“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
إلتقت صاحبة السمو الملكي الأميرة أستريد وهي شقيقة ملك بلجيكا فيليب، بصفتها “المبعوثة الخاصة للاتفاقية الدولية لحظر الألغام المضادة للأفراد” اليوم الجمعة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون داعية الى لتعزيز الأهداف الإنسانية لهذه الاتفاقية المعروفة أيضًا باسم “اتفاقية أوتاوا”.
وأكد اعون للأميرة أستريد أن لبنان بلد محب للسلام ولا ينتج الالغام ولا يلجأ الى استعمالها مشيراً الى “أننا موجودون الى جانب عدو، هو اسرائيل، يستعمل الالغام كسلاح من دون اي رادع وقد عانى لبنان ولا يزال الكثير جراء الالغام والقنابل العنقودية التي استعملها العدو الاسرائيلي في اعتداءاته على لبنان خلال حرب تموز 2006.
وقال عون أن لبنان لا يعارض الانضمام الى معاهدة ” اوتاوا” لحظر الالغام المضادة للأفراد وخصوصاً أنه يطبق كافة بنودها ويعمل جاهداً على تنظيف اراضيه المزروعة بهذه الالغام وهو بحاجة لكثير من المساعدة في هذا المجال، لافتاً الى أن هذا الموضوع يحتاج الى درس في مجلس الوزراء.
حضر اللقاء وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، وزير الدفاع الياس بو صعب والمدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير، والمستشارون العميد بولس مطر، والسفير شربل وهبه والمستشار الإعلامي رفيق شلالا.
من جهتها، شكرت الاميرة استريد عون على استقبالها والوفد وعلى الاهتمام الذي يبديه رئيس الجمهورية بالعمل الذي تقوم بها كمبعوثة لمعاهدة اوتاوا لحظر الالغام المضادة للأفراد، معربة عن سعادتها بزيارة لبنان للمرة الاولى وبدء هذه الزيارة بلقاء مع رئيس الجمهورية.
كلام الأميرة في القصر الرئاسي
واطلعت الاميرة استريد الرئيس عون على اطار عمل معاهدة اوتاوا، كما هنأته على تأييد الامم المتحدة بالاجماع المبادرة الرئاسية بإنشاء “أكاديمية الانسان للتلاقي والحوار” في لبنان، مشيرة الى أن هذه المبادرة حصلت على دعم بلجيكا ودول الاتحاد الاوروبي، معتبرة أنها تساهم بشكل فعّال بترسيخ الحوار وتقارب الشعوب في ما بينها والحد من مصادر النزاع.
واشارت الى أن من صلب مهامها العمل على نزع الالغام من كافة انحاء دول العالم، محذرة من “خطورة هذا السلاح الاعمى الذي يقتل ويجرح الآلاف، كما يحد من التطور الاقتصادي والاجتماعي للدول، ويقف حاجزاً أمام عودة النازحين الى بلادهم بعد انتهاء الصراعات والحروب”. وكشفت عن أن المعاهدة وضعت عام 1997، وقلّصت، من خلال انضمام 164 دولة اليها، من معاناة الكثير من الاشخاص في العالم، لاسيما النازحين والاطفال والنساء.
وهنأت الاميرة استريد عون على الجهود التي بذلها لبنان ولايزال في مجال نزع الالغام وتطبيقه لمبادئ المعاهدة عبر عدم صناعتها واستعمالها، بالاضافة الى الجهود التي يبذلها للتخلص منها لاسيما الالغام الارضية المضادة للأفراد والقنابل العنقودية التي زرعتها اسرائيل في جنوب لبنان خلال حرب تموز عام 2006. وذكرت ان بلجيكا ساعدت لبنان على تنظيف اراضيه، عبر مساهمة جنودها الذين يشاركون في القوات الدولية العاملة في الجنوب “اليونيفيل” في عمليات النزع، وقد تم إبطال مفعول أكثر من 14.000 لغم ، وتنظيف حوالي 1.77 مليون م2 من الاراضي على امتداد الخط الازرق، وقد سقط 3 جنود بلجيكيين خلال هذه العمليات.
كما أثنت الاميرة استريد على عمل لبنان النموذجي في مجال نزع الالغام، ولاسيما من خلال المركز الوطني لنزع الالغام، الذي يشكل عمله خطوة مهمة نحو تحسين العمل الدولي المبذول في مجال مكافحة الالغام ونزعها. واشارت الى أهمية تخطي لبنان كل المعوقات، وتأييده لقرار الامم المتحدة حول تطبيق معاهدة اوتاوا ومشاركته في المؤتمر الخاص الذي سيعقد في اوسلو حول هذا الموضوع .
من جهته، رحب الرئيس عون بالوفد، وحمّل الاميرة استريد تحياته للملك فيليب، ملك بلجيكا، شاكراً من جهة أخرى، دعم بلادها لمشروع إنشاء “أكاديمية الانسان والحوار ” في لبنان، ومثنيا على العمل الذي تقوم به في مجال نزع الالغام، لافتاً الى أن لبنان لم ينضم حتى الآن الى هذه المعاهدة، على الرغم من حاجته لذلك لاسيما بعد حرب تموز 2006، وما خلفته من مئات الملايين من الالغام والقنابل العنقودية التي زرعتها اسرائيل في اراضيه، والتي لم يتمكن حتى الآن من نزعها والتخلص من معاناتها. واشار رئيس الجمهورية الى أن فرقا من الجيش اللبناني تولت مهام نزعها ولكن هذا الامر لم يكن كافياً، خصوصاً أن مساحات واسعة من الاراضي كانت قد زرعت بها وهي بحاجة للكثير من المساعدة لمسحها وتنظيفها.
وأكد عون ان لبنان هو بلد محب للسلام، ولا يعارض معاهدة اوتاوا، لاسيما وأنه لا ينتج الالغام ولا يلجا اليها كسلاح، وقال:” نحن للاسف موجودون على حدود مع العدو الاسرائيلي الذي يصنع هذه الالغام ويستعملها من دون اي رادع، كما حصل إبان حرب تموز 2006، وأصبحت كل الاراضي الحدودية مزروعة بها.” وسأل الرئيس عون:” ماذا ستفعلون مع اسرائيل في هذا المجال؟”
وأمل في ختام اللقاء ان ينضم لبنان الى هذه المعاهدة خصوصاً أنه يطبق كافة بنودها.
تصريح الأميرة استريد
وبعد اللقاء، ادلت الاميرة استريد بالتصريح الآتي:
” شرفني واسعدني ان التقي برفقة وزير الدفاع اللبناني رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، واود ان اشكره على استقباله الحار وصراحته في خلال محادثاتنا.
بصفتي مبعوثة خاصة لمعاهدة اوتاوا لحظر الالغام المضادة للافراد، شعرت بالتشجيع من خلال مؤشرات الانفتاح والاهتمام التي ابداها لبنان بقضية الالغام المضادة للافراد. ان الدول الاعضاء في هذه المعاهدة، الذين يمثلون عائلة كبيرة تضم 80 في المئة من سكان العالم، يتمنون بقوة انضمام لبنان اليها.
ونتمنى ايضا ان يواصل لبنان سياسة التعاون المتواصل مع المعاهدة، وان يكون حاضراً في المؤتمر المقبل للدول الاعضاء فيها، الذي سينعقد نهاية شهر تشرين الثاني المقبل في اوسلو.
ان الاهتمام والالتزام اللذين ابداهما رئيس الجمهورية، عززا قناعتي بأن لبنان سيواصل مسيرته نحو الانضمام الكامل الى هذه المعاهدة“.
حفل استقبال في سفارة بلجيكا
وقبل اختتامها لجولتها في بيروت ( زارت قبل لبنان الأردن)، نظم سفير بلجيكا في لبنان هوبير كورمان حفل غداء على شرف الأميرة أستريد وذلك في مقر سفارة بلجيكا في اليرزة حضرته مجموعة من الشخصيات أبرزها المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش وقائد اليونيفيل الجنرال ستيفانو دل كول وشخصيات دبلوماسية وعسكرية وسياسية والقى كلمة ترحيبية بالأميرة، وقال كورمان أنه كان من المفيد لقاء الأميرة مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووزير الدفاع الياس أبو صعب في منطقة لا يزال تمثيلها منخفضا في هذه المعاهدة. وشجع السفير البلجيكي لبنان على المشاركة كعضو مراقب في القمّة العالمية المخصصة لألغام ضد الأفراد التي ستنعقد في أوسلو في النروج الشهر المقبل. وأشار الى أن 164 دولة انضمت الى هذه المعاهدة. ولفت السفير البلجيكي الى أنه منذ تشرين الأول 2006 وحتى كانون الأول 2014 شاركت بلجيكا في عمليات اليونيفيل بحوالي الـ400 من القبعات الزرق. وكان عملهم الرئيسي منصبا على نزع الألغام. وذكر بأن 3 عسكريين بلجيكيين خسروا حياتهم أثناء ممارستهم لمهمتهم.
بعد انتهاء الحفل اختتمت الأميرة أستريد زيارتها، وأشار بيان صادر عن مكتبها الى أنها:” دعت قيادة الجمهورية اللبنانية إلى مواصلة اتخاذ خطوات ملموسة نحو الانضمام إلى آلية نزع السلاح الإنساني الرائدة”. أضاف البيان:” في أواخر عام 2018 ، في اجتماع رسمي للاتفاقية في جنيف ، أعرب وفد من الجمهورية اللبنانية عن استمراره في إزالة الألغام “بنفس الروح المتمثلة في الالتزام بالأسباب النبيلة لمعاهدة حظر الألغام” وأن لبنان يتبع قواعد الاتفاقية في الواقع لأنه “لم ينتج أو يصدر الألغام المضادة للأفراد مطلقًا ولا يستخدم الألغام المضادة للأفراد أو يخزنها أو ينقلها”. وفي علامات أخرى عن التقارب مع الاتفاقية أعرب الوفد عن “أن الحكومة اللبنانية تدرس إمكانية الانضمام إلى معاهدة أوتاوا ، وقد اتخذت خطوات كبيرة لتحقيق ذلك”.
وأشار البيان الى أن” صاحبة السمو الملكي الأميرة أستريد التي شاركت منذ ما يقرب من عقدين في أعمال الاتفاقية قالت الآتي:”بصفتي مبعوثًا خاصًا ونظرا لهذا التأييد العلني والواضح لغرض الاتفاقية وهدفها فقد شجعتني زيارة الجمهورية اللبنانية لإبلاغ الرئيس والقيادة اللبنانية بأن الدول الأطراف في الاتفاقية ترحب وتشجع علامات الانفتاح هذه في السياسة المتعلقة بالألغام”.
وأضافت: “هذه فرصة للبنان للانضمام إلى عائلة كبيرة من الدول الأطراف التي تمثل مجتمعة أكثر من 80 في المئة من دول العالم”. وتابعت قائلة : “لقد دمرت أكثر من 52 مليون لغم مضاد للأفراد حررت ملايين الأمتار المربعة من الأراضي التي كانت في السابق خطرة ، مما أدى إلى إنقاذ أعداد لا تحصى من الأشخاص وإعادة الأراضي لاستخدامها الآمن”.
وأضافت صاحبة السمو الملكي: “في زيارتي للرئيس شجعت الجمهورية اللبنانية على الانخراط في عمل الاتفاقية بما في ذلك حضور مؤتمر المراجعة الرابع المقبل مع أخبار إيجابية تتعلق بخطوات ملموسة متخذة نحو الانضمام”.
في منتصف شهر أيلول حضر ممثلون عن الجمهورية اللبنانية “تعزيز الشراكات” وهو مؤتمر عالمي حول حقوق ضحايا الألغام وغيرها من مخلفات الحرب والإعاقة في عمان ، الأردن. ضم وفد صاحبة السمو الملكي سفير بلجيكا في لبنان السيد هوبرت كورمان وسفيرة النرويج في لبنان السيدة ليني ستينيث بصفة النرويج رئيسًا للاتفاقية . من المقرر أن تجتمع الدول الأطراف في الاتفاقية البالغ عددها 164 دولة من 23 إلى 27 تشرين الثاني في مؤتمر مراجعة أوسلو لعالم خالٍ من الألغام لمناقشة الخطوات المستقبلية في تنفيذ الاتفاقية. ودعيت الجمهورية اللبنانية للمشاركة كمراقب.
بيان الوصول
فور وصولها الى بيروت أمس الخميس أعلنت الأميرة أستريد الآتي: “يسعدني أن أكون في مدينة بيروت الجميلة كمبعوث خاص لإحدى أهم المعاهدات لنزع السلاح الإنساني حتى يومنا هذا وهي اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد والمعروفة أيضا باتفاقية أوتاوا.
يصادف عام 2019 الذكرى العشرين لبدء نفاذ هذا الصك الدولي الذي يحث أعضاءه على حظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الألغام ومساعدة ضحايا هذه الأسلحة (التي يقتل وتجرح بطريقة عمياء).
أكثر من 80 في المئة من دول العالم قد انضمت إلى هذه المعاهدة التاريخية وقد تم تدمير أكثر من 52 مليون لغم مضاد للأفراد. أملي … أن تنضم الجمهورية اللبنانية إلى أسرة الدول الأعضاء المتنامية.
وأتقدم بالشكر لفخامة الرئيس العماد ميشال عون على الاستقبال فتحدثت معه عن الدور المهم وربما الحاسم للبنان في تحقيق الهدف النهائي للاتفاقية وفي المنطقة التي لا تزال ناقصة التمثيل.
أشجع لبنان على المشاركة – بصفة مراقب – في القمة العالمية عن الألغام المضادة للأفراد “مؤتمر مراجعة أوسلو لعالم خالٍ من الألغام” ، والذي سيعقد في النرويج في شهر المقبل.
كما وأشجع لبنان على تقديم تقرير بشكل طوعي عن وضع الألغام في لبنان ومواصلة إحراز التقدم المستمر في سبيل الانضمام إلى هذه الاتفاقية السامية.
وقبل كل شيء ، أرحب بحسن نية لبنان الذي يحترم المحظورات والمعايير المنصوص عليها في الاتفاقية …. ويسرني أيضًا أن السلطات اللبنانية تستجيب لاحتياجات الناجين من انفجار لغم.
الجولة الكاملة للأميرة
وشملت زيارة الأميرة أستريد التي استغرقت يومين إلى لبنان محطة في بيروت حيث التقت كما ذكرنا برئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون ووزير الدفاع الوطني وهي حملت رسالة لتشجيع القيادات اللبنانية على اتخاذ خطوات نحو الانضمام إلى هذه الأداة الإنسانية المهمة لنزع السلاح. وصرح سفير بلجيكا في لبنان السيد هوبير كورومان والذي لعب دورا مهما خلال هذه الزيارة : “لقد اعترفت الدول الأطراف في الاتفاقية بضرورة تسويق هذه الوثيقة ذات العلامة البارزة على أعلى المستويات لأن الفهم المشترك بين أعضائها البالغ عددهم 164 عضوًا هو عدم وجود فائدة ممكنة تُبرر استعمال هذه الأسلحة والتي تؤدي الى تكلفة انسانية واجتماعية مدمرة على المدى الطويل. وقد قادت هذه القناعة بلجيكا إلى سن تشريع وطني يحظر هذا السلاح وذلك منذ عام 1995.”
يرعى زيارة صاحبة السمو الملكي قرار من مجلس الاتحاد الأوروبي يسعى لدعم الجهود المبذولة لتنفيذ الاتفاقية وتعزيز قواعدها بين الدول التي لم تنضم اليها الى الآن مثل الجمهورية اللبنانية.
وقد صرح سفير الاتحاد الأوروبي في لبنان رالف طراف : ” ان هذه الاتفاقية مثال على ما يمثله الاتحاد الأوروبي : نظام دولي قائم على القواعد متأصل في احترام حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.” وأضاف “نحث جميع الدول التي لم تقم بذلك بعد بما في ذلك الجمهورية اللبنانية، مع الشركاء في جميع أنحاء العالم ، على الانضمام إلى الاتفاقية في أقرب وقت ممكن”.
رافق سمو الأميرة أستريد اثناء زيارتها لرئيس الجمهورية اللبنانية السفير البلجيكي وسفيرة النروج في لبنان ليني ستينسيز كون النروج ستترأس مجموعة الدول الأطراف في الاتفاقية خلال الاجتماع الذي سينعقد من 25 إلى 29 تشرين الثاني في النروج لمناقشة الخطوات التالية في تنفيذ المعاهدة .وقد دعيت الجمهورية اللبنانية للمشاركة كمراقب.
تعد بلجيكا والاتحاد الأوروبي والنرويج جهات مانحة منذ فترة طويلة في الإجراءات المتعلقة بالألغام والتي تدعم إزالة الألغام والتوعية بالمخاطر ، ومساعدة الضحايا ، وجهود تدمير المخزونات ، والبحث والتطوير في مجال الكشف عن الألغام وإزالتها ، وتقود باستمرار الجهود لتعزيز الاتفاقية ومعاييرها عبر العالم.
حتى الآن انضمت 164 دولة إلى الاتفاقية لقد دمرت هذه الأطراف مجتمعة أكثر من 52 مليون لغم مضاد للأفراد منقذة أرواحًا لا حصر لها وطهرت ملايين الأمتار المربعة من الأراضي التي كانت في السابق خطرة لإعادة استخدامها الآمن.