“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
انتهى لقاء أمس بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيّب اردوغان الى الاتفاق على وقف لاطلاق النار في ادلب ورسّخ الموقف الروسي المتمسك باتفاق آستانة ورسم قواعد اشتباك جديدة على قاعدة مساري آستانة وجنيف سياسيا وتوّج منع تركيا من تحقيق طموحاتها في إدلب التي باتت مقطعة الأوصال. انتهت مفاوضات الساعان الست الى تحقيق 6 نقاط هي:
-تجديد التوافق الروسي –التركي على أن النزاع السوري ليس له حل عسكري، تطبيق وقف لاطلاق النار في ادلب ابتداء من الساعة 0:00 من يوم 6 آذار منتصف الليلة الماضية، انشاء ممر آمن على بعد 6 كيلومترات، الطريق السريع ـم 4 حلب اللاذقية وجنوبه، تسيير دوريات روسية تركية مشتركة على طول الطريق السريع ـم 4 ابتداء من 15 آذار، تجديد الالتزام المشترك بسيادة سوريا والعزم على مكافحة الارهاب، احتفاظ تركيا بحقها في الرد على تصرفات قوات الحكومة السورية.
أتى هذا الاجتماع بعد أن دمشق التوجه نحو تحرير مدينة إدلب تدريجيا، وتوسعة الأمن حول طريقي “دمشق-حلب”، واللاذقية-حلب” أي بين العاصمتين السياسية والاقتصادية واستعادة كامل سيادتها على الجغرافيا السورية واهمها هذين الشريانين الحيويين للاقتصاد السوري وعقدتهما مدينة سراقب.
وكان الشمال السوري أمس، طبقا رئيسيا في قمّة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والتّركي رجب طيّب أردوغان اللذين التقيا منذ المرة الأولى لتسخين ساحة الشمال السوري منتصف كانون الثاني الفائت.
بالعودة الى خلفيات القرار، فقد أراد الجيش السوري استرجاع كل التراب السوري الى سيطرته، حفاظا لى وحدة سوريا الجغرافية التي لم يتبقّ منها سوى إدلب بالإضافة الى بعض الجيوب الكردية مثل عفرين وعين عرب. وكان الروس في هذا المناخ السوري حتى أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف صرّح في هذا الخصوص قائلا أنه لا بدّ ان تعود السيادة الى كامل سوريا. أخلّ الأتراك بإتفاق بينهم وبين الروس كانوا أبرموه في آستانة بأن يدخل عدد من القوات السورية الى جزء من إدلب ثم تقام منطقة عازلة بإدارة روسية تركية مشتركة ويوضع المسلحون في مناطق محددة ويخضعون للحل النهائي حيث يتم انشاء “كوريدور” لهم لاحقا ليلتحقوا ببلدانهم؟ إن إخلال الأتراك بهذا الاتفاق ولّد استياء عند الروس والإيرانيين والسوريين. ما سرّع الأمر هو وقوع اشتباك كبير بين الروس والأتراك في ليبيا مما انعكس سلبا على وضع القوات التركية التي لم تلتزم بإتفاقية آستانة. كانت روسيا تجمد حركة الجيش السوري، لكن الضوء الأخضر أعطي أخيرا لاسترجاع أراض ووضع خط حلب دمشق “أم 4″ وخط حلب اللاذقية (أم 5” هدفا. هذا القرار أغضب أردوغان، وخصوصا وسط مشكلته المتفاقمة مع الناتو وفي ليبيا ومع الاتحاد الأوروبي ومع الأميركيين، ما دفعه للتخلي عن الإتفاقيات كلها ليدخل في عملية عسكرية مضادة، نجحت في اليومين الأولين ثم عادت وفشلت وكان هدفها الرئيسي السيطرة على خط “أم 4” لكن الجيش السوري كان بالمرصاد، وقد أمّن له الروس الحماية. ليس الهدف الآن دخول الجيش السوري أو الروس الى المدن الكبرى في إدلب بل هو توفير اتصال العاصمة السياسية دمشق وتوفير اتصالها بحلب العاصمة الاقتصادية، وفتح مطار دمشق. انتهت المهام عند اطراف حلب والطرق من دمشق الى حلب الآن قيد توسعة الحماية من الجانبين.
كان لحزب الله دور رئيسي بالدعم في هذه المعارك وخصوصا في عقدة الطريقين: سراقب. يقول مقربون من الحزب بأن السوريين طلبوا منه المؤازرة وتجاوب معهم لأنه يعتبر أن هذا جزء من حق سوريا الطبيعي في استعادة سيادتها والقضاء على آخر معاقل المجموعات التكفيرية في حلب. وكانت هذه المجموعات لا تزال تقوم بمضايقات منطلقة من ادلب الى جنوبي غربي حلب ما جعل حزب الله مضطرا لتوسيع الحماية. سقط للحزب 6 شهداء في المعارك بحسب اوساطه اثناء تحرير سراقب، وسقط له 10 آخرين لمجموعة كانت تنسحب من الطلحية فتمّ ضربها من قبل الطيران التركي، وهذا ما دفع المركز الاستشاري العسكري الإيراني في سوريا الى توجيه انذار للاتراك، الذين سارعوا للاتصال عبر قنوات معينة معبّرين من أن قصف النقطة السورية جاء بشكل خاطئ وأن تركيا لا تريد توسيع العمليات العسكرية وقد اعتقد الطيران التركي بأن النقطة هي للجيش السوري بحسب أوساط متابعة.
لعبة أمم كبرى تحصل حاليا في سوريا بسبب عدم التزام اردوغان بإتفاقية آستانة والاشتباك التركي الروسي الكبير في ليبيا.