د. علي أحمد: تعامل الولايات المتحدة الأميركية مع إيران في برنامجها النووي هو خارج القانون الدولي
د. رامي خوري: إيران لن تتمكن من اخراج الأميركيين من سوريا والعراق
“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
“التوتر المتصاعد بين الولايات المتحدة الاميركية وايران: دعوة الى الحرب؟” هو عنوان ندوة نظمها أخيرا معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدّولية في مركزه في الجامعة الأميركية في بيروت، وقدمتها الباحثة في المعهد ردينة البعلبكي مستضيفة الباحثين الدكتور رامي خوري والدكتور علي أحمد.
الدول العربية واسرائيل يسعيان لاحتواء ايران
ولفت خوري في مداخلته الى أن “دول المنطقة تجمع الحوافز ضد ايران محرضة عليها الادارات الاميركية”. وطرح تساؤلا: “هل هذا الامر شرعي ام لا؟ أعتقد ان التاريخ سيخبرنا ذلك في ما بعد”. أضاف خوري:” اعتقد ان هذه الدول تبالغ بمدى التهديد الذي تشكله ايران، ولكن الحقيقة هي انه توجد بلدان عربية مع اسرائيل تقوم بدفع الاميركيين على وجه الخصوص من اجل احتواء ايران وجعلها تعود ادراجها والى اتخاذ سياسات مختلفة”.
وأشار:” عملت ادارة اوباما على انجاح اتفاق نووي عبر مجموعة الخمسة زائد واحد، واعتبرت الدول كلها ان هذا الاتفاق هو خرق تاريخي فعلي لأنه يخلق قدرة جدية للقوى الاساسية للتفاوض مع ايران عوض فرض عقوبات ضدها. وكانت هذه لحظة مهمة. ثم الغي الاتفاق عام 2018 من قبل ترامب. وعام 2019، لحظنا حوادث تصاعدية بين البلدين، واتخذت تدابير مختلفة، وتتهم الولايات المتحدة ايران بتنظيم قرابة الـ90 هجوما ضد مصالحها سواء مباشرة او عبر اذرعها، وتطور الوضع عندما اسقطت ايران مسيرة اميركية، واتهمت ايران بمهاجمة سفن تجارية فضلا عن استهدافها منشآت نفطية في السعودية، وهذا كان امرا جديا. ووصل الامر لمهاجمة اميركا قوات تابعة لايران في العراق وما تلا ذلك من هجوم على سفارتها في بغداد ثم اغتيال سليماني. إن هذه الحوادث كلها يجب ان تقرأ في سياق واحد ومستمر. وقد القى ترامب البارحة خطابا مثيرا، وجاء فيه انه حسنا مر الامر وكل شيء جيد، وهذا خطأ كليا، ويدرك ذلك من يفهم طريقة التفكير الايرانية”.
ضرورة فهم السلوك الإيراني
تابع الدكتور خوري:” غالبا ما عمل الرؤساء الاميركيون المتعاقبون على تمتين التحالف العربي الاسرائيلي من اجل ردع ايران، إن معظم القوى العربية والغربية لا تقرأ بشكل دقيق كيف يتصرف الإيرانيون، انا لا اقول ان الايرانيين منزهين وانا انتقدهم بأمور شتى، بنظامهم السياسي وسواه وكيف يدافعون عن مصالحهم. ان القوى العربية والغربية لا تفقه النقطة المحورية لما يسمى ثقافة المقاومة، وهذا أمر جدلي جدا لكنه عامل رئيسي لفهم سلوك الايرانيين (…)”.
إيران ذكّرت الأميركيين بقدراتها
ولفت الدكتور خوري الى أن ” الرد الايراني (الأخير على قاعدة عين الأسد في العراق) هو ذات اهمية، فهم اطلقوا قرابة الـ24 او 25 صاروخا الى اماكن يوجد فيها اميركيين وهم تعمدوا الا يقتلوا اي اميركي. وهذا يذكرنا بقصفهم منشآت في السعودية، وهم يذكرون بقدراتهم للأميركيين. وايران لا تريد الا ارسال رسائل بأن لديها قدرات وهي مستعدة لاستخدامها، لكن الايرانيين ليسوا انتحاريين وهم لا يريدون حربا مع الولايات المتحدة الاميركية وخصوصا الان حيث لديها قيادة لا يمكن توقع ردود فعلها. إن هذا التأثير المتكافئ والنسبي له معنى سياسي، وتريد ايران ان تدفع الى الوراء الوجود الاميركي في المنطقة ولكنها لن تنجح بذلك، سواء في سوريا والعراق وبالتالي لن تحقق ايران ذلك. لكن الايرانيين قد يضغطون بشكل كاف لدفع الاميركيين الى الجلوس مجددا من اجل مفاوضات سياسية”.(…).
وأشار في خلاصة:” يمكن القول ان استمرار هذا السياق باشكال مختلفة ولاعوام عديدة حيث وجود قيادات عقلانية وحكيمة في كلي البلدين قد تكون قادرة على الجلوس والتفاوض من اجل قرار يحتوي البلدان العربية اسرائيل واخرين من اجل انهاء هذا الصراع غير المنطقي المستمر منذ قرن، فتعود السيادة الحقيقية والسلام لبلدان المنطقة.
الدكتور علي أحمد: ايران باقية في الإتفاق النووي بالرغم من كل التصريحات
من جهته، طرح الدكتور علي أحمد مجموعة من الأفكار حول الملف النووي الإيراني. ومن أبرز ما قاله انه “بالنسبة الى اتفاق 2015، فإن المكسبين الرئيسيين له يتمثلان بتجميد هذا المسار لإيران اقله لمدة 15 عاما، وهذا ما يفسح المجال لمزيد من بناء تدابير الثقة مع ايران، والمكسب الثاني هو افساح المجال لمزيد من التفتيش والتدقيق. وبرأيي الشخصي أن المكسب الثاني هو أهم بكثير من الأول لانه غير محدد بوقت معين”.
وقال الدكتور علي أحمد أنه “في اللحظة الراهنة من غير المجدي البحث في الجانب التقني للبرنامج النووي الايراني لأنه مسيّس على مستوى عال جدّا، والأمور التقنية تخضع للمسار السياسي. وبالتالي إن الطريقة التي يتم بها التعامل مع ايران بخصوص ملفها النووي، هي خارج القانون الدولي، إذ توجد بلدان لها القدرات ذاتها مثل ايران، وثمة بلدان لديها قدرات أكبر بكثير من ايران، وهي لا تعامل بنفس الطريقة مثل ايران”.
أضاف:” إذا تفحصنا دور البرنامج النووي في الصراع الحالي، فإن الواقع يقول أنه قبل اغتيال الجنرال سليماني، تمّ توصيف السياسة الأميركية تجاه إيران بـأنها سياسة “الضغط الأقصى”، وترجم ذلك هذا الضغط الاقصى عبر فرض المزيد من العقوبات على ايران وتحديدا حرمانها من عائداتها الرئيسية وحظر تصدير نفطها، وترد ايران باعتماد المزيد من المقاومة والصبر الطويل وهي هدفت في البداية الى احتواء هذه الضغوط والعمل مع شركاء آخرين على الاتفاق النووي من اجل تخطي عقوبات الولايات المتحدة”.
وقرأ أحمد في مقولة ايران بالانقلاب على الاتفاق النووي شيئا من الايجابية التي بلورها على الشكل الآتي:”
قد تقول ايران انها لن تحترم بعد اليوم نسبة الـ4 في المئة من نسبة التخصيب، لكنها ليست مرغمة على فعل ذلك فورا وقد تقوم به بعد اسابيع او اشهر. الأمر الثاني، يتعلق بوجود خيارات اخرى كثيرة وتصاعدية، وهذا موضوع حساس برأيي، لا أريد أن يتم فهمي خطأ، ولا اريد القول أنه يجب اخذ قرار ايران بالانقلاب على الاتفاق النووي بشكل مرحب به، لكن إذا خيرت بين الحرب وهذا فأنا أختار الخيار لانه يمنحني المزيد من الوقت.
أما المثل الثاني وهو أشدّ أهمية في البيان المذكور فهو ان ايران تجدد التزامها بالتعاون مع وكالة الطاقة الدولية. وهذا تصريح مهم جدا، لأنه في سياق عسكرة البرنامج النووي، فإن القدرة على التفتيش والتدقيق والتعاون من قبل وكالة الطاقة الدولية هو اساسي وبما ان ايران لا تزال ملتزمة بالسماح لوكالة الطاقة الدولية باستمرار التفتيش والوصول الى المنشأت الايراني فهو مؤشر جديد”. (…).