![Bin Zayed Hariri](https://i0.wp.com/masdardiplomacy.com/wp-content/uploads/2019/10/Bin-Zayed-Hariri.jpg?fit=1024%2C682&ssl=1)
الشيخ محمد بن وايد والحريري في حديث ودّي
“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
بدأ المواطنون الإماراتيون يتوافدون الى لبنان منذ إعلان وزارة الخارجية الإماراتية رفع حظر السفر يوم الإثنين الفائت والذي استمر قرابة الأعوام الثلاثة بقرار من الوزارة ذاتها، وتتجه أعداد الوافدين الى لبنان الى الزيادة الملموسة في الأسابيع والأشهر المقبلة بحسب المتوقع. هذه هي الثمرة الأولى لأعمال مؤتمر الإستثمار الإماراتي اللبناني الذي ترك لدى المسؤولين الإماراتيين “انطباعا جيدا” ، من دون إمكانية التكهّن الدقيق بمجريات الأمور مستقبليا وخصوصا أن الحديث الذي دار بين ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وبين رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري أثناء لقائهما المغلق الذي دام قرابة الساعة بقي سريا.
ولفت قيام الرئيس الحريري بأنشطة مكثفة في أبو ظبي وبإجتماعات عمل مع فريق عمله الذي تزود بملفات ومعطيات مهمة تخص مختلف القطاعات اللبنانية القابلة للإستثمار من الكهرباء الى الغاز والنفط والزراعة وسواها.
لا يمكن لغاية الآن التكهّن بالمواقع التي سيعمل فيها الإماراتيون، لكن كان لافتا جدا ما قاله سفير الإمارات في لبنان حمد الشامسي أثناء تصريح تلفزيوني متحدثا عن اهتمام اماراتي بـ “المرافئ والموانئ والمطارات”.
ومن خلال متابعة فاعليات المؤتمر، يتبين بأن الإماراتيين (أقله إعلاميا) يفضلون الحديث عن قطاعات وليس عن أماكن للعمل. وما يحدث اليوم تحليل لنتائج الإجتماعات، وخصوصا وأن الملفات تشمل تفاصيل تقنية وإجراءات معينة قد يطلبها المستثمرون الإماراتيون من أجل الإضاءة على إمكانية الدخول في فرص استثمارية موجودة فعليا في لبنان، وقد وضعت القيادة الإماراتية أولى المداميك الرئيسية لفرص التعاون عبر رفع حظر السفر الذي من دونه لكان هذا المؤتمر كذرّ الرماد في العيون.
يرفض الإماراتيون قطعا التوقع في موضوع وجود وديعة مالية أو لا، لأن الموضوع هو على مستوى القيادة الإماراتية. لكنّ التقييم الإماراتي جار للملفات التي قدمها الحريري وفريق عمله، ومن المعروف أن الدولة التي اشتهرت بقفزتها الإقتصادية والتنموية النوعية منذ إتحاد إماراتها في سبعينيات القرن الفائت لن تعمد الى تعاون متسرّع مع لبنان، وخصوصا وأن لبنان لم يعد ينظر اليه كبلد مدلل لاعتباره واقعا بنظر الإمارات والسعودية ضمن محور إيران وسيطرة من “حزب الله”، لكن المصالح هي التي ستحكم العلاقة معه وإن كانت الإمارات قامت بإستدارة غير مكتملة بعد بتحاورها مع إيران وتنسيقها معها في سياسة المضائق، وكذلك بفتحها سفارة لها في سوريا وقيام رجال الأعمال الإماراتيين ببدء التحضير للمشاركة في إعادة الإعمار. في سياق اعمار سوريا، يتمتع الموقع الجغرافي للبنان بدور محوري يصب في مصلحة الإمارات العربية المتحدة وهو سيكون جسر عبور للإمارات عبر مرفأ بيروت وخصوصا مرفأ طرابلس ومنطقته الإقتصادية وكذلك عبر مطاري بيروت والقليعات، وعين الإمارات على هذه الإمتيازات الجغرافية الهائلة التي يمتلكها لبنان والتي تصبّ في خططها الجيو استراتيجية الطويلة الأمد والممتدة من افريقيا وصولا الى اليمن فسوريا فلبنان.
لغاية الآن يوجد تكتّم كبير حول المشاريع التي ستدخل فيها الإمارات العربية المتحدة، لكن الإستثمارات الإماراتية ستطال حتما قطاعات كالزراعة، والغاز والنفط. لكن للإستثمار قوانين، ورأس المال الإماراتي لن يتجول في لبنان بلا حصانة قانونية، حيث المطلوب سلّة تعديلات قانونية تتعلق بالتحكيم وبقوانين الإستثمار والضرائب والمصارف وسواها وقد تتمتع الإمارات بمنح الحكومة اللبنانية لها امتيازات لإدارة شركات أو مرافق حيوية معينة تتسلم إدارتها لأعوام طويلة وتدريها بعقل إماراتي وبيد عاملة لبنانية.
في السياق السياسي، طرح الدفع الإماراتي للبنان والإحتضان لرئيس الحكومة سعد الحريري تساؤلات في الداخل اللبناني عمّا إذا كانت دولة الإمارات العربية المتحدة باتت هي الحاضنة الإقليمية للحريري وللسنة اللبنانيين بموافقة وتفويض سعوديين نظرا الى الفتور الموجود في الكواليس -المعروف لدى العالمين- بين الحريري والقيادة السعودية بعد ما ألمّ به في منذ قرابة العامين حين أرغم على تقديم استقالته في الرياض تحت الضغط.