“مصدر دبلوماسي”-خاص
يشكل خطاب الكراهية وأحد امثلته ما حدث أمس من شغب بين طرابلس والبترون وجونيه على خلفية اهانة مرافقي احد النواب لمواطن طرابلسي احدى اخطر الادوات المدمرة للاوطان وللسلام بين الناس، وهو شاع عبر التاريخ وأدى الى مجازر جماعية او ابادات جماعية كما حصل على سبيل المثال لا الحصر مع الشعب الارمني. في ندوة حملت عنوان “الابادة الجماعية وحرية التعبير والسوشال ميديا: التوازن في ميزان مختل” تناول باحثون عناوين من خطاب الكراهية وذلك بتنظيم من “معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الاميركية في بيروت”، وبالتعاون مع “اتحاد الثورة الارمنية العامة”. في هذا السياق نورد أبرز المواقف والآراء التي وردت في مداخلات بعض الباحثين والاكاديميين والناشطين.
*دكتور ناصر ياسين، مدير معهد عصام فارس في الجامعة الأميركية: (…) مسألة خطاب الكراهية ليست سهلة او بسيطة كما يظن البعض وخصوصا حين يتعلق الامر باللاجئين. فنحن نقدم الادلة والمعرفة وهذا يشكل مصدر توتر في حد ذاته. تعمل الاخبار الكاذبة والبروباغندا على تكوين الذكريات الكاذبة، وتلعب بعواطف الناس، هذا هو عمل من ينشر البروباغاندا وهذا ما يقوم به عدد كبير من السياسيين، نحن نعمل بالأدلة والوقائع وليس سهلا ادخال ذلك في عواطف الناس على عكس ما يفعله السياسيون. نريد من المؤتمرات ان نحسن اعمال الباحثين والعلماء للتأثير على الناس فعليا بمواجهة الاخبار الكاذبة. الى ذلك نحن نطمح في عملنا الى مواجهة اي نوع من انواع قمع حرية التعبير لكن توجد بعض المناطق الرمادية ومن يعملون في السوشال ميديا يدركونها تماما. لست اتحدث هنا عن انتقاد شخصية ما، دينية او سياسية، بل عن الاخبار السامة التي تؤدي الى المزيد من الانقسام والعنف في مجتمعنا. (…).
*دارينا صليبا شديد، مديرة المركز الدولي للعلوم الانسانية” في اليونسكو: قالت “انه يجب التنبه الى الاختلافات في تعريف خطاب الكراهية والتحريض وعموما فإن لخطاب الكراهية تأثير مباشر وعنيف وهو يهين ويذلّ مجموعة من الناس يدّعي أنه يصفها وهو عمل اهانة. ولديه أيضا تأثير غير مباشر على جمهور مختلف لدفعه للتصرف ضد المجموعة التي يستهدفها خطاب الكراهية بالعنف. من وسائل التحريض تضخيم حوادث الماضي، اتهام الضحايا ، تجريد الضحايا من انسانيتهم. ويبقى التعاطف أفضل سدّ منيع أمام العنف وخطاب الكراهية”.
*آية مجذوب، باحثة في لبنان والبحرين حول حقوق الانسان: خلال العام الماضي، نزل المحتجون الى الشوارع من اجل كشف الفساد وتم استخدام القوانين لعدم جواز التحريض والقدح والذم. يمكن للاشخاص ان يلجأوا الى هذا القانون في حال تم التطاول على سمعتهم بطريقة غير مشروعة. يوجد توازن بين حرية الشخص وواجبات الدولة في الحفاظ على حرية التعبير. يتعلق الامن القومي باحتمال ان يربط الخطاب باية نتائج عنفية او تحريضية على العنف قد تؤدي الى نتائج ملموسة او نزاع طائفي وينص القانون على السجن لسنة بلا ذكر ما هو التأليب الطائفي ولا مضمونه وهذا يؤدي لأن يتفادى الناس اي نقاش كي لا يستخدم خطابهم وكأنه تحريض. ان المادة 351 من القانون اللبناني تستخدم عمليا بشكل عشوائي، اذ تعتبر ان انتقاد شخصية حزبية او مؤسسة عامة امر يؤدي الى المحاكمة. بالنسبة الى قوانين القدح والذم فهي لا تتوافق مع القوانين الجزائية الدولية.
*سلمى الحاج، اعلامية في قناة “الميادين”: تطرقت الحاج الى السطوة الاعلامية لتنظيم “داعش” الارهابي، وقالت ان “داعش” تفوق اعلاميا من خلال السوشال ميديا، والسوشال ميديا ادت الى تغير في موازين القوى. ان الاعلام اليوم ليس السلطة الرابعة، وانا ضد هذه المقولة، بل هو السلطة الاولى، وهو اسهم في صناعة ثورات عربية وليس الاعلام التقليدي.
كذلك لعبت الاديان دور الاستقطاب من اجل زيادة التطرف وذلك عبر الانترنت الذي حلّ مكان المساجد عبر منصاته المختلفة. اقتبست الحاج مقولة لاحد قادة “داعش” يقول فيها بأن “الجهاد الاعلامي هو أهم من الجهاد العسكري”. وتشير الى أن الهزيمة العسكرية الحقت بـ”داعش” منذ العام ونصف العام، لكن التنظيم انتقل الى فكرة جديدة مفادها انه لا يحتاج الى الارض لكي يتواجد. وبعد سيطرة الاكراد على كوباني او عين العرب، قال احد قادة “داعش” بأن المعركة اصبحت خارج الفضاء المحدود. لدى “داعش” ترسانة” اعلامية وشبكة عنكبوتية ضخمة ومؤسسات انتاج ومواقع الكترونية و”سوشال ميديا” متغيرة باستمرار وتتبدل روابطها دوما، لديه مجلات واصدارات وكذلك لديه اذاعة “البيان” في شمال الموصل التي تلعب على الوترين النفسي والعقلي.
*ساميا الاغباري: ناشطة يمنية: تحدثت ساميا الاغباري وهي صحافية يمنية وناشطة في مجال حقوق الانسان وعرضت نماذج للخطاب التحريضي في اليمن وقالت انه ليس وليد الحرب الاهلية بل يعود الى ما قبل الحرب وزادته الحرب الاهلية حدّة. صارت بعض الالفاظ والنعوت تعتبر عادية في التخاطب الاعلامي في اليمن منها على سبيل المثال لا الحصر: داعشي، انفصالي، اشتراكي، مرتزقة، مجوس، روافض…هي مصطلاحات باتت “طبيعية” في السوشال ميديا ايضا. وحصل تحريض مثلا على ابناء الهضبة وشارك فيه مثقفون مرموقون. يتم تنظيم حملات كراهية موجهة الى مجموعات مختلفة ومتغيرة بحسب مصالح المموّل.
كذلك درج تعيير الشخص بإصابته الجسدية، إبان الثورة وبعد مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبد صالح عيرت عائلته بأن أمه كانت تبيع القهوة! لم يعد يوجد فارق بين النقد السياسي وبين الاستهداف للجماعة كعرق وكسلالة. تحوّل فايسبوك في اليمن الى منصّة للتشهير وللشهرة فكل من اراد الشهرة يعتلي هذه المنصة ويشتم، اما وسائل الاعلام التقليدية والكبرى فصارت السوشال ميديا مصادر لاخبارها. اما في المساجد فتحصل دورات تدريبية للتحريض. واشارت الصحافية اليمنية الى ان المتطوع اللبناني في الصليب الاحمر حنا لحود الذي استهدف وقتل في اليمن اثناء مزاولته لرسالته الانسانية كان ايضا ضحية لهذا الخطاب التحريضي. وعرضت امثلة فيديو، كذلك روت كيف حرّض عبد الملك الحوثي على الصحافيين وعبد الله العديني حرّض على المقاهي اما العنصرية ضد المرأة فلا يمكن توصيفها، ومن الامثلة التي قالتها انه اذا اشتكت سيدة يمنية من تحرش ما يقال لها لم خرجت بين الرجال؟!