“مصدر دبلوماسي”
طلبت الحكومة اللبنانية رسميا من صندوق النقد الدولي مشورة بشأن إن كان يترتب على لبنان حكما أن يسدد استحقاقات السندات الدولية “اليوروبوندز” في 9 آذار المقبل وهي بقيمة 1،2 مليار دولار وذلك في أول اجاء لها غداة نيلها الثقة البرلمانية يوم الثلاثاء الفائت. بوكان رئيس الحكومة حسان دياب عرض اليوم في جلسة مجلس الوزراء لأبرز ما دار في الاجتماع المالي والاقتصادي في بعبدا والخيارات المتاحة لمعالجة الأوضاع الاقتصادية والمالية الراهنة، مشيرا الى قرار قضى بالاستعانة بخبراء من صندوق النقد الدولي وبخبراء قانونيين واقتصاديين دوليين لدرس هذه الخيارات، تمهيداً لكي يتّخذ مجلس الوزراء القرار المناسب.
وتتركز الأنظار الدولية على الحكومة الجديدة التي يبدو بأنها نالت فترة سماح لمعرفة إن كانت ستتمكن من تنفيذ الاصلاحات الهيكلية المطلوبة منها ومكافحة الفساد واستعادة ثقة الشعب اللبناني والمجتمع الدولي بحسب بيانين صدرا بعيد نيلها الثقة من مجموعة الدعم الدولية ووزارة الخارجية الفرنسية ننشرها في نهاية هذا التقرير.
اجتماع الحكومة الأول
اليوم الخميس، أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن “المطلوب من الجميع العمل بوتيرة سريعة في كل الظروف الاقتصادية والمالية والنقدية والمصرفية الاستثنائية التي نعيشها، والبدء بتنفيذ مضمون البيان الوزاري لجهة إعداد خطة الطوارئ وخطتي المرحلة الأولى والمرحلة الثانية، كما جاء في البيان الوزاري”.
وطلب عون من الوزراء المباشرة بإعداد مشروع موازنة 2021 لكي تسلُك مسارها ضمن المهل الدستورية المحددة.
كلام رئيس الجمهورية جاء في بداية جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت قرابة الثانية عشرة ظهر اليوم في القصر الجمهوري، بحضور رئيس مجلس الوزراء حسان دياب والوزراء، والتي استهلت بدقيقة صمت عن ارواح شهداء الجيش وقوى الأمن الداخلي الذين سقطوا أخيرا.
الرئيس دياب طلب من جهته من الوزراء إعداد ملف يتضمن المشاريع المُلحّة والضرورية التي يُفترض أن تُعرض خلال زيارات إلى الخارج أو مع الزوَار العرب والأجانب عندما يزورون لبنان، وكذلك مع الجهات المانحة، على أن تكون هذه الملفات جاهزة خلال الأسبوع المقبل.
كما طلب منهم توقيع تعهد بعدم الترشّح للانتخابات النيابية فيما لو تمّت تحت إشراف الحكومة الحالية، وذلك انسجاماً مع مضمون البيان الوزاري.
وبعد انتهاء الجلسة، تلت وزيرة الاعلام الدكتورة منال عبد الصمد بيان مجلس الوزراء الذي جاء فيه: ” عقد مجلس الوزراء جلسةً ظهر اليوم في قصر بعبدا برئاسة فخامة رئيس الجمهورية، وحضور دولة رئيس مجلس الوزراء والوزراء.
في مستهل الجلسة، طلب فخامة الرئيس الوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح شهداء الجيش وقوى الأمن الداخلي الذين سقطوا في منطقتي البقاع والأوزاعي، وهم من الجيش: الرقيب أول علي اسماعيل، الرقيب اول احمد حيدر احمد، والجندي حسن عز الدين. ومن قوى الأمن الداخلي: الرائد جلال شريف آمر فصيلة الأوزاعي، والمؤهل زياد العطار من الفصيلة نفسِها.
بعد ذلك، هنأ فخامة الرئيس الحكومة على نيلها الثقة لافتاً إلى أنه مطلوب من الجميع العمل بوتيرة سريعة في كل الظروف الاقتصادية والمالية والنقدية والمصرفية الاستثنائية التي نعيشها، والبدء بتنفيذ مضمون البيان الوزاري لجهة إعداد خطة الطوارئ وخطتي المرحلة الأولى والمرحلة الثانية، كما جاء في البيان الوزاري.
ثم تحدّث فخامة الرئيس عن الاجتماع المالي الذي عُقد اليوم، قبلَ جلسة مجلس الوزراء، مشيراً إلى أنه تناول الأزمة المالية والاقتصادية والصعوبات الراهنة. وقد تم خلال الاجتماع درس الحلول المطروحة التي ستُقرّ في اجتماعٍ لاحق.
كما طلب فخامة الرئيس من الوزراء المباشرة بإعداد مشروع موازنة 2021 لكي تسلُك مسارها ضمن المهل الدستورية المحددة.
ثم تحدّث دولة الرئيس، فطلبَ من الوزراء توقيع تعهد بعدم الترشّح للانتخابات النيابية فيما لو تمّت تحت إشراف الحكومة الحالية، وذلك انسجاماً مع مضمون البيان الوزاري. وقد تم بالفعل توقيع جميع الوزراء على هذا التعهّد.
كذلك وقّعوا، بناءً على طلب دولة الرئيس، تعهداً بالتصريح عن أموال الوزراء المنقولة وغير المنقولة والمداخيل والقروض، وعن كل ما للوزراء به من مصلحة واستفادة مباشَرة أو غير مباشَرة، في أي شركة أو مشروع من أي نوع كان، والكشف عن الحسابات المصرفية في لبنان والخارج، وذلك أمام الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد المُزمع أنشاؤها من ضمن رزمة الأولويات الواردة في البيان الوزاري.
ثم طلب دولة الرئيس من الوزراء إعداد ملف يتضمن المشاريع المُلحّة والضرورية التي يُفترض أن تُعرض خلال زيارات إلى الخارج أو مع الزوَار العرب والأجانب عندما يزورون لبنان، وكذلك مع الجهات المانحة، على أن تكون هذه الملفات جاهزة خلال الأسبوع المقبل.
بعد ذلك، عرض دولة الرئيس لأبرز ما دار في الاجتماع المالي والاقتصادي والخيارات المتاحة لمعالجة الأوضاع الاقتصادية والمالية الراهنة، على أن تتم الاستعانة بخبراء من صندوق النقد الدولي وبخبراء قانونيين واقتصاديين دوليين لدرس هذه الخيارات، تمهيداً لكي يتّخذ مجلس الوزراء القرار المناسب.
وعلى الأثر، درس مجلس الوزراء عدداً من النقاط التي أثارها الوزراء حول الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية.
وأخيراً، اتخذ مجلس الوزراء قراراً بتعزيز قُدرات وزارة الصحة في الإجراءات التي تتخّذُها للوقاية من وباء الكورونا، لا سيما عند المداخل البرية والجوية والبحرية للبلاد”.
ثم دار حوار بين الوزيرة عبد الصمد والصحافيين، فسئلت عمّا اذا تم تشكيل لجنة لاتخاذ الاجراءات اللازمة، وعن تفويض رئيس الجمهورية لرئيس الحكومة التفاوض مع البنك الدولي استنادا الى المادة 52 من الدستور، فأجابت: “بالنسبة الى مسألة تشكيل اللجنة فهي في طور التحضير وقد اصبحت في مراحلها النهائية، وستعلن عنها الجهة المعنية. اما بالنسبة الى المادة 52، فهذا قرار شكلي بتفويض رئيس الجمهورية لرئيس الحكومة بهذا الموضوع”. واضافت: “هذا الامر تم ضمن الاطار المتعارف عليه الذي كان يتم فيه سابقا.”
وسئلت عن وجود مهلة معينة اعطيت للوزراء او الخبراء لإبداء رأيهم في الموضوع، فأجابت: “هذا يقع ضمن نفس السؤال السابق. ويُفترض قبل نهاية شهر شباط ان تكون الخيارات قد توضحت والقرارات اتخذت.”
وردا على سؤال حول ما اذا كان الخلاف السائد بشأن الخيارات هو تقني ام سياسي، خوفا من اي تداعيات في الشارع، اجابت: “افضّل عدم الدخول في تفاصيل الخيارات، لأن هناك الكثير من المواضيع والنقاشات التي تطرح، وافضّل ان تُترك لوقتها، لأن اي طرح للموضوع يمكن ان يترك تأثيرا ما.” واضافت: “اعتقد انه من الاجدى ان نترك الامر الى وقته للإجابة على هذا الموضوع.”
وسئلت عن التزام الوزراء عدم الترشح الى الانتخابات النيابية وعمّا اذا كانت هذه الانتخابات ستجري في ظل هذه الحكومة، فأجابت: “هذا نوع من الالتزام المعنوي، عملا بشفافيتنا ووضوحنا ومصداقيتنا وموضوعيتنا.”
وردا على سؤال حول ما اذا كان لبنان طلب المساعدة من صندوق النقد الدولي، أجابت: “هذا يقع ضمن اطار اللجنة وخصائصها وصلاحياتها ودورها.”
وردا على سؤال آخر حول الاحداث الامنية التي حصلت اخيرا سواء في الاوزاعي ام سد البوشرية، وما اذا كان تم التطرق اليها في مجلس الوزراء، اجابت: “لا شك ان هذه الخروقات الامنية استحوذت على جزء من الحديث، وبطبيعة الحال فإن الوزارات المعنية والاجهزة الامنية المعنية في صدد اتخاذ الاجراءات بشأنها.”
وسئلت عن سبب التأخير في اتخاذ القرار بشأن اليوروبوند، فأجابت: “هذا يقع ضمن اطار صلاحيات اللجنة، والقرار ليس بالسهل. نحن امام مأـزق كبير ولكن يمكننا ان نخرج منه من خلال قرارات مدروسة وحكيمة ولا تسرّع فيها.” واضافت: “ان اللجنة هي قيد التحضير والاكيد انه سيُعلن عنها قريبا.” وقالت: “هذه اللجنة ستكون مزيجا من القطاع العام والقطاع الخاص، واصحاب الاختصاص المعروفين، وهي جزء من خطة الانقاذ.”
وعمّا اذا كان التعميم الذي تم الحديث عنه سيصدر خلال يومين عن حاكم مصرف لبنان، اجابت: “لقد طرح وزير المالية موضوع اصدار تعميم في اطار عدم الاستنسابية، وهو سيصدر خلال الايام المقبلة.”
وردا على سؤال حول وجوب ان تتم المفاوضات قبل 21 يوما من انتهاء المهلة، فكيف تُعطى اللجنة مهلة حتى آخر شباط، اجابت: “ان الحد الاقصى هو آخر شباط، لكننا نعمل بوتيرة جد سريعة ويمكن ان يصدر اي قرار بتاريخ سابق لآخر شباط”، مجددة التأكيد على انه “سيتم الاعلان عن اللجنة فور تشكيلها.”
وسئلت عن التوجه الذي ظهر حتى اليوم امام الوزراء، والاتجاه الذي تسير عليه الامور سواء الدفع ام اعادة الجدولة، فاجابت: “اذا كنا سنجيب الآن نكون متسرعين ونكون ايضا بصدد لعب دور اللجنة. وانا لست بموقع ان اعطي جوابا خارج اطار اللجنة.” واضافت: “بطبيعة الحال، ان مصارحة اللبنانيين تتم بشكل تدريجي. وبكل مرحلة نقوم بها فإننا نضع الجمهور والرأي العام والاعلام في وقائع الوضع، واي قرار سيصدر سيعرف به الجميع تباعا، كما ان اصحاب الاختصاص سيشاركون في هذه القرارات.”
بيانا مجموعة الدعم الدولية وفرنسا
صدر أمس الأربعاء عن مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان أمس البيان الآتي:
“بعد تصويت مجلس النواب على منح الثقة تدعو “مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان” حكومة الرئيس حسان دياب المشكّلة حديثاً لاتخاذ مجموعة من التدابير والإصلاحات الملموسة وذات المصداقية والشاملة بسرعة وبشكل حازم لوقف ومعاكسة الأزمات المتفاقمة ولتلبية احتياجات ومطالب الشعب اللبناني.
تذكيراً ببيانات مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان في باريس في 11 كانون الأول 2019 وفي بيروت في 23 كانون الثاني 2020، تشدد المجموعة على أهمية العمل من أجل استعادة ثقة الشعب اللبناني والمجتمع الدولي وتفعيل المساعدات الدولية المستقبلية للبنان. إن مجموعة الدعم الدولية تناشد جميع القوى السياسية والقادة اللبنانيين إعطاء الأولوية لدعم الإصلاحات التي تصب في المصلحة الوطنية ومصلحة الشعب والبلاد.
تعيد مجموعة الدعم الدولية التأكيد على استعدادها لدعم لبنان في الوقت الذي يبذل فيه الجهود لاستعادة الاستقرار الاقتصادي ومصداقية القطاع المالي ومراجعة ميزانية 2020 بشكل نقدي يضمن الاستدامة وتنفيذ الإصلاحات القطاعية الرئيسية مثل قطاع الطاقة، وإصلاح المؤسسات التابعة للدولة لضمان الكفاءة ومصلحة المستهلك، وإقرار وتنفيذ قوانين مشتريات فعالة.
وتعيد مجموعة الدعم الدولية التأكيد أيضاً على استعدادها لدعم الجهود الموثقة لقادة الحكومة لمحاربة الفساد والتهرب الضريبي، بما في ذلك اعتماد وتطبيق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، قانون هيئة مكافحة الفساد وإصلاح القضاء، بالإضافة إلى غيرها من التدابير الضامنة لإقرار تغييرات ملموسة في إطار الشفافية والمساءلة الكاملة.
تعيد مجموعة الدعم الدولية التأكيد على الحاجة إلى الاستقرار الداخلي وحماية حق التظاهر السلمي.
وتعيد مجموعة الدعم الدولية التأكيد على أهمية تطبيق لبنان لقرارات مجلس الأمن 1701 (2006)، 1559 (2004)، والقرارات الأخرى ذات الصلة، وكذلك اتفاق الطائف وإعلان بعبدا والتزاماته التي قطعها في مؤتمرات بروكسل، باريس وروما.
ويعيد أعضاء مجموعة الدعم الدولية التأكيد على دعمهم القوي المستمر للبنان وشعبه، لاستقراره وأمنه وسلامة اراضيه وسيادته واستقلاله السياسي.
تضم مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان كل من الامم المتحدة وحكومات الصين وفرنسا وألمانيا وايطاليا والاتحاد الروسي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الاميركية مع الاتحاد الاوروبي وجامعة الدول العربية .تم اطلاقها في أيلول 2013 من قبل أمين عام الامم المتحدة والرئيس السابق ميشال سليمان من أجل حشد الدعم والمساعدة لاستقرار لبنان وسيادته ومؤسسات دولته وتحديداً من أجل تشجيع الدعم للجيش اللبناني واللاجئين السوريين في لبنان والمجتمعات اللبنانية المضيفة والبرامج الحكومية والخدمات العامة التي تأثرت بالأزمة السورية.
بين فرنسي
من جهتها، وزّعت السفارة الفرنسية اليوم الخميس بيانا صادرا عن وزارة الخارجية الفرنسية جاء فيه: “يقع على عاتق الحكومة اللبنانية الجديدة التحرك سريعا من أجل تلبية التطلعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يعبر عنها اللبنانيون منذ أشهر عدة”.
ونقلت الوكالة الوطنية اللبنانية بيان السفارة وجاء فيه: “فرنسا تنتظر مثلها كجميع شركاء مجموعة الدعم الدولية للبنان الذين اجتمعوا في كانون الأول الماضي في باريس، من السلطات اللبنانية إصلاحات بعيدة المدى وطموحة، لا سيما في ما يتعلق بشفافية الاقتصاد، والاستدامة الاقتصادية والمالية، ومكافحة الفساد واستقلال القضاء. ويجب أن تتم هذه الإصلاحات بروح من المسؤولية ولمصلحة جميع اللبنانيين”.
وختم البيان أن “فرنسا تبقى إلى جانب اللبنانيين، كما فعلت دوما، وهي تجدد تمسكها بسيادة واستقرار وأمن لبنان الذي لا بد من فصله عن التوترات والأزمات الإقليمية”.
ويشهد لبنان أزمة سياسية حادة، منذ بدء الاحتجاجات الشعبية المناوئة للحكومة في 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، دفعت حكومة سعد الحريري إلى تقديم استقالتها، وتمكن حسان دياب من تشكيل الحكومة اللبنانية بعد ثلاثة أشهر من حركة الاحتجاجات الشعبية. ونالت الحكومة الجديدة برئاسة دياب، يوم الثلاثاء، ثقة المجلس النيابي بأغلبية 63 نائبا من بين 84 حضروا جلسة المجلس، التي خصصت لمنح الثقة، من إجمالي عدد النواب البالغ 128.