![France](https://i0.wp.com/masdardiplomacy.com/wp-content/uploads/2020/03/France.jpg?fit=1024%2C578&ssl=1)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لن يحرّك الدبلوماسية الفرنسية مجددا بلا أية إصلاحات ملموسة في لبنان
“مصدر دبلوماسي”: مارلين خليفة:
لا تزال الإصلاحات المطلوبة من مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان هي الشرط الدولي الرئيسي لكي تصرف الدول والمنظمات الدولية والصناديق المالية والاستثمارية أموالا في لبنان، وهي الحافز الوحيد لكي تقوم دول صديقة للبنان في طليعتها فرنسا بدور الوسيط المساعد على إخراج لبنان من ازمته الراهنة، وكأن لسان حال فرنسا يقول:” لا يغيّر الله في قوم ما لم غيروا هم في أنفسهم” بحسب تعبير دبلوماسي لبناني على اطلاع واف على المناخ الفرنسي.
تعتبر فرنسا بأن مجموعة الدعم الدولية وضعت خارطة طريق لدعم لبنان في اجتماعها الأخير إثر استقالة حكومة سعد الحريري، وقد انعقدت في كانون الاول الفائت وأصدرت توصيات واضحة وصريحة قادرة على الاسراع في تنفيذ “سيدر”. لن تقدم فرنسا نصيحة للحكومة اللبنانية في ما يخص دفع اليوروبوندز ولا في ما يخص صندوق النقد الدولي جلّ ما يقوله الفرنسيون انه في حال دفعت الحكومة اللبنانية متوجباتها أم لم تدفعها فعليها أن تكون قد أعدت خطة لإعادة هيكلة الدين العام ثم اعادة جدولته، لكن الفرنسيين “لا يرون خططا واضحة المعالم لغاية اليوم، ولا يبدو بأن وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتّي قد ظهّر للفرنسيين خططا واضحة عن الحكومة التي يمثلها في زيارته الأخيرة الى باريس والتي التقى خلالها الوزير جان-ايف لودريان”، بحسب أوساط دبلوماسية وافية الاطلاع على المناخ الفرنسي. بالنهاية، فإن مساعدة لبنان لن تكون فرنسية بل دولية ومن ضمنها بنوك استثمارية وبنوك اوروبية وبنك دولي وأمم متحدة وسواها…
ما هي الإصلاحات المطلوبة؟
كان بيان مجموعة الدعم الدولية واضحا باشتراطه اصلاحات هيكلية بنيوية فنّدها تفصيليا في متنه أبرزها اعتماد الحكومة الجديدة سياسة تتبنى رزمة اصلاحات في المالية العامة والمؤسسات التي تمتلكها الدولة واقرار قوانين لمكافحة الفساد وانشاء هيئة ناظمة مستقلة في مؤسسة كهرباء لبنان واعتماد الحوكمة والشفافية. وقالت المجموعة ان تقديم مساعدة للبنان مشروطة بالتزامه بهذه التوصيات التي اشارت الى أن الوفد اللبناني وافق على تطبيقها.
كذلك اشار البيان الختامي الذي أعدّه موقع “مصدر دبلوماسي” بالعربية الى أن توصيات مؤتمر “سيدر” الذي انعقد في نيسان 2018 لا تزال قائمة وأن توفير التمويل موجود للمشاريع، مشترطة أيضا جدولة أولويات هذه المشاريع بحسب احتياجات الشعب اللبناني وتطلعاته.
ترأس الإجتماع الأمين العام للخارجية الفرنسية السفير الفرنسي فرانسوا دولاتر والمنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش وشارك فيه كبار موظفي الخارجية في الولايات المتحدة على رأسهم مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شنكر الى ممثلين من بريطانيا( مديرة دائرة الشرق الأوسط في الخارجية ستيفاني القاق) والصين وروسيا إضافة إلى إيطاليا وألمانيا ومصر والكويت والإمارات وبنك أوروبا لاعادة الإعمار، والإتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك الأوروبي للاستثمار والجامعة العربية (ممثلة بنائب رئيس الجامعة السفير حسام زكي وسفير الجامعة العربية في باريس السفير بطرس عساكر) ووالإتحاد المالي الدولي وممثلين عن لبنان منهم أمين عام وزارة الخارجية السفير هاني شميطلي ومستشارة الرئيس سعد الحريري هزار كركلا ومدير عام وزارة المالية آلان بيفاني.
البيان الختامي
للتذكير، قال البيان الختامي لمجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان بأن لبنان ترك من دون حكومة بعد استقالة حكومة سعد الحريري في 29 اكتوبر الفائت، واعتبرت المجموعة بأن الحفاظ على استقرار لبنان ووحدته وسيادته واستقلاليته السياسية وسلامة اراضيه تتطلب تشكيلا طارئا لحكومة فعالة وذي صدقية وقادرة على الإستجابة للتطلعات التي عبّر عنها جميع اللبنانيين ولديها القدرة والصدقية لتقديم رزمة السياسة الرئيسية للإصلاحات الإقتصادية وتكون ملتزمة بالنأي بالبلد عن الضغوط الإقليمية والصراعات.
ولفتت الى انه من العاجل جدا أن تكون الحكومة في مكانها بأسرع وقت ممكن. ودعت المجموعة التي رصدت الأزمة الإقتصادية العميقة التي يعاني منها لبنان الى تبني لبنان رزمة سياسة اصلاحات اقتصادية شاملة وذي صدقية وجوهرية من اجل ترميم الميزان المالي والاستقرار المالي ومعالجة اوجه القصور البنيوية والهيكلية في الاقتصاد اللبناني.
ودعت المجموعة الى اعتماد لبنان لميزانية موثوقة في 2020 كخطوة اولى تحقق التوازن الاساسي والى تقوية الحماية الاجتماعية لحماية الأكثر فقرا والأشد هشاشة، واعتماد استراتيجية لادارة الدين. ودعت السلطات اللبنانية الى أن تتخذ اجراءات حاسمة لترميم استقرار ووتوفير استدامة النموذج التمويلي الخاص بالقطاع المالي، ولمعالجة الفساد والتهرب الضريبي ( من ضمن ذلك اعتماد استراتيجية وطنية ضد الفساد، وقوانين مكافحة الفساد، واصلاح قضائي وتدابير اخرى لنشر الشفافية والمحاسبة) والى اصلاح المشاريع التي تمتلكها الدولة وتطبيق الاصلاحات في قطاع الكهرباء عبر اعتماد آليات الحوكمة عبر هيئات ناظمة مستقلة، والى تحسين الحوكمة الاقتصادية وبيئة الأعمال من خلال اقرار وتطبيق قوانين تتعلق بموارد الدولة.
ودعت مجموعة الدعم الدولية الى اعتماد تدابير هيكلية في غضون 6 اشهر بعد تشكيل الحكومة تكون هذه التدابير طموحة وتوفر النموذج الإقتصادي المستدام الذي يجب وضعه موضع التنفيذ. وأكدت مجموعة الدعم الدولية بأن المقررات الختامية لمؤتمر “سيدر” والذي وافقت عليها السلطات اللبنانية في 6 نيسان 2018 لا تزال قائمة. في هذا السياق يترتب على السلطات اللبنانية التسريع في تطبيق المشاريع الموجودة وأن تلتزم بجدولة المشاريع المختلفة التي عرضتها خطة الاستثمار بما يتوافق مع احتياجات الشعب والتوقعات، وأن تؤلف لجنة وزارية داخلية لمراقبة التطبيق في الوقت المناسب.
وتعتبر مجموعة الدعم الدولية بأن الدعم من قبل المؤسسات المالية هو محوري من اجل مساعدة السلطات على الإستمرار بجهودها من اجل تطبيق الاصلاحات الاقتصادية.
واكدت المجموعة ارادتها دعم لبنان الملتزم بتطبيق هذه الحزمة الشاملة من الاجراءات، ومن ضمنها تقديم المساعدات التقنية للحكومة الجديدة وتوفير وصول لبنان الى البضائع الاساسية والتسهيلات التجارية عبر برامج تجارية مساعدة من اجل توفير الحماية لمعيشة الشعب ولصمود الاقتصاد. وهي تشجع السلطات اللبنانية على التوصل الى ايجاد سبل منطقية ومستدامة من اجل مواجهة الازمة الحالية، وخصوصا من خلال الدعم لشركائهم التنمويين بما يشمل المؤسسات المالية الدولية.
وتثني مجموعة الدعم الدولية على القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي لاجراءاتهم بحماية الطابع السلمي للاحتجاجات وحقوق المواطنين وتحث على ان تكون بشكل اوسع. وتكرر المجموعة بان حق التظاهر السلمي يجب أن يستمر احترامه وتناشد جميع الأفرقاء على التصرف بمسؤولية. وأشارت مجموعة الدعم الدولية الى ان الوفد اللبناني ناقش التوصيات الختامية للاجتماع مع المشاركين فيه معلنا التقدير لدعم المجموعة وقرار لبنان تطبيق المقررات بدعم المجتمع الدولي.
وكررت مجموعة الدعم الدولية استعدادها لمواكبة لبنان لايجاد تدابير دقيقة وسريعة للدعم ولقيام حوار شامل مع المجتمع المدني والقطاع الخاص وهما جزء من هذا المسار. واخيرا رحبت المجموعة بامكانية عقد اجتماعات مستقبلية مع مختلف المكونات وعلى المستويات المطلوبة”.