“مصدر دبلوماسي”: مارلين خليفة:
وجّه البيان الختامي لمجموعة الدعم الدولية التي انعقدت في باريس اليوم الأربعاء متدارسة الشأن اللبناني في ضوء الأزمة الاقتصادية والمالية القائمة والتي استعرت منذ اندلاع الإحتجاجات الشعبية في 17 تشرين الأول الفائت رسائل حازمة وجدّية وواضحة للبنان أبرزها تشكيل حكومة جديدة بشكل عاجل جدا من أجل التمكن من تقديم الدعم لها عبر الصناديق المالية الدولية، وكان البيان واضحا باشتراطه اصلاحات هيكلية بنيوية فنّدها تفصيليا في متنه أبرزها اعتماد الحكومة الجديدة سياسة تتبنى رزمة اصلاحات في المالية العامة والمؤسسات التي تمتلكها الدولة واقرار قوانين لمكافحة الفساد وانشاء هيئة ناظمة مستقلة في مؤسسة كهرباء لبنان واعتماد الحوكمة والشفافية. وقالت المجموعة ان تقديم مساعدة للبنان مشروطة بالتزامه بهذه التوصيات التي اشارت الى أن الوفد اللبناني وافق على تطبيقها.
كذلك اشار البيان الختامي الذي أعدّه موقع “مصدر دبلوماسي” بالعربية الى أن توصيات مؤتمر “سيدر” الذي انعقد في نيسان 2018 لا تزال قائمة وأن توفير التمويل موجود للمشاريع، مشترطة أيضا جدولة أولويات هذه المشاريع بحسب احتياجات الشعب اللبناني وتطلعاته. وكان لافتا أن المؤتمر غابت عنه المملكة العربية السعودية التي دعيت الى الاجتماع وحضر ممثلوها الاجتماعات التمهيدية، في حين حضرت الإمارات العربية المتحدة التي لم يتحدث ممثلها والكويت التي عبّرت عن استعداد دائم لمساندة لبنان، وكذلك مصر وحضرت جامعة الدول العربية ممثلة بالسفيرين حسام زكي وبطرس عساكر.
ترأس الإجتماع الأمين العام للخارجية الفرنسية السفير الفرنسي فرانسوا دولاتر والمنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش وشارك فيه كبار موظفي الخارجية في الولايات المتحدة على رأسهم مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شنكر الى ممثلين من بريطانيا( مديرة دائرة الشرق الأوسط في الخارجية ستيفاني القاق) والصين وروسيا إضافة إلى إيطاليا وألمانيا ومصر والكويت والإمارات وبنك أوروبا لاعادة الإعمار، والإتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك الأوروبي للاستثمار والجامعة العربية (ممثلة بنائب رئيس الجامعة السفير حسام زكي وسفير الجامعة العربية في باريس السفير بطرس عساكر) ووالإتحاد المالي الدولي وممثلين عن لبنان منهم أمين عام وزارة الخارجية السفير هاني شميطلي ومستشارة الرئيس سعد الحريري هزار كركلا ومدير عام وزارة المالية آلان بيفاني.
البيان الختامي
قال البيان الختامي لمجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان بأن لبنان ترك من دون حكومة بعد استقالة حكومة سعد الحريري في 29 اكتوبر الفائت، واعتبرت المجموعة بأن الحفاظ على استقرار لبنان ووحدته وسيادته واستقلاليته السياسية وسلامة اراضيه تتطلب تشكيلا طارئا لحكومة فعالة وذي صدقية وقادرة على الإستجابة للتطلعات التي عبّر عنها جميع اللبنانيين ولديها القدرة والصدقية لتقديم رزمة السياسة الرئيسية للإصلاحات الإقتصادية وتكون ملتزمة بالنأي بالبلد عن الضغوط الإقليمية والصراعات.
ولفتت الى انه من العاجل جدا أن تكون الحكومة في مكانها بأسرع وقت ممكن. ودعت المجموعة التي رصدت الأزمة الإقتصادية العميقة التي يعاني منها لبنان الى تبني لبنان رزمة سياسة اصلاحات اقتصادية شاملة وذي صدقية وجوهرية من اجل ترميم الميزان المالي والاستقرار المالي ومعالجة اوجه القصور البنيوية والهيكلية في الاقتصاد اللبناني.
ودعت المجموعة الى اعتماد لبنان لميزانية موثوقة في 2020 كخطوة اولى تحقق التوازن الاساسي والى تقوية الحماية الاجتماعية لحماية الأكثر فقرا والأشد هشاشة، واعتماد استراتيجية لادارة الدين. ودعت السلطات اللبنانية الى أن تتخذ اجراءات حاسمة لترميم استقرار وتوفير استدامة النموذج التمويلي الخاص بالقطاع المالي، ولمعالجة الفساد والتهرب الضريبي ( من ضمن ذلك اعتماد استراتيجية وطنية ضد الفساد، وقوانين مكافحة الفساد، واصلاح قضائي وتدابير اخرى لنشر الشفافية والمحاسبة) والى اصلاح المشاريع التي تمتلكها الدولة وتطبيق الاصلاحات في قطاع الكهرباء عبر اعتماد آليات الحوكمة عبر هيئات ناظمة مستقلة، والى تحسين الحوكمة الاقتصادية وبيئة الأعمال من خلال اقرار وتطبيق قوانين تتعلق بموارد الدولة.
ودعت مجموعة الدعم الدولية الى اعتماد تدابير هيكلية في غضون 6 اشهر بعد تشكيل الحكومة تكون هذه التدابير طموحة وتوفر النموذج الإقتصادي المستدام الذي يجب وضعه موضع التنفيذ. وأكدت مجموعة الدعم الدولية بأن المقررات الختامية لمؤتمر “سيدر” والتي وافقت عليها السلطات اللبنانية في 6 نيسان 2018 لا تزال قائمة. في هذا السياق يترتب على السلطات اللبنانية التسريع في تطبيق المشاريع الموجودة وأن تلتزم بجدولة المشاريع المختلفة التي عرضتها خطة الاستثمار بما يتوافق مع احتياجات الشعب والتوقعات، وأن تؤلف لجنة وزارية داخلية لمراقبة التطبيق في الوقت المناسب.
وتعتبر مجموعة الدعم الدولية بأن الدعم من قبل المؤسسات المالية هو محوري من اجل مساعدة السلطات على الإستمرار بجهودها من اجل تطبيق الاصلاحات الاقتصادية.
واكدت المجموعة ارادتها دعم لبنان الملتزم بتطبيق هذه الحزمة الشاملة من الاجراءات، ومن ضمنها تقديم المساعدات التقنية للحكومة الجديدة وتوفير وصول لبنان الى البضائع الاساسية والتسهيلات التجارية عبر برامج تجارية مساعدة من اجل توفير الحماية لمعيشة الشعب ولصمود الاقتصاد. وهي تشجع السلطات اللبنانية على التوصل الى ايجاد سبل منطقية ومستدامة من اجل مواجهة الازمة الحالية، وخصوصا من خلال الدعم لشركائهم التنمويين بما يشمل المؤسسات المالية الدولية.
وتثني مجموعة الدعم الدولية على القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي لاجراءاتهم بحماية الطابع السلمي للاحتجاجات وحقوق المواطنين وتحث على ان تكون بشكل اوسع. وتكرر المجموعة بان حق التظاهر السلمي يجب أن يستمر احترامه وتناشد جميع الأفرقاء على التصرف بمسؤولية. وأشارت مجموعة الدعم الدولية الى ان الوفد اللبناني ناقش التوصيات الختامية للاجتماع مع المشاركين فيه معلنا التقدير لدعم المجموعة وقرار لبنان تطبيق المقررات بدعم المجتمع الدولي.
وكررت مجموعة الدعم الدولية استعدادها لمواكبة لبنان لايجاد تدابير دقيقة وسريعة للدعم ولقيام حوار شامل مع المجتمع المدني والقطاع الخاص وهما جزء من هذا المسار. واخيرا رحبت المجموعة بامكانية عقد اجتماعات مستقبلية مع مختلف المكونات وعلى المستويات المطلوبة.
لودريان: لا يعود للمجتمع الدولي ان يقرر شكل الحكومة
وقد اختتم وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الاجتماع بخطاب اعلن فيه ان المجتمع الدولي يشترط اي مساعدة مالية لهذا البلد بتشكيل حكومة اصلاحية. لافتا الى ان “التزام السلطات اللبنانية أمر اساسي (بخريطة الطريق الاصلاحية) ويجب ان يكون مصحوبا بتشكيل حكومة مختصة قادرة على التنفيذ السريع لجميع الاصلاحات التي يتطلبها وضع البلد. ولا يعود للمجتمع الدولي ان يقرر شكل الحكومة بل يعود ذلك للمسؤولين اللبنانيين الذين يترتب عليهم ان يضعوا جانبا مصالحهم وان يضعوا في اعتبارهم مصلحة اللبنانيين. والمعيار الوحيد الذي يجب اخذه في الاعتبار هو فاعلية الحكومة لاتمام الاصلاحات التي يتوقعها المواطنون”. واكد لودريان ان هذا المسار فقط سيمكن جميع المشاركين من حشد الجهود لتزويد لبنان بالدعم الذي يحتاجه واننا مستعدون لذلك”.
وكان وزير الخارجية الفرنسي لودريان قال قبل انعقاد الإجتماع امس الثلاثاء “أردنا أن نأخذ زمام المبادرة عبر دعوة مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان إلى الاجتماع هنا اليوم”، مشيراً إلى أن “الهدف من ذلك هو حث السلطات اللبنانية لإدراك خطورة الوضع، والاقتراح عليها بالمضي قدماً نحو الإصلاحات – علماً أن السلطات اللبنانية ستكون ممثلةً – وبأخذ دعوة الشارع والمتظاهرين في الاعتبار إذ إنّ المتظاهرين يحتشدون بانتظام منذ 17 تشرين الأول، فالتحركات الاحتجاجية طال أمدها ويجب الاستماع إليها. كما يجب التوصل إلى أن تشكل السلطات اللبنانية حكومةً بسرعة لأن أي تأخير سيؤدي إلى تفاقم الوضع، والتأكد من أن هذه الحكومة قادرة على أن تقوم بالإصلاحات التي يحتاجها هذا البلد”. وأضاف: “لقد اجتمعنا هنا في نيسان 2018 وكان ذلك أيضاً بمبادرة فرنسية في إطار ما سمي مؤتمر “سيدر” مع العديد من الجهات الفاعلة، وقد قمنا حينها بتعبئة مبالغ كبيرة من المال شرط أن تَقترن المساعدة بتنفيذ الإصلاحات اللازمة. في الوقت الحالي، توقفنا عند هذا الحدّ حيث أنه ما من إصلاحات وما من استقرار، لذلك فهي دعوة قوية سنوجهها إلى جميع من يستطيع العمل من أجل أن يستعيد لبنان استقراره”.