“مصدر دبلوماسي”: مارلين خليفة:
إحتفلت الصين بعيد تأسيسها الـ70 في الأول من تشرين الأول عام 1949 بإحتفالية موسيقية ضخمة أمس أحيتها فرقة “آهي للأوبرا والرقص المسرحي” في باحة السراي التاريخي في بعبدا وبحضور سياسي ودبلوماسي وإعلامي وأكاديمي من الأطياف اللبنانية برمّتها، جمعها سفير جمهورية الصين الشعبية في لبنان وانغ كيجيان. كان الحدث الفني الضخم الذي نظّم بالتعاون مع مؤسسة التراث التي ترأسها ريا الداعوق برعاية وحضور وزير الثقافة اللبناني محمّد داود الذي ألقى كلمة بالمناسبة أشاد فيها بدور الصين صديقة لبنان ومحييا دورها المتنامي على المستويات كافّة. وكذلك تحدث رئيس بلدية بعبدا والسفير الصيني في لبنان وانغ كيجيان قبل بدء العرض المميز بلوحاته الفنية الراقصة وأغنيات الأوبرا بأصوات بلوّرية بالإضافة الى عروض مميزة لألعاب الخفة ولوحات عرّفت الجمهور اللبناني على تقاليد الأعراس الصينية وطقوس الشاي لينتهي بعرض ضخم للألعاب النارية وتهاني للسفير كيجيان وطاقم السفارة بالعيد الـ70 للصين.
وتحتفل الصين هذه السنة بعيدها الوطني الذي يصادف في الأول من تشرين الأول وذلك عام 1949 بإحتفاليات مختلفة.
الإحتفال الرسمي بالعيد الوطني
وكان السفير وانغ كيجيان أقام أمس الأول حفل استقبال بالمناسبة في فندق “الفينيسيا إنتركونتيننتال” في بيروت، حضره ممثل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وزير المهجرين غسان عطاالله، ممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري النائب علي عسيران، ممثل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري وزير الإعلام جمال الجراح، وزير الدفاع الوطني الياس بو صعب، وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب، وسفراء: المملكة العربية السعودية وليد البخاري، الامارات العربية المتحدة حمد الشامسي، روسيا ألكسندر زاسبيكين، سويسرا مونيكا شموتز كيرغوز، رومانيا فيكتور مارسيا، المغرب محمد كرين، بنغلادش عبد المطلب ساركر، سوريا علي عبد الكريم علي، اندونيسيا هاجرينتو توهاري، تونس كريم بودالي، سلطنة عمان بدر بن محمد المنذري، مصر نزيه النجاري، الجزائر احمد بوزيان، الارجنتين موريسيو أليس، وفرنسا برونو فوشيه وبريطانيا كريس رامبلنغ وتركيا هاكان تشاكل وحشد سياسي وعسكري وإعلامي متنوع.
كيجيان:
بعد النشيدين اللبناني والصيني، ألقى السفير كيجيان كلمة قال فيها: “أولا اسمحوا لي أن أتقدم منكم بالترحيب الحار باسم سفارة الصين لدى لبنان وبالشكر الخالص للأصدقاء اللبنانيين الذين يتابعون التطورات في الصين ويهتمون بالعلاقات الصينية – اللبنانية. يصادف هذا العام الذكرى الـ70 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية. وبعد 70 عاما من الكفاح والنضال، دخلت الاشتراكية ذات الخصائص الصينية عصرا جديدا وأحرزت الصين إنجازات عظيمة غير مسبوقة في النمو، إذ على مدى ال70 سنة الماضية، تضاعف حجم الاقتصاد الصيني أكثر من 450 مرة، وأصبحت الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأكبر شريك تجاري ل130 بلدا أو منطقة. لقد أصبحت الصين ثاني أكبر دولة في العالم من حيث حجم الإنفاق على البحث والتطوير منذ عام 2013. وعلى مدى ال70 سنة الماضية، ازداد متوسط العمر المتوقع في الصين من 35 سنة إلى 77 سنة. وتمكنت الصين من إخراج أكثر من 700 مليون نسمة من حدة الفقر، وتم إنشاء أكبر شبكة للضمان الاجتماعي والتعليم الإلزامي في العالم، ويتجاوز حاليا عدد السياح الصينيين المسافرين إلى الخارج 140 مليون نسمة في السنة“.
الإستثمار الصيني
أضاف: “لقد تخطى معدل المساهمة الصينية للنمو الاقتصادي العالمي 30 في المئة من إجمالي النمو في العالم في السنوات الماضية. وخلال السنوات الأخيرة، بلغ الاستثمار المباشر الذي تقوم به الشركات الصينية في الدول الواقعة على “الحزام والطريق” 90 مليار دولار أميركي وساهمت هذه الاستثمارات في خلق 300 ألف فرصة عمل للمجتمعات المحلية. وقدمت الصين اقتراحا ببناء مجتمع مصير مشترك للبشرية من أجل دفع قضية السلام والتنمية للبشرية“.
وسأل كيجيان: “إلى أين ستتجه الصين في المستقبل على أساس الإنجازات الماضية؟”. وتابع:
“أولا، ستتمسك الصين بحزم وعزم بالاشتراكية ذات الخصائص الصينية. وسنركز جهودنا على إنجاز العمل الداخلي ونضع التنمية في مقدمة أولوياتنا. وسنبذل جهودنا لإتمام بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل وبناء دولة اشتراكية حديثة وقوية على نحو شامل.
ثانيا، ستتمسك الصين بسياسة الانفتاح الشامل الأبعاد على الخارج، فالصين ليست “مصنع العالم” فحسب، بل هي “سوق العالم” أيضا. إن الصين الأكثر انفتاحا ستأتي بالتأكيد بمزيد من الفرص إلى العالم. ونرحب بأن تشاركنا الدول الأخرى، ومنها لبنان في تقاسم الفرص التنموية.
ثالثا، ستلتزم الصين بالتنمية السلمية، ونحن مستعدون للعمل مع الدول الأخرى على صيانة الأنظمة والقواعد الدولية وحماية نظام التجارة الحرة وإنشاء نمط جديد من العلاقات الدولية وبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية. في الوقت نفسه، ستدافع الصين بثبات عن حقوقها التنموية ومصالحها الجوهرية، ولن تسمح لأي تدخل في شؤونها الداخلية والمساس بسيادتها وسلامة أراضيها“.
لبنان الشريك
أضاف: “إن لبنان شريك مهم للصين في بناء “الحزام والطريق”، وتضرب جذور الصداقة الصينية – اللبنانية فى أعماق قلوب الشعبين. ستواصل الصين دعمها لسيادة لبنان واستقلاله وسلامة أراضيه وتدعم جهوده في الحفاظ على الأمن والاستقرار. ونحن مستعدون لمشاركة لبنان بتجاربنا ورؤيتنا للتنمية، وتأييد التنسيق بين الخطط التنموية اللبنانية ومبادرة “الحزام والطريق”، وتشجيع الشركات الصينية على زيارة لبنان للبحث في إمكانيات التعاون على أساس المنفعة المتبادلة“.
وتابع: “سنواصل تقديم مساعدات بقدر المستطاع إلى لبنان في المجالات الاقتصادية والعسكرية والإنسانية. وسنبذل جهودا أكبر لتعزيز التعاون الثقافي والتعليمي بين البلدين. ونأمل إنجاز مشروع المعهد الوطني العالي للموسيقى بهبة من الحكومة الصينية في أقرب وقت ممكن“.
وختم: “ستواصل الصين مشاركتها الفعالة في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام في لبنان اليونيفيل. كما ستواصل ضرب الإرهاب بقوة، وذلك من أجل توفير ظروف مؤاتية للسلام والتنمية في لبنان ودول المنطقة. وأنا على يقين بأن العلاقات الصينية – اللبنانية لها مستقبل واعد، بفضل الجهود المشتركة من قبل الجانبين“.
لبنان شريك أساسي في بناء “الحزام والطريق”
وكانت صحيفة “الأخبار” اللبنانية أصدرت عددا خاصا بالمناسبة، وردت فيه مقالة للسفير كيجيان كشف فيه بأنه “منذ العام 2006، شاركت 18 دفعة من قوات حفظ السلام الصينية في عمليات حفظ السلام للأمم المتحدة في لبنان “اليونيفيل”، وينفّذ حاليا أكثر من 400 ضابط وجندي وضباط اركان من الصين في مهام حفظ السلام في جنوب لبنان، والصين مستعدة لتقديم مساهمات أكبر للحفاظ على السلام والإستقرار في لبنان. وأشار الى أن الحكومتين الصينية واللبنانية وقعتا عام 2017 مذكرة تفاهم في شأن دفع بناء الحزام الإقتصادي لطريق الحرير البحري للقرن الـ21، ما يحدّد توجّها للتعاون الثناي القائم على الكسب المشترك في العصر الجديد. إن الجانب الصيني على استعداد للعمل مع الجانب اللبناني لرفع العلاقات الثنائية الى مستويات أعلى”. وقال بأن “الصين ترحب بأن يقوم لبنان بإيجاد نقاط الإلتقاء بين خطته التنموية الوطنية ومبادرة “الحزام والطريق”، والجدير ذكره أن مشروع المعهد العالي للموسيقى الذي سينفذ بهبة من الحكومة الصينية يتقدم بصورة جيدة، ونأمل أن ينطلق هذا المشورع في المستقبل القريب ليصبح رمزا للصداقة الصينية اللبنانية ونموذجا بارزا للتعاون الثنائي في بناء “الحزام والطريق”.