“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
يعيد الجيش اللبناني تدريجيا فتح الطرق اللبنانية بطريقة سلمية بعد أن علت صرخات المواطنين اللبنانيين في أكثر من منطقة بسبب تعطل حياتهم، في حين تشير آخر المعلومات الى تهجّم بعض العناصر المشبوهة على عناصر الجيش اللبناني وخصوصا في “جلّ الديب”.
فرض قطع الطرق والشرايين الرئيسية في لبنان على المواطنين موضوعا بارزا في اليوم السابع للحراك الشعبي اللبناني الذي يستمر بزخم منذ أسبوع على امتداد الجغرافيا اللبنانية. وبدا واضحا، بأن منظمي هذا الحراك، وهم شخصيات باتت معروفة الهويات بالإضافة الى محرّكيها في الخارج، اشتغلت على “فدرلة” هذا الحراك بشكل ذكي لتبديد أي جهد لتشتيته. لكنّ ما حصل، أن صرخة الناس التي توجهت بزخم في الأيام الأولى للحراك ضدّ أداء الحكومة الذي لا يمنحها حقها بالعيش الكريم، تحوّلت منذ الأمس الى صرخة لفتح الطرق المقطوعة في أكثر من منطقة. وتشير معلومات موقعنا الى أن، المشكلة الرئيسية تتمثل في المناطق المسيحية حيث الطرق والشرايين الحيوية مقطوعة من جبيل وصولا الى بيروت مرورا بالمتن وكسروان، ومعروف بأن هذه المناطق هي معقل قوّة للحزبين المسيحيين الرئيسيين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” بالإضافة “الكتائب اللبنانية”. يقوم شبان موزعين في نقاط ومفاصل رئيسية يعرفها الضالعون بالشؤون العسكرية والأمنية والذين عاشوا فصول الحرب اللبنانية، بقطعها بالسواتر الترابية والشاحنات، وهم يمنعون الناس من الوصول الى أشغالها والى المستشفيات في وقت لا تزال المصارف مقفلة لليوم الخامس ما يعني أن الأموال نفذت من يد اللبنانيين. وإذا كانت بقية المناطق تعاني من الأمر نفسه، فإن مفاوضات حصلت مع المتظاهرين توصلت الى فتح الطرق وإعادة غلقها من دون أن يؤثر الأمر على الحياة اليومية للناس.
لكن المعضلة بقيت في المناطق المسيحية، (بدأت تتحلحل تدريجيا اليوم بعد أن أعاد الجيش اللبناني فتح عدد من الطرق كنهر الكلب وجل الديب وسواها) حيث يتهم مواطنون لبنانيون نشروا “فيديوهات ” مصورة عبر “السوشال ميديا” حزب “القوات اللبنانية” بنشر مناصريه الشباب على الطرق، ووصلت الإتهامات الى أن هؤلاء يدققون بهوية المارة، في مشهد يعيد صورا سوداء من حرب عون-جعجع في ثمانينيات القرن الفائت.
نواب كثر ووزراء من “التيار الوطني الحر” اتهموا جعجع والقوات مباشرة بهذا الأمر. في حين أشارت مصادر رسمية على علاقة بدوائر أمنية وعسكرية ان الشبان الموجودين يحملون أجهزة معينة، وهم في معظمهم طلاب في ريعان الشباب، لكن المدقق في المشهد يظهر وجود رجال متقدمين في السن يراقبونهم من بعيد ويدربونهم على كيفية قطع الطرق ومنع الناس من المرور وكيفية مواجهة اي محاولة لفتح الطريق حتى من قبل الجيش اللبناني.
الجيش اللبناني يحتضن اللبنانيين جميعهم
وتشير معلومات “مصدر دبلوماسي” الى أن الجيش اللبناني وقائده العماد جوزاف عون يعملون بصمت محاولين حلحلة الأمور بالحسنى من دون أي قمع، والجيش يحمي حق التظاهر في لبنان لكن توجد مشكلة بالطرق. وقد وصلت صرخة الناس للجيش وهو معني بحمايتهم ومعني أيضا بفتح الطرق لكن يبدو بأن بعض الجهات الحزبية التي تمّ تفريق بعض مناصريها أخيرا رفعت الغطاء عن هؤلاء ولم تتبانهم في حين أن المشكلة في الشارع المسيحي أنه منقسم الآن بين قوات وعونيين وهذا أمر دقيق جدا وتوجب معالجته بطريقة حكيمة.
الجيش غير راض عن قطع الطرق ويعمل على أكثر من خط ولا يريد الإنخراط في مشكلات دموية مع الناس المستنفرة لكن ثمة قرار سيتخذ في نهاية المطاف ويبدو أنه اتخذ وقد بدأ فتح بضعة طرق.
القوات: العونيون يفتشون عن كبش محرقة
من جهته، تحدث النائب في كتلة القوات النيابية العميد المتقاعد وهبي قاطيشا الى موقعنا واضعا الامور في إطار المواجهة بين “السلطة والناس ولا علاقة للقوات بها”. وعن حقيقة الوضع قال النائب قاطيشا:” عندما يكون الحراك ممتدا ويقطع طرقا من وادي خالد وعكار وطرابلس وصولا الى صور والنبطية وبعلبك فاتهام القوات يظهر مدى فشل هؤلاء الذين باتوا يريدون “كبش محرقة لتبرير فشلهم فيرمون المسؤولية علينا”. يضيف:” القوات هي جزء من الناس، فإذا نزل عناصر من القوات اللبنانية مع الناس فهم جزء منهم، ولا يمكن منعهم، لكن لا توجيه من اي قواتي أو علم قواتي”.
وردا على سؤالنا أن الناس لم تر علما قواتيا بل سلوكا قواتيا رصده المواطنون لجهة قطع الطرق بمفاصل معينة لها خلفية عسكرية وأن المواطن العادي لا يحمل بيده جهازا بينما يراقبه أحدهم ويوجهه من بعيد، وهذا كان منظورا في عدة أماكن في الشيفروليه مثلا؟
يجيب النائب قاطيشا: “لا يحتاج المواطن الى دورة عسكرية ليضع دولابا في الطريق، كما أن هؤلاء الشباب العشرينيين لا يعرفون بالقضايا التي تتحدثون عنها”.
وعما تمّ تداوله عن رصد مقاتلين قواتيين قدامى يديرون هذا الموضوع أي قطع الطرق قال النائب قاطيشا:” هذا اتهام باطل، وكأننا نوجه الأمور، هذا كلام ظالم. الناس نزلت بمئات الآلاف”. هل سترفع القوات اللبنانية الغطاء عن هؤلاء الشباب المناصرين لها في حال عمد الجيش الى فتح الطرق كما رفعت حركة أمل الغطاء عن مناصريها حين حاولوا التوجه الى ساحة رياض الصلح بالموتوسيكلات؟ يقول النائب قاطيشا:” إن هؤلاء هم جزء من الناس، وليس لنا أن نرفع غطاء أو أن نقدم غطاء لأحد، أنا لست مسؤولا عن تحرّك الناس، ويمكن ان يكون جزءا منهم “قوات” ومناصرين، فأنا لا أكون مسؤولا عن الـ95 في المئة الباقين. هذا ظلم، وهذا لتبرير الخطيئة لارتكاب خطيئة ثانية”.
من جهة ثانية قالت أوساط قواتية أن لا قرار البتة بأية مواجهة مع الجيش اللبناني، وهذه التظاهرة هي ملك الناس ولا تريد القوات حرفها عن مسارها”.
العونيون: لدينا فيديوهات توثق أن “القواتيين” يقطعون الطرق
المناخ العوني مختلف في هذا الشأن، إذ يقول مصدر قيادي في “التيار الوطني الحر” بأن “الشباب الموجودين في الطرق هم منظمون بشكل واضح ودقيق، وهم في المناطق المسيحية خصوصا يكيلون الشتائم لفخامة الرئيس ولرئيس “التيار الوطني الحر” وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في استهداف مباشر وواضح وصريح”.
وقال المصدر في “التيار الوطني الحر” بأن ” بحوزته وبحوزة الناس الذين تعرضوا لمضايقات معلومات بالصورة والصوت وبالفيديوهات الموثقة بأن من يقطعون الطرق هم ليسوا جمهورا عاديا للقوات بل محازبين معروفين ومسؤولي مناطق وأحياء”.