“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
تطالب فرنسا لبنان بترتيب أولويات 280 مشروعا قدّمتها الحكومة السابقة الى مؤتمر “سيدر” الذي انعقد في نيسان 2018 في باريس وضمّ مجموعة مانحين دوليين، هذه المطالبة الفرنسية التي طالت منذ حكومة سعد الحريري السابقة تتكرر اليوم من الجهات الفرنسية المعنية للحكومة الجديدة برئاسة الدكتور حسان دياب. بمرارة ينظر الفرنسيون الى المأزق المالي والاقتصادي الذي وصل اليه لبنان، وقد أرسلت فرنسا التحذير تلو الآخر والرسالة تلو الاخرى الى المسؤولين اللبنانيين لانقاذ ما يمكن انقاذه وتجاوز الحساسيات السياسية الداخلية من اجل القيام باصلاحات بنيوية وهيكلية شاملة في قطاعات الدولة برمتها، ولعلّ مؤسسة كهرباء لبنان التي حظيت بأولوية فرنسية نظرا الى “مزراب” الهدر فيها والذي يقارب الملياري دولار سنويا هي خير مثال على ذلك، لكنّ فرنسا -“الأم الحنون”- كما يحلو لكثر من اللبنانيين وصفها عجزت حتى عن اقناع اللبنانيين بتشكيل هيئة ناظمة لمؤسسة كهرباء لبنان فتجاهلوا مطالباتها كليا.
ويبدو ان الاعوجاج اللبناني في ادارة سليمة يستمر لغاية اليوم، مع فارق ان الفرنسيين يعوّلون على تعاط اكثر جدية من حكومة حسان دياب، وتشير أوساط بارزة على اطلاع واسع على الرؤية الفرنسية حاليا لموقعنا الى أن الفرنسيين يكررون اليوم مطالبة المعنيين بإعادة جدولة أولويات المشاريع الانمائية الـ280 التي قدمتها حكومة لبنان وذلك لكي يبدأ الفرنسيون والدول المانحة بالعمل عليها، ولو حصل هذا الأمر منذ 2018 لكان الاقتصاد اللبناني بدأ يتنفّس… على أن يتابع”سيدر” انجاز المشاريع المتبقية بالتدرّج. وليس خافيا، بأن رئيس الحكومة السابق سعد الحريري كان قد تمت مطالبته في تشرين الاول الفائت وقبل ايام من اندلاع ثورة 17 تشرين، اثناء زيارته الى فرنسا من قبل اصحاب الشركات الفرنسية ومستثمرين بان يضع لائحة بالمشاريع بحسب الاولويات، ويومها وعد الحريري بالتفكير بذلك، لكنه لم يبذل جهدا لتحقيق الطلب الفرنسي الذي أسس لمؤتمر “سيدر” المتعدد الاطراف دوليا بغية انتشال لبنان من ازماته.
جلب الاهمال اللبناني لنصائح فرنسا الويلات له، واليوم يقف الفرنسيون مكبّلين منتظرين اعادة هيكلة الدين العام اللبناني وما سيستتبعه من جدولة زمنية فضلا عن تداعيات مالية سوف تؤثر حتما على تنفيذ مؤتمر “سيدر” الذي يبقى قائما على عكس ما تروج بعض الاوساط. اللافت في التعاطي اللبناني ما علمه موقع “مصدر دبلوماسي” من أن مدير دائرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف فارنو لن يزور لبنان كما رشح اخيرا في وسائل اعلام لبنانية اما السبب فيعود الى “تفضيل” المسؤولين اللبنانيين التحدث الى شخصية وزارية رفيعة أي وزير الخارجية الفرنسي جان-ايف لودريان.
انتهت فترة السماح التي كانت فرنسا وضعتها لانقاذ لبنان، وهي اليوم تحاول المساعدة كما درجت على فعله تاريخيا حفاظا على كيانه واستقراره، لكن فرنسا لا يمكنها التدخل في تفاصيل الادارة بأكثر من النصح والتوجيه الايجابي كدولة صديقة. فهل سيتّعظ اللبنانيون؟