“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
لم يكن ينقص إلا أن تضرب عوارض “الإنهيار” المالي الجسم الدبلوماسي اللبناني المعروف بتماسكه وقوته ومواجهته لأعتى الظروف حتى إبان الحرب اللبنانية، فقد أعلن الناطق الرسمي بإسم الأمين العام للأم المتحدة ستيفان دو جاريك أمس بأن لبنان بات جزءا من لائحة الدول الممنوعة من المشاركة في التصويت على قرارات الأمم المتحدة بسبب عدم تسديده اشتراكه على مدى عامين اثنين.
سرعان ما أصدرت وزارة الخارجية والمغتربين بيانا مرفقا بقرارين ملخص احدهما أن وزارة المالية لم تسدد إشتراك لبنان، في حين نفت الأخيرة ذلك.
لم يعد مقبولا هذا التعاطي المبسّط والمتساهل والذي يتقاذف المسؤوليات المتعلقة بمصالح اللبنانيين وبالهيبة الوطنية الدولية لبلدنا، لم يعد مقبولا التبرير عبر رمي المسؤوليات بين الوزراء على بعضهم البعض، ثمّ تسوية الوضع على طريقة “مسحها بذقني” ثم اكمال الطرق.
تشير معلومات موقع “مصدر دبلوماسي” الى أن اشتراك لبنان هو مقرر سلفا من ضمن موازنة وزرة الخارجية السنوية لأنها جزء من التزامات لبنان المعروفة وهي مقررة في الموازنة العامة سلفا بحكم عضوية لبنان في المنظمة الدولية، وليس على وزارة الخارجية إلا ارسال كتاب لوزارة المالية على أن تحول المالية المبلغ عبر مصرف لبنان المركزي.
وبالتالي، ليس هذا الأمر فجائيا، بل هو مقرر ومحدد والأموال مرصودة سلفا. أما أن يقال بأن وزارة الخارجية أرسلت الكتاب الى وزارة المالية والأخيرة تخلفت عن الدفع أو المصرف المركزي لم يحوّل المال، والخارجية قامت بواجبها فهو ليس مبررا أيضا. لأن الدبلوماسيين الضالعين في هذه الأمور يعرفون بأن الأمم المتحدة ما إن تشك بأن بلدا ما لم يسدد اشتراكه ضمن المهلة المحددة، تقوم بإرسال تنبيهات الى البلد، وفي حالة لبنان ينبغي أن تكون الأمم المتحدة قد ارسلت تنبيهات متعددة لبعثة لبنان الدائمة في نيويورك وأن تكون الأخيرة أبلغت وزراة الخارجية.
أما في المسار الاممي، فقد جرت العادة وبحسب النظام المعمول به في الأمم المتحدة أن تحدد المنظمة الدولية مساهمات الدول الأعضاء فيها استنادا الى الناتج القومي لكلّ دولة، وفي العادة تبلّغ الدول بالمبالغ المطلوبة منها سنويا، وتحدد الفترة الزمنية القصوى لدفع هذه المساهمات، وجرت العادة أن تقوم وزارة الخارجية والمغتربين عند تبلغها بقيمة المساهمة المطلوبة من لبنان بالطلب من وزارة المالية اتخاذ الاجراءات المناسبة لتسديد هذه المبالغ. هذا هو الإجراء الاعتيادي بحسب ما يشرح أحد السفراء المخضرمين لموقع “مصدر دبلوماسي”. وعادة ما تعمد الأمم المتحدة الى تذكير لبنان عبر بعثته في نيويورك في حال تأخر عن التسديد لأسباب معينة وتقوم البعثة بدورها بتذكير السلطات اللبنانية.
أما التصحيح فيكون بإرسال الاشتراك الى الامم المتحدة فورا لكي ترفع الحظر عن تصويت لبنان. وغالبا ما يشمل حظر التصويت كل منظمات الأمم المتحدة التي تتبع ميزانية المنظمة الدولية.
وتشير أوساط دبلوماسية على اطلاع واف على مسائل مماثلة الى أن الحظر هو تدبير مؤقت في انتظار تسلّم الأمم المتحدة الإشتراك. وتشير الأوساط الى أنه يوجد ضرر معنوي أكيد في التخلف أو التأخير لكن يمكن احتواؤه سريعا وخصوصا انه لا يوجد اجتماع دورة عادية للجمعية العامة للامم المتحدة حاليا وهي تكون عادة بين شهرين ايلول وكانون الثاني.
علما بأن الدول المتخلفة بحسب بيان دو جاريك امس الجمعة هي: لبنان، جمهورية افريقيا الوسطى، تونغو، فنزويلا، اليمن، غامبيا، ليسوتو، الصومال، جزر القمر.