باقية لنهاية عهد عون
بالرغم من هذا السجل الحافل بالعجز عن الاصلاح، فلا صحة لكل ما يشاع عن امكانية تغيير الحكومة الحالية. تقول الأوساط في قوى 8 آذار لموقعنا:” الحكومة ثابتة وباقية ومستقرّة حتى نهاية هذا العهد، البديل عنها غير متاح حاليا وجميع القوى السياسية تعلم هذا الموضوع، وما يشاع ليس صحيحا، المطلوب ان تعمل الحكومة انجازات لا سيما في القطاعين المالي النقدي، في ما يخص تقييد الودائع او قصها، والموضوع الثاني هو موضوع الكهرباء، لأن الدول من المانحين في مؤتمر “سيدر” وصولا الى صندوق النقد الدولي يطالبون بفتح ملف الكهرباء واصلاحها، والجميع يدرك أن جزءا غير بسيط من عجز الميزانية يعود لقطاع الكهرباء، ومن المفترض انهاء هذا الملف”. وتختم الاوساط بقولها:” المطلوب ان تشمر على ساعديها وتتخذ قرارات جدية من شأنها أن تعطي جرعة ثقة للمستثمرين في السوق اللبنانية”.
بالرغم من هذه الاجواء المتفائلة جزئيا ببقاء الحكومة لدى قوى الثامن من آذار إلا أن السؤال يعود ويطرح نفسه كيف يمكن لهذه الحكومة أن تواجه كل هذه التحديات من دون أدوات؟! ووسط خلافات مستحكمة بين عرّابيها أنفسهم؟ وكيف يمكن لرئيسها حسان دياب ان يواجه خصومها في الخارج وخصومها في الداخل وجميعهم يتوافقون على وضع العصي في دواليب عملها وإن لأسباب مختلفة؟ فعل تبقى هذه الحكومة أصيلة أم ستتحوّل الى حكومة تصريف أعمال لتخفيف عبء الضغوط عليها؟