“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
يعيد موقع “مصدر دبلوماسي” نشر هذا التقرير الذي نشرته مجلّة “الأمن العام” في عددها الرقم 73 الصادر في تشرين الأول 2019. لقراءة المزيد من مواضيع المجلّة الضغط على الرابط الآتي:
http://www.general-security.gov.lb/ar/magazines
يلعب ممثل الامين العام والمنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان دورا محوريا في صوغ السياسات الدولية وترجمتها محليا. منذ العام 2006، تركز تفويضه بشكل كبير على تطبيق القرار 1701 ومندرجاته
“لا يزال القرار 1701 اكثر وثيقة ذات اهمية صدرت في شأن لبنان لغاية اليوم”، هذه العبارة هي للمنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان يان كوبيش في حواره مع “الامن العام” والمتمحور حول تفويضه وجديد ما طلبه قرار مجلس الامن بعد التجديد سنة اضافية لقوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان منذ 29 آب الفائت، والذي حمل الرقم 2485. لكن كوبيش الذي عيّن في لبنان منذ شباط 2019، وهو ديبلوماسي اممي من سلوفاكيا، يشير الى ان الطريق لا تزال طويلة نحو التطبيق الكامل للقرار1701. ونفى وجود اية خطة لتخفيض عدد اليونيفيل. في شأن الدور الذي ستلعبه الامم المتحدة في المفاوضات العتيدة حول حل النزاع الحدودي البحري بين لبنان واسرائيل، قال انه ينتظر ان يحسم لبنان واسرائيل المعايير العملية والاطر الرئيسية للمفاوضات حول الحدود البحرية.
استهل كوبيش الحوار بالتعبير عن تقديره العميق للامن العام وخصوصا للواء عباس ابراهيم، فقال: “اجتمع باللواء ابراهيم بشكل منتظم وخصوصا زملائي من الفريق الانساني الذين يلتقونه للبحث في حلول لمواضيع ذات اهتمام مشترك. اشير ايضا الى دوره المهم في التصدي للشؤون السياسية كما لتداعيات حادثة قبرشمون. اريد التعبير عن امتناني له ولتفوق الامن العام والفريق العامل لكونهم شركاء جديرين للامم المتحدة، وللعبهم دورا مهما من اجل امن البلد واستقراره”.
* قلت انك وجدت حلولا لمشاكل عدة مع اللواء عباس ابراهيم، ما هي هذه المشاكل؟
– تعترضنا في بعض الاحيان مشاكل تتعلق بعمل زملائنا في الشؤون الانسانية، منها مثلا ما يتعلق باللاجئين السوريين. ويواجه فريقنا الاممي احيانا مسائل حين يجتاز الحدود في اثناء السفر للعمل. لكن مهما كانت المشاكل فان مقاربتها من الامن العام تتم بذهنية ايجاد الحلول.
*ما هو تقييمك لتطبيق القرار 1701 في ضوء حادثة المسيّرات في الضاحية الجنوبية لبيروت في آب الفائت ورد حزب الله، كذلك ما حدث في رامية؟
– بين قرارات المجتمع الدولي المتعلقة بلبنان لا يوجد اكثر اهمية من القرار 1701. التعمق في القرار 2485 الصادر عن مجلس الامن في 29 آب 2019 يظهر اعادة التأكيد مجددا على القرار 1701 كاكثر وثيقة اساسية حاسمة. سررت في الايام الاخيرة لسماعي مسؤولين رفيعين في لبنان وقوى مختلفة من بينها حزب الله تعيد تأكيد دعمها والتزامها هذا القرار. يبقى ان الطريق لا تزال طويلة نحو تطبيقه الناجز. على الرغم من هذا الواقع، اسفرت الجهود التي تبذلها سلطات الدولة وخصوصا الجيش اللبناني وكذلك الدور المرسخ للاستقرار وانشطة اليونيفيل عن وضع ممتاز من الهدوء الطويل الامد في محاذاة الخط الازرق، وافضت الى بيئة استراتيجية جديدة في جنوب لبنان. عندما تقع مشاكل، تساعد اليونيفيل لبنان واسرائيل من خلال الآلية الثلاثية لمعالجتها. من ناحية اخرى، منذ اقرار القرار 1701 في العام 2006 لم نشهد تقدما ملموسا او له مغزى للوقف الدائم لاطلاق النار. تبقى الخروق المتواصلة والنقص المستمر في تطبيق هذا القرار الجوهري جانبا خطرا من الواقع.
* لماذا اثارة موضوع وقف دائم لاطلاق النار في هذا التوقيت تحديدا؟
– اريد الرجوع الى مواقف مجلس الامن كما يعكسها القرار الاخير 2485. نجد في هذا القرار دعوة واضحة لجميع الافرقاء الى الالتزام الكامل بتطبيق واحترام القرار 1701. سوف نجد ايضا ادانة شديدة لكل الخروق الجوية والبرية التي تطاول الخط الازرق. وسنجد طلبا قويا للافرقاء باحترام وقف الاعمال العدائية، وادانة باقوى العبارات لكل الهجمات التي تهدد الامن والاستقرار في لبنان، وتعبر عن اقوى دعم لسلامة الاراضي ولسيادتها ولاستقلال لبنان. نجد في الوقت ذاته توقعا لبدء العمل على وقف دائم لاطلاق النار.
* توجد ايضا اراض لبنانية محتلة…
– يوجد جزء آخر من هذه الوثيقة يتطرق بوضوح الى الحاجة الى الاسراع في التوصل الى حل في هذا الشأن مع اشارة واضحة لقضية شمال الغجر، ويطلب من اسرائيل ان تسرع في سحب جيشها من شمال الغجر من دون اي تأخير اضافي.
* لم تتحدث مسهبا عن مسألة المسيّرات… فمنذ تجديد تفويض اليونيفيل ونحن في لبنان لدينا مشاكل مع المسيّرات وحوادث مختلفة اخرى؟
– تحصل هذه الحوادث والخروق للاجواء اللبنانية من اسرائيل في غالب الاحيان في منطقة عمليات اليونيفيل، وتتحدث عنها البعثة التابعة للامم المتحدة بشكل واضح. توجد ايضا ادانات وتوثيق وافر في التقارير الدورية التي يصدرها الامين العام للامم المتحدة. في ما يخص الحادث الاخير في 25 آب الفائت، عبّرت الحكومة وممثلو الدولة في لبنان عن موقف واضح في مستهل التحقيقات. وقد علق الناطق الرسمي للامين العام للامم المتحدة عاكسا قرار مجلس الامن 2485 التطورات. ان الحوادث التي وقعت في الاول من ايلول ثم في التاسع منه هي قيد التحقيق من اليونيفيل بالتعاون مع الجيش اللبناني.
* ما هو الجديد في القرار 2485 في ما يخص اليونيفيل؟ وهل من مراجعة استراتيجية جديدة بعد النقاش الذي حصل حولها في آب الفائت؟
– الرسالة الاساسية التي وجهها القرار 2485 الذي مدد ولاية اليونيفيل هي ان القرار 1701 يشكل قاعدة اساسية، وان تطبيقه الكامل مطلوب من الجميع. ذكر القرار 2485 عددا من النواحي الحساسة التي تحتاج الى تطبيق. من بينها الطلب من جميع الدول كي تدعم بالكامل وتحترم اقامة منطقة خالية من الافراد المسلحين او موجودات واسلحة بين الخط الازرق وبين نهر الليطاني باستثناء تلك التي للحكومة اللبنانية واليونيفيل. وايضا طلب تعزيز رفع التقارير حول تطبيق حظر الاسلحة، والتبليغ حول مناطق محددة لا يمكن لليونيفيل الوصول اليها وعن الاسباب التي تقف خلف هذه القيود لحرية حركتها. تم التأكيد ايضا على الحاجة الى بسط سيطرة حكومة لبنان على الاراضي اللبنانية برمتها، والاعتراف بأن الجيش اللبناني والقوى الامنية هي القوى الشرعية المسلحة الوحيدة في لبنان. شعر مجلس الامن بانه مضطر الى ارسال هذه الرسائل الملحة. النقطة الثانية، لن يحصل تخفيض في العدد. فقد طلبت الحكومة اللبنانية تجديد التفويض من دون تغيير. الا ان احدى التوصيات التي وردت في اماكن عدة تشير الى انه يترتب على اليونيفيل وكذلك على الاونسكول (مكتب المنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان) ان يفكرا جديا في كيفية زيادة كفاية وفاعلية عملياتها وتعاونها. من هذا المنطلق، تم الطلب من الامين العام للامم المتحدة ان يرفع تقريرا لمجلس الامن قبل حزيران 2020.
* هل من اتفاق حول ايجاد حل للنقاط الحدودية المتنازع عليها بين لبنان واسرائيل على طول الخط الازرق؟
– بدأ هذا المسار منذ زمن. وقد جرى التوصل الى اتفاقات مبدئية، ولا تزال توجد بعض الاسئلة المشرعة في ما يخص الخط الازرق. لكن ذلك جزء من مهام اليونيفيل التي تعمل على هذا الملف مع لبنان واسرائيل. اتمنى ان تعاود هذه العملية الحراك مجددا، في موازاة النقاش حول الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل حول المنطقة الاقتصادية الخالصة، وهذا امر جيد لاستقرار لبنان ونموه وكذلك للمنطقة.
* بالنسبة الى الحدود البحرية، كيف سيكون دور الامم المتحدة وخصوصا ان السيد ديفيد شنكر المبعوث الاميركي المكلف بهذا الملف تحدث عن رعاية اممية، هل سيكون دورها مسهلا فحسب؟
– ينبغي على لبنان واسرائيل ان يقررا في هذا الشأن، فالافرقاء لم يحسموا نقاشهم حول معايير العملية والاطر الرئيسية للمفاوضات. انا اشجع بقوة الافرقاء والوسيط الاميركي على العمل بجد لاستكمال هذه الجهود بغية التوصل الى اتفاق حول الاطار. انا مدرك انه يوجد تصور لدور مؤثر للامم المتحدة، لكنني احتاج الى انتظار حصيلة الجهود المتعلقة باطار المفاوضات.
* ما جديد مبادرة نشر فوج نموذجي (للجيش اللبناني في الجنوب) التي اطلقها المؤتمر الوزاري المعروف بروما 2؟
– لاحظت جهودا متصاعدة من جانب السلطات اللبنانية لاحترام هذا الالتزام. العملية تتقدم ويتركز الحديث حاليا حول اعداد موقع مقر القيادة الرئيسي للفوج النموذجي. لاحظت من خلال نقاشاتي مع الجنرال جوزف عون، قائد الجيش اللبناني، التزامه زيادة انتشار الجيش اللبناني في جنوب لبنان، والسير قدما بالفوج النموذجي. اتمنى ان نرى تقدما ملموسا في الاشهر المقبلة.
* ماذا عن الانتقال التدريجي لمسؤوليات القوات البحرية الى قوات البحرية اللبنانية بحسب احكام القرار 2433 الصادر عام 2018؟
– اعاد قرار مجلس الامن الرقم 2485 التأكيد على ضرورة انتشار قوات الجيش اللبناني في جنوب لبنان وفي المياه الاقليمية للبنان بشكل فعلي ومستدام وبوتيرة متسارعة، وناشد الحكومة اللبنانية تقديم خطة لزيادة القدرات البحرية في اسرع وقت ممكن، بهدف الوصول الى تخفيض جوهري ونهائي للمهمة البحرية التي تضطلع بها اليونيفيل وانتقال المسؤوليات الى الجيش اللبناني، مع التزامن الوثيق للبناء الفعال لقدرات البحرية اللبنانية.
* هل تم تقديم هذه الخطة؟
– باتت وشيكة، وقد جرى تأكيدها من سلطات البلد. توجد في القرار احالة واضحة لمسألة ترقب خطة مماثلة في اقرب وقت ممكن. في الوقت عينه، هناك متابعة للالتزام بالعمل من خلال المهمة البحرية لليونيفيل وهذا العمل يتم بالتزامن مع تخفيضها لقواتها البحرية، الى جانب ترقب واستباق توطيد قدرات لبنان وامكاناته البحرية. انه مسار طويل الامد، فضلا عن انه يعوّل على الدعم والتعاون مع مختلف الشركاء الدوليين للبنان. من وجهة نظري، ثمة مؤشرات على انه في امكاننا توقع تقدم تدريجي.
* ماذا عن التعاون مع الجيش اللبناني والامن العام وقوى الامن الداخلي في ما يخص تبني استراتيجيا الادارة المتكاملة للحدود من اجل تعزيز التنسيق بين السلطات الامنية والتجارية المعنية؟
– كنت مسرورا بالتقدم الحاصل في هذا المجال، لاسيما في اثناء زياراتي الى المعابر عند منطقة المصنع، وايضا حين زرت افواج الحدود ولجنة مراقبة الحدود. انا مدرك للجهود الجارية من اجل تعزيز الادارة المتكاملة للحدود ولتطوير التنسيق بين الشركاء اللبنانيين. ما يشجعني هو ادراج وتثبيت الاستراتيجيا المحدثة للادارة المتكاملة للحدود على اجندة الحكومة.
* بالنسبة الى ملف اللاجئين السوريين، يبدو ان وكالات الامم المتحدة هي اكثر اقتناعا اليوم باستراتيجيا الادماج الاقتصادي والاجتماعي؟ ماذا يعني ذلك؟ هل هي خطة للتوطين في لبنان؟
– اقولها بوضوح، لا توجد خطة للامم المتحدة لتوطين اللاجئين السوريين في لبنان. الامم المتحدة متعاطفة الى حد كبير مع وضع اللاجئين السوريين، وفي الوقت ذاته هي تشعر بشدة بالتحديات والتكلفة التي يتكبدها لبنان والمجتمعات المضيفة. يجب الاصغاء اولا الى ما يقوله اللاجئون السوريون. السواد الاعظم منهم يرغبون في العودة الى منازلهم، الى الاماكن التي غادروها في موطنهم. انهم يرددون ذلك كلما تحدث اليهم شركاؤنا الانسانيون. ما نحتاج اليه ثانيا هو توافر الظروف لعودتهم، وهذه الظروف غير متوافرة بشكل ملائم ومضمون من السلطات السورية. لا تزال توجد مسائل امنية وعوائق مادية تجعل اعادة الاعمار واعادة تأهيل منازلهم غير جارية كما يجب. وفي حين يسود هذا الوضع، فان مساعدتهم كلاجئين هو التزام وعهد انساني وفقا للقانون الانساني سواء للبنان ام لمنظومة الامم المتحدة، لكن لا توجد اطلاقا اية خطة من جانب الامم المتحدة لتوطينهم هنا.
* ما هي احتمالات خطر نشوب حرب في لبنان؟
– يمكنني قول امر واحد، من خلال اتصالاتي مع الافرقاء المعنيين، كذلك مع الاعضاء الفاعلين في المجتمع الدولي، واعضاء مجلس الامن، يمكنني التأكيد ان جميع الافرقاء يقولون انهم لا يريدون الحرب ولا التصعيد، وانا اؤيد هذه المقاربة. على الرغم من مشاكل عرضية او حوادث متقطعة، فان الرسالة الحساسة والرئيسية تبقى: لا نريد الحرب ولا نريد التصعيد.