“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
قد تكون كلمة لا أحد محصّن وتعني بالإنكليزية
No untouchables
أفضل تعريف للخطة الاقتصادية الانقاذية التي تعدّها حكومة الرئيس حسان دياب لعرضها على شركة لازارد الاستشارية في غضون شهر لكي تبدأ الشركة الأخيرة مفاوضاتها مع الدائنين الاجانب خصوصا حول اعادة هيكلة وجدولة ديون لبنان السيادية باليوروبوندز وقيمته 31 مليار دولار اميركي وذلك بعد ان اعلن لبنان تخلفه عن دفعها. ستستغرق عملية النقاشات بين 6 و9 اشهر، وبالتالي لا جدوى قبل صدور النتائج من الجزم بأي موضوع يتعلق بلهيركات على اموال المودعين لكن المؤكد انه سيكون كابيتال كونترول.
إلا أن المؤكد ايضا- وهنا بيت القصيد- أن الكلمة المطمئنة التي سبق وقالها رئيس الحكومة حسان دياب من ان 90 في المئة من المودعين وهم صغار المودعين ومتوسطيهم سيكونون محميين ويعني بحسب ما يصدّر استشاريون بارزون لا هيركات ولا تحويل للمبالغ الى اسهم لمن لا يملك حسابا يفوق الـ200 ألف دولار أميركي.
لكن هذا الرقم كما سواه غير نهائي، كذلك الحديث عن هيركات وسيناريوهات توزيع الخسائر، ولا يمكن لأي أمر ان يكون نهائيا قبل انتهاء المفاوضات وايجاد اجوبة على عدد من الاسئلة. يقول مستشار رئيس الحكومة للشؤون المالية الدكتور جورج شلهوب:” قبل الاجابة على هذه الاسئلة كلها، ينبغي الوصول أقله الى 4 او 5 معطيات، يجب معرفة اين ستصل نتائج المفاوضات مع الدائنين حول اليوروبوندز، لأن ذلك سيؤثر على الحسابات التي نشتغلها للوصول الى مكامن الخلل، كذلك يجب معرفة مدى الخصم الذي بالإمكان القيام به على الدين اللبناني، كذلك وبعد التدقيق بالقروض الطويلة الأمد
Long Performing loans
ورابعا ينبغي معرفة مدى قيمة الدين فنحن نقول ان قيمة الدين بين 31 و41 مليار، توجد امور كثيرة يجب ان نجمعها وبعضها غير معروف لنصل لمعرفة مدى اتساع الحفرة. وبعدها يمكن البحث عن حلول، كذلك هنالك سؤال حول مدى امكانية استرداد جزء من الاموال المسروقة”.
من جهته، يقول مدير عام وزارة المالية آلان بيفاني “بأننا لا نزال في مرحلة أولية جدّا، ومن غير المطلوب في هذه المرحلة أن نكون نوزّع خسائر، والأمر الأساسي بتوزيع الخسائر هو إعادة هيكلة الدين العام، لأن هذا شق من الخسائر التي سيتم امتصاصها”.
ويشرح بيفاني الوضع الراهن كالآتي: “يوجد عجز كبير جدا في الحساب الجاري يصل الى نسبة 26 في المئة، لدينا عجز في ميزان المدفوعات وبالمالية العامة يصل الى 11 في المئة دين يصل الى 176 في المئة من الناتج، النمو ناقص 12 بالمئة، تضخم 25،5 في المئة، يعني الوضع صعب”.
في هذه الحالة، يقول بيفاني” يجب تحديد مصدر الخلل، نحن اعتمدنا فترة طويلة سياسة عامة تقضي بدفع فوائد عالية لاستقطاب دولارات، ونسعّر العملة الوطنية على العالي لأننا لسنا ببلد منتج، وصار الاستيراد أرخص من الانتاج. هذه العملية خلقت الشرخ في الحساب الجاري، وكبدتنا كلفة اضافية، في ميزان المدفوعات وزاد سوء ادارة في المالية العامة وصل الى الفجوة التالية. وبلغت الخسارة مبلغا كبيرا، واصلاح المالية العامة مهم لكن خسائرها لا تشكل شيئا بالنسبة الى الخسائر الاخرى”.
للمرة الأولى تتطرق ورقة حكومية رسمية (ليست نهائية بعد وهي قيد الدرس) أبوابا موصدة وممنوع طرقها سابقا مثل المصارف وامكانية دمجها او اعادة رسملتها او اختفاء بعضها، كذلك التحدث عن اعادة تنظيم وهيكلة مصرف لبنان وهذا لم يكن من الممنوعات فحسب بل من المحرّمات، والحديث عن اقتطاع من ارباح من استفادوا من الهندسات المالية من مودعين كبارا، فالخسارة وقعت على حد تعبير فريق رئيس الحكومة ويجب البحث عن كيفية حصر الخسائر، كذلك ايجاد سبل ذي مصداقية للتحدث الى اللبنانيين والدائنين والدول بشكل يستند الى ختم دولي، وهو ما ستحاول الورقة تحقيقه، فهي اشتغلت بحسب آليات نظرية لصندوق النقد الدولي لكنّها في المقابل حافظت على خصوصية الوضع في لبنان. هنا أمثلة يقدمها بيفاني: “يطلب صندوق النقد الدولي الا يبقى اي قرش خسارة في مصرف لبنان او في القطاع المصرفي، الحكومة تقول ان الخسارة قد لا تتعدى الـ 15 في المئة من الناتج. يقول الصندوق انه يريد 5 في المئة فائض اولي في المالية العامة، نحن نقول 3،6 في المئة فائض في المالية العامة. يقول صندوق النقد انه يجب تحرير العملة فورا لتتصحح الاوضاع كما هي ليعود الاقتصاد الى الانطلاق. نحن نقول من الآن ولغاية سنة 2021، نبقى كما نحن تقريبا، وفي 2021 نوحد سعر الأسهم وسعر السوق، وطبعا ليس على العالي، ونعمل على تحرير العملة تدريجيا لتصل بعد 5 سنين الى مستوى السوق غير الرسمي القائم اليوم لغاية العام 2024″.
يطلب صندوق النقد ان ثمة اصول يجب بيعها فورا، الخ…ثم ندخل في تفاصيل المالية العامة، أي طرد الناس، قص الرواتب، تخفيض التعويضات، بالاضافة الى ضرائب واسعة.
أما نحن فنقول أولا هذه الخطة صحيح ممكن مناقشتها مع مؤسسات مثل صندوق النقد انما لا نزال نحافظ على خصوصيات خطة لبنانية. الأهم ماذا تنتظر الناس؟ الخصخصة. البيع يأخذ من اللبنانيين موجوداتهم، بينما نحن هنا لا نذكر هذا الأمر. ثم تكون حلول سهلة، مثل زيادة من 12 الى 20 في المئةللضرائب …هذا امر لن يحصل إذ لم ندخل في ضرائب واسعة النطاق”.
لماذا؟ يجيب بيفاني:” لأن ثمة فارق بأن نقرر نحن وأن تفرض علينا المؤسسات الدولية امورا لا تناسبنا وبرأينا ان من استفاد من هذا النظام عليه ان يساهم. فمن جمّع ثروات من الطبيعي ان يسهم اكثر ممن لم يجمّع ثروات، هذا لا يعني ان الجميع حرامية لا، لكن بشكل أو بآخر استفادوا من النظام. ومن الطبيعي ان تحصل اعادة توزيع. هذا البلد مصيبته الأساسية تكمن بالفوارق الهائلة بالمداخيل. نحن نريد نظاما حرا لنبنيه مجددا لكننا ايضا نريد نظاما حرا يوزع الثروات ليستطيع ان يكون مستداما”.
يشير بيفاني الى أن:” فترات الانهيار هي ايضا فرص آتية لبناء مستقبل افضل، كي ينظم البلد نفسه بشكل يكون لديه أمل بأن المستقبل افضل. الأمر الأخير، كانت الحلول المقترحة في الاسبق تقضي بطرد نصف الموظفين من الدولة. في حالات مماثلة، تزيد البطالة، تزيد الحالات الاجتماعية الصعبة، ثقل اكثر على الاقتصاد. نحن نريد حلولا متماسكة مع بعضها تسمح بألا تحصل امور مماثلة”.
بالنسبة الى استعادة الاموال المنهوبة وهي ذي ا همية استثنائية للبنانيين يقول الدكتور شلهوب: ” دولة الرئيديابس يتحدث دوما عن اولويات لكنه لم يتحدث يوما عن عدم رغبة باستعادة الاموال المسروقة، بل ستكون محاسبة في هذا الموضوع وهذا أكيد لكن لا جدوى من الخوض في هذا الملف الآن لأن الاولوية للتفاوض مع الدائنين”.